مقالات

تضاريس سورية (صباح فخري مثالًا)

معاذ عبدالرحمن الدرويش

كاتب و مدون سوري
عرض مقالات الكاتب

سوريا مهد الحضارات الإنسانية و مخترعة أول أبجدية في تاريخ البشرية.
و كما قال أحدهم لكل إنسان على كوكب الأرض وطنان، وطنه الذي ولد فيه، و سوريا التي منها خرجت أولى حضارات الإنسان على كوكب الأرض.
إلا أن أجيال اليوم و إلى ما قبل الثورة لا تعرف عن سوريا إلا حافظ الأسد، و من ثم وريثه بشار، حيث تم طمس كل معالم سوريا البشرية و الجغرافية و التاريخية و الإجتماعية و الثقافية و الرياضية و الفنية و إلى ما هنالك من أصغر نشاط يمارسه الإنسان إلى هرم الإبداع الإنساني ، و تم إختصار سوريا “بسوريا الأسد”.
و بات حافظ و من بعده وريثه بشار هو السياسي الأول و الشاعر الأول و الأديب الأول و العالم الأول و بطل الحاضر و التاريخ و المستقبل.
حتى بتنا نظن أن الذي إخترع الأبجدية هو حافظ الأسد ، و أن حضارة بلاد الرافدين من منجزات الحركة التصحيحية، و من الطرفة المضحكة أن معلماً سأل طالبة: (إذكري اسم رئيس عربي عميل للإمبريالية) فما كان من الطالبة إلا أن قالت و بكل بداهة حافظ الأسد.. لأنه و نتيجة الضخ الإعلامي الأسدي المكثف في ذاكرة الشعب عموماُ و الطلاب خصوصاً ، كان الجميع يظن أن أي جواب لأي سؤال يخص شخصية سياسية هو حافظ الأسد، و بدون أي تردد.
لكن و مع بداية ثورتنا المباركة، بدأت تظهر تضاريس سوريا الحقيقية، فعرف العالم أسماء أحياء و قرى كانت مهملة منسية في ظل “سوريا الأسد”.. فأول ما عرف العالم حي بابا عمرو الحمصي و من ثم الوعر، و من ثم غدت حمص عاصمة للثورة السورية..و الغوطة و داريا أصبحتا تتصدران مواقع الإعلام العالمية و العربية .
و على سبيل الذكر و ليس الحصر ، ظهر تل الحماميات و تل ملح و لمع إسمهما، حتى يظن المرء أنهما سلاسل جبال شاهقة رغم أنهما تلال بسيطة لقرى صغيرة ، و إشتهرت بلدات كعواصم كبيرة مثل تلبيسة و الرستن و كفرنبل و كفرزيتا و اللطامنة و حريتان و مارع و البوكمال و عين العرب و و …و السلسلة طويلة جدا لا تنتهي،.و إدلب التي نساها و تناسها نظام الأسد اليوم أصبحت وطناً لكل الأحرار الرافضين للركوع و العبودية لنظام الأسد.
أما عن شخصيات الثورة السورية و قد سجل التاريخ قائمة من الأبطال لها بداية و ليس لها نهاية، ابتداء من الشهيد البطل حاجي مارع و الشهيد البطل مشعل تمو و الشهيد البطل غياث مطر و حارس الثورة السورية الشهيد البطل عبدالباسط الساروت و القائمة تطول إلى أكثر من نصف مليون شهيد لكل منهم تاريخه البطولي الحافل، نعم هذه هي سوريا العظيمة و ليست “سوريا الأسد”، كما قالت الشهيدة البطلة مي سكاف.
إن السياسة الأسدية تعتمد على مبدأ التسطيح في الفكر و في الجغرافية وفي التاريخ وفي كل شيء،
ففي التاريخ حاولوا تهميش كل شخصية عظيمة، و في الفكر كل فكرة لا ترتبط بهم هي فكرة مرفوضة، هذا من الناحية المعنوية ، أما من الناحية المادية و في الثورة حاولوا مسح كل مدينة و كل قرية و كل حي شمخ إسمه و علا شأنه في مسار ثورة سوريا العظيمة و ذلك ببراميلهم و بارود حقدهم .
نعم هذه هي سياسة التدمير التي إنتهجها نظام الأسد ، و قد إختصرها بشعاره “نحرق البلد ..”
بعيداً عن تقييم المطرب صباح فخري و موقفه من الثورة ، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن صباح فخري هامة فنية كبيرة و شخصية معروفة، سواء على الصعيد المحلي السوري، أو على الصعيد العربي ، لكن و رغم وفائه لنظام الأسد و حتى بعد وفاته لم يتحمل نظام الأسد أن تكون صورة صباح فخري أكبر من صورة المجرم بشار في مراسم العزاء لوفاته .
فنظام بيت الأسد لا يقبل لا في الأحياء و لا في الأموات، لا في الحاضر و لا في الماضي ، لا إن كان “مواليا” أو كان ثورياً أو “معارضاً” أن يكون هناك من هو أكبر منهم.
لا تنسوا أن الأحرار مزقوا و أحرقوا صور الطغاة و المجرمين و وضعوها تحت أقدامهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى