تقارير

منظمات المجتمع المدني في سوريا…النشأة والتحديات والإنحازات مع الدكتور خضر السوطري

باسل المحمد – مدير الأخبار


يقاس رقي وتطور الدول الحديثة بما تحتويه من مؤسسات العمل المدني والتطوعي، إذ تعمل هذه المؤسسات على دعم وتنمية هذه المجتمعات بجهود خيرية تطوعية بعيدة عن سلطة الدولة وراقبتها. لذا تقل هذه المؤسسات بالوطن العربي، وفي سوريا بالتحديد برز في سنوات الثورة عدد من الشخصيات التي أبدعت في هذا المجال، من أبرزهم الدكتور خضر السوطري. يحمل دكتوراه في العلاقات الدولية ابن مدينة حمص، والتي هجرها في بداية أحداث الثمانينات، وتنقل بهدها بين عدة دول أوربية، ليلبي نداء وطنه ويعود إليه في انطلاق ثورة السورية عام 2011. ليعمل على بناء مؤسسات العمل المدني في سوريا، وهو حالياً مقيم في تركيا ويعمل مديراً عاماً لمنظمة (عدل وإحسان)، إضافة إلى عمله كأميناً عاماً (لاتحاد منظمات المجتمع السوري)، وقد تحدث الدكتور “السوطري” عن هذا العمل وتطوره والتحديات التي واجهته في حديث لقناة وطن.
أهميته:
قبل البدء بالحديث عن العمل المدني وما مرَّ به من تحديات وما حصله من إنجازات، يتحدث الدكتور السوطري عن أهمية العمل المدني بشكل عام إذ يقول: يعتبر العمل المدني ثالث ركيزة تقوم عليها الدول بعد القطاع المدني والقطاع الخاص، وله أهمية دينية وأخلاقية، واستشهد الدكتور السوطري بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «لأن تمشي في حاجة أخيك فتقضيها خير من اعتكاف أربعين ليلة في مسجدي هذا»، وفي رواية ابن عباس: «خير من اعتكاف أربعين سنة»، فهذا دليل عل أهمية هذا العمل الإنساني.

النشأة:
يصف الدكتور “السوطري” العمل المدني في سوريا أنه بدأ من الصفر، إذ لم يكن في سوريا أي عمل من هذا النوع بسبب السيطرة الأمنية والمخابراتية لنظام الأسد (الابن والأب) الذي كان يمنع تشكيل هكذا جمعيات، ولم يرى هذا العمل النور إلا بعد انطلاقة الثورة السورية، ويضيف إن أول مؤتمر الأول لمجمعيات العمل المدني عقد في الشهر الأول عام 2012 في تركيا وضم 30 منظمة سوريا، تمثل مختلف قطاعات المجتمع كالشباب والنساء والعشائر.
التطور:
يتحدث الدكتور “السوطري” عن عملية تطور هذه المنظمات، والتي بدأت أولاً بالتخصص، إذ كانت تعمل المنظمة الواحدة في كل الاختصاصات الطبية والعملية والمالية وغيرها، ولكن بعد سنتين من التجربة والخبرة ازدادت هذه المنظمات لتصل إلى 160 منظمة في عام 2014، واستمرت عمليات التطوير والتخصص حتى وصلت في عام 2016 إلى 600منظمة، ويضيف “السوطري” أن العملية لم تقف عند هذا الحد، إذ تم تأطير هذه المنظمات ضمن سبع اتحادات، لتقوم بعده منظمتنا (منظمة عدل وإحسان) بتجميع كل هذه الاتحادات ضمن رابطة واحدة سميت “رابطة الشبكات”، والتي عملنا جاهدين بعدها لربطها في منظمة الأمم المتحدة، وقد حصلت هذه الرابطة على الاعتراف الدولي بها وشاركت في العديد من المؤتمرات الدولية حول سوريا في جنيف وبروكسل وغيرها من المؤتمرات السياسية والإنسانية.
التحديات:
يشير الدكتور السوطري إلى أن أبزر التحديات التي واجهت العمل المدني في سوريا هو عدم وجو أرضية لهذا العمل، وجهل الناس به عموماً بسبب القبضة الأمنية النظام الأسد والذي طمس كل معالم الحياة المدنية في سوريا، ولهذا يقول “السوطري”: اضطررت إلى الذهاب لمصر ولندن والعديد من الدول الأوربية، وأتيت بمدربين ليشرفوا على تدريب الكوادر السورية، لأننا انتقلنا في هذا العمل من طريقة الدكاكين على مستوى جمعيات ومنظمات عالمية تحتاج إلى الشفافية المالية، والخبرة والشفافية، ويضيف: إنني كنت أدرب كل سنة أكثر من 1500 متدرب.
أما التحدي الثاني فهو تجفيف منابع الدعم المادي لهذه المنظمات في السنوات الأخيرة من الثورة السورية حتى تقلص عددها من 2000 منظمة إلى 600 منظمة فقط، ويكمن التحدي الثالث الناحية الأمنية، إذ إن نظام الأسد المخابراتي يلاحق هذه المنظمات ويعمل على اختراقها
الإنجازات:
وحول الإنجازات التي حققتها هذه المنظمات يقول الدكتور السوطري: إن ما حققته منظمات العمل المدني في سوريا خلال سنوات الثورة يعتبر إنجاز، رغم كل العوائق التي واجهتها،. ويضرب “السوطري” مثالاً على هذه الإنجازات، منها على مستوى التعليم “منظمة مداد” التي بنت الكثير من المدارس والجامعات في الداخل السوري تحت إشراف الحكومة السورية المؤقتة، ومن هذه المنظمات العاملة في التعليم استطاعت إحدى هذه المنظمات وهي منظمة “سنا” تحقيق المركز الأول عالمياً في التعليم الرقمي، من خلال استخدام التقنيات الحديثة لتنظيف المدارس السورية من كل كلام فيه تمجيد لطاغية أو مستبد.
ويختم الدكتور السوطري حديثه بأن العمل المدني استطاع رغم كل شيء إضاءة جانب مهم من الثورة السورية، وأكد أنهم مستمرون في جهودهم الإنسانية رغم كل التحديات الاقتصادية والأمنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى