مقالات

حول البيان المهم الصادر من الجيش الوطني، والجبهة السورية للتحرير!

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب


((بيان هام وتوضيحي حول ما اشاعته بعض الصفحات الوهمية بأن قيادي في الجيش الوطني انشق باتجاه مناطق سيطرة قوات الأسد)).


لم يستوقفني ما نشر عن انشقاق القائد الميداني البطل الهمام (أبو مريم) عن الجيش الحر، وعودته إلى حضن الوطن سالما غانما بعد أن أدى الواجب، ونفذ المهمة بنجاح، لأنه صار أمرا طبيعيا بك أسف من السياسيين والعسكريين والثورين، والأخطر الردة التي يعيشها الكثيرون ممن كانوا يعبدون الله على حرف، وممن قهرتهم الظروف الصعبة التي لم يعودوا يطيقون لها صبرا، وما يحصل من انتكاسات ومصائب فيما كان محررا.
وأقولها صراحة أكثر: هذا الخبر أفرحني، وتمنيت أن يلحق به كثير من القادة الأفذاذ الذين صارت لديهم خبرة كبيرة في مجال تجارة السلاح والمخدرات وصناعتها، وعمليات التهريب والابتزاز والنهب والسلب والقمع والقتل والعمل المافيوي، والجريمة المنظمة، فضلا عن عمليات التخابر وتبادل المعلومات مع النظام، ومع الدول المانحة والراعية والممولة التي صنعتهم ومكنتم على حساب القادة الأشراف، ومع كل الجهات التي تعمل على إجهاض الثورة وقبرها وتدميرها والقضاء عليها، سواء كانت عربية أم غربية، محلية كانت أم إقليمية أم دولية..
لماذا أقول ذلك؟ لسببين: الأول أن النظام بحاجة ماسة لهذه الخبرات؛ لأن الكوادر والخبرات التي أنتجها النظام وينتجها تبتلعها صحراء تدمر، وأودية بادية الشام، وسهول الحماد، والدعم البشري القادم من وراء الحدود لم يعد كافيا، ولدينا فائض من القادة الميدانيين الذين تراكمت لديهم خبرات كبيرة في هذا المجال، على مدى عشر سنوات ونيف خلت، ولم يعد هناك قتال ولا حرب ولا تحرير ولا ثورة ولا هم يحزنون.. فمن الحرام أن تظل هذه المواهب معطلة، والإمكانيات محمدة، والنظام أولى بها؛ لأنه صاحب الفضل الأول عليها، وهو الصانع والمؤسس والمصدر والسباق في هذا المجال، ولا ينكر فضله وسابقته، ومن الوفاء والاعتراف بالفضل ورد الجميل العودة إليه، إن لم يكن كلهم، فجلهم على الأقل..
لقد ذكرني هذا البيان وما فيه من تفاصيل لعملية أمنية كبيرة مدبرة بليل، ذكرني بالعملية الفدائية المعروفة (21 ساعة في ميونخ) التي صورت بفلم سينمائي ممتع، وكانت عملية فدائية بطولية كبيرة هزت العالم، وذكرني بعملية تفجير إيلات الميناء البحري الصهيوني الذي كانت ترسو فيه المدمرة الصهيونية العملاقة، ومعها عدد من السفن الحربية الصهيونية، وصورت بفلم أيضا كان بطله الفنان الراحل عزت العلايلي، ومعه مجموعة من نجوم الفن المصريين المعروفين، وعملية الحفار، وغيرها.
كنت أتمنى على الشباب النشامى المرافقين للقائد المظفر أبو مريم البطل، تصوير بعض اللقطات الخطيرة، والمقاطع المهمة، والمشاهد المثيرة، لاسيما عند التماس المباشر مع العدو، والاشتباك معه، وتبادل البضاعة، على طريقة نبيل عمر عندما كان يقول نحن مع العدو الصهيوني في حالة اشتباك سياسي مستمر، والمعركة السياسية أخطر من المعركة العسكرية أحيانا كما يقول العبدة والبعرة والمسلط، وتبين لاحقا أنه تشابك مع ستيفي ليفني مجندة الموساد، ووزيرة الخارجية الصهيونية الجميلة..
كنت أتمني تصوير العملية وتوثيقها لتحويلها مستقبلا بفلم سينمائي أو تلفزيوني أو بث مباشر عند مرشح الرئاسة شرتح الذي غاب عنا منذ فترة ولم نعد نسمع له صوتا، ولا نشم له رائحة، وهل حصل على شهادة الدكتوراه من دكاكين إحدى الجامعات التي تبيعها بأسعار تفضيلية؟ أم مازال؟..
ولكن مع ألمي وحزني فإنني ألتمس لهم العذر؛ لأهمية الأشخاص الذين شاركوا بالعملية من الطرفين، وتنوع المواد المستخدمة، وثقل المواد المحمولة، وسرية المعلومات المتبادلة، وغلاء ثمنها، لاسيما أن الشباب يعيشون أزمة مادية خانقة بسبب توقف الدعم الخارجي، وتقاعس الدول بتقديم ما عليها من التزامات، وتعثر مفاوضات جنيف، وعدم حصول اختراق في اللجنة الدستورية بسبب كورونا والمتحور الجديد وارتفاع أسعار النفط، والحرب الأهلية الإثيوبية، وانشغال الإمارات بها وبانقلاب السودان، وانشغال قطر ببدء العد التنازلي لموعد كأس العالم، وبافتتاح كأس العرب، واحتفالها هي وبقية الحكام العرب، بعودة فريق المجرم بشار للمشاركة فيها، ورفع علم الدماء والدمار والخراب، وترديد نشيد المجرمين القتلة في مدرجاتها، ومنع علم الثورة من الدخول، وحظر رفعه في المدرجات، وربما سيصدر قرار بطرد وتسفير كل من يذكر الثورة بخير، وينتقد النظام، وكذلك عودة التصعيد والتوتر مع روسيا على الحدود الأوكرانية، ومشكلة اللاجئين في بيلا روسيا، وتأخر انعقاد الدورة الـ 360 لمؤتمر سوتشي وأستانا، وتدهور الليرة التركية أمام الدولار.
في ظني أن العملية فيها أرباح كبيرة، ورزم كثيرة من الدولارات، فتمت بسرية وبنجاح منقطع النظير، ودون خسائر تذكر، وبعملية فدائية بطولية نادرة قام بها القائد الفذ بمفردة وبسيارته ودون أن يستعين بالريبوت الذي صنع خصيصا للأمير الكويتي الذي بلغت كلفته 5 مليون دولار، وعملية الصيانة السنوية 1مليون دولار، وأعتقد أن بعض قادتنا الميدانيين الأفذاذ الذين يعملون ليل نهار على المعابر في جمع الأتاوات والضرائب والعمولات قد سجلوا على نسخ منه، وهم معذورون في ذلك، فعندهم فائض كبير من المال، وبعض العمليات تقتضي السرية وأخذ الحيطة والحذر، وأن يكون القائد بمفرده لأهميتها وخطورتها كما حصل مع بطلنا الهمام أبو مريم.
يبدو أن هناك عمليات كثيرة تجري في الخفاء بسرية تامة، ولا حس ولا خبر، لكن تأخر عودة القائد، وعدم توفر المبلغ المطلوب كاملا أخر العودة، وقلق الزملاء الأبطال شركاؤه السريون في العملية، فضح المستور، مع وجود الحساد والعذال والمنافسين والمضاربين من القادة المبغضين، أو أن بعض المشاركين بالعملية الذين لم يحصلوا على نصيب منها سرب الخبر، وهذه تحصل في أرقى المافيات العالمية..
المهم أن القائد عاد سالما غانما، وتمت العملية بنجاح، وبأرباح، ودون خسائر تذكر، وأحسب أن السرادق سينصب، والذبائح ستذبح، ويحضرها عدد كبير من شيوخ العشائر، وكثير من قادة الفصائل، وبعض القادة الثوريين الذين صاروا يلهثون خلفهم، ويعملون عندهم، وقد يحضر رئيس الائتلاف سالم المسلط نفسه مهنئا، وهو صاحب واجب بها وبغيرها، وقد يحضر معه أنس العبدة والسيد البعرة، وقد يمنحه سالم وساما رفيعا، وسيفا بتارا، وشهادة دكتوراه فخرية.
وعاشت ثورتنا المجيدة، وعاش ثوارنا الأبطال، والرحمة للشهداء، والله يعين أهل المخيمات والنزوح والتشرد.
وبالمناسبة فإنني لم أشاهد حلقة الاتجاه المعاكس بين الرحال والدغيم التي كانت سيلا من الفضائح المخجلة كما سمعت، وقد سمعت نقدا لاذعا للطرفين ممن شاهدها..
أرجو ممن ينشر مثل هذه البيانات أن يدعمها بالصور والوثائق لأهميتها مستقبلا، فالأجيال القادمة بحاجة لتسمع بطولات أجدادهم الذين سرقوا الثورة وخانوها وتآمروا عليها، وباعوها بثمن بخس..
ملاحظة: أنا أنتقد صيغة البيان الركيكة، وما تضمنه من ثغرات توحي بأشياء كثيرة لأي قارئ له، مهما كانت ثقافته وخبرته العسكرية محدودة، فضلا عن أن يكون ضابطا كبيرا، أو خبيرا أمنيا.
وحقيقة الأمر أني لا أعرف الرجل، ولم ألتق به، وربما يكون خيرا مما نظن، ولكني أعلق على البيان المهزلة، وأرثي الحالة التي وصلت إليها ثورتنا، والوضع البائس الذي أوصلنا إليه من تصدى لقيادتها سياسيا وعسكريا بكل أسف…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى