منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة 94

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


الجزء الثالث: الدولة العباسية
37- المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله بن المستنصر
مولده 6 شوال سنة 608 وقيل سنة 609هـ في خلافة جدّ أبيه.
بويع في جُمَادَى الْآخِرَة سنة 640هـ وعمره 30 سنة وشهور
بعد موت أبيه المستنصر بِاللهِ أَبي جَعْفَرٍ مَنْصُوْر بنُ الظَّاهِر بأمر الله مُحَمَّد
كانت خلافته 15 سنة وَ7 أشهر وَ20 يَوْمًا
وَاسْتشْهدَ يَوْم الْأَرْبَعَاء 14 صفر من سنة 656هـ
وعاش 46 سَنَةً وَ4 أَشْهُر، وَ قيل: عاش 47 سنة.
اسمه ونسبه:
هُوَ أمير المؤمنين المستعصم بالله أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الظَّاهِرِ بِاللَّهِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ أَمِيرِ المؤمنين المستضئ بالله أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَنْجِدِ بِاللَّهِ أَبِي الْمُظَفَّرِ يُوسُفَ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُسْتَظْهِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أحمد بن الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ وَبَقِيَّةُ نَسَبِهِ إِلَى الْعَبَّاسِ فِي تَرْجَمَةِ جَدِّهِ النَّاصِرِ، (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 187، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 174، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 207، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232، ذيل مرآة الزمان 1/ 3)
وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ كُلُّهُمْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ يَتْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَمْ يَتَّفِقْ هَذَا لأحد قبل المستعصم، أن في نسبه ثمانية نسقاً ولوا الخلافة لَمْ يَتَخَلَّلْهُمْ أَحَدٌ، وَهُوَ التَّاسِعُ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى بمنه. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 187)
وَهُوَ آخِرُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ الْخَلِيفَةُ الشَّهِيدُ الَّذِي قَتَلَهُ التَّتَارُ بِأَمْرِ هلاكو بن تولى ملك التتار بن جنكيزخان لعنهم اللَّهُ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وستَّمائة (656هـ) (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 187، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516) وبموته انقرضت الخلافة من بغداد. (النجوم الزاهرة 7/ 63)
وَأمه أم ولد حبشية. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516) اسْمهَا هَاجر(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 517) أدركت خلافته،(مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516)
وباقي نسبه: الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ ابن الأمير محمد الذّخيرة، وهو غير خليفة، ابن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله ابن الخليفة القادر بالله أبى العباس أحمد ابن الأمير إسحاق، وإسحاق غير خليفة، ابن الخليفة المقتدر بالله أبى الفضل جعفر ابن الخليفة المعتضد بالله أبى العباس أحمد ابن الأمير طلحة الموفّق، وطلحة غير خليفة أيضا، ابن الخليفة المتوكّل على الله أبى الفضل جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارون ابن الخليفة المهدىّ بالله محمد ابن الخليفة أبى جعفر عبد الله المنصور بن محمد بن علىّ بن عبد الله ابن العبّاس بن عبد المطلب الهاشمىّ البغدادىّ، آخر خلفاء بنى العباس ببغداد، وبموته انقرضت الخلافة من بغداد. (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 63، ذيل مرآة الزمان 1/ 254، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 520)
مولده:
ومولده في سادس شوّال سنة ثمان وستمائة في خلافة جدّ أبيه،(مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208) وقيل: وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 174، ذيل مرآة الزمان 1/ 254، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 467)
صفاته وسماته الشخصية:
وكان المستعصم بالله أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللَّهِ أسمر اللون، أزجّ الحاجبين، ظاهر الحياء، سهل الأخلاق، وكان ملازماً لصوم الاثنين والخميس. (مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208)
وَقَدْ أَتْقَنَ فِي شَبِيبَتِهِ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ حِفْظًا وَتَجْوِيدًا، وَأَتْقَنَ الْعَرَبِيَّةَ وَالْخَطَّ الْحَسَنَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ، عَلَى الشَّيْخِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْمُظَفَّرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النَّيَّارِ أَحَدِ أَئِمَّةِ الشَّافعية فِي زَمَانِهِ، وَقَدْ أَكْرَمَهُ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ فِي خِلَافَتِهِ، وَكَانَ الْمُسْتَعْصِمُ عَلَى مَا ذُكِرَ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ حَسَنَ الْأَدَاءِ طَيِّبَ الصَّوْتِ، يَظْهَرُ عَلَيْهِ خُشُوعٌ وإنابة، وقد نظر في شئ مِنَ التَّفْسِيرِ وَحَلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَكَانَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ مَشْكُورًا مُقْتَدِيًا بِأَبِيهِ الْمُسْتَنْصِرِ جُهْدَهُ وَطَاقَتَهُ، وَقَدْ مَشَتِ الْأُمُورُ فِي أَيَّامِهِ عَلَى السَّداد وَالِاسْتِقَامَة. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 188) واستجاز له ولجماعة من أهله جماعة من العلماء، منهم المؤيد الطّوسي، وروى عنه محيى الدّين بن الجوزي، ونجم الدّين البادرائي بالإجازة، (شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 467، ذيل مرآة الزمان 1/ 254)
وَكَانَ مُتَدَيِّناً مُتمسِّكاً بالسُّنَّةِ كَأَبِيْهِ وَجَدِّهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حزم أَبِيْهِ المستنصر بالله ، وَتيقّظه، وَعُلُوِّ هِمْتِهِ، وَإِقدَامِهِ، فقد كان المستنصر بالله ذا همة عالية وشجاعة وافرة ونفس أبية وعنده إقدام عظيم واستخدم من العساكر ما يزيد على مائة ألف وقصدت التتر بلاد العراق في أيامه فلقيهم عسكره وانتصف منهم وهزمهم، (ذيل مرآة الزمان 1/ 255، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175)
وكان المستعصم بالله حليماً، كريماً، سليم الباطن، قليل الرأي، حسن الدّيانة، مبغضاً للبدعة في الجملة، (شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 467) لكنه كان قليل المعرفة بتدبير الملك، نازل الهمة، مهملاً للأمور المهمّة، شحيحاً محبّاً لجمع الأموال، فوافق ما أشار به الوزير وغيره عليه من ذلك ما في نفسه فأجابهم وبذل الوزير جهده في بوار الإسلام فبلغ قصده (ذيل مرآة الزمان 1/ 255، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64، ذيل مرآة الزمان 1/ 255)
وكان صاحب لهو وقصف، شغف بلعب الطيور، واستولت عليه النساء، وكان ضعيف، الرأي قليل العزم، كثير الغفلة عما يجب لتدبير الدول، يقدم على فعل ما يستقبح، أهمل أمر هولاكو حتّى كان فى ذلك هلاكه. (تاريخ مختصر الدول 1/ 254، ذيل مرآة الزمان 1/ 255)
وكانت الأمور التي تصدر عنه لا تناسب منصب الخلافة، ولم تتخلق به الخلفاء قبله، فكانت هذه الأسباب كلها مقدمات لما أراد الله تعالى بالخليفة والعراق وأهله، وإذا اراد الله أمراً هيأ أسبابه (ذيل مرآة الزمان 1/ 256)
وحجّت أُمُّ المُسْتَعْصِم، وبلغت النفقة عليها في ذهابها ورجوعها مائة ألف دينار! (مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 176)
وَكَانَ للمستنصر أَبِيه ابْنَانِ أَحدهمَا يُسمى بالخفاجي كَانَ شَدِيد الرَّأْس سدِيد الرَّأْي، شجاعاً صَعب المراس، وَالثَّانِي هَذَا المستعصم وَكَانَ هيناً لينًا ضَعِيف الرَّأْي، وكان الخفاجي يزيد على المستعصم في الشهامة والشجاعة وكان يقول إن ملكني الله تعالى أمر الأمة لاعبرن بالعساكر نهر جيحون وأنتزع البلاد من يد التتر وأفنيهم قتلاً واسراً وسبياً(سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175، ذيل مرآة الزمان 1/ 255)
فاتفق رأي أرباب الدولة على تقليد المستعصم بالله الخلافة بعد أبيه فتقلدها وأستبدوا بالتدبير ثم ركن إلى وزيره مؤيد الدين العلقمي فأهلك الحرث والنسل وحسن له جمع الأموال والأقتصار على بعض العساكر وقطع الباقين فوافقه على ذلك(ذيل مرآة الزمان 1/ 255)
فلما توفى المستنصر بالله لم ير الدوادار والشرابي وكانا غالبين على الأمر ولا بقية أرباب الدولة تقليده الخلافة خوفاً منه، ولما يعلمون منه أستقلاله بالأمر واستبداده بالتدبير دونهم، وآثروا أن يليها المستعصم بالله وَإِنَّمَا قَدَّمُوا المستعصم لِمَا يَعلمُوْنَ مِنْ لِينهِ وَانْقِيَادِهِ وَضَعفِ رَأْيِه لِيَستَبِدُّوا بِالأُمُوْر. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175، ذيل مرآة الزمان 1/ 255)
فاختاره الْأَمِير الشرابي المستعصم على أَخِيه الخفاجي ليستبد هُوَ بِالْأَمر ويستقل بأحوال الْملك، فَإِنَّهُ لَا يخشاه كَمَا يخْشَى من أَخِيه الخفاجي، فَلَمَّا توفّي الْمُسْتَنْصر أخْفى الْأَمِير إقبال مَوته نَحواً من عشْرين يومَاً حَتَّى دبر الْولَايَة للمستعصم (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516)
فلما بويع للمستعصم بالخلافة فر أَخُوهُ الخفاجي إِلَى العربان وتلاشى أمره.(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516)
بيعته وخلافته:
لَمَّا تُوُفِّيَ المستنصر بالله بُكْرَةَ الْجُمُعَةِ عَاشِرَ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ (640هـ) اسْتُدْعِيَ المستعصم مِنَ التَّاجِ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَبُويِعَ بِالْخِلَافَةِ، ولقب بالمستعصم. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 188، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 174، تاريخ مختصر الدول 1/ 254، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232)
وقيل: ولي الخلافة بعد وفاة والده المستنصر بالله فى العشرين من جمادى الأولى سنة أربعين وستمائة (640هـ) (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64، ذيل مرآة الزمان 1/ 254، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 467)
بُويِعَ لَهُ بالخلافة عِنْد موت أَبِيه الْمُسْتَنْصر(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516) وله من العمر يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَشُهُورٌ،(البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 188)
وَكَانَ الْقَائِمُ بِهَذِهِ الْبَيْعَةِ الْمُسْتَعْصِمِيَّةِ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو الْفَضَائِلِ إِقْبَالٌ الْمُسْتَنْصِرِيُّ، فَبَايَعَهُ أَوَّلًا بَنُو عَمِّهِ وَأَهْلُهُ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، ثُمَّ أَعْيَانُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ أُولِي الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَالْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا وَمَجْمَعًا مَحْمُودًا وَرَأَيًا سَعِيدًا، وَأَمْرًا حَمِيدًا، وَجَاءَتِ الْبَيْعَةُ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ وَالْأَقْطَارِ وَالْبُلْدَانِ وَالْأَمْصَارِ، وَخُطِبَ لَهُ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ، وَالْأَقَالِيمِ وَالرَّسَاتِيقِ، وَعَلَى سَائِرِ الْمَنَابِرِ شَرْقًا وَغَرْبًا، بُعْدًا وَقُرْبًا، كَمَا كَانَ أَبُوهُ وأجداده، رحمهم الله أجمعين. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 188)
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْزَر المُؤَيَّد ابْنَ العَلْقَمِيّ الرَّافضِيّ، فَأَهْلك الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَحَسَّن لَهُ جَمعَ الأَمْوَال، وَأَنَّ يَقتصِرَ عَلَى بَعْض العَسَاكِر، فَقطع أَكْثَرهُم، وَكَانَ يَلعبُ بِالحَمَّامِ، وَفِيْهِ حرص وَتوَانٍ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175)
مقتله:
وَاسْتشْهدَ الْخَلِيفَة المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ بيد هولاكو طاغية التّتار سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ). (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64، تلقيح فهوم أهل الأثر ص69) فقتل فِي الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ). (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232) وَقيل: قُتِلَ يَوْم الأَرْبعَاء، رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ) (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 183، (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 519)
فَكَانَت خلَافَة المستعصم بِاللَّه أَبُو أَحْمد خمس عشرَة سنة وَثَمَانِية أشهر وأياما، (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235، ذيل مرآة الزمان 1/ 254) وقيل: مدة خلافته خمس عشرة سنة وسبعة أشهر، (مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208) وقيل خمس عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَعشْرين يَوْمًا (تلقيح فهوم أهل الأثر ص69) وَقيل: كَانَت مُدَّة خِلَافَته سِتّ عشرَة سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 520)
وَتَقْدِير عمره سَبْعَة وَأَرْبَعُونَ سنة. (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235، ذيل مرآة الزمان 1/ 254) وقيل: بلغَ من العمر سِتّاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 183) وقيل: خمس وَأَرْبَعُونَ سنة (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 520) وَقيل سِتّ وَأَرْبَعُونَ وشهران(سمط النجوم العوالي 3/ 520)
وَقُتِلَ ابْنَاهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَقِيَ وَلدُهُ مُبَارَكٌ، وَفَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ، وَمَرْيَمُ فِي أَسرِ التَّتَارِ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 183)
وانقطعت بِمَوْتِ المستعصم بِاللَّه أَبُو أَحْمد خلَافَة بني الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب من الْعرَاق(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 519) وكان هو آخر الخلفاء العراقيين. وكانت دولتهم خمسمائة سنة وأربعا وعشرين سنة. (شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 467)
وَانقطعتِ الإِمَامَةُ العَبَّاسِيَّةُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ وَأَشْهُراً بِمَوْتِ المُسْتَعْصِمِ،(سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 184) وبقيت الدّنيا بلا خليفة حتّى أقام الملك الظاهر بيبرس البندقدارىّ بعض بنى العبّاس فى الخلافة. على ما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى. (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 7/ 64)
وَالسّنة الَّتِي قتل فِيهَا المستعصم تسمى سنة المصائب، وَبقيت الدُّنْيَا بِلَا خَليفَة ثَلَاث سِنِين وَنصفاً: ستٍ وَخمسين وستمائْة وَسبع وَخمسين وثمانٍ وَخمسين وتسعِ وَخمسين إِلَى رَجَب مِنْهَا (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 520)
صفة مقتله:
جَاءَ هُوْلاَكُو فِي نَحْوِ مائَتَيْ أَلْفٍ، ثُمَّ طَلبَ الخَلِيْفَةَ، فخرج الخليفة إلى هولاكو يوم الأحد رابع صفر (656هـ) (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 182، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208)
وَطَلَعَ مَعَهُ القُضَاةُ وَالأَعيَانُ فِي نَحْوٍ مِنْ سَبْعِ مائَةِ نَفْسٍ، فَمُنعُوا، وَأُحضرَ الخَلِيْفَةُ وَمَعَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَضَرَبَ رِقَابَ سَائِرِ أُوْلَئِكَ، فَأُنْزِلَ الخَلِيْفَةُ فِي خَيمَةٍ وَالسَّبْعَةَ عَشَرَ فِي خَيمَةٍ، ثُمَّ جَرَتْ مُحَاوَرَةٌ مَعَهُ، بأن يَكُوْنَ لِلتَّتَارِ نِصْفُ دَخْلِ العِرَاقِ، وكاد أَنْ يَتم ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ العَلْقَمِيّ: بَلِ المَصْلحَةُ قَتْلُه، وَإِلاَّ فَمَا يَتم لَكُم مُلك العِرَاق، فأَمرَ بِهِ وَبِابْنِه أَبِي بَكْرٍ، فَرُفِسَا حَتَّى مَاتَا، فِي محرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ). (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 182، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 234)
وَقِيْلَ: جُعِلَ فِي غرَارَةٍ وَرُفس إِلَى أَنْ مَاتَ وَدُفِنَ وَعُفِي أَثره، (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 183، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 468)
وقيل: قتله بالسيف، وقتل ولداه أحمد وعبد الرحمن، وأخذ ولده الأصغر أبو الميامن المبارك أسيراً، وعلى يده كان انقراض دولة العبّاسيين ببغداد. (مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208)
سقوط بغداد والخلافة:
لما ولي الْخلَافَة لم يستوثق أمره؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَلِيل الْمعرفَة بتدبير الْملك، نَازل الهمة، مهملاً للأمور المهمة، محباً لجمع الْأَمْوَال، أهمل أَمر هولاكو، وانقاد إِلَى وزيره وزيره مؤيد الدّين بل مدمر الدّين ابْن العلقمي الرافضي، حَتَّى كَانَ فِي ذَلِك هَلَاكه وهلاك الرّعية وَزَوَال ملكه (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 516، مورد اللطافة 1/ 232)
فكَانَ التتار جائلين فِي الأَرْض يقتلُون وَيَأْسِرُونَ ويخربون الديار، ونارهم فِي غَايَة الاشتعال والاستعار، والمستعصم وَمن مَعَه فِي غَفلَة عَنْهُم إخفاء ابْن العلقمي عَنهُ سائْر الْأَخْبَار إِلَى أَن وصل هولاكو خَان إِلَى بِلَاد الْعرَاق واستأصل من بهَا قتلاَ وأسراً وَتوجه إِلَى بَغْدَاد وَأرْسل إِلَى الْخَلِيفَة يَطْلُبهُ فَاسْتَيْقَظَ من نوم الْغرُور وَنَدم على غفلته حَيْثُ لَا ينفع النَّدَم (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 518) ونَزَلُوا بِالجَانبِ الغَربِيِّ، وَأَنشَأَوا عَلَيْهِم سُوراً، وَقِيْلَ: بَلْ أَتَى هُوْلاَكُو البلدَ مِنَ الجَانبِ الشَّرْقِيِّ وأتى قائده بايجو من الجانب الغربي، فأحاطوا بها من الجانبيين، فَأَشَارَ الوَزِيْرُ لبن العلقمي عَلَى الخَلِيْفَةِ بِالمدَارَاةِ، وَقَالَ: أَخرُجُ إِلَيْهِ أَنَا. فَخَرَجَ، وَاسْتوثَقَ لِنَفْسِهِ، وَردَّ، فَقَالَ: القَانُ رَاغِبٌ فِي أَنْ يُزوِّج بِنْتَهُ بِابْنِكَ أَبِي بَكْرٍ، وَيُبْقَي لَكَ مَنصِبَك كَمَا أَبْقَى صَاحِبَ الرُّوْم فِي مَمْلَكتِه مِنْ تَحْتِ أَوَامرِ القَانِ، فَاخرُجْ إِلَيْهِ. فَخَرَجَ فِي كُبَرَاءِ دَوْلَتِه لِلنِّكَاحِ، فَضَرَبَ أَعْنَاق الكُلِّ بِهَذِهِ الخَديعَةِ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 181، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 468)
وكان ابْن العلقمي رَافِضِيًّا سباباً مستولياً على المستعصم عدواً لَهُ وَلأَهل السّنة يداريهم فِي الظَّاهِر، وينافقهم فِي الْبَاطِن، وَكَانَ دائراً على طمس آثَار السّنة، وإعلاء منار الْبِدْعَة، فَصَارَ يُكَاتب هولاكو قَائِد التتار ويطعمه فِي ملك بَغْدَاد، ويخبره بأخبارها، ويعرفه بِصُورَة أَخذهَا، وبضعف الْخَلِيفَة، وبانحلال الْعَسْكَر عَنهُ، وَصَارَ يحسن للمستعصم توفير الخزائن وَعدم الصّرْف على الْعَسْكَر وَالْإِذْن لَهُم فِي الذّهاب أَيْن شَاءُوا وَيقطع أَرْزَاقهم ويشتت شملهم بِحَيْثُ إِنَّه أذن مرّة لعشرين ألف مقَاتل فَذَهَبُوا ووفر علوفاتهم من الخزانتين، ومحا اسْماءهم من الدِّيوَان، ثمَّ نفاهم من بَغْدَاد، ومنعهم من الْإِقَامَة بهَا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 232، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 518)
وَكَانَ قد دَاخل قلب اللعين الْكفْر؛ فَكتب إِلَيْهِ هولاكو: إِن عَسَاكِر بَغْدَاد كَثِيرَة فَإِن كنت صَادِقا فِيمَا قلته وداخلاً فِي طاعتنا، فرق عَسَاكِر بَغْدَاد وَنحن نحضر. فَلَمَّا وصل كِتَابه إِلَى الْوَزير ابْن العلقمي دخل إِلَى المستعصم وَقَالَ: إِن جندك كَثِيرُونَ، وَعَلَيْك كلف كَثِيرَة، والعدو قد رَجَعَ من بِلَاد الْعَجم، وَالصَّوَاب أَنَّك تُعْطي دستوراً لخمسة عشر ألف من عسكرك وتوفر معلومهم، وَعليَّ إِن عَاد هولاكو الْقيام بِدَفْعِهِ؛ فَأَجَابَهُ المستعصم إِلَى ذَلِك؛ فَخرج الْوَزير من وقته، ثمَّ بعد شهر فعل الْوَزير مثل فعلته الأولى ومحا إسم عشْرين ألف فَارس من الدِّيوَان. ثمَّ كتب إِلَى هولاكو بِمَا فعل. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 233)
وَكَانَ قصد الْوَزير هَذَا بمجئ هولاكو أَشْيَاء، مِنْهَا: أَنه كَانَ رَافِضِيًّا خبيثاً، وَأَرَادَ أَن ينْقل الْخلَافَة من بني الْعَبَّاس إِلَى العلويين؛ فَلم يتم لَهُ ذَلِك؛ لعظم شوكه بني الْعَبَّاس وعساكرهم؛ فأفكر أَن هولاكو إِذا قدم بَغْدَاد يقتل المستعصم وَأَتْبَاعه، ثمَّ يعود إِلَى حَال سَبيله، وَقد زَالَت شَوْكَة بني الْعَبَّاس، وَقد بَقِي هُوَ على مَا كَانَ عَلَيْهِ من العظمة والعساكر وتدبير المملكة؛ فَيقوم عِنْد ذَلِك بدعوة العلويين الرافضة من غير ممانع؛ لضعف العساكر ولقوته ثمَّ يضع السَّيْف فِي أهل السّنة؛ فَهَذَا كَانَ قَصده – لَعنه الله -.(مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 233)
وَلما بلغ هولاكو مَا فعله الْوَزير ابْن العلقمي بِبَغْدَاد ركب فِي الْحَال وَقصد بَغْدَاد، إِلَى أَن نزل عَلَيْهَا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 233)
وَصَارَ المستعصم يَسْتَدْعِي العساكر، ويتجهز لِحَرْب هولاكو، كل ذَلِك والوزير ابْن العلقمي يملئ الْخَلِيفَة المفسود فِي سَائِر أَحْوَاله. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 233)
وَقد جمع من أهل بَغْدَاد خاصته وَمن عبيده وخدامه مَا يُقَارب أَرْبَعِينَ ألف مقَاتل وتحالفوا على قتال هولاكو، وَخَرجُوا إِلَى ظَاهر بَغْدَاد، وَمَشى عَلَيْهِم هولاكو بعساكره؛ فَوَقع التصاف والتحم الْقِتَال عَاشر محرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ) فتقاتلوا قتالاً شَدِيداً، وصبر كل من الطَّائِفَتَيْنِ صبراً عَظِيماً، وَكَثُرت الْجِرَاحَات والقتلى فِي الْفَرِيقَيْنِ، إِلَى أَن نصر الله تَعَالَى عَسَاكِر بَغْدَاد وانكسر عَسْكَر هولاكو أقبح كسرة. (سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 518، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 233)
وسَاق الْمُسلمُونَ خَلفهم، وأسروا مِنْهُم جمَاعَة، وعادوا بالأسرى ورءوس الْقَتْلَى إِلَى ظَاهر بَغْدَاد، ونزلوا بمخيمهم مُطْمَئِنين بهروب الْعَدو؛ فَأرْسل الْوَزير العلقمي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة جمَاعَة من أَصْحَابه؛ فَقطعُوا شط الدجلة؛ فَخرج مَاؤُهَا على عَسَاكِر بَغْدَاد وهم نائمون؛ فغرقت مَوَاشِيهمْ وخيامهم وَأَمْوَالهمْ، وَصَارَ السعيد مِنْهُم من لَقِي فرسا يركبهَا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 234)
وَكَانَ الْوَزير قد أرسل إِلَى هولاكو يعرفهُ بِمَا فعل ويأمره بِالرُّجُوعِ إِلَى بَغْدَاد؛ فَرَجَعت عَسَاكِر هولاكو إِلَى ظَاهر بَغْدَاد؛ فَلم يَجدوا هُنَاكَ من يردهم، وذلك في سابع عشر المحرم سنة ست وخمسين (656هـ)، (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 234، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208)
فَلَمَّا أصحبوا استولوا على بَغْدَاد، فتقدم هولاكو ودخل بنفسه الى بغداد ليشاهد دار الخليفة، وَأخذ المستعصم أَسِيرًا، ونهبت دَار الْخلَافَة ومدينة بَغْدَاد حَتَّى لم يبْق بهَا مَا قل وَلَا مَا جلّ، ثمَّ أحرقت بعد أَن بذلوا فِيهَا السَّيْف بَضْعَةً وَثَلاَثِيْنَ يَوْماً، وقتل أَكثر أَهلهَا، فَأَقلُّ مَا قِيْلَ: قُتلَ بِهَا ثَمَانُ مائَةِ أَلْفِ نَفْسٍ، وَأَكْثَرُ مَا قِيْلَ: بَلَغُوا أَلفَ أَلفٍ وَثَمَانِ مائَةِ أَلْفٍ، وَجَرَتِ السُّيُولُ مِنَ الدِّمَاءِ – فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ – (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 181، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235، تاريخ مختصر الدول 1/ 271، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/ 469)
وَوَقع مِنْهُم أُمُور يطول شرحها، لَيْسَ لذكرها مَحل فِي هَذَا الْمُخْتَصر. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 234، تاريخ مختصر الدول 1/ 271)
وَلما أَخذ المستعصم أَسِيرًا هُوَ وَولده، وأحضر بَين يَدي هولاكو أَمر بِهِ هولاكو؛ فَأخْرج من بَغْدَاد، وأنزله بمخيم صَغِير بِظَاهِر بَغْدَاد. ثمَّ بعد عصر الْيَوْم وضع الْخَلِيفَة المستعصم وَولده فِي عَدْلَيْنِ وَأمر التتار برفسهما، إِلَى أَن مَاتَا فِي محرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة (656هـ). (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 181، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 234) وقيل في رابع عشر صفر(تاريخ مختصر الدول 1/ 272)
وانقرضت الْخلَافَة من بَغْدَاد بقتل المستعصم هَذَا، وَبقيت الدُّنْيَا بِلَا خَليفَة سِنِين، إِلَى أَن أَقَامَ الْملك الظَّاهِر بيبرس البندقداري بعض بني الْعَبَّاس فِي الْخلَافَة – حَسْبَمَا نذكرهُ (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235) وَأما الْوَزير العلقمي؛ فَلم يتم لَهُ مَا أرد من أَن التتار يبذلون السَّيْف مُطلقًا فِي أهل السّنة؛ فجَاء بِخِلَاف مَا أَرَادَ؛ وبذلوا السَّيْف فِي أهل السّنة والرافضة مَعًا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235)
كل ذَلِك وَهُوَ فِي منصبه مَعَ الذل والهوان، وَهُوَ يظْهر قُوَّة النَّفس والفرح وَأَنه بلغ قَصده؛ فَلم يلبث إِلَّا أَن أمْسكهُ هولاكو بعد قتل المستعصم بأيام ووبخه بِأَلْفَاظ شنيعة، مَعْنَاهَا أَنه لم يكن لَهُ خير فِي مخدومه وَلَا فِي دينه؛ فَكيف يكون لَهُ خير فِي هولاكو؟ ! ثمَّ أَمر بِهِ هولاكو؛ فَقتل أشر قتلة فِي أَوَائِل سنة سبع وَخمسين. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 235)
الآيَةِ الكُبْرَى – وَهِيَ النَّارُ – بِظَاهِرِ المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ:
فِي سنة سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وسِتمِائَة (654هـ) كَانَ ظُهُور النَّار فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة، ظهر بِالْمَدِينَةِ دوِي عَظِيم ثمَّ زَلْزَلَة عَظِيمَة، فَكَانَت سَاعَة بعد سَاعَة، إِلَى خَامِس الشَّهْر الْمَذْكُور، فظهرت نَار عَظِيمَة فِي الْحرَّة الشرقية قريبَاً من قُرَيْظَة، يرَاهَا الناس من دُورهم من دَاخل الْمَدِينَة كَأَنَّهَا عندهم، وَرَأَى أَهْلُ مَكَّةَ ضَوْءهَا مِنْ مَكَّةَ، وسالت أَوديَة مِنْهَا وَادي شظا سيل المَاء، وطلع الناس يقصدونها، فَإِذا الْجبَال تسير نَاراً، وسارت هَكَذَا وَهَكَذَا كَأَنَّهَا الْجبَال، وطار مِنْهَا شرر كالقصر، وفزع النَّاس إِلَى الْقَبْر الشريف مستغفرين تَائِبين، واستمرت هَكَذَا أَكثر من شهر، وكَانَت تدب دَبِيب النَّمْل وَكَانَت تحرق كل مَا مرت عَلَيْهِ من الْحِجَارَة وَغَيرهَا، فَكَانَت الْحِجَارَة تذوب كَمَا يذوب الرصاص، وَكَانَت لَا تحرق أَشجَار الْمَدِينَة على مشرفها الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَكَانَ نسَاء الْمَدِينَة يغزلن على ضوئها، ثمَّ انطفأت بعد مُدَّة قريبَة من شهر، وَمَعَ ذَلِك مَا كَانَ لَهَا حرارة، وَمَا كَانَت تُؤثر فِيمَن وصل إِلَيْهَا؛ وذكر أَن أَمِير الْمَدِينَة الشَّرِيفَة أرسل رجلَيْنِ ليتحققا أَمر هَذِه النَّار، فَلَمَّا وصلا إِلَى قربهَا وَشَاهدا عدم حَرَارَتهَا، تقربا إِلَيْهَا حَتَّى إِن أَحدهمَا أخرج نشاباً فَأدْخلهُ النَّار فذاب نصله وَلم يَحْتَرِق الْعود، فَقلب النشاب وَأدْخلهُ النَّار فَاحْتَرَقَ الريش وَلم يَحْتَرِق الْعود، لِأَن السِّهَام كَانَت من أَشجَار الْمَدِينَة وَذَلِكَ من معجزاته عَلَيْهِ الصَّلَاة السَّلَام، وقد جاء في الحَدِيث: “لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تخرج نَار بِأَرْض الْحجاز تضيء لَهَا أَعْنَاق الْإِبِل ب بصرى” وَأمر هَذِه النَّار متواتر وَهُوَ مصداق مَا أخبر بِهِ الْمُصْطَفى وَقد حكى غير وَاحِد مِمَّن كَانَ ب بصرى أَنه رأى فِي اللَّيْل أَعْنَاق الْإِبِل فِي ضوئها والصادق لَا ينْطق عَن الْهوى(تاريخ الإسلام ت تدمري 48/ 18، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 180، البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 220، سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي 3/ 517، تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف ص286، خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى 1/ 309، تاريخ الخلفاء ص329)
أعماله وأهم الأحداث في أيامه:

  • وَفِي سنة (640هـ) أيضاً عَزَمَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ صَاحِبُ مِصْرَ عَلَى دُخُولِ الشَّامِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ الْعَسَاكِرَ مُخْتَلِفَةٌ فَجَهَّزَ عَسْكَرًا إِلَيْهَا وَأَقَامَ هُوَ بمصر يدير مملكتها. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 13/ 188)
    وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ (642هـ): كَانَ حِصَارُ الخُوَارِزْمِيَّةِ عَلَى دِمَشْقَ فِي خدمَةِ صَاحِب مِصْر، وَاشتدَّ القَحط بِدِمَشْقَ، ثُمَّ التَقَى الشَّامِيُّوْنَ وَمَعَهُم عَسْكَر مِنَ الفِرَنْج، وَالمِصْرِيّون وَمَعَهُمُ الخُوَارِزْمِيَّةُ بَيْنَ عَسْقَلاَنَ وَغَزَّةَ، فَانْهَزَم الجمعَانِ، وَلَكِن حَصَدَتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ الفِرَنْجَ فِي سَاعَةٍ وَيُقَالُ: زَادت القَتْلَى عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً ، ثُمَّ أَسرُوا مِنْهُم ثَمَانِي مائَةٍ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175)
  • فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ (654هـ) كَانَ حَرِيْق مَسْجِدِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمِيْعِهِ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ مِنْ مسرجَة القَيِّمِ – فَلله الأَمْرُ كُلُّهُ – سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 180، مجمع الآداب في معجم الألقاب 5/ 208، سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 180) وَكُسِفَ فِيْهَا الشَّمْسُ وَالقَمَرُ، وَكَانَ فِيْهَا الغَرَقُ العَظِيْمُ بِبَغْدَادَ، وَهَلَكَ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَتَهدَّمتِ البُيُوْتُ، وَطَفَحَ المَاء عَلَى السُّوْر. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 180)
  • وفي سنة خمس وخمسين وستّمائة (655هـ) دَخَلت الفِرَنْج القُدْس، وَرشُّوا الخَمْرَ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَذَبَحُوا عِنْدَهَا خِنْزِيْراً، وَكَسَرُوا مِنْهَا شقفَةً. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 175)
  • وَعَمِلَ ابْنُ العَلْقَمِيِّ عَلَى تَركِ الجُمُعَاتِ، وَأَنْ يَبنِيَ مَدْرَسَةً عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَّةِ، فَمَا بلغَ أَملُه، وَأُقيمتِ الجُمعَاتُ. (سير أعلام النبلاء ط الرسالة 23/ 183)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى