تحقيقات

هل فقدت هونغ كونغ مكانتها كمدينة دولية؟

ياي تشين  (Yi Chen)خبير في شؤون منطقة هونغ كونغ

المقدمة

أعلنت منطقة هونغ كونغ عن نيتها إعادة فتح الحدود بين منطقتي هونغ كونغ والصين بالقريب العاجل، ولكنه لهذا الانفتاح مشكلة واحدة، إذ أنه في اتجاه واحد، أي إلغاء الحجر الصحي للقادمين من الصين وليس للقادمين في الاتجاه المعاكس. أما بالنسبة لبقية القادمين من دول العالم، فإن الدخول على هونغ كونغ أصبح أكثر تعقيداً ويفتقد للسلاسة أو المرونة.

قوانين وعوائق للسفر إلى هونغ كونغ في عالم (Covid-19)

جاء إعلان الرئيسة التنفيذية لمنطقة مكاو السيدة/ كاري لام يوم 5 نوفمبر عن توقعها بفتح الحدود مع “الصين” بنطاق واسع بحلول شهر فبراير القادم. وبالرغم من ذلك، وقبل أكثر من أسبوع بقليل، في 26 أكتوبر، أعلنت تلك الرئيسة التنفيذية أيضاً إلى أن الزائرين من خارج الصين سيكون لديهم قيود أكثر صرامة لدخول هونغ كونغ.

تحتفظ منطقة هونغ كونغ بواحدة من أقسى درجات الصرامة في سياسة دخولها في عالم (Covid-19) على المستوى الدولي، حيث يخضع كافة القادمون “تقريباً” للحجر الصحي الإلزامي في فنادق مرخصة ولمدة تتراوح ما بين 14 إلى 21 يوماً حسب فوراق الشروط المعينة للدول التي قدموا منها. وتم إلغاء استثناء لبعض المسافرين، مثل الدبلوماسيين وكبار رجال الأعمال حسب القوانين الصادرة من إدارة الصحة في المنطقة.

ليس غريباً أن تعطي منطقة هونغ كونغ الأولوية لفتح حدودها مع الصين على بقية العالم على هذا النحو، وتعزز كاري لام التصور الذي بدا واضحاً منذ منتصف عام 2020 بأن منطقة هونغ كونغ هي الآن مدينة صينية، وليست كما اعتادت مدينة دولية. ويدفع هذا التصور إلى نتيجة مفادها أن هونغ كونغ أصبحت أقل جذباً للشركات متعددة الجنسيات. نشطت العديد من مدن منطقة جنوب آسيا لسد الفجوة التي اختلقتها الحكومة سواءً المركزية منها في الصين أو المحلية في هونغ كونغ بجلب العديد من الشركات العالمية الاستثمارية منها والتجارية، وبدأت منطقة هونغ كونغ تُصدر “فرمانات” وقوانين مستوحاة من حكومة بكين ذات الصبغة الشيوعية مع صبغة مسح نمط الحريات التي كانت هونغ كونغ تعرف بها على كافة الأصعدة. وخصوصاً بعد أن فرضت الصين قانون الأمن القومي في المدينة.

كيف سيطرت الصين على القيادة المستقلة في هونغ كونغ؟

بعد سلسلة من الاحتجاجات المدنية في هونغ كونغ والمناهضة للحكومة المحلية التي بدأت عام 2019، استشعرت الصين خطر المظاهرات يقترب من أبوابها، وبدأ تأثير الخطر خاصةً بعد انتشار بعض المظاهرات المدنية والقريبة من هونغ كونغ مثل مدينة الإلكترونيات شينزن ومدينة غوانغزو الصناعية.

أصدرت الصين على أثرها أوامر وتهديدات على هونغ كونغ بهدف كبت المظاهرات والمدعومة من الإعلام الدولي دون فائدة. حتى أصدرت قانون الأمن القومي الصيني المفروض على مواطني هونغ كونغ الذي يخول لسلطات الأمن باعتقال أي فرد يشتبه به بأنه يهدد أمن الصين. كما يسمح للسلطات بمنع أي تظاهرات أو تجمعات. وتم حل منظمات وأحزاب المعارضة البارزين أو طردهم إلى الخارج، وكذلك تم إسكات المنادين بالحرية ومنع المطبوعات والصحف المعارضة مثل صحيفة (Apple Daily) التي تم سجن مؤسسها. تم تأجيل الانتخابات المحلية، ومداهمات ضد مجموعة من الشخصيات المعارضة، والتصدي لكبح الخارجين عن القانون، والمشرعين المتعاطفين مع الاحتجاجات المحظورة من البرلمان أحادي المجلس، بينما استقال باقي أعضاء المعارضة خوفاً من عواقب الاعتقال أو الإختفاء.

فرض على المجلس التشريعي حزمة إصلاحات للانتخاب المفروض من الصين الذي أدى إلى استحالة جمع السياسيين والمرشحين الحرار التجمع أو الاستمرار لبناء الزخم من خلال تقليل عدد المشرعين المنتخبين مباشرة والحكم على أن “الوطنيين” الذين تم فصلهم بالسجن.

تمس هذه الإصلاحات المفروضة جوانب الحياة اليومية في المجتمع. وفي أواخر شهر أكتوبر 2021، أصدرت حكومة هونغ كونغ قانوناً جديداً للرقابة على الأفلام من شأنه أن “يحمي الأمن القومي”. وسيطرت الرقابة الذاتية على منطقة هونغ كونغ بالفعل بسبب الاعتقالات خارج نطاق القانون وتسليم العديد من بائعي الكتب السياسية في هونغ كونغ و(المحظورة داخل الصين). ومعه انتقل هذا المناخ السلطوي إلى التعليم، إذ أنه يمكن فصل المدرسين في حال الشك بأنهم “مخربين”، في حين يجب أن تخضع كافة المواد التعليمية للرقابة وفرض تعليم مواد “الأمن القومي والولاء للصين الكبرى” من أجل ضمان منهج وطني ويبدأ من سن السادسة من العمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى