سياسة

تفتيش المفتشين!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب


ونحن على مقربة من انعقاد جولة أخرى من المفاوضات بين دول “الخمسة زائد واحد ؛والحقيقة أنّها بين أمريكا وإيران” حول برنامج إيران النووي، وفي هذا التوقيت، صدر بيان عن خبراء وكالة الطاقة الذرية
شكا فيه مفتشو الوكالة -خاصة المفتشات- من المضايقات التي يتعرضن لها من قبل الحرس الإيراني أثناء قيامهم بزيارات المواقع الإيرانية التي تتعلق أنشطتها بإنتاج مادة اليورانيوم المخصّب اللازم لتصنيع القنبلة النووية، وأن هذه المضايقات ترقى إلى مستوى التحرش الجنسي!
وفي تقريرها الأخير- تقرير وكالة الطاقة الذرية – قال خبراؤها: إنّ إيران منعتهم من متابعة مهمتهم بشكل طبيعي مما يشير إلى أنها غير راغبة في الاستمرار للتوصل إلى اتفاق جديد مع الوكالة أو العودة إلى التزاماتها السابقة، لا سيما بعد أن بدأت تصريحات الخبراء الإيرانيين ومندوبيها تأخذ شكل التهديد والوعيد، وبأن مفاعلات إيران النووية باتت قادرة خلال أسابيع، وربما أيام معدودة، من تصنيع القنبلة النووية، وأن لديها الكمية الكافية من اليورانيوم عالي التخصيب المطلوب لإنتاج هذه القنبلة .
تقرير الوكالة وشكوى مفتشيها، وتصريحات الإيرانيين بلسان قادتها، من أنهم لم يعودوا بحاجة لإتفاق حول برنامجهم النووي، وأن على العالم أن يتعامل مع دولة “الولي الفقيه” بشكل مختلف عن السابق، وأن إيران باتت قوة فاعلة ولها مكانتها بين الكبار، ولابد للكبار من أن يحصصوها في كل قسمة يقتسمونها في الإقليم الشرق اوسطي، وأن يكون لها النفوذ والهيمنة بما يتناسب مع قوتها، وما تمتلك من أسلحة الدمار الشامل!!
لم تعد هذه التصريحات خافية ومستترة ، ولم يعد لدى الإيرانيين ثمة حرج من الإدلاء بها، في زمن يسوده منطق القوة وشريعة الغاب، وأن منطق “حق القوة ” هو الساري وهو السائد، وان منطق “قوة الحق” هو الغائب وهو البائد!
يبقى لنا أن نتساءل عن سر انبعاث إيران وكيف تعملقت و تجبرت وتمددت خلال ثلاثة عقود من الزمن، بعد أن خرجت محطمة منهكة إقتصادياً وعسكرياً جرّاء حربها مع العراق؟ وهل كانت غائبة عن أعين الأمريكان والصهاينة والدول الغربية خلال هذه الفترة ، لتتفلت من القيد والمحددات المرسومة لدول المنطقة؟ أم أن ما توصلت إليه هو برضى هؤلاء وبرعايتهم؟ هل عادت إيران شرطياً للمنطقة كما كان حالها في زمن الشاه، وأن الشاه عاد من جديد يتخفى بزي الولي الفقيه؟ وأن العمامة واللحية والمسبحة هي من مستلزمات الدور الجديد؟ وهل يافطة “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل” هو عنوان المسرحية الأكثر جاذبية للمشاهدين ؟؟
أسئلة نتمنى من الزعماء والقادة العرب الإجابة عنها، إذا لم يكن هناك ثمة من حرج لهم وهم يتبوّأون قيادة أمة العرب ،وهم المسؤولون عن مصير شعوبها، ونذكرهم بما حدث
منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود -عام 1988- حين انتهت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران، حينها خرجت إيران منها محطمة مهزومة، وخرج العراق منها متماسكاً مقترباً من الانتصار، فلماذا أصبح المهزوم جباراً ومعربداً يصول ويجول في العراق وفي عموم المنطقة؟ ولماذا أصبح المنتصر مهشماً مفككاً تصول وتجول في وطنه ميليشيات الحرس الثوري الإيراني ، وتضع له قادة أتباعاً لها، وترسم له سياسته ومستقبله؟
ربما يكون السؤال محرجًا، ولكن لا بد منه!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى