فنجان سياسي

سيناريوهات الحرب في إدلب… توقعات ومآلات “غسيل الصحون”


فراس العبيد – رسالة بوست
السلام عليكم أيها السادة، أمدكم الله بالهناء والسعادة.
إنّ؛ “كل طبخة سياسية في المنطقة، أمريكا تعدها، وروسيا توقد تحتها، وأوروبا تبردها، وإسرائيل تأكلها، والعرب يغسلون الصحون”… باختصار، هذا ليس كلامي، وإنما ما خطه الراحل، محمد الماغوط.
وعلى سيرة “العرب وغسيل الصحون”، فإنّ الأوتوستراد الدولي، لطائرات التحالف، والروس، والأتراك، والنصيرية، التي تمر فوق رأسي هذه اللحظة، وفي أثناء انشغال “المعارضة” بتقاسم معبر باب الهوى، ومناطق النفوذ، فإنّ المحللين السياسيين المعذرة منهم أطالوا النفس في رسم سيناريوهات للمنطقة.
حتى أنني رأيت مراكز دراسات وحوارات، ومناظرات، القاسم المشترك فيها، يتهافتون لتقدير الموقف، وانشغلوا عن الملاحظة الأهم:
((أنّ الفصائل “المشلخة” أو “المسلخة”، وحتى النظام النصيري ذاته، مجرد أدوات وبيادق، لا حول لهم ولا قوة، مجرد “إمعات، يميلون حيث مال الداعم أو الحليف”)).
وعلى حسب مقولة “حسني البورزان”؛ في مسلسل “صح النوم”؛ “إذا أردنا أن نعرف ماذا يحدث في إيطاليا؛ فعلينا أن نعرف ماذا يحدث في البرازيل”، لا يختلف الأمر اليوم عن حدود تلك المقولة مطلقًا. فما دار في “سوتشي” و”جنيف” وغيرها، لم تكن “المعارضة” تملك فيها إلا ممثلًا، بمعنى الأركوز يحضر مدفوعًا للمشاركة، وأجندته “فارغة”، ويخرج بعد التوقيع، والصور التذكارية!
إنّ السيناريو الوحيد للمشهد الميداني، لن يخرج عن رغبة التحالف الصليبي، ومعه الدول الوظيفية “تركيا، إيران”، عن إعادة الشارع إلى “حظيرة الأسد”، الموجود أساسًا في “حظيرة النظام الدولي”…
ولا يخفى أنّ النصيرية، أحد أركان ودعائم المربط الدولي، وراجعوا أبحاث الدكتور، أكرم حجازي، فهي أوفى وأشمل. وحتى تاريخ كتابة هذه الوريقات، فإنّ الحلول متوقعة، وتقويض النظام الدولي، ممكن، ويحتاج وقت طويل، حرب استنزاف، بدأت في أفغانستان، (طالبان)، ولن تتوقف حتى تعبر إلى (القدس)، وفق استراتيجية “حرب البرغوث/العصابات”، ضربات خاطفة مؤلمة، كمائن وانسحابات…
لا تمسك بالأرض، والمصالح، وإنما تمسك بالعروة الوثقى “عقيدة لا إله إلا الله”، قال تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))… وهل من عبادةٍ أعظم من “التوحيد” والموت دونه…؟
علمني رفيق الدرب، “بياع الورد” تقبله الله، (أنّ من مات من أجل الأرض، أعطته التراب، ومن قتل في سبيل الله، وهبها الفردوس الأعلى)، وشتان بين مطلبين، وإن أمكن اجتماعهما.
وحتى لا أطيل يا سادة:
فالمعارضة اليوم، تغسل الصحون، ومن أدرك هذا المعنى فطوبى له، أمّا من يطيل النظر، فالرحمة له، حتى يزيل “الزفر”.
ارتشفت فنجان قهوتي، بينما كنت شارد الذهن، زوجتي مشغولةٌ في البحث عن “طبخة للأطفال”، كنت كعادة الرجال، مشغولًا، بمكايدتها، عبر الفيس بوك.
لكنني حقيقةً أداعبها في معركةٍ من طرازٍ آخر، شارد الذهن، ترى هل “تصحو الذئاب” منفردةً، وماذا لو انتفضت وأشعلت الدنيا…؟
أردت أن أهتف في شباب الأمة:
أعراضكم يعتدى عليها… دينكم يتلاعب به الرويبضات، مال الأمة منهوب، كرامة مسلوبة، شتائم نستهل بها الصباح نسمعها ونصمت، هنا مجازر، وهناك عريّ وخمور… تذكرت أني دخلت إلى عملي في أول يومٍ لي، قبل نحو 18 عامًا، أسمع نصيريًا يقول: (هذا الكلب يذبح الأمريكي مثل الشاة، العمى فعيونو العمى، “شتائم أترفع عن ذكرها”، هيك دين الإسلام؟… شوهوا!!)، كان يقصد “الشيخ أبو مصعب الزرقاوي”، في حادثة قطع رأس أحد عملاء أمريكا، في العراق…
_سألته: (لو أنّ عدوّك اعتدى على أمك وأختك أو زوجتك أمام عينيك، وأنت تقف تتفرج على المشهد بكل تفاصيله، منذ لحظة شق الثوب حتى… واحتل أرضك، أكيد كنت بدك ترفع لافتة سلمية، وتطلب الأمم المتحدة وتجلس معو للمصالحة… أكيد كنت بدك تسامحو، ليش شو عمل مع أمك وزوجتك وأختك…؟ المسكين لسه ما بدأ وفي عندو جولات تانية مع جاراتكم بالحارة”.
لم يهمس، الصمت أطبق على المكان، وحدها صديقتي الجديدة، والوحيدة حينها، نهرتني بيدها، وطلبت مني أن ألجم “لساني السليط”… انتقد وضوئها، كما تقول.
تابعت؛ “والله إذا كانت هكذا عقولكم فقد استرحتم”، ابتعدت إلى طاولتي، فتحت دفتر الحسابات، بينما سمعتهم ينادون “فراس الزرقاوي”، وكانت “ريم” صديقتي تقول لي بعدها: “أحمد الله ما كتب فيك تقرير… كان راح شبابك بغوانتانامو… هيك بدك يعني؟!”.
أجبتها: غوانتانامو أحب إليّ من “عرب نامو”، لا مروءة ولا غيرة على الأعراض، فكيف الدين؟
غوانتاناموا يا ريم أحبّ إليّ من رؤية العراق مغتصبًا، وصبيةٌ على شاطئ الفرات تنادي “وا معتصماه”.
وما زلت من يومها أنشد:
أختنا في السجون تنادي يا بن ديني صدعت فؤادي
دنس الغاصبون حمانا وإلى الأسر قادوا نسانا
وشباب العقيدة تاهوا في سباتٍ تناسوا أسانا
ويح قومي كيف ينسون العذارى في زنازين أذناب النصارى
وغريبة وحبيبة وأخيا وغريبة وحبيبة وأسيرا

بالأمس، طلب مني أحدهم قريبي أن “أغادر إلى تركيا”، بعد أن رحل رفيق الدرب… “بياع الورد”، لم أجبه، لأنه كغيره “يرغب في غسل الصحون”، أمّا شخصياً وعن نفسي، فإنني انتظر “الحور الحسان”، عسى أن يهبني الله مطلبي، أبحث عن سعادة زوجتي، التي تدفعني للبقاء، وأختي والصغار، لأنني “لا أنام قبل أخذ الثأر”، هي تعرف طباع “الفرات” وأبناء العشائر…
رجعت إلى الفيس بوك، لأتابع الصراع العلني ونتائجه، ووقوف النساء إلى جانب بعضهن، في معادلةٍ معتادة، وصمت الرجال عن الدفاع عني.
وكالعادة ختمت آخر رشفةٍ من فنجان قهوتي بعبارتي المعتادة، “لا تخافي يا حبيبتي: فأنتِ آمنة”.
والعاقبة لمن اتقى….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى