فنجان سياسي

لا يُلام الذئب في عدوانه… كفانا تصابيًّا وابحثوا عن زوجةٍ ثانية


فراس العبيد – رسالة بوست

السلام عليكم أيها السادة، أمدكم الله بالهناء والسعادة.

فنجان قهوة الصباح لم يكن حلوًّا”، رغم أني اعتدت ارتشافه “مرًّا”، إيمانًا مني بأنّ الوسط، مثل الرمادي، لا طعم له ولا موقف سياسي، كالحبيبة التي تتحين الفرص، لتغادرك بحلاوتها، تاركةً لك المرارة.

إذن؛ فلنرتشف قهوتنا مرّةً، خيرٌ من الاعتياد على مذاقها الحلو… لأننا نكره “المؤامرات” بكل أشكالها في “الحب والسياسية”، في “السلم والحرب”.

يا سادة:
“كل شي صار مؤامرة”، و”كل شي بدو يصير مؤامرة”… تلك العبارة التي بدأها “بشار الأسد”، واستسلمنا لها، حتى أننا نسمعها ونعلّق عليها “فشلنا” كـ”الشماعة”.
العشاق مؤمنون بالمؤامرة
الوطنيون مؤمنون بالمؤامرة
الزوجة، الزوج، الأولاد، الأب، الأم، جارنا “أبو صبحي الكومجي”، جميعهم يؤكد أن الانتكاسات التي مرّت بها الساحة الشامية، والأسعار المرتفعة، والخلافات العائلية، والسياسية، والمخالفات التموينية، والموت، والقتل،… إلخ؛ مؤامرة كونية.

منطقيًّا؛ دمشق لم تتآمر على أحبابها وهي الأنثى التي احتضن صدرها كل تلك القوافل من الشباب، بل ثمةَ ما يدفع للبحث وسبر عمق ما يجري حولنا.

ولعل أكبر مؤامرة تعرضنا لها كـ”مسلمين” أن الكلمة ذاتها تجردت من معناها؛ فالجميع داخل ضمن دائرة الشك، وتحوّلت العبارة من قاعدة تستدعي التنبه والحذر من أعداء أمتنا، إلى استخفافٍ وتهكم.

أو للأسف استسلام!!

فرعون مصر استخدمها في توصيف سيدنا موسى وأتباعه، وأفرط في استخدامها طواغيت العرب ما يزيد عن نصف قرن.

آمنا بالمؤامرة، ولفرط إيماننا بها، علّقنا على مشجبها عجزنا وتخلّفنا وتناحرنا، وانتهى بنا المطاف للتآمر مع أعدائنا على بعضنا، و”عيال زايد” خير دليل، وتم سوقنا كالنعاج حقيقةً هذه المرة إلى فخّ المؤامرة الكبرى، ووقعنا في قعرها بملء وعينا.

تصابينا سياسيًّا، واستخدمنا العبارة في توصيف “أبو بكر البغدادي” وتنظيمه، حتى صدّق المحللون أنه “فرعٌ ثانٍ من المخابرات الأمريكية”، في حين لم نلحظ أن التوصيف الشرعي أكثر دقة وصدقًا، بحقه فهم “خوارج” استفاد النظام الدولي الكافر، من رعونته، (لا يعني ما سبق أنه لم يكن مخترقًا).

وتصابينا سياسيًّا؛ في توصيف “ناكث البيعتين”، أبو محمد الجولاني، والتوصيف الشرعي، أنه مرجئ سياسي أو بعبارةٍ أخرى “متلوّن” يميل حيث مالت مصالحه، وأهوائه… برغماتي.

تابعت ارتشاف قهوتي، مع زوجتي، التي تصبر على حديثي، رغم أنها انتفضت يوم أمس عندما “همست لها بأني احتاج حبيبةً أخرى تسمعني… أقصد زوجةً ثانية،… واعتبرت الأمر مؤامرة، وهي التي اقتنعت بنفي وتفنيد “نظرية المؤامرة”.

أخبرتها؛ بصدق، أنني مستعد لإنهاء مراسم الزفاف خلال أيام، إن قدّر الله تعالى، فالثوب الأبيض والكفن المفصّل على قياس تهوّري وسذاجتي تم تصميمه، منذ نفرت إلى “الجهاد”، أثناء “سبات زوجتي التاريخي”.

فالجهاد، مؤامرة، والحل بهتافات سلمية، كما علمنا “العم سام”، وتذاكا بعض أبناء جلدتنا وصدّق “رعاة الديمقراطية”.

سألت أحد العلمنجية؛ لو أنّ لصًّا دخل منزلنا، اغتصب النساء.. وانتهك الأعراض، سرق المال… هل نعترض برفع اللافتات السلمية؟! ألا ليت شعري أيّ رجولةٍ تلك؟!

ولكن..
“لا يُلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدوّ الغنم”…
ويبدو أن “عمر أبو ريشة”، صاحب البيت الشعري السابق، المؤلم حقيقةً، أدرك مبكرًا أن؛ “الذئب لا يأتي إلاّ بتواطؤ من الراعي”، وأن هوان المسلمين وضعفهم، أيقظ شهية الذئاب الذين يتكاثرون عند أبوابه ويتكالبون عليه كلما ازداد انقسامًا، وبعدًّا عن دينه الحنيف.
وكيف بعد ما سبق، نلوم عدونا، وقد استسلمنا طوعًا وحبًّا، “ولاءًا” للذبح قربانًا للديمقراطية؟

الديمقراطية التي رفعت الإخوان مرارًا إلى السلطة، وأنزلتهم غصبًا، من الجزائر إلى مصر فتونس، ولن يسلم منها “أردوغان”.

والخلاصة؛ أن كثيرًا من المسلمين، انبرى اليوم، لرفع “تهمة التطرف” عن نفسه، كما يفعل مؤخرًا “ناكث البيعتين”، وغيره، (القائمة طويلة فحتى الشعوب تبرأت من السيف وحامله).

وإن استمر الحال على ذلك المنوال، فسيأتي علينا ساعةً يا حبيبتي، نرتشف القهوة، دون هالٍ، وأكتب في هذا الباب؛ “بأن جيلا جديدا ينفي تهمة الإسلام عن نفسه حتى لا يؤاخذ بها”.

سيشترون المزيد من الذمم، والأقلام، والفتاوى التي تنتصر لجمال وجه أبي جهل، وتوقع بخاتم الأزهر الشريف، سيشترون أقلامنا، وربما سنجد من يهب زوجته ويباركلا قدر الله ولا أحيانا إلى تلك اللحظة، وهي غير قادمة واللهِ، فالطائفة المنصورة بفضل الله تعالى لا تفنى… وعد الله تعالى وحاشاه أن يخلف وعده.

تنازلٌ يجر آخر، مثل كرة الثلج، تبدأ صغيرةً، حتى نرث ذلًّا، ويطول الرقاد.

وللأسف يا سادة:
فإنا شخيرنا يعلو عنان السماء، وبإمكاننا مواصلة نومنا، حتى نصحو على مؤامرةٍ أخرى قطعًا.

وعلى رأي الكاتبة الجزائرية “أحلام مستغانمي”، التي كتبت تقول؛ “فالذئب يصول ويجول ويأكل منّا من يشاء. ما عاد السؤال من جاء بالذئب؟ بل كيف مكّناه منّا إلى هذا الحد؟
الجواب عثرت عليه في حكمة قديمة: “يأكلك الذئب إن كنت مستيقظاً وسلاحك ليس في يدك. ويأكلك الذئب إن كنت نائماً ونارك مطفأة”.

طلبت زوجتي أن أكف عن شرب فنجان قهوتي، هذا الصباح، طالبتني أن استمع إلى فيروز، أدارت الأسطوانة القديمة، “سألتك حبيبي لوين رايحين؟”… قررت أن أقنعها على طريقتها، غنيت لها؛ “راجعين يا هوى راجعين”.

فبالأمس عندما أجبتها، وجميعكم يذكر: “حبيبتي: أنتِ آمنة”، لم تقتنع.

هكذا هنّ النساء… وهكذا نحن الرجال… والرجولة تختلف عن الذكورة.

وتصبحون على خير أيها العرب!

والعاقبة لمن اتقى…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى