مقالات

غارات إسرائيلية مستمرة وتمدد إيراني متواصل!

العقيد محمد فايز الأسمر

خبير عسكري سوري
عرض مقالات الكاتب

لاتزال إسرائيل ودون اي حساب لأحد ،أو حتى أخذ الإذن من أحد تنفذ غاراتها الجوية وضرباتها الصاروخية المتواصلة التي تلاحق فيها ،وتستنزف التموضعات و التمركزات الإيرانية ضمن الأراضي السورية ،بل و تستهدف وبمجرد الشك أي أهداف تظن تل أبيب أنها شحنات أسلحة وصواريخ دقيقة أو تقنيات للطائرات المسيرة متوجهة إلى حزب الله في لبنان، وتستخدم إيران الجغرافيا السورية عادة منطقة عبور لهذه الأسلحة وايصالها إن كان إلى ميليشياتها في سورية أوالى حزب الله الإرهابي في لبنان !

من المعروف لدينا خلال السنوات الماضية بأن كامل الأراضي السورية وبالأخص الشريط الحدودي السوري مع العراق ولبنان هي موضوعة وعلى مدار الساعة تحت المجهر والأقمار الصناعية ووسائط الإستطلاع الإلكترونية والجوفضائية الإسرائيلية و الأمريكية ناهيك عن العملاء والجواسيس المتعاملين مع إسرائيل إستخباراتيا لإيصال أي معلومات عن التحركات المشبوهة التي تقوم بها إيران واذرعها على الجغرافيا السورية…!!

قبل يومين وبعد الضربة الاسرائيلية ،صرح اللواء الروسي فاديم كوريت من قاعدة حميميم أن 4 طائرات من نوع F16 من فوق مرتفعات الجولان المحتل اطلقت 8 صواريخ ذكية نوع (دليلة) ، “من الساعة 12:25 إلى 12:28.
طبعًا وحسب المعلومات التي وصلت لي فإن الأماكن المستهدفة والتي دمرتها هذه الغارات تدميرًا كاملاً هي مخازن ومستودعات أسلحة للواء 94 المتمركز في محيط منطقة الديماس القريبة من الحدود اللبنانية ،وتعتبر هذه المستودعات هي مخازن مؤقتة للأسلحة والطائرات المسيرة والصواريخ القادمة من طهران ،والتي تنقل منها لاحقًا إلى حزب الله في لبنان.

أما ثاني أهداف الغارات الإسرائيلية ،فكان استهدافها لعدة آليات محملة بالأسلحة قرب قدسيا، وفي طريقها أيضًا الى لبنان لتسليمها إلى ميليشيات حزب الله

من الجدير بالذكر أن اللافت في هذه الغارات التي نفذتها المقاتلات الإسرائيلية بالامس أمران :

1-تعتبر هذه الغارات هي الأولى التي تنفذها إسرائيل بعد انتهاء زيارة رئيس وزاءها بينيت إلى سوتشي ،ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 22 من تشرين الأول، والتي كان على جدول أعمالها الملف النووي الإيراني ،وملف الأوضاع في سوريا ،و تناولت المحادثات فيها قلق إسرائيل الدائم على أمنها القومي نتيجة تغول إيران وتمددها دون رادع في الأراضي السورية.

2-هذه الغارات هي للمرة الاولى التي تكسر فيها إسرائيل قاعدة توقيت تنفيذ غاراتها ،والتي كانت غالبًا ماتنفذها ليلاً او فجرًا، أما اللافت في غارات الأمس، نرى أن الطائرات الإسرائيلية نفذت مهامها في وقت الظهيرة تقريبا!

والأمر اللافت الآخر؛ أن هذه الغارات أتت بعد أيام من تصريحات لمسؤولين إسرائيلين، أنه ورغم الغارات الكثيفة التي تقوم بها قواتهم الجوية لمنع وصول أي أسلحة إلى حزب الله عبر سوريا، ألا أن المعلومات تشير إلى تسرب صواريخ و أسراب من الطائرات المسيرة الإيرانية، ووصولها إلى حزب الله في لبنان، و في المرات القادمة ستكون رادارات ومنظومات الدفاع الجوي السورية والإيرانية المنتشرة في سوريا والتي تشكل خطرًا على الطائرات الإسرائيلية المغيرة ستكون أهدافًا مشروعة لهم.

من خلال كل ماقدمنا له واتينا على ذكره فهناك سؤال لابد أن يسأل وهو:

هل استطاعت إسرائيل وبآلاف الغارات التي نفذتها خلال السنوات الماضية ؛ أو ستستطيع من خلال الغارات القادمة المماثلة فقط أن توقف زحف إيران المتواصل داخل الأراضي السورية ،وتموضع ميليشياتها قرب حدود الجولان المحتل ؟

أتصور تكتيكيا ومن خلال معطيات عدة فإن إسرائيل لن تستطيع وبتلك الغارات النقطية المتباعدة وبهذه الكيفية المنفذة أن تمنع أو تؤثر مثيرا على التمدد والتموضع الإيراني داخل الأراضي السورية بعد كل هذه السنوات التي تغولت فيها ميليشياتها واذرعها وحرسها الثوري وأمام ناظري إسرائيل وواشنطن في غالبية المناطق السورية اعتبارا من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها لغربها بل وتنتشر ايضا في غالبية مراكز و مطارات النظام وفرقه وفيالقه العسكرية حتى القريبة من حدودها الشرقية..

واذا أرادت إسرائيل وواشنطن حقيقة (وأستبعد ذلك) وقف تمدد إيران ،أو حتى إخراجها مع ميليشياتها من الأراضي السورية، فإنها تستطيع ذلك من خلال الغارات الجوية اليومية والمتواصلة شريطة أن تكون هذه الضربات الجوية مستمرة وبالجهد الاعظمي، وتشمل كامل الأراضي السورية ،ودون إعطاء الفرصة لتلك الميليشيات لإلتقاط أنفاسها او تغيير تموضعاتها وانتشارها .

ختامًا ؛ الواقع الميداني يقول إن واشنطن وإسرائيل تخشيان من زيادة هذا التصعيد والاستهدافات ،بل وإبقاء الحال مع إيران على مسمى الحرب الباردة خوفًا من انفلات زمام الأمور، وإغضاب النظام الإيراني واستفزازه والضغط عليه أكثر ،مما يجبر طهران نهاية الأمر على استخدام سلاحها الأقوى وهو الإيعاز لأذرعها بفتح جبهات الجنوب اللبناني؛ (حزب الله) و جبهة الجولان (الميليشيات الولائية) وجبهة الداخل من قطاع غزة والضفة الغربية عن طريق حركتي؛ (حماس والجهاد الإسلامي) وهذا مالاتطيقه إسرائيل ولاتتمناه ،وذلك بأن تستهدف يوميًا ولفترات قد تكون طويلة بآلاف الصواريخ والطائرات المسيرة التي ستنطلق من هذه الجبهات، وستطال مستوطناتها وعمق أراضيها ومنشآتها الحيوية وإجبار السكان حتى على الفرار خارجها هذا إذا لم تطلق صواريخ دقيقة وبعيدة المدى من الداخل الإيراني ،أو من الأراضي العراقية عن طريق ميليشيات الحشد الشعبي المؤتمرة بأوامرها…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى