اقتصاد

النموذج التركي الخاص لمواجهة انخفاض سعر الصرف الليرة والتضخم

د. ياسين الحمد

أكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب


مقدمة:
الرئيس أردوغان يلقي اليوم خطاب النصر ويرسل رسائل على أكثر من جبهة.
1- تركيع لمؤامرة الدولة العميقة في الاقتصاد التركي، وحلفائهم في الاقتصاد الريعي العالمي.
2- تكبيد المضاربين على الليرة التركية عشرات المليارات من الدولارات خلال ساعات ، ببعض الإجراءات المالية.
3- أثبت جهل وسطحية كثير من المحلليين وبعض من يدعي معرفته بعلوم الاقتصاد ومدارسه الفكرية لحل المشكلات التي تواجه الاقتصاديات المعاصرة.
4- إعادة توزيع الثروة القومية لصالح الاقتصاد وتنميته، والطبقات المتوسطة والمنتجة والعاملة.

المحور الأول: ملخص خطاب النصر لأردوغان والرسائل التي وجهها لمختلف الأطراف:
●- أخاطب من هنا الآن السياسيين غير الأكفَّاء الذين يأملون أن يخدمهم وقوع الكوارث في البلد.
●- أخاطب الذين يريدون (الأكاديميين، والمحللين والصحفيين) تشكيل الحكومات وإسقاطها عبر الشعارات والعناوين.
●- أخاطب المتآمرين والانقلابيين الذين لا يريدون قبول تفوق الإرادة الوطنية.
●- أخاطب الأشخاص الذين يجرون وراء كسب المال دون أن يعملوا أو يبذلوا جهداً أو يتكبدها قطرة عرق.
●- أخاطب وأحب أولئك الذين يركضون عرقهم وتعبهم سعياً وراء كسب المال.
●- أخاطب من هنا قوى الإمبريالية الريعية التي تحاول توصيف السياسة التركية بالإرهاب والعنف والتهديدات والحصار.
●- أخاطب من هنا فلول الوصاية الذين تعودوا على التحكم بالمؤسسة السياسية، أقول لكم لن تنجحوا.

المحور الثاني: الأسس الفكرية للنموذج الاقتصادي الجديد الخاص في الاقتصاد التركي.
يحب أن يعلم الجميع أن السيد أردوغان درس في كلية العلوم الاقتصادية والتجارية بجامعة مرمرة وتخرج منها عام 1981. وجميل إرتيم … كبير مستشاري أردوغان الاقتصاديين، وكاتب النموذج المالي الجديد، يقف خلف خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاقتصادية.
ومن انتقد من أكاديميين في العلوم الاقتصادية والمحللين، بأن اعتمادهم على المدارس الفكرية الغربية (المدرسة الليبرالية الكلاسيكية، و نيو كلاسيكية، المدرسة الكينزية، ونيو كينزية، ومدرسة القرارات الرشيدية وغيرها) في تقييم الوضع التركي خطأ كبير، خطأ وقصور في فهم النظريات وقوانين العلوم الاقتصادية التي أثبتت التجارب أنها عاجزة وغير كافية بمعظم طروحاتها وإجراءاتها الفعلية عن المعالجة الجدية والحقيقية لمشاكل الاقتصاديات الحديثة، من المؤكد ليست نموذجًا مثاليًا صالحًا التطبيق في أي ظرف وزمان وفي أي اقتصاد. التحليل العلمي الاقتصادي ينطلق من فهم واقع الاقتصاد وقدراته ومشاكله وظروفه المختلفة، ويكشف مشكلة الحقيقة، ووضع الحلول الخلاقة لمعالجة هذه المشاكل.
قال السيد أردوغان أكثر من مرة عند تشخيص المشكلة :(إن سعر الفائدة المرتفع هو السبب، والتضخم النقدي هو النتيجة ) نعم السيد أردوغان شخَّص المشكلة بكلمة بسيطة وصحيحة. نعم الطبقة الرأسمالية التركية لقد استفادت كثيراً من مرحلة الانتعاش الاقتصادي وحققت مكاسب وأرباح وفوائد كبيرة، من المفترض أن تقف مع وطنها وشعبها في ظروف الحصار الذي يتعرض له الاقتصاد التركي، وفي ظروف مواجهة وباء كورونا وتأثيرات الإغلاق، وواجبات الحكومة تجاه المتضررين سواء أفراد أو شركات من الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا. بالإضافة لتعرض تركيا السيول والحرائق، والزلازل في هذا العام، هذه الفئات بالعكس تحالفوا مع قوى النظام النقدي العالمية وبدأت المضاربة على الليرة التركية، وتلعب دور لا يخدم تركيا وشعبها وطموحاته بالتقدم والتطور.
●- جميل إرتيم كبير مستشاري أردوغان الاقتصاديين وكاتب النموذج المالي الجديد.. من هو؟
وُلد جميل إرتيم في مدينة دوزجه على ساحل البحر الأسود (شمالي تركيا)، ودرس العلوم المالية والإدارية في جامعة إيجة بمدينة إزمير (غربي تركيا) قبل أن يُكمل دراسة الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد في جامعة إسطنبول التي عمل بها محاضرا في كلية الاقتصاد.
ويُعدّ جميل إرتيم من أهم و أبرز كتّاب المقالات الاقتصادية في العديد من الصحف التركية والمجلات العالمية المتخصصة،
في عام 2014 ألقى محاضرات عن اقتصاد المعرفة والسياسة الاقتصادية والنمو البديل والنظريات النقدية في إسطنبول وجامعة الاتحاد التركي للطيران قبل أن يعيّنه الرئيس التركي أردوغان مستشاراً اقتصادياً في 26 يناير/كانون الثاني عام 2015 إلى أن أصبح كبير مستشاريه للشؤون المالية والاقتصادية.
وإلى جانب منصبه في رئاسة الجمهورية هو أيضا عضو في مجلس إدارة “بنك وقف” (VakıfBank) الحكومي منذ 13 أغسطس/آب 2018، فضلا عن كونه حالياً كاتب عمود في صحيفة “ملييت” (Milliyet) و”ديلي صباح” (Daily Sabah).
له العديد من المؤلفات، أبرزها: كتاب “الاقتصاد السياسي في عهد أردوغان”، وكتاب “النظام العالمي الجديد”.
أهم أفكار جميل إرتيم:
ممكن مراجعة مقالاته المنشورة في صحيفة “طرف” المقرّبة من الحزب العدالة والتنمية، وكتب عنه الكثيرون وقال عنه صحفيون إن “إرتيم يفحص من كثب التطورات السياسية والاقتصادية في العالم الرأسمالي ومدارسه الفكرية، ويدرك التغيرات ونقاط التحول، إنه أكاديمي وكاتب عمود، واسع الأفق، أممي لكنه لا يقع في فخ المركزية الغربية”.

  • يرجع الدكتور جميل إرتيم “تفاقم الأزمة الاقتصادية إلى جبهة فاشية تتكون من الانقلابيين ولوبي الفائدة بهدف التضييق على الرئيس أردوغان”.
  • ‏يوصف إرتيم بعدائه للفائدة حاله حال الرئيس أردوغان، وكتب كثيراً من المقالات عن أضرارها وأهمية محاربتها.
    يقول إن نموذجه الجديد القائم على أسعار الفائدة المنخفضة سيزيد الصادرات وتقليل الواردات.
    ●- نموذج اقتصادي جديد
    وقدّم عرضا للرئيس أردوغان حمل عنوان “النموذج الاقتصادي الجديد: الأسباب والفوائد” يركز على المشاكل الاقتصادية المزمنة التي واجهتها تركيا، ونجمت عن ارتفاع تكاليف الاقتراض وانخفاض أسعار الصرف.
    وتتمحور الرسالة الرئيسة التي قدمها وعرضها الدكتور جميل إرتيم حول الاستقلال الاقتصادي. ويؤكد العرض مراراً أن من المستحيل أن تكون مستقلاً اقتصادياً أثناء تنفيذ سياسة مالية قائمة على أسعار الفائدة المرتفعة أو توصيات صندوق النقد الدولي.
    ويشدد إرتيم على أن سياسة أسعار الفائدة المرتفعة أدت إلى حلقة مفرغة من انخفاض الصادرات، وانخفاض العمالة، وارتفاع الواردات، وتفاقم الديون الخارجية، وزيادة الاعتماد على الخارج، الأمر الذي يتطلب مرة أخرى أسعار فائدة أعلى وأعلى. ونتيجة هذا الوضع أن البلاد تعاني الآن عجزاً في الموازنة وارتفاعاً في الدين الخارجي، وهو وضع اقتصادي يفتح الباب أمام تعرض البلاد لهجمات اقتصادية خارجية.

المحور الثالث: الإجراءات التنفيذية المتخذة من الحكومة التركية خلال الأسبوع المنصرم.
1- أعلن الرئيس التركي آلية مالية خاصة وجديدة لمعالجة مشكلة المضاربات على الليرة التركية،
2 – تتحمل فيه الحكومة أعباء تقلبات سعر الصرف وتحفظ للمستثمرين و المدخرين أرباحهم. تقرر للمصدرين حماية من الفروق بين العملات.

3- إصرار الحكومة التركية على تخفيض سعر الفائدة المرتفع في تركيا، وتم اتخاذ قرار في تخفيض سعر الفائدة للبنك المركزي الى 14%، واعتقد من الحكمة والعلمية الاستمرار في خفض سعر الفائدة. واعتقد سعر الفائدة الممكن والمطلوب من وجهة نظر اقتصادية الوصول إليه لغاية 2013 ما بين 5- 6%. فيما بعد خفضها أكثر كما هو الحال في معظم الاقتصاديات المعاصرة، بهدف تشجيع النمو الاقتصادي والإنتاج والتشغيل لتقليل معدل البطالة وتوازن الميزان التجاري لتركيا، ورفع الاحتياطي النقدي في البنك المركزي.
4- خلال الأيام الماضية رفع الحد الأدنى للأجور حيث أصبح 4250 ليرة تركي، أي زيادة بنسبة 59%، والغاية من الزيادة عدم سحق العاملين بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم الذي حدث.
3- علاقة الثقة المتبادلة بين السيد أردوغان والشعب التركية ، والمصداقية المعروف بها الرئيس مع شعبه، هو عنصر مهم وحاسم في المعارك الكبرى. تجسدت هذه العلاقة في الأيام الأخيرة. حيث بلغت إيداعات الشعب التركي خلال الايام الاخيرة 1.5 مليار دولار في البنوك التركية. وتم إيداع أكثر من 28 مليار ليرة تركية في البنوك، وهذا يساعد في تخفيف الضغط على الليرة.
4- قدمت الحكومة التركية مبلغ 1000 ليرة تركية كتعويض عن الأضرار التي سببتها جائحة كورونا، استفادة من الاعانة 2 مليون أسرة فقيرة.
5- رفع رواتب المتقاعدين 1500 ليرة تركية.
6- اليوم تم إقرار زيادة لا تصدق على منح الطلاب الدراسية.٢
7- تم إلغاء الزيادات في الوقود.
8- ملاحظة (هناك في جعبة الحكومة التركية مجموعة من الإجراءات الأخرى لمواجهة أي نتائج غير مرغوبة (مثل عجز الموازنة) ممكن تعديل قانون الضرائب التصاعدية وخاصة رفعها على الأرباح والدخول المرتفع، وتخفيضها على حساب الدخول المنخفضة.
وأخيراً ؛ملخص القول يكمن في المثل العربي “جنت على نفسها براقش” بحيث أصبح من الممكن إعادة توزيع الثروة القومية لصالح الطبقة المتوسطة والعاملة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله بالرجال الشجعان أصحاب العلم و الإرادة
    هكذا يثبتون للعالم أن المسلم قادر على تنفيذ قوانين الإسلام ويهزم الأعداء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى