مقالات

قرود الجهل تعبث باليمن!

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب

من يبحث عن جذور المعضلات التي تعاني منها بلادنا سيجد أن أهمها هو الجهل بصورتيه الواضحة والخفية، فإن الجهل يحيل الكائن الآدمي إلى دابة متوحشة أو حيوان مركوب، بحسب الظروف التي تصاحب الجهل، وفي كل الأحوال فإن الجهل يفقد المرء كينونته الإنسانية التي استحق الإنسان بموجبها تكريم الله له وتفضيله على سائر المخلوقات !
قال الشاعر العراقي معروف الرصافي:
إذا ما الجهل خيّم في بلاد
رأيت أسودها مُسخت قرودا!

ومن أعجب العجب أن أجهل الجهلاء في اليمن هم الذين تولوا مقاليد البلاد في وقتنا الراهن وصاروا يعبثون بالشعب شمالا وجنوبا، ليس على مستوى الأشخاص فقط بل حتى على مستوى المناطق؛ فمحافظة صعدة التي تشهد أعلى نسبة أمية في شمال اليمن هي من تتحكم اليوم بأقدار الملايين في تلك المحافظات، وتُعد محافظة الضالع الأعلى في نسبة الأمية بين المحافظات الجنوبية، وهي من تتحكم بأقدار المواطنين في تلك المحافظات!

ومما يزيد من فداحة هذه المعضلة أن آفة الجهل تتسع في انتشارها وبسرعة منذ فتنة الانقلاب الحوثي، حيث يتسرب مئات الآلاف سنويا من مدارسهم فضلا عن أمثالهم ممن خربت الحرب مدارسهم ولم يلتحقوا بالتعليم ابتداء، وأخطر من ذلك كله شيوع العلم المنقوص الذي يصنع جهلا مركبا وسط أناس يحملون شهادات علمية، لكن الجميع يشهدون أن هؤلاء مارسوا الغش بطرائق ممنهجة وبمساعدة آبائهم وأمهاتهم ومعلميهم في كثير من الأوقات، حتى أن ٣٠٠ طالبا وطالبة حصلوا العام قبل الماضي على درجة ١٠٠% في امتحانات الثانوية العامة، ووصل عدد أوائل الجمهورية إلى ألف طالب وطالبة وينتمي ثلثهم إلى واحدة من أقل المحافظات سكانا وأقلها اهتماما بالتعليم، وذلك في مهزلة لو حدثت في بلد آخر لقامت القيامة لكنها مرت هنا بصمت غريب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى