حقوق وحريات

قوى الثورة ليست معارضة مسلحة

المحامي عبد الناصر حوشان

عرض مقالات الكاتب

تعريف الجماعات المسلحة : عرف البروتوكول الثاني الإضافي لاتفاقيات جنيف لعام 1949 الجماعات المسلحة من غير الدول على أنها “قوات مسلحة منشقة أو جماعات نظامية مسلحة أخرى” تقاتل قوات مسلحة نظامية أو تقاتل بعضها بعضًا على أرض دولة أو عدة دول.
حركات التحرر الوطني والمقاومة :
أعطت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، مشروعية حق الدفاع عن النفس، و أقرّ القانون الإنساني منذ 1977 وضعًا خاصًّا لحركات التحرير الوطنية التي تقاتل الهيمنة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والأنظمة العنصرية في ممارسة حقها في تقرير المصير. ويشبه البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949 تلك الأوضاع بالنزاعات المسلحة الدولية ويسمح بمنح أعضاء تلك الجماعات وضع المقاتل إذا حملوا السلاح علنًا واحترموا قوانين الحرب.
وشدّد العهد في الجزء الأول على «حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها، وحريتها في العمل لتحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي». وأوجب العهد الالتزام بعدد من الحقوق في جميع الأحوال، وفي كلّ زمان ومكان، ومن هذه الحقوق: ” الحق في الحياة، الحق في عدم الخضوع للتعذيب، أو المعاملة غير الإنسانية، أو المهينة، وحظر الرق “.
القرار الدولي رقم 2625 تاريخ 24/10/1970 أشار إلى حق تقرير المصير بقوله «لجميع الشعوب وبمقتضى تساوي الشعوب في حقوقها، وحقها في تقرير مصيرها، الحق في أن تحدّد بحرية ودون تدخل خارجي، مركزها السياسي، وفي أن تسعى بحرية، إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

أهمية التفريق بين مفهومي الجماعات المسلحة وحركات التحرر الوطني والمقاومة :

  • تكمن القضية الأساسية في تحديد وضعهم. حيث أنه لم تقبل الدول بمنح أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول وضع المقاتلين في صكوك القانون الإنساني. ولذلك فهم يتمتعون بوضع ذي طبيعة مختلطة ويبقون خاضعين للولاية القضائية للقانون المحلي للدولة التي يقاتلونها، والتي تعتبرهم مجرمين.
  • على النقيض من أعضاء حركات التحرير الوطنية في النزاعات المسلحة الدولية، لا يمكن أن يتمتع أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول في النزاعات المسلحة غير الدولية بوضع أسرى الحرب إذا أسروا (اتفاقية جنيف 3، المادة 4).
  • البروتوكول الإضافي الثاني لا يعطي أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول وضع المقاتلين. ولهذا السبب، لا تجد تلك الجماعات أي حافز قانوني لتفريق نفسها عن السكان وحمل سلاحها علنًا خلال القتال. وبالتالي فهي تنتمي إلى الفئة التي تنص عليها المادة 13-3 من البروتوكول الإضافي الثاني التي تتعلق بالمدنيين الذين يشاركون مباشرة في العمليات العدائية. وهكذا فهم يفقدون الحماية كمدنيين خلال مشاركتهم في عمليات عدائية. ويعني هذا أنه خلال هذه الفترة من الوقت يمكن مهاجمتهم وأسرهم. علاوة على ذلك، يمكن احتجازهم واستجوابهم ومحاكمتهم وإدانتهم أمام المحاكم الوطنية بسبب مشاركتهم في العمليات العدائية. وهذا البند ذو أهمية حيث يعكس المشاركة العفوية والمؤقتة للمدنيين في أنواع معينة من العمليات العدائية مثل الثورات أو حركات التحرير. غير أن تطبيق هذا البند أشد صعوبة على أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول الذين يقومون بمهام قتال متواصل. ويكمن الخطر في خلق حيلة قانونية قد تعرض للخطر فئة المدنيين بأكملها. ولهذا السبب تفرق التوجيهات التفسيرية حول مفهوم المشاركة المباشرة في العمليات العدائية التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 2010 بين المدنيين الذين يشاركون في العمليات العدائية وأعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول الذين يقومون بذلك.
  • المسؤولية الجنائية الفردية لأعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول:
    نظرًا لكون أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول غير مؤهلين للحصول على وضع المقاتلين الذي يكفله القانون الدولي الإنساني فهذا يجعلهم عرضة للمحاكمات أمام المحاكم في دولتهم. وبرغم ذلك، ينبغي عدم الخلط بين ذلك وبين الاتهام بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أمام المحاكم الدولية. وهكذا يمكن محاسبة الأفراد جنائيًّا عن جرائم الحرب التي يرتكبونها (القاعدة 151) ويمكن تحميل القادة وغيرهم من الزعماء المسؤولية الجنائية بالتساوي عن جرائم الحرب التي ترتكب نتيجة لأوامرهم (القاعدة 152).
    تختص المحاكم الجنائية الدولية الخاصة والمحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة أعضاء الجماعات المسلحة من غير الدول عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال الإبادة الجماعية شريطة توفر جميع المعايير القضائية.
    هذه الأحكام تنعكس على التوصيف القانوني للثورة والثوار وتحيلهم من ثوار يسعون الى استرداد حقوقهم من نظام دكتاتوري فاقد الشرعية الى متمردين منشقين عن النظام وبالتالي فهم عرضة لتطبيق القوانين الوطنية بجرائم ” الخيانة والتجسس والتآمر على الدستور والمؤامرة لقلب نظام الحكم ، وقوانين الإرهاب ، وقانون العقوبات العسكري الذي يعاقب على الانشقاق بعقوبات تصل الى الإعدام ، عدا عن جرائم الفرار الداخلي والخارجي والفرار بمؤامرة والفرار أثناء المعركة وغيرها من الجرائم . ويعاقب على هذه الجرائم بالإضافة الى العقوبات الجنائية المشددة بعقوبات الطرد والعزل والتجريد من الحقوق المدنية والعسكرية ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة .
    أي أن كل الضباط الثوار المنشقين سواء كانوا في فصائل الجيش الوطني او خارجه او في دول اللجوء هم مجرمون جنائيون وتطالهم أحكام القوانين الوطنية .
    لذا وجب التحذير من خطورة تمرير مصطلح ” المعارضة المسلحة ” او الجماعات المسلحة لما يترتب عليه من آثار قانونية خطيرة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى