فنجان سياسي

مازالوا في “انتظار الموت عن طيب خاطر”!


فراس العبيد – رسالة بوست
تملكتني حيرةٌ هذا الصباح كالعادة، وأمام فنجان قهوتي، الذي لم يعلوه “القلب وجهًا”… تنازعني الرغبة في “طب الفنجان” أي وضعه مقلوبًا لم أكن يومًا “عرافًا”… فقط كنت أقرأ “حدود كفّ امرأةٍ” بعيونٍ ناعسةٍ حالمةٍ…
لم تكن زوجتي… وإنما “مجرد حبيبتي”… بمعطفٍ شتوي، ثمين، كنت اشتريته لها من أفخر “القصائد”، و”عطر أنثويُّ” يملأ المكان، بالهدوء، أهديته لها مغلفًا، بشغاف القلب، وألصقت عليه “أتيرنتي”، الاسم التجاري.
كنت رجلًا يصارع “العشق والسياسة”، حتى الثمالة، وحروفي تتقاطر لترتصف على وريقاتٍ لتهمس “أحبكِ…” على الملأ، شخصيًا لا أخاف “البوح”.
“البوح” عادةً في مجتمعنا المقهور “نوحٌ” أشبه “بحبل متدلٍ للإعدام”، حتمًا كان “مقصلة”، في زمن “الحذاء العسكري والأمني”…
اسمها… (…) لا لن أقول… وأترك فسحةً لنفسي لأدوره على لساني مثل سكرةٍ أتلذذ وصلها، عناقها… غضبها… أرادوها عن نفسها… آلاف المرات… وتراودني عن نفسي… لم أكن أمامها كـ”يوسف” عليه السلام، لم تقدّ لي القميص من دبرٍ، بل أنا من تجرأ ولثم ثغرها ليلًا آلاف المرات… في “ساعة زمنٍ” عابرة… ولم أكن مطلقًا “عابر سرير”.
تتسلل إلى أحلامي… طيفًا خفيفًا… يلامس صدرها صدري… أغفو وتأخذني بذراعها كأنما تريد امتزاجًا، بين جسدينا… اسمها (…)… معذرةً لن أقول…
ربما لأنها راودت كل الرجال عن أنفسهم… ستعرفونها إذًا.
غادرتها مرغمًا… في مثل هذه الأيام، التي عادةً ما أدونها… يسوقني الآلاف من “الشبيحة” و”المجرمين”، إلى حبيبةٍ “أخرى”…
مولعٌ أنا بالنساء… شريطة أن يراودنني عن نفسي مثل (…).
أدرت وجهي لم ألوح لها، بداخلي يقينٌ أنني سأعود لألثم ثغرها… طويلًا… في لحظةٍ تتشابك فيها الأجساد عناقًا… حتى الفناء.
لم أودّع ذكرياتي، الدهاليز العتيقة، الأحجار والأعمدة الشاهدة، نافورة الماء التي جفّ لبنها… الياسمينة المتدلية فوق رؤوسنا في ساعات الليل… حيث الليمونة… والنارنج… حيث النوافذ الخشبية التي رفضت إصلاحها لأنها من ذاكرة الماضي.
ارتشفت قهوتي… وزوجتي تسمع تلك “التفاصيل”… لم تتألم… الغيرة لم تحرق فؤادها… “مجنونةٌ مثلي”… كانت تدرك تلك “العلاقة”…
تعرف “روز” أنني يوم كنت موظفًا بـ”ربطة عنقٍ” وتحديدًا في العام 2010 شتمت المورِّث والوريث، “حافظ الأسد” و”بشار الأسد” علناً أمام الموظفين… لم يجرؤ “أبو عصام” الموظف المخبر على “كتابة تقريره بحقي”…. حتمًا لأن “أمي داعيتلي” كما قالت لي “ريم” زميلتي في العمل والتي ظلت “رمادية”.
كثيرًا ما أذكر “ريم” و”القصة السابقة”.
كنت متهوّرًا، بنظرهم فقط لا أطيق عبارة جارتنا في دولةٍ قريبة “الله يخليلنا جلالة سيدنا”..!!.
كيف تحمد الشعوب المسبب الرئيسي لمآسيهم…؟!
ورغم “الثورة” لم يتغير شيء اليوم… ينمو في إدلب طحلبٌ جديد، طاغية، لبس عمامة، وأطال لحيته، ثم خلع العباءة، وارتدى زيًا أشبه بالروافض… ومن رحم المشهد ولد “مسخٌ” لا يتقن حتى “فنّ التلون”… الشعوب تصنع طواغيتها وتسجد لها.
وعلى المسرح ثمة من يستمتع بـ”العبودية”… ويستسلم لـ”سوط المستبد”، والذريعة المتعارف عليها، وجود ضغطٍ أمني و”الحيطان لها آذان”.
إنه “انتظار الموت عن طيب خاطر”، تلك عبارةٌ أسوقها مرارًا وفي كلِّ مناسبة… إنها ظاهرةٌ عربية “معدية”… تشبه “كورونا”… طاعون… تحدث عن توصيفٍ مشابه لها “مالك بن نبي”… وتحديدًا عن “قابلية الاستعمار”، كان مخطئاً إنها “قابلية الاستحمار”.
قال تبارك وتعالى؛ ((فاستخفّ قومَهُ فأطاعوه إنهم كانوا قومًا فاسقين)) الزخرف:54
وشأنُ أولئك القوم، العيش على “قارعة الحياة” على قيد “منفسة”، ينتظرون الموت عن طيب خاطر.
وليست هذه المرّة الأولى التي “اكتب فيها” عن أولئك الذين، في “انتظار الموت عن طيب خاطر!”، فهم لازالوا ثابتين، وأنا على شاكلتهم… بطريقتي
خبأت صورةَ حبيبتي… (دمشق)… وبقيت أراود حبيبتي (إدلب) عن نفسها…
قلت لزوجتي:
«إياك أن تقرأ حرفاً من كتابات العرب
فحربهم إشاعة وسيفهم خشب
وعشقهم خيانة ووعدهم كذب…». نزار قباني
وكالعادة ختمت آخر رشفةٍ من فنجان قهوتي بعبارتي المعتادة، “لا تخافي يا حبيبتي: فأنتِ آمنة”.
والعاقبة لمن اتقى….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى