مقالات

النووي الإيراني ومستقبل المنطقة!

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

انتهت مهمة آخر شاه لإيران ، الذي كان يعمل شرطيا للخليج العربي ، بتفويض أمريكي وجاء ( الإمام الخميني ) على طائرة فرنسية خاصة ، ليحل محل الشاه بصلاحيات أوسع بكثير مما كان يملك الشاه .
وكلنا شاهد أو تابع كيف لم يجد الشاه مكانا يؤويه ، حتى ولا الولايات المتحدة الأمريكية المشغل له وللكثير من حكام ( عرب) ، وفتح له السادات أبواب مصر لتحتضنه حتى وافته المنية ودفن بترابها .
هلل الإيرانيون للقائد الجديد الذي حمل معه ، الحصانة فيما سمي ( ولاية الفقيه ) ،اعتبر هذا العائد معصوما حتى ( ظهور المهدي) الغائب ، وحين قيل له أن السحة الإيرانية أضحت تحت تصرفه ، أجاب بأن ذلك أمر مفروغ منه ، ولكن العين على العراق وسورية ولبنان وغيرها
استعادة لمجد فارس .
وضع الخميني مشروع تصدير ( الثورة ) إلى دول الجوار نصب عينيه ، ومن بناء الفاشية الدينية ، في هرم السلطة ، وتكريس ( الدين الجديد ) تحت اسم التشيع ، وطرح شعارات استفزازية ضيقة ، مارس التقية السياسية تحت شعار تحرير القدس ، وسلم مبنى السفارة الإسرائيلية إلى منظمة التحرير الفلسطينية ، مستغلا ورقة القضية الفلسطينية ، لتكون
جواز سفره إلى قلب الأمة العربية ، وقنع بعض بسطائنا من القادة والحكام بهذه الخطوة ولم يدر أي منهم ماذا كان نظام الملالي الذي انشأه الخميني ، يخبئ لهم ولدولهم .
مات الخميني وخلفه ثعبان أخطر منه واشرس وهو الذي يتربع الأن علو عرش الشاه ( الخامنئي ) ، وكان هذا النظام منذ وصوله للحكم يؤسس للميليشيات ، ويضخ لها المال والسلاح ، وكان أول ما أسس هو حزب اللات في لبنان ، الذي إختطف الدولة اللبنانية ، وأضحى هو أقوى من الدوله .
من جهة أخرى انشأت الفاشية الدينية ، علاقات استراتيجية مع روسيا ، عقب سقوط الإتحاد السوفييتي وتفككه ، وتراجع الدور الروسي على الخارطة الدولية ، ومن هذه العلاقة دعم الفاشية للدور الروسي في حربه مع الشيشان ، مما جعل روسا تنخرط في مساعدة نظام الملالي ، وكان من ذلك تاسيس المفاعلات النووية ، في اتجاه واضح لرغبة إيران الملالي
امتلاك القنبلة النووية ، من اجل التكمن من السيطرة على منطقة الشرق الإوسط ، وامتلاك الرادع النووي لإخافة دول الجوار .
كما هو معروف فإن الكيان الصهيوني ، برغم علاقته المتينة بإيران ، إلا انه لا يسمح لأي من جواره ، امتلاك أسلحة خطرة على كيانه وطبعا ، السلاح النووي في المقدمه، وبدأت مفاوضات بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي ، وتحركت الشعوب العربية بمواجهة حكامها من أجل التغيير نحو الأفضل ، وكان الشعب السوري مع إخوانه في الدول العربية ، قد تحرك بمظاهرات سلمية مطالبا بالتغيير ، اسوة بباقي الدول العربية .
طبعا بعد أن تم تدمير العراق بالغزو الامريكي ، ومشاركة فاشية الملالي ،التي استلمت العراق مكافأة لها على ما قدمت من مساعدة في الغزو ، واستشهد أكثر من مليون من الإخوة العراقيين ، واستهدف العلماء بشكل خاص ، وسيطرت الميليشيات ، التي تدار من السلطة التي استولت على الحكم ، وبالتالي أصبح الطريق معبدا باتجاه الغرب .
مع هذه الثورة كانت المفاوضات بين الملالي وباقي الدول المعنية في الملف النووي وكان باراك أوباما هو الرئيس الأمريكي ، وجون كيري وزير خارجيته ، وقد خدعت الإدارة الامريكية ( القيادة السياسية ) للثورة وأطلقت التصريحات المويدة للثورة ، وهدد أوباما محذرا من استعمال السلاح الكيميائي ضد المدنيين واعتبر ذلك خطا أحمر .
استعمل المجرم بشار الاسد السلاح الكيميائي في الغوطة ،وقتل نحوا من ألف وخمسمائة شهيد معظمهم أطفال ونساء ، فماذا كانت النتيجه ؟ طبعا لا شيء ، واستثمرت الإدارة الأمريكية موضوع الثورة بمافيها الكيميايي من أجل التوقيع مع ايران على الإتفاق النووي ثم طلب أوباما طي ذكر الثورة السورية ، وبالتنسيق بين كيري ولافروف ، اعطيت إيران الضوء الأخضر لدخول سورية ، وهو ماكان ، كما دخلت روسيا الى سوريةَبطلب من إيران
وعاثتا ، كلتاهما خرابا وقتلا وتشريدا للشعب السوري حماية لعميلهما المجرم بشار .
بعد أن خرج ترامب من الاتفاق النووي ، ها هو الرئيس الجديد يدغدغ الإيرانيين للعودة إلى الاتفاق النووي ، بعد ان قطعت إيران شوطا في الإتجاه لصنع القنبلة النووية .
في المشهد العربي ، الذي أضحت دوله بين فكي كماشة صهيونية من المغرب على الاطلسي إلى الإمارات على الخليج العربي ، ويظهر من حين لآخر ناعقون ، يدفعون باتجاه التسليم لكيان صهيون ، والغرب عموما يدفع بإتجاه التطرف في محاربة الإسلام ( السني) والذي يشكل أكثر من ٨٥٪؜ من مسلمي العالم ، مما يصب في مصلحة الفاشية الدينية في إيران
لا بل وهي تسعى إليه وتحرض عليه وتشارك في تنفيذه .
وهنا أود ان اتساءل ، ماذا لو امتلكت إيران الملالي قنبلة نووية ؟
يمتلك كيان صهيون القنبلة النووية بل والعديد منها ولديه مفاعل ديمونا الفرنسي ، ولكن منذ امتلاكه لهذا السلاح إلا انه لم يستعمله ، وقد حصر صراعه حتى الآن ضمن فلسطين في حين ان الفاشية الدينية الإيرانية ، احتلت العراق وسورية ولبنان ، وقتلت وهجرت الملايين من الشعبين ، ومارست التدمير المجتمعي عن طريق نشر المخدرات والدعارة
والتغيير الديمغرافي وتخريب العقول ، وتصرح بين الفينة والأخرى أن هدفها بلاد الحرمين بعد انتهائها من اليمن .

في العالم العربي لا يوجد قيادة أو استراتيجية لصد هذا العدوان ، والغرب ، وربيبته إسرائيل لا يرون حرجا في ذلك شرط أن لا تمتلك إيران سلاحا نوويا أو ما يماثله بالقرب منها وطبعا فإن فاشية الملالي عينها على منطقة الشرق الأوسط ، البلاد العربية، وأما ألصهاينة فالعلاقة الإيرانية معهم علي ما يرام.
إن الخطر محدق في منطقتنا ، فهل سيستيقظ الحكام ، أم على قلوب أقفالها ؟!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا التعليق استكمال متواضع لمقال الأستاذ هيثم المالح حفظه الله فيما يتعلق ب (الخميني و إيران):
    كان شاه إيران تابعاً لبريطانيا حتى عام 1953حين حصل انقلاب عليه بتدبير ممن كان يسعى لوراثة الاستعمار الجديد و لذلك اضطر مع سيدته لمسايرة أمريكا من خلال صفقة ، ثم صار يعمل شرطيا على الخليج العربي لخدمة بريطانيا و أمريكا . بحسب مثل شعبي مصري ، أمريكا ” زي الفريك ما تحيبش شريك” لذلك اشتغلت على تجنيد عملاء إيرانيين في الخارج “مثلاً ضباطاً يتدربون عندها ” و الداخل “مثلاً رجال اقتصاد و كهنوت” . من ضمن الكهنوت كان (الخميني الهندي) الذي سار معها في مطلع الستينات . قرر الشاه حينها قراراً – اعترف فيما بعد بخطئه- و هو كما قال إبعاد الخميني نهائياً من إيران
    )I Gave Him One-Way Ticket(
    ذهب الخميني في نهاية المطاف إلى النجف في العراق و استقر هناك ثم بدأ بتأجيج مشاعر الإيرانيين ضد حكم الشاه ، و نضج العملاء و الشارع في نهاية السبعينات . كان صدام يريد بقاءه في النجف ، لكن الشاه –المتفق مع صدام على شط العرب حديثاً في حينه – طلب إبعاده من العراق ، و وافقت فرنسا على استقباله و تكفلت أمريكا بتكاليف الشقة التي سيقيم فيها هناك .
    مع زيادة تسخين و سخونة الأوضاع في إيران ، حصل أمر مفاجئ : حضر قائد القوات الأمريكية في أوروبا الجنرال “روبرت هايزر ” إلى مطار طهران من دون استئذان و توجه إلى قصر الشاه أيضاً من دون استئذان و طلب من الشاه مغادرة إيران فوراً – كما قال الشاه بنفسه – فغادر و هو يبكي في المطار . بالفعل لم يجد مكاناً يؤويه و رفضت أمريكا في البداية استقباله للعلاج من بدايات سرطان لديه ، ثم وافقت فكانت ((لعبة)) احتلال الطلبة للسفارة الأمريكية في طهران .
    كان الخميني الهندي أنسب من الشاه لأمريكا في (مشروع الشرق الأوسط الجديد) الذي تجري صناعته من خلال (الفوضى الخلاقة) بحيث تتحكم فيه الأقليات مع تقليل عدد المسلمين فيه “بالقتل ، بالارتداد عن الدين ، بالتهجير” .
    كان المطلوب منه : 1) نقل التشيع من مذهب إسلامي إلى دين جديد مختلف عن الإسلام فقام باختراع مفهوم “الولي الفقيه المعصوم النائب عن الإمام الذي في السرداب أو الإمام الغائب ” و اعتبار أنه يوجد في أئمتهم
    “من لا يدانيه نبي مرسل أو ملك مقرَب أي (كجبريل عليه السلام)” و أن ما يقوله الإمام أو الولي شرع و بالتالي لا حاجة لأخذ شرع من الكتاب و السنة إذا قال هؤلاء بشيء في موضوع معيَن .
    2) يجب أن يكون الدين الجديد فارسياً من حيث المرجعية ، و بالتالي ينبغي تشجيع النزعة القومية العنصرية الفارسية عند الجمهور مع العمل على إحياء الإمبراطورية الفارسية باستغلال “التشيع “.
    3) تصدير الثورة ” أي تصدير الخراب و التخريب لبلدان العرب خاصة و لغيرها” و كان المبلغ المرصود لهذا التصدير 16 مليار دولار سنوياً منذ عام 1979 و حتى هذا العام.
    4) أن تلعب إيران دور البعبع أو الفزاعة لحكام الخليج من أجل استحلاب الأموال منهم بحجة حمايتهم .
    5) إعداد حرس ثوري موازي للجيش و منافس له و مليشيات عابرة للحدود مع ضمان أن لا تعترض على العبور أية هيئة دولية بقرارات ملزمة .
    حين مات الخميني ، كان رجل إيران القوي هو الماسوني “هاشمي رفسنجاني” و هو الذي أوصل “خامنئي” إلى لقب آية الله – مع عدم استحقاقه لكونه لم يكن مجتهداً مطلقاً – و إلى منصب المرشد . علماً بأن خامنئي هذا هو أذري و ليس فارسياً تماماً بالضبط مثل الخميني الذي كان هندياً و ليس فارسياً .
    معلوم في السياسة الاستعمارية أن إعطاء شخص من أقلية منصب الطرطور الأعلى في بلد سيضمن أن يكون كلب حراسة مخلص للاستعمار إلى أبعد الحدود .

اترك رداً على كاظم صابر إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى