فنجان سياسي

شكرًا “واشنطن”… عرفنا أنّ “عيال زايد عبيدكم”


فراس العبيد – رسالة بوست

الراجح أن زيارة “ابن زايد” إلى “دمشق” يوم أمس الثلاثاء، 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، سيكون لها ما بعدها، من تبعات، ومساومات على حساب “الجهاد الشامي”، المستمر رغم أنوف “المتخاذلين”، وانتكاس “المنتكسين”.
وتأتي تلك الزيارة، بعد جولة “طاغوت الأردن عبدالله الثاني”، وموجة “التطبيع” مع النظام النصيري، التي تفرض علينا بحث الملف “شرعيًا”، وما سيبنى عليه من مواقف لاحقة، فضلًا عن ضرورة التأمل الجاد للموقف الأمريكي، في الحالتين.
وباختصار؛ فإنّ واشنطن “الممتعضة” و”القلقة” من “التطبيع”، تسعى لإنعاش “النصيرية”؛ إحدى ركائز النظام الدولي الكافر، لكن عبر “عبيدها وأذنابها” الذين تحسسوا رؤوسهم، واستشعروا خطر “انتفاضة جهادية” صادقة، ستكون الحاسمة، في هذه الجولة، لاعتبارات كثيرة.
وبالمجمل؛ ما يهمنا أن “الساحة الشامية” فاضحة، حالقة، ولا حجة أو ذريعة، للرويبضات للترقيع لحكومات الطواغيات، بل عليهم أن يجيبوا عن “الحكم الشرعي” في موالاة الكفار الواضحة، والنصيرية أول ما يفترض أن يبينوا حكمهم وحكم موالاتهم.
والملفت أنّ حملت أفكار الوطنية والديمقراطية وغيرها من الرومانسيات الفارغة، لديهم علم اليقين أنّ “النظام الدولي” يتبادل الأدوار في “حماية الأسد” ونظامه “النصيري”، على حساب أهل “السنة”، الغثاء للأسف، وفي أحسن أحوالهم، ما بين مستضعفين لا حول لهم ولا قوة، أو غارقين في شخيرهم.
ومشاهد المسرحية السخيفة، بإخراجها الهوليودي الهش، تحاول أن توصل الرسالة التالية: ((العاهرة تحاضر في الشرف))، بدليل ما قاله المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في إفادته اليومية، إن “الإدارة الأميركية لا تدعم أي جهود لتعويم نظام الأسد وندعو الدول إلى النظر إلى الأعمال الوحشية التي ارتكبها هذا النظام”.
وأشار برايس إلى أن بلاده لن تقوم بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وأضاف: “لن نطبع علاقاتنا أو نرفع مستوى هذه العلاقات مع نظام الأسد نظراً للأعمال الوحشية التي ارتكبها النظام ضد شعبه”.
فالمسألة تركت بداية للعبيد، ثم يصير إلى أمر واقع، وتجد نفسها “العاهرة” في حضن “النصيرية” أو قل العكس، وإنّ ما سنشاهده، بعد سيناريو “هندي” ضعيف، “سرير الفاحشة” ومضاجعة، مباركة من “عمائم السوء”.
مبدئيًا؛ واشنطن تحاول فقط “تعرية طواغيت العرب” الدمى، في مرحلة تعطينا هامش القول؛ أن؛ “النظام الدولي، بدأ يلعب في الوقت الضائع”، وتضع من لم يعلو الران على قلبه أمام قول الله تبارك وتعالى: ((إنَّهُمْ يكيدُونَ كيْدًا* وأكيد كيدا* فمهِلِ الكافرينَ أمهلهم رويدًا))، الطارق: 15_17 وقوله عزّ وجل: ((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)) الأنفال:30
وبالتالي؛ فإنّ واشنطن مشكورةً وشلت يمينها وضعتنا فقط أمام حقيقة أولئك الطواغيت واللبيب من الإشارة يبحث عن “حكمهم وتوصيفهم الشرعي”، الصحيح، واستشهد هنا بما كتبه الشيخ أبو محمد المقدسي في كتابه الماتع؛ “الرسالة الثلاثينية في التحذير من الغلو في التكفير”؛ “اعلم وفقنا الله وإياك إلى العلم النافع والعمل به، أنّ موضوع التكفير كحكمٍ شرعي من أحكام الدين” إلى قوله؛ “هو موضوع خطير بالغ الخطورة، تترتب عليه آثار كثيرة في الدنيا والآخرة”… ويسرد في شرحه أحكام الولاء والبراء وأحوال الحكم، التي دعتنا “واشنطن” مشكورةً لفهمها بعد أن أزالت الغبش والتراب، والحكيم والموفق من قرأ وتدبر القرآن، في أبواب “الحكم، الولاء والبراء”… لا من اكتفى بالتغني والتمايل على آياته. فهذا ليس مقصود كلام الله تعالى.
عمليّا؛ النظام الدولي، يتصدع، وغالب الظن نشوء نظام جديد، لن يكون للمسلمين دور فيه، لكن بالمقابل؛ يستحق هذا النظام الشكر، على غبائه، وتأكيده بالضرورة أنه “شاخ وهرِم”، وللأسف، وحتى نكون واقعيين؛ لا نزال في مرحلة نمو “نحبو فيها”، وتعلمنا التجارب، من الشام الحالقة إلى يمن الحكمة، وأفغانستان البطولة، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا.
وفي عجالة؛ أمام فنجان قهوتي، الذي أمامي، وعلى طاولتي، فإنّ الولايات المتحدة، تحاول “حرف البوصلة” فقط، ولا تزال متشبثة بفكرة إغراق الشام بملف المساعدات الإنسانية، وتنظيم الدولة “داعش”، الذي سيكون شماعة لهم، في ضرب الأمة، بدليل ما قاله المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس؛ إن الولايات المتحدة تركز على عدة أهداف في سوريا، على رأسها “توسيع وصول المساعدات الإنسانية، ومواصلة جهود قتال داعش في سوريا ومحاسبة النظام السوري والمحافظة على وقف النار”.
وحتى لا نذهب بعيدًا، واشنطن تريد فقط تغيير سلوك النصيرية، أي إبقاء وتثبيت حكمهم، وإلا لماذا قتلت “سليم” تقبله الله، في إدلب، وهو أحد قيادات حراس الدين، في 20 أيلول الماضي؟ والرجل؛ وجه ضربات إلى النظام النصيري، وموسكو، وكلاهما يروج أنهما “أعداء واشنطن”، باختصار؛ لأن التحالف الكفري تقاطعت مصالحه، ويشد بعضه بعضًا… وإنما هي مسرحية كما أسلفت تم فيها تبادل الأدوار الرئيسية وأبقيّ على دور الكومبارس (عيال زايد، النصيرية، وحمير اليهود الروافض).
والخلاصة؛ إنّ هذا الفساد الذي نشأ وما زال مستمرًا، وتلك المقاومة التي تصدت -وما زالت تتصدى- له هو ما أخبرنا به الصادق المصدوق في قوله صلى الله عليه وسلم:
“لَتُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلامِ، عُرْوَةً عُرْوَةً، فكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ، تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا، فَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ، وَآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ” صححه الشيخ الألباني رحمه الله. [صحيح وضعيف الجامع الصغير- حديث رقم: 9206 ج: 19 ص: 253]، وقال الشيخ شعيب الأرونؤوط: إسناده جيد. [مسند الإمام أحمد بن حنبل تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعادل مرشد وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421هـ- 2001م. نقلًا عن المكتبة الشاملة الذهبية].
وكان اجتمع رئيس النظام السوري، بوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، في زيارة هي الأولى على هذا المستوى إلى دمشق منذ 10 سنوات.
وعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “خذوا العطاء ما دام عطاءً، فإذا صار رشوة على الدين فلا تأخذوه. ولستم بتاركيه، يمنعكم الفقر والحاجة. ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الكتاب حيث دار. ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان، فلا تفارقوا الكتاب. ألا إنه سيكون عليكم أمراء، يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، إن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم”. قالوا: يا رسول الله كيف نصنع؟ قال: “كما صنع أصحاب عيسى بن مريم، نشروا بالمناشير، وحملوا على الخشب. موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله”. قال الهيثمي: رواه الطبراني، ويزيد بن مرثد لم يسمع من معاذ، والوضين بن عطاء وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات. [مجمع الزوائد- باب لا طاعة في معصية ج: 5 ص: 227، 228، 238].
﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾

وكالعادة ختمت، “لا تخافي يا حبيبتي: فأنتِ آمنة”.
والعاقبة لمن اتقى….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى