مقالات

“ملحمة”أستانا بجزئها السابع عشر ،وتستمر ملهاة الدم السوري !

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

منذ انطلاق ماراثون أستانا بجولته الأولى عاما2017وحتى الجولة الأخيرة في جزئها ال 17التي اختتم اليوم الجري فيها-اليوم في نور سلطان العاصمة الكازاخستانية أقول منذ ..وإلى..لم نلاحظ في أي جزء أي تقدم يذكر خلال المسيرة الماراثونية لهذا المؤتمر عبر أجزائه السبعة عشر.

فجميع أجزاء أستانا ونسخه العنوان الذي لم يتغير في أي من أجزائه و هو المماطلة والتسويف،والتأكيد المكرر لجميع البيانات الختامية التي سبقت المؤتمر الأخير وأظن التي ستعقبه أيضا لن تخرج عن هذا العنوان الذي لم يعد يغني، ولا يسمن، ولم يعد لها من قيمة عمليًّا فجميع البيانات الختامية” للأستانات” جاءت على ذكر هذه العناوين مثل: استقلالية ووحدة الأراضي السورية، إلى ضرورة العمل المشترك لمحاربة الارهاب وجميع أشكال الانفصال، إضافة لذكرها للدور المهم لعمل اللجنة الدستورية العتيدة والذي لم ير أحد أي نتيجة أو ثمرة لها منذ أن أنشئت.

كان من المقرر أن يناقش أستانا في هذه الجولة ثلاثة ملفات ملف المعتقلين، وملف عمل اللجنة الدستورية، وملف وقف إطلاق النار.
فملف عمل اللجنة الدستورية واجتماعهم الذي انغقد في الشهر الماضي في جنيف لم يخرج بشيىء المجتمعون فيه وعلى لسان غيرد بيدرسون المبعوث الأممي إلى سورية أن اجتماع اللجنة قد جاء خالي الوفاض من أي تقدم، وكانت نتائجة غير مشجعة على الإطلاق حسب بيدرسون. أما الملف الثاني وهو وقف إطلاق النار والذي أكد عليه غيرد بيدرسون قبيل انعقاد المؤتمر17من مقر الأمم المتحدة في نيويورك والذي أبدى تفاؤله من موافقة طرفي النزاع لوقف إطلاق النار معللا سبب تفاؤله هذا أن طرفي النزاع الفصائل الثورية وميليشيات النظام وطيلة 21 شهرا لم يستطيعا أيا منهما أن يتجاوز خطوط الآخر والأماكن التي يتحصن فيهما كلا منهماويرى بيدرسون أن كلا الفريقان المتحاربان وصلا لقناعة أن بقاء الحال على ما هو عليه من اللا حرب واللا سلم سيسببان بمزيد من المعاناة دون نتائج تذكر على الأرض لكليهما وهذا مادفع بيدرسون على إبداء تفاؤله.

المبعوث الأممي لسوريا غيرد بيدرسون لم يتمكن من الحضور لأستانا في جولته االسابعة عشرة لأسباب قيل عنها إنها أسباب فنية ،وهذا الغياب بلا أدنى شك ينم على أن بيدرسون عدم حضوره سواء أكان لأسباب فنية أو غيرها من الأسباب تنم أن حضوره أو عدمه سوف لن يقدم ولن يؤخر،وأن نتائج هذه الجولة ستكون كسابقاتها من الجولات، لأجل ذلك كلّف مندوبته السيدة خولة مطر لمتابعة المؤتمر نيابة عنه مع التأكيد لها أن تتابع ملف المعتقلين وضرورة أن تخرج من هذا المؤتمر بحل أو بخطوات تؤدي إلى الحل.

الذي يبدو ومن خلال تصريح الكسندر لافارانتييف مبعوث روسيا إلى سوريا لأحد القنوات أن ما طلبه بيدرسون لمفوضته بضرورة تفعيل ملف المعتقلين قد جرى نقاشه يؤكد ذلك تصريح بيدرسون أن ملف المعتقلين يشهد تطورا ملحوظا ولكنه شكك ببيانات المعارضة المتعلقة بعدد المعتقلين في سجون النظام السوري، فقد قال لافرانتييف أن العدد 980 معتقل لايمكن أن يكون معقولا نظرّا لعدد السجون الموجودة في سوريا. أما لجهةرحيل الأسد وتركيز المعارضة عليه فقد قال لافرانتييف إنه مطلب غير واقعي وقال إن على المعارضة أن تستيقظ وتواجه الواقع فلا بديل عن الأسد حسب المتطلبات حسب قوله.

ما قاله لافرانتييف يوضح وبشكل لا جدال فيه أن أستانا مهمته الإطالة والتسويف ليس إلا،ويأتي ضمن هذا العنوان أن عدد المعتقلين لايعقل أن يكون 980 ألف نظرا لقلة عدد السجون حسب رأيه، ونسي لافرانتييف أن عدد السجون التي يعرفها هي التي رآها والمصرح عنهاأما التي لم يراها وغير المصرح عنهافلا أحد يعرفها سوى جلاوزة النظام،والأمر الآخراللافت في هذا التصريح أن رافانتييف دعا المعارضة لأن تستيقظ من سباتهاوأن مسألة تركيزها على رحيل الأسد والانتقال السياسي الذي نص عليه القرار الأممي 2254 لايخدم متطلبات الواقع!!
أفبعد هذا القول ثمة قول؟ وماذا يريد من لازال يصر على حضور مؤتمرات أستانا التي بات يعرف من هو مبتدأ في السياسة وما يجري فيها أن أستانا ليست سوى مؤتمر عبثي لاطائل منه.

منذ أيام قليلة حدث تبادل أسرى بين من هم بيد النظام وبين أسرى بيد الفصائل الثورية، وكان المضحك في هذا التبادل العدد القليل جدا من الأسرى الذين أطلق سراحهم النظام والذين لم يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة هذا العدد القليل ربما هو ما دفع ب الكسندر لافرانتييف أن يستنكر عدد المعتقلين الذي أعلنته وتعلنه فصائل المعارضة.

ما يسجل لهذه “الأستانات” السابقةأنها دائما تنجح في تحديد موعد الجزء الذي سيليه،ومتى سيتم عرض بقية الملحمة،فهذا الجزء الأخير نجح هو الآخر في ضرب موعد للجزء 18 وهو منتصف العام المقبل بيدَ أنه أضاف إنجازا وإعجازا آخر لم يستطع إتيانه الذين سبقوه فهو لم يحدد الموعد بشكل دقيق وهو في أي يوم،وفي أي شهرمن منتصف السنة القادمة سيُعقد، بل ترك أمر تحديد الموعد حسب إجراءات ومعطيات كورونا، فقد جاء في البيان الختامي أن الأطراف في أستانا 17 قررت موعد عرض الجزء18 من أستانا وذلك في منتصف العام المقبل 2022 وربما جديد أستانا في هذا الجزء كما ذهب إليه البيان الختامي أن موعد أستانا القادم غير مقدس ولا موعد دقيق له وهو خاضع لإجراءات كورونا وتطوراته وتركه لمشيئته وإرادته وتركه للذاريات تذره!! شأنه كشأن الاجتماع الذي ستعقده الدول الضامنة مطلع العام المقبل في طهران دون تحديد تاريخ محدد له أيضا.

سبعة عشر جزءًا من ملهاة أستانا ،ولا زال من تصدر واجهة المشهد يأمل ما يأمل منها،وينتظر ما ينتظر والشعب السوري يدفع أثمانا باهظة جدا وعلى كافة المستويات سواء من كان في الشمال المحرر أو ممن يقطنون مناطق النظام ليستمر دوران أستانا من جزء لآخر وباستمراره تستمر ملهاة الدم السوري الذي ينزف..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى