مقالات

لتستعيد سورية دورها في حماية الأمن القومي العربي !

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي
عرض مقالات الكاتب

استمعت إلى تصريح السيد سامح شكري وزير الخارجية المصرية، بشأن عودة العلاقات مع عصابة الأسد، وتأملت ثناياه، استمعت إلى خطاب يحاول أن يتعقلن، وأن يوظف المقولات السياسيية المدورة في خدمة لحظات استراتيجية ضيقة وصعبة حاسمة في تاريخ هذه الأمة..
نحن – السوريين- على يقين أن كل الساسة العرب يدركون حقيقة، عصابة الأسد، كما يدركها كل السوريين الأحرار. وأنه مهما تكن تعاملات الحكومات أو الأنظمة العربية مع العصابة الأسدية، فإنه يبقى دائما – كما يقول أهل السياسة- للحكومات ضروراتها وللشعوب خياراتها .
وفي أرشيف المخابرات المصرية، كما في أرشيف الخارجية المصرية ، الكثير من الحقائق عن الدور الوظيفي لحافظ أسد وخلفه، منذ شكل حافظ الأسد مع صلاح جديد، ومحمد عمران اللجنة العسكرية على أرض مصر ..ولا شيء من هذا يخفى على السيد سامح شكري نذكره به.
نتوقف في تصريح الوزير شكري عند قوله: وأن تعود سورية إلى القيام بدورها في حماية الأمن القومي العربي! فعن أي دور يتكلم السيد الوزير؟
وحين نكلم وزير خارجية دولة في حجم مصر، لا يجوز أن نلقي الكلام عبارات من فوق الأساطيح، بل نتطلع إلى رؤية سياسية شفافة وعملية، يفتح ملفات التاريخ الدبلوماسي لنواجه الحقيقة التاريخية المرّة التي يبكي البعض عليها، أو يتباكى، ولتعرف الدول العربية، حكومات وشعوبًا، ما حقيقة الدور الذي لعبه حافظ الأسد وبشار الأسد في حماية ” الأمن القومي العربي” عبر تاريخه المرير؟!
المصريون الرسميون على علم تام بما جرى في السابعة والستين، وقيل أكثر من مرة وفي قمم عربية: إن الجولان السوري قد تم بيعه؛ قالها مرة الملك السعودي الراحل فيصل رحمه الله، وكررها كثيرًا الرئييس المصري محمد أنور السادات، من موقع المسئولية في الرئاسة المصرية.
وكذا كل الأشقاء العرب على دراية بما جرى في الثالثة والسبعين ؛ وفي مدريد وما بين يديها وما خلفها! وكذا..الملك الأردني الراحل الملك حسين رحمه الله كان في لحظات تاريخ حاسمة قد قرر أن يتجاوز كل الخلافات الإيديولوجية مع ما كان يسمى حزب البعث، وينسق مع سورية الدولة، المتمثلة في حافظ الأسد يومها، وكنا في سورية يومها حين سارت عمليات التنسيق والتوحيد في خطا متقاربة لإنشاء علاقة جديدة، ووصل الإنجاز إلى حد توحيد المناهج الدراسية في المرحلة الأولى بين البلدين، ثم فوجئ الملك الراحل في لحظة صعبة؛ أن حافظ أسد وبينما هو يزاود على العرب بشعار ” التوازن الاستراتيجي” النسخة اللاحقة للصمود والتصدي، كان يتآمر مع الصهاينة مباشرة على الأردن – كل الأردن – الدولة؛ الحكومة والشعب والأرض..
وتلا ذلك المحاولة المؤسفة المكشوفة لمحاولة اغتيال رئيس الوزراء الأردني الأسبق”مضر بدران . وعلى أرض الأردن ذاتها. وكُشفت العصابة، وبث اعترافاتها على الهواء مباشرة ! وما في ملفات التاريخ الدبلوماسي من تآمر عصابة الأسد على الأردن وشعبه أكثر مما لدينا الكثير ..هذا هو دور حاكم دمشق في حفظ الأمن القومي العربي.
وكان من أبرز الأدوار التي قام بها مجرم العصر حافظ الأسد وابنه بشار من بعده الحرب، الأهلية التي قادها المجرمان خلال ثلاثة عقود في لبنان.

كثيرون يظنون أن الحرب الأهلية في لبنان انتهت في الطائف! في حقيقة الأمر فإن بشار الأسد ومن خلال الأداة الجديدة التي أسسها أبوه من قبله في لبنان ما زال كما كان أبوه من قبل، يتسلطون على لبنان، ويجعلون أعزة أهله أذلة ..
وثمرة الثمرة فيما قدمه حافظ الأسد لمشغليه في لبنان، أنه أبعد المقاومة الفلسطينية عن لبنان، وأخرج ياسر عرفات وخليل الوزير وكل شرفاء فتح من القيادات الأولى عنه، وجعل المخيمات الفلسطينية أقرب إلى السجون والمعتقلات،..ثم اغتال وظل يغتال ” أكبر راس في لبنان” عبارة بشار الأسد للرئيس رفيق الحريري في آخر لقاء جمعهما، وفهمها الرئيس الحريري وقال للذين يثق بهم : إنه يهددني بالقتل..هذا هو دور حاكم دمشق في حفظ الأمن القومي العربي، يا معالي الوزير
ومنذ 1980 وقيام حكم الولي الفقيه في طهران، انحاز حافظ الأسد على بساط طائفي إليه، وأخذ يعمل ساعيا عند الإيرانيين ، سمسارا يقامر ويناور ويبتز القادة العرب، في الخليج العربي وكل هؤلاء أعلم بما نقول منا!
قريبًا من عشر سنوات من الحرب الطائفية الظالمة التي شنها الخميني على العراق العربي، كان حافظ أسد ” القومي العربي” مع الشعوبي الأعجمي! كثير من قصار النظر ظنوا تلك الحرب حرب العراق على إيران، ولكنها في الحقيقة الأحق كانت حرب إيران الأعجمية الطائفية الحاقدة على العراق العربي، وعندما عجزوا عن مواجهة العراق العربي في الميدان، لجؤوا إلى ما رأينا وعاينا، ودائما كان دور حافظ الأسد في معادلة معارك الأمة الكبرى محفوظًا ومعلومًا …هذا هو دور حاكم دمشق في حفظ الأمن القومي العربي يا سيادة الوزير..
ومنذ قام نظام العصابة في دمشق في العقد السادس من القرن الماضي، تحولت سورية ولبنان إلى مزراع للمخدرات، وضجت المنطقة العربية ودول العالم أيضا بالشكوى، الحشيش وبقية القائمة السوداء أجمل استثمار،. وإذا كان الأسوياء من البشر يزرعون ما ينفع الناس، فإن البشر المشوهين ينزعون إلى زراعة ما يثمر الشر أقرب ! وبزراعة وتصدير المخدرات تحكم دائرة الشر أطرافها، وتغلق على ضحاياها.

المخدرات تفتك في بنيان الدول، وهو في الوقت نفسه يجلب المال، الذي يعين على التمويل والتجنيد لتنفيذ المؤامرات وإرهاب الناس…تجنيدًا وشراء ولاء أو قتلاً مرة تعذيبًا ومرة قصفًا ومرة اغتيالًا ….هذا هو دور حاكم دمشق في حفظ الأمن القومي العربي.
وحين يطالب وزير الخارجية المصري اليوم أن يستعيد قاتل السوريين في دمشق، دوره في حماية الأمن القومي العربي، فإن ما يريبنا في تصريح وزير خارجية مصر فقط هو قوله: يستعيد …فأي الأدوار يريد السيد الوزير لقاتل السوريين أن يستعيد: ونتذكر كلمة بشار الأسد بعد مسرحية حرب 2006، التي انتهت بالتفاهمات العملية مع بني صهيون التي لم تنتهك أبدا منذ خمسة عشر عاما، نتذكره وهو يتوجه إلى القادة العرب بقوله: يا أشباه الرجال!! كلمة نرجو أن تكون قد آذت من قيلت له كما آذت كل الأحرار الشرفاء…
كرة الشر وكرة النار كيفما تدحرجت أحرقت، وليس بعد الحق إلا الضلال..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى