تحقيقات

شاهد على مجزرة الأقلام .. بلدة حاس 26- 10- 2016!

فيصل عكلة

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

في صباح الأربعاء من شهر تشرين الأول و بتمام الساعة التاسعة و النصف بدأت اصوات الانفجارات ،تتوالى و بكاء الأطفال و النساء يعلو مع ارتفاع أعمدة النار والدخان الممزوج بالغبار و الأشلاء في غير مكان بالبلدة ؛فالمجرمون حظوا بصيد ثمين ألا وهو مجمع المدارس في وضح النار و الطلاب على مقاعد الدرس .

لجأت أم عبد الله و هي في بيتها الى زاوية الدرج علَ سقف الدرج يخفف عنها ان نزل عندهم أحد تلك الصواريخ , و لكنها قدّرت أن الصواريخ بعيدة نوعا ما عن بيتها و ابنها عبد الله اليوم خارج القرية في دوامه ..

يخطر للإنسان و هو  يرقب حركة الناس و السماء التي يأتي منها الموت مع الصواريخ المحمولة على مظلات أنها تترك للمرء حرية الموت مرات و مرات قبل أن تصل إليه …

خرجت الأم بعد أن قدرت أن الهجوم انتهى لتسأل عن الضحايا و لكنها فوجئت بشخص مصاب وقع على الأرض قريب من باب بيتها  و الدم ينزف منه …

اقتربت منه لتكتشف أنه ابنها و أنه حضر رغم القصف للاطمئنان عليها , خاطر بحياته من أجلها و هو الآن بين يديها يلفظ انفاسه الأخيرة التي تلفح وجنتيها ..

احتضنت الأم ابنها و نادت من يسعفه و حملته معهم للاسعاف  و لكنها ارادة الله ..!

بالقرب منه كان شاب آخر و رجله الى جانبه مقطوعة ،وما زالت تنتفض ،والدم من حوله و يطلب المساعدة .

بنت صغيرة تنزف الدم من رقبتها طلبت مني تركها و اسعاف من اصابته أخطر منها ..!

شاهدت أحد الصواريخ في الجو في طريقه إلينا طلبت من الأطفال الانبطاح كل في مكانه و كل يضع يديه على أذنيه , ألتفت أحدهم نحوي و سألني :

عمي أنا هلق بدي موت ؟؟

طفل أخر قال لأبيه لو كنت تحبني لما أرسلتني الى المدرسة حتى أموت هناك …!

شاب قال لي : اوصلت أبنائي الى البيت و عدت لأتابع المساعدة في الاسعاف و لكنه قضى في الصاروخ التالي ليكون شهيدا من شهداء النخوة اضافة الى شهداء القلم ..

من الذين استشهدوا الأب و الأم الذين هبَا الى المدرسة لإنقاذ أبنائهم و بقي الأبناء بدون أهل و منهم من أصيب و فقد طرفا أو حاسَة من حواسه ,,

من الصفحات الأخرى من المجزرة أحد الذين تهدم منزلهم جلس على كرسي فوق ركام المنزل و راح يشرب الشاي و أخر تهدم منزله عن آخره و راح يخرج من الركام بعض الحاجيات و وجد أن كل شي تدمر و تكسر إلا صحن البيض لم تكسر منه و لا بيضة …!!

حوادث المتورات كثيرة و نهايتها كل يترك موتوره مرميا على الأرض و يتابع الركض دون أدنى عتاب للآخر ..

شفت أخوي ، شفت أختي ، شفت أبوي ، شفت أمي … ، مات ، ماتت ،انقصت اجرها ،انقطعت ايدو هي الكلمات المتداولة في تلك الأثناء ..

آخر لقطة بقيت في ذاكرتي تلك الأم التي كانت تنزف على نقالة الاسعاف و تطلب من المسعفين :

(أنا إيمان ؛ الله يخليكن ديروا بالكن على ولادي , هني تنين ولد و بنت , وائل و سارة , لا تنسوا …)

تلك بعض الصور من لحظات المجزرة التي حفلت بالآلاف منها و لابدّ أن يأتي اليوم الذي يدفع القتلة كل القتلة ثمن ما اقترفت أيديهم ..

و نحن نراه قريبًا …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى