دين ودنيا

حتى لا تنهار الأسرة المسلمة ..

كان الإسلام حريصًا على دوام الزواج ،واستمرار العشرة الزوجية ،وله في ذلك آيات قرآنية جمة ،وأحاديث نبوية صريحة .
ولعل الحديث التالي يبين لنا حرص الرسول الكريم على استمرار الألفة والمحبة بين الزوجين، برغم ما يمكن أن يحصل بينهما من خلاف وسوء تفاهم،والحديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه ،وأورده مسلم في صحيحه،ونص الحديث يقول:
[لا يفرِك مؤمن مؤمنة.. إن كره منها خلقًا رضي منها آخر] أو قال (غيره).
ومعنى لا يفرِك أي لا يبغض ،والفرك هو البغض، وقيل البغض والعداوة.
ويقال فًرِكَ الرجل زوجته إذا أبغضها وفًرِكت المرأة زوجها إذا ابغضته.
(ملحوظة: تأتي الراء مفتوحة أي يفرَك).
وفي هذا الحديث نهي من الرسول عليه الصلاة والسلام للزوج المسلم ان يبغض زوجه لخلق فيها لا يرضاه ودعوة لأن ينظر إليها جيدًا ومن جميع المناحي ،فهي لا بدّ أن يكون فيها خلق أو أخلاق أخرى يرضاها ويقبلها.
كما أن في هذا الحديث ،دعوة للزوج أن يكون عادلاً في تعامله مع زوجه ،والعدل هنا الموازنة بين حسنات المرأة وسيئاتها وينظر ايها اكثر فيغلبه وان لا يجعل الحكم تابعا لهواه.
قال تعالى(يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على الا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون) المائدة”٨”.
وفي هذا الحديث يتابع الرسول عليه الصلاة والسلام هدي الله تعالى وأمره بالعدل والقسط إن وضع زوجته على ميزان المحبة والكره، فإن أساءت مرة فلعلها أحسنت مرات ،وإن أبدت الغيظ مرة فلعلها أظهرت المودة مرات وإن علا صوتها مرة فلعلها أبدت المحبة والانكسار مرات.
وعلى الزوج أن يدرس علاقته مع زوجه من جميع جوانبها ؛ومطلوب منه العدل والإحسان وقد قال تعالى(إن الله يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تتذكرون) النحل”٩٠”.
لا يمكن للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يكون كاملًا فالكمال لله وحده .. وعليه أن ينظر إلى نفسه أيضًا بعقلانية ويبحث في سلوكه وأخلاقه ،وسيجد بالتاكيد خلقًا تفركه امرأته عليه ،ولا ترضاه ،وهنا لابد من القول:

إن المرء إذا أراد صاحبًا لا عيب فيه ،فإنه سيبقى بلا صاحب وقديمًا قال الشاعر:
إذا كنت في كل الامور معاتبًا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
في هذا الحديث إشارة إلى أن الإيمان لابد وأن يكون قد زرع في نفس المؤمن والمؤمنة خصالًا جيدة أخلاقا حميدة.
كما يفهم من هذا الحديث دعوته صلى الله عليه وسلم إلى التريث ،وأخذ الامور بشيء من العقلانية وعدم المسارعة إلى الطلاق وخراب الحياة الزوجية.
وإذا كان المخاطَب في هذا الحديث الزوج فلا أظن أن الزوجة بعيدة عن مضمونه، بل هي معنية به أيضا وعليها أن تقف الموقف العلاني والودود من زوجها واعطائه مايستحق من التقدير والمحبة والتكريم.
إن حديثي هذا ؛جاء بعد دراسة قمت بها حول ظاهرة الطلاق وازدياد عددها من سجلات وزارة العدل السورية ما بين عامي ٢٠١٠ و٢٠٢٠ وإثر الأحداث الصعبة والقاسية التي تمرّ بها البلاد على الحياة الزوجية والعلاقة بين الزوجين ،وتحري أسباب الطلاق التي غالبًا ما تكون تافهة وغير ذات شأن ،ومع ذلك وبتشدد كل من الطرفين وتمسكه برأيه يصل الأمر الى الطلاق، وتفكك الأسرة الذي يذهب ضحيته دائمًا الأبناء.
بكل أسف كانت أرقام حالات الطلاق المسجلة عدا ما هو غير مسجل مرعبة مخيفة ،وذلك فقط في دمشق وريفها.
نسأل الله الهداية والرشاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى