مقالات

دين جديد …اسمه دين الحب !

الدكتور منير جمعة

الأستاذ المساعد بجامعة أم القرى سابقا
عرض مقالات الكاتب

بعض الناس يزعم أن الدين الإسلامي حب ثم حب ثم حب ولا شيء سوى ذلك …
وهذا في الحقيقة دين آخر بخلاف دين الإسلام …
وهذا الدين الجديد سماه ابن عربي قطب الصوفية (دين الحب ) وبين ملامحه بقوله :

لقدْ صارَ قلبي قابلاً كلَّ صورة ٍ ***
فمَرْعًى لغِزْلاَنٍ وديرٌ لرُهْبانِ
وبَيْتٌ لأوثانٍ وكعبة ُ طائفٍ ***
وألواحُ توراة ٍ ومصحفُ قرآنِ
أدينُ بدينِ الحبِّ أنَّى توجَّهتْ ***
رَكائِبُهُ فالحُبُّ ديني وإيماني
دين يستوي فيه الدير مع المسجد مع بيت الأوثان ، ويستوي فيه أبو لهب مع أبي بكر الصديق!
أما الإسلام فدين آخر واقعي ، يدعو للحب والبغض معا في آن :
حب أهل الخير والصلاح وبغض أهل الشر والفساد!
وقد أشارت طائفة من آيات القرآن الكريم لهذا ومنها قوله تعالى:
{ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده }(الممتحنة:4). فهذا سيدنا إبراهيم الأسوة الحسنة يبرأ من الكفار ولو كانوا أقرب الناس إليه نسبا.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾
[سورة آل عمران: 118]﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾
[سورة المجادلة: 22]﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾
[سورة آل عمران: 118]أما رسولنا صلى الله عليه وسلم فكان مثالا لهذا التوازن في حبه ، فكان ينبسط مع أصحابه حتى يظن كل منهم أنه أقرب الناس إليه ، لكنه كان أشد الناس غضبا إذا انتهكت حرمات الله
وهو القائل صلى الله عليه وسلم:” مَن أحبَّ في الله وأبغض في الله وأعطى لله ومنع لله، فقد استكمل الإيمان “. أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني.
وعن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله و المعاداة في الله و الحب في الله و البغض في الله عز و جل”. رواه الطبراني وصححه الألباني.
قال أبو الوفاء بن عقيل- الفقيه الحنبلي الكبير – :” إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة “.
وما أعظم هذا الميزان الذي وضعه الإمام ابن عقيل!
نعم انظر ما موقف المرء من أعداء الشريعة ؟
مستحيل أن تمنح أحدا ودك، هو يحارب الله ورسوله،صلى الله عليه وسلم ،و يسفه دين الله، و يزدري الأنبياء والمرسلين، وتقول: فلان لبق ناضج، فكره منفتح،و تمدحه! إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق، أما إذا واليته فلست مؤمناً، وإذا مدحته أغضبت الله عز وجل.
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ) .
رواه أبو داود ( 4977 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
ويكفي قوله تعالى الجامع:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ﴾[سورة الممتحنة 1]إن عقيدة الولاء والبراء هي عقيدة صيانة الأمة وحمايتها من أعدائها، كما أنها سبب للألفة والإخاء بين أفرادها، وهي ليست عقيدة نظرية تدرس وتحفظ في الذهن مجردة عن العمل؛ بل هي عقيدة عمل ومفاصلة، ودعوة ومحبة في الله، وكره من أجله وجهاد في سبيله؛ فهي تقتضي كل هذه الأعمال!
أما عقيدة : الله محبة ؛ فليست عقيدة المسلمين !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى