مقالات

ميمو ريال.. الشاهد على التاريخ الدموي الذي تريد موسكو طمسه !

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

أصدرت المحكمة الروسية العليا بالأمس قرارًا إن كان غريبا عن دول الديموقراطيات فإنه ليس بغريب بل مألوف وأكثر من مألوف عن دولة مثل روسيا.
فقد أصدرت المحكمة الروسية العليا قرارًا بحل المركز التابع لمجموعة ميمو ريال التي وثقت وأرشفت عمليات تطهير واسعة جرت إبان الفترة السوفيتية. قرار المحكمة الدستورية العليا اعتبر أنه لحظة فارقة في تاريخ روسيا؛ فقد أدانت دول كثيرة قرار المحكمة الروسية من بينها فرنسا و الولايات المتحدة، وأدانته كذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وطلبت إلى روسيا تعليق قرار حل منظمة ميمو ريال الروسية، ومن جانبهم وتنديدا لهذا الحل تظاهر عقب صدوره المئات من المواطنين الروس للتعبير عن رفضهم القاطع لهكذا قرار.

من تكون منظمة ميمو ريال الروسية؟

منظمة ميمو ريال في روسيا تعتبر أبرز منظمة لحقوق الإنسان في روسيا، و أحد فروع” ميمو ريال أنترناشيونال”وقد أسسهافي عام 1989 معارضون للحكم السوفيتي السابق بينهم أندريه ساخروف الحاصل على جائزة نوبل للسلام، وقد وثقت ميمو ريال الانتهاكات الخطيرة وعمليات التطهير التي ارتكتبت في الحقبة الاستالينية ودافعت عن حقوق السجناء السياسيين وغيرهم من المجموعات المهمشة. وميمو ريال تحتفظ بأرشيفات الشبكة في موسكو وتعتبر المنسقة لعمل المكاتب الإقليمية في روسيا.

ما الحجج التي استندت عليها المحكمة لدعم قرار حل ميموريال؟

جاء قرار المحكمة مصدرة قرار الحل بعد أن تبنت المحكمة وبشكل كامل طلبات جهة الإدعاء في قرار حلها،وجاء في الأسباب الموجبة لقرار الحل أن ميمو ريال لاتضع عبارة “عميل أجنبي” على المنشورات التي تقوم بنشرها، على اعتبار أنها تتلقى الدعم والتمويل من الخارج، وأنها – أي ميمو ريال- تدعم التطرف والارهاب و ترسم صورة زائفة وغير حقيقية للاتحاد السوفيتي وتشوه ذكرى الحرب العالمية الثانية، أما المدافعون عن ميمو ريال فقد اعتبروا قرار المحكمة بأنه عار على البلاد، وعلى من أصدر هذا القرار.

ردود الأفعال الدولية على قرار الحل..

فرنسا أعربت عن قلقها الكبير من قرار المحكمة واعتبرته خسارة كبيرة للشعب الروسي الذي رأت أن من حقه أن يعرف ماضيه،وأن يعرف ما الذي ما كان يجري في الحقبة الاستالينية، تصريحات ومواقف كثيرة لدول أوربية أخرى كألمانيا لم تخرج هي الأخرى عن موقف فرنسا المعلن وما عبرت عنه حيال حل روسيا ل ميموميار فالجميع رأى أن هذه المحاكمات والقرارات التي تصدرها روسيا تطوي بهاصفحة وحقبة إرساء الديمقراطية في روسيا مابعد الاتحاد السوفيتي.

غورباتشوف آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي ،وقبيل تفكك الاتحاد السوفيتي المندثر بقليل من السنوات فتح أرشيف الدولة التي استند عليها ميمو ريال والذي أظهر الحجم الحقيقي للقمع في عهد جوزيف سالتين الذي حكم الاتحاد السوفيتي بين عامي 1924 و1953 حيث قتل في هذه الفترة ملايين الأشخاص الذين كشفت ميموريال عنهم وباتت وثائقها مرجعا يُستند عليها لمعرفة ما جرى في تلك الحقبة.

فلاديمير بوتين الرئيس الحالي لروسيا وبعد مجيئه كرئيس حاول بلورة أهمية أن يخلق فكرة وطنية قوية خاصة بالنسبة لحكومة بعيدة عن الشفافية والديمقراطية، فقد استخدم رموزا وشعارات من الماضي السوفييتي وذلك لتعزيز مكانته وموقعه وجعله رمزا وعنوانا للكرامة والوطنية، ولعل من أبرز ماتم التركيز عليه من بوتين في هذا المجال إبرازه الدائم للانتصار في الحرب العالمية الثانية في ظل حكم ستالين ومن تلاه لرؤساء الإتحاد السوفيتي، وربما هذا الجانب هو الذي حدا بالمحكمة الروسية العليا لإصدار قرار حلها ميمو ريال الذي يريد بوتين أن يجعله مقدسا بعيدا عن أي نقد أو إظهار لماكان يحدث فيه من جرائم وإبادات جماعية تماما كما حاول ويحاول إخفاء جرائمه ومجازره بحق الشعب السوري وما فعله طيرانه الوحشي وفاغنر من قتل وتهجير وتنكيل منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه تدخله في سوريا عام 2015 لمنع سقوط بشار أشد.

كلنا يتذكر الانتخابات الروسية” انتخابات” بوتين- ميدفيديف” الهزلية التي أضحت من طرائف الانتخابات التي تجري حول العالم ، فمرة كان بوتين يصبح رئيسا لوزراء روسيا ومرة يصبح الرئيس فيها ميدفيديف ليتناوبان على شغل هذا المنصبين بينهما حتى مجيىء التعديل الدستوري فيها ليصبح أخيرا فلاديمير بوتين رئيسا لروسيا لفترات طويلة لم يعد أحد يدري متى تنتهي فترة رئاسته فيها،بالإضافة إلى إستصدار تعديلا من دستوريا من مجلس الدوما الروسي يقضي بمنع محاكمة رؤساء روسيا أو إقامة دعاوى عليهم، هذه هي الديمقراطية الروسية التي حاولت أن تحذو حذو الديمقراطيات الأوروبية في الفترة التي تلت سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991إلى يومنا هذا الذي حلت فيه المحكمة الروسية العليا ميمو ريال فجميع مايحدث يؤكد روسيا أن روسيا ليست الوريثةالشرعية للنظام السياسي للاتحاد السوفيتي فقط بل الوريثة الشرعية لكل الجوانب السيئة والمشينة سياسية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية وحقوقية أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى