منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة 75

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الجزء الثالث: الدولة العباسية
19- القاهر بالله مُحَمَّد بن أَحْمد المعتضد بن ولي الْعَهْد الْمُوفق طَلْحَة ابْن المتَوَكل جَعْفَر
بويع له سحر يوم الخميس 27 شوال سنة 320هـ، وله 33 سنة
بويع له ثَانِيًا بعد قتل عمه جَعْفَر المقتدر بن ولي الْعَهْد الْمُوفق طَلْحَة
خلع من الخلافة في 6 جُمَادَى الْآخِرَة من سنة 322هـ.
بُويِعَ بَعْدَه ابن أخيه أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد الراضي
كانت خلافته: سنة و6 اشهر وأيام.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأولى سنة 339هـ. وَلَهُ 52 سَنَةً
اسمه ونسبه:
أَبُو مَنْصُور القاهر بالله مُحَمَّد بن المعتضد أَحْمد بن ولي الْعَهْد الْمُوفق طَلْحَة بْن المتَوَكل جَعْفَر. العباسي، الْهَاشِمِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 11/ 253، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208، كنز الدرر وجامع الغرر 5/ 363)
أبوه المعتضد هو الخليفة رقم 16، وأخوه
وأمه جارية اسمها: قبول. (تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري 11/ 273، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161) وقيل أمّه أمّ ولد روميّة يقال لها قتول (كنز الدرر وجامع الغرر 5/ 363) وقيل: أمه أم ولد مغربية تسمى: فنون. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185)
صفاته وسماته الشخصية:
كَانَ أسمراً، ربعَة، أصهب الشّعْر، طَوِيل الْأنف. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208) فاتكاً ظالماً، سيء السيرة (شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)

وَقَالَ الصولي: كَانَ أهوجاً، سفَّاكاً للدماء، قَبِيح السِّيرَة، كثير التلون والإستحالة، مدمن الْخمر، فإذا شربها تغيّرت أحواله وذهب عقله؛ وَلَوْلَا جودة حَاجِبه سَلامَة لأهْلك الْحَرْث والنسل. (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
وَكَانَ بِطَّاشًا سَرِيعَ الِانْتِقَامِ (البداية والنهاية ط إحياء التراث 11/ 253) وَكَانَ قد صنع حَرْبَة يحملهَا فَلَا يَطْرَحهَا حَتَّى يقتل إنْسَانا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
وكان فصّ خاتمه ياقوتاً أحمر وعليه منقوش: «بالله محمّد الإمام القاهر بالله أمير المؤمنين يثق» (تجارب الأمم وتعاقب الهمم 5/ 382)
بيعته وخلافته:
وهو الخليفة التاسع عشر في الدولة العباسية (المختصر في أخبار البشر 2/ 76) بويع له ثَانِيًا بعد قتل أَخِيه جَعْفَر المقتدر يوم الخميس سَابِع عشْرين شَوَّال سنة عشْرين وثلثمائة (320هـ). (كنز الدرر وجامع الغرر 5/ 363، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
وله ثلاث وثلاثون سنة. وكان مغلوباً على أمره ستة شهور من ملكه (كنز الدرر وجامع الغرر 5/ 363)
ولما قتل المقتدر وقبض عَلى أمه وخالته، عظم قتله على مؤنس، وقال: الرأي أن ينصب ولده أبا العباس فإنه تربيتي وهو صبي عاقل فيه دين وكرم ووفاء بما يقول. فاعترض عليه أبو يعقوب إِسحاق بن إِسماعيل النوبختي وقال: بعد الكد استرحنا من خليفة له أم وخالة وخدم يدبّرونه فنعود إلى تلك الحال، لا والله لا نرضى إلا برجل كامل يدبّر نفسه ويدبّرنا. (تاريخ مختصر الدول 1/ 158، المختصر في أخبار البشر 2/ 76، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185) وما زال حتى ردّ مؤنساً عن رأيه وذكر له أبو منصور محمد بن المعتضد فأجابه مؤنس، وَأَمَرَ بِإِحْضَارِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ، فَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ شَوَّالٍ، وَلَقَّبُوهُ الْقَاهِرَ بِاللَّهِ، وَكَانَ مُؤْنِسٌ كَارِهًا لِخِلَافَتِهِ، وَالْبَيْعَةِ لَهُ. (الكامل في التاريخ 6/ 772، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185، تاريخ ابن خلدون 3/ 486، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)
وكان أبو يعقوب إِسحاق بن إِسماعيل النوبختي في ذلك كالباحث عن حتفه بظلفه، فإن القاهر قتله كما سيأتي ذكره. (تاريخ مختصر الدول 1/ 159، الكامل في التاريخ 6/ 772، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161، المختصر في أخبار البشر 2/ 76، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)
واتفق أن القاهر ومحمد بن المكتفي ناما في تلك الليلة في مضارب مؤنس فقال القاهر بالليل لمحمد بن المكتفي: أنا فقير وما لي شيء فتولّها أنت، فقال له: أنت شيخي وعمّى وقد ولّيت هذا الأمر مرة فأنت أحق به منى. وبايعوه، وبايعه القضاه، وذلك سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال. (تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري 11/ 273، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
وقلّد الحجبة عليّ بن يليق وقلّد إمارة الأمراء لمؤنس وقلّد الشرطة ببغداد ليلبق. ثم إن يلبق ومؤنساً وعليّ بن يلبق ضيّقوا على القاهر جدّاً، وما كانوا يرونه إلا تابعاً لهم. وكانوا يُوَكِّلون بالدار من يعلمهم بأحواله. وما كان القاهر قد طاب له ما فعلوا بأخيه من قتله وهتك حرمة الخلافة. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
وتشاغل القاهر بالبحث عمن استتر من أولاد المقتدر وحَرَمِه، ثم أَحضر القاهر أم المقتدر عنده وكانت مريضة قد ابتدأ بها استسقاء فسألها عن مالها فاعترفت له بما عندها من المتاع والثياب ولم تعترف بشيء من المال والجواهر. فضربها اشدّ ما يكون من الضرب وعلقها برجلها وضرب المواضع الغامضة من بدنها. فحلفت انها لا تملك غير ما اطلعته عليه. وصادر جميع حاشية المقتدر وأصحابه ووكل على بيع املاك أمّ المقتدر وحلّ وقوفها فبيع جميع ذلك(تاريخ مختصر الدول 1/ 159)
وفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة (321هـ) استوحش مؤنس وبليق الحاجب وولده عليّ الوزير وأبو عليّ بن مقلة من القاهر وضيّقوا عليه ووكلوا على دار الخليفة احمد بن زيرك وأمروه بتفتيش كل من يدخل الدار ويخرج منها وان يكشف وجوه النساء المنقّبات. ففعل ذلك وزاد عليه حتى انه حمل الى دار القاهر لبن فأدخل يده فيه لئلا يكون فيه رقعة. فعلم القاهر ان العتاب لا يفيد فأخذ في الحيلة والتدبير عليهم وأرسل الى الساجيّة اصحاب يوسف بن ابي الساج يغريهم بمؤنس وبليق ويحلف لهم على الوفاء فتغيرت قلوبهم. فبلغ ابن مقلة ان القاهر يجتهد في التدبير عليهم فذكر ذلك لمؤنس وبليق وابنه فاتفق رأيهم على خلع القاهر الا مؤنس فانه قال لهم: لست أشك في شر القاهر وخبثه ولقد كنت كارها لخلافته وأشرت بابن المقتدر فخالفتموني وقد بالغتم الآن في الاستهانة به وما صبر على الهوان الا من خبث طويته ليدبر عليكم فلا تعجلوا حتى تؤنسوه وينبسط إليكم ثم اعملوا على ذلك. فقال عليّ ابن بليق وابن مقلة: ما يحتاج الى هذا التطويل فان الحجبة لنا والدار في أيدينا وما يحتاج ان نستعين في القبض عليه بأحد لأنه بمنزلة طائر في قفص. (تاريخ مختصر الدول 1/ 159)
واتفقوا على ان يدخل عليّ بن بليق على القاهر ويكون قد أمر جماعة من عسكره بالركوب الى أبواب دار الخليفة فيقبض عليه. فهم في هذا ان حضرت ظريف السكّريّ في زي امرأة فاجتمع بالقاهر فذكر له جميع ما قد عزموا عليه فأخذ حذره وانفذ الى الساجية أحضرهم متفرقين
وأكمنهم في الدهليز والممرات والرواقات. وحضر عليّ بن بليق بعد العصر وفي رأسه نبيذ ومعه عدد يسير من غلمانه بسلاح خفيف وطلب الأذن فلم يؤذن له فغضب وأساء أدبه. فخرج اليه الساجية وشتموه وأباه. فألقى نفسه الى طيارة وعبر الى الجانب الغربي واختفى من ساعته. وبلغ الخبر ابن مقلة فاستتر. وأنكر بليق ما جرى على ابنه وسبّ الساجية وحضر دار الخليفة ليعاتب على ذلك فلم يوصله القاهر اليه وأمر بالقبض عليه وعلى ابن زيرك. وراسل القاهر مؤنسا يسأله الحضور عنده وقال: أنت عندي بمنزلة الوالد وما أحب ان اعمل شيئا الّا عن رأيك. فاعتذر مؤنس عن الحركة وانه قد استولى عليه الكبر والضعف. فأظهر له الرسول النصح وقال: ان تأخرت طمع ولو رآك نائما ما تجاسر على ان يوقظك. فسار مؤنس اليه فلمّا دخل الدار قبض عليه القاهر وحبسه. قيل لما عليم القاهر بمجيء مؤنس هابه وهاله أمره وارتعد وتغيّرت أحواله وزحف من صدر فراشه ثم ربط جأشه. ولما قبض على مؤنس شغب أصحابه وثاروا وتبعهم سائر الجند. وكان القاهر قد ظفر بعليّ بن يليق فدخل القاهر اليه وأمر به فذبح وأخذوا رأسه فوضعوه في طشت ثم مضى القاهر والطشت يحمل بين يديه حتى دخل على بليق فوضع الطشت بين يديه وفيه رأس ابنه. فلما رآه بكى وأخذ يقبّله ويترشّفه. فأمر القاهر فذبح ايضا وجعل رأسه في الطشت وحمل بين يدي القاهر ومضى حتى دخل على مؤنس فوضعهما بين يديه. فلما. رأى الرأسين تشهّد ولعن قاتلهما. فقال القاهر: جرّوا برجل الكلب الملعون فجرّوه وذبحوه وجعلوا رأسه في طشت وأمر فطيف بالرؤوس في جانبي بغداد ونودي عليها: هذا جزاء من يخون الامام ويسعى في فساد دولته. (تاريخ مختصر الدول 1/ 160)
وَاسْتقر أَبُو عَليّ بن مقلة وزيره، وَاسْتقر الْخَادِم نازوك فِي الحجوبية والشرطة. ونهبت دَار الْخلَافَة وبغداد، فنهب لأم المقتدر – فِيمَا نهب للنَّاس – سِتّمائَة ألف دِينَار. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185)
ثمَّ أشهد المقتدر على نَفسه بِالْخلْعِ فِي يَوْم السبت، وَجلسَ القاهر فِي يَوْم الْأَحَد. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 185)
(مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
وَكتب الْوَزير عَنهُ إِلَى الأقطار، وَعمل الموكب يَوْم الأثنين؛ فامتلأت دهاليز الدَّار بالعسكر يطْلبُونَ رزق الْبيعَة – أَعنِي النَّفَقَة – ورزق سنة أَيْضا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
وَلم يَأْتِ مؤنس يَوْمئِذٍ إِلَى دَار الْخلَافَة خوفًا من الْفِتْنَة؛ فارتفعت أصوات الرجالة، ثمَّ هجموا على نازوك – وَهُوَ بدار الْخلَافَة – فَقَتَلُوهُ، وصاحوا: يَا مقتدر ، يَا مَنْصُور؛ فتهارب من دَار الْخلَافَة الْوَزير والحجاب، ثمَّ صَارُوا إِلَى دَار مؤنس يطْلبُونَ المقتدر ليردوه إِلَى الْخلَافَة. وأغلق خدم المقتدر دَار الْخلَافَة؛ فَأَرَادَ أَبُو الهيجاء بن حمدَان الْخُرُوج؛ فَتعلق بِهِ الْخَلِيفَة القاهر وَقَالَ: تسلمني وَتخرج؛ فداخلته الحمية وَرجع مَعَه؛ فَقتل بعد أُمُور، وحز رَأسه. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
ثمَّ أخرج المقتدر، وَحضر إِلَى دَار الْخلَافَة وَجلسَ بمجلسه، فَأتوهُ بأَخيه مُحَمَّد القاهر هَذَا، وأجلس بَين يَدَيْهِ؛ فاستدناه المقتدر وَقبل جَبينه وَقَالَ لَهُ: يَا أخي أَنْت وَالله لَا ذَنْب لَك. والقاهر يبكي وَيَقُول: الله الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي نَفسِي؛ فَقَالَ المقتدر: وَالله لَا جرى عَلَيْك مني سوء أبدا؛ فَطِب نفساً وقر عيناً . (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
وطيف بِرَأْس أبي الهيجاء وَرَأس نازوك بِبَغْدَاد وَنُودِيَ: هَذَا جَزَاء من عصى مَوْلَاهُ وَكفر نعْمَته؛ فسكن النَّاس. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
وَأقَام القاهر عِنْد أَخِيه المقتدر مبجلاً مُحْتَرماً، إِلَى أَن أُعِيد إِلَى الْخلَافَة بعد موت أَخِيه المقتدر – حَسْبَمَا يَأْتِي ذكره، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 186)
أعماله وأهم الأحداث في خلافته:
بعد خلافته بستة أشهر نقش على الدنانير والدراهم القاهر بالله، المنتقم من أعداء الله، لدين الله (كنز الدرر وجامع الغرر 5/ 363)
وَلما ولي الخلافة أَسَاءَ السِّيرَة، وَقتل أَبَا السَّرَايَا نصر بن حمدَان، وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل النوبختي الَّذِي كَانَ أَشَارَ بخلافته وَغَيرهمَا؛ فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ؛ (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190)

  • وكانت والدة المقتدر في عله عظيمه من فساد مزاج واستسقاء ولما وقفت على حال ابنها امتنعت من الاكل حتى كادت تتلف، فرفق بها حتى اغتذت بيسير من خبز وملح فاحضرها القاهر وقررها بالمال، باللين تاره وبالخشونه أخرى، فقالت: لو كان عندي مال ما أسلمت ولدى للقتل وتجرعت بفراقه الثكل، وما لي غير صناديق فيها صياغات وثياب وطيب. فعلقها في حبل البراده بفرد رجلها، وتناولها بالضرب بيده في المواضع الغامضه من بدنها، ولم يذكر إحسانها اليه وقت اعتقال المقتدر إياه، وضربها أكثر من مائه مقرعه. (تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري 11/ 274، الكامل في التاريخ 6/ 773، مرآة الجنان وعبرة اليقظان 2/ 210)
    ثم ماتت وهي معلقة بحبل، وبالغ في الظلم، فمقتته القلوب (العبر في خبر من غبر 2/ 7، مرآة الجنان وعبرة اليقظان 2/ 210)
  • وحل القاهر ما وقفته على الحرمين والثغور، واشترى ذلك اصحاب مؤنس. بخمسمائة الف دينار (تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري 11/ 274، الكامل في التاريخ 6/ 773)
  • وقلّد القاهر وزارته أبا عليّ، محمد بن عليّ بن مقلة، وكان العامة يرجفون بأن القاهر يريد الفتك بقتلة المقتدر واستشعروا هم منه واضطرب الجند ببغداد لدخول القرامطة مكة وهدم الكعبة. ووصل الخبر بأنهم قلعوا الحجر الأسود وحملوه إلى هجر وإنهم قتلوا سبعين ألف مسلم في الحرم وطمّوا بئر زمزم بالقتلى وانقطع طريق الحج. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
    وفي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة (322هـ) استولى عماد الدولة بن بويه على شيراز. (المختصر في أخبار البشر 2/ 79)
    فلما كان في يوم الأحد ثانى شعبان سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة (322هـ) جاء عليّ ابن يلبق الحاجب على العادة إلى الدار فنفذه القاهر إلى أبيه وإلى مؤنس يقول لهم: قدّموا حضوركم لندبّر في أمر القرامطة فحضروا فلما حصلوا في الدار أمر بالقبض عليهم وأمر فقطع رأس عليّ بن يلبق وقدّم بين يدي أبيه في طست ثم قطع رأس أبيه وجعلا جميعا في طست وأمر فجرّ مؤنس إلى البالوعة وذبح كما تذبح الغنم والقاهر يقول له: يا معيوب يا مخرق الأسفل أنت تقدم على قتل الخلفاء؟ (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص162)
    ثم أخرجت رءوسهم فطيف بها في البلد ومناد ينادى: هذا جزاء من أقدم على هتك حرمة الخلافة. فما بقي أحد إلا لعنهم وأحرق العامة أبدانهم وحملت رءوسهم إلى خزانة الرءوس فوضعت فيها. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
  • وفي هذا اليوم مات الإمام أبو بكر بن دريد الأزدي – رحمه الله-.(الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
  • ولما دخل رمضان من هذه السنة شغّب الجند وطلبوا الأرزاق فأعطوا شيئا فسكنوا ورجعوا راضين وجرى الأمر على ذلك إلى جمادى الأولى من سنة ثلاث وعشرين وثلاث مائة (323هـ). (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
    قلت: والقاهر هَذَا كَانَ قد قرب المنجمين وَعمل بقَوْلهمْ – على طَرِيق أبي جَعْفَر الْمَنْصُور، وَهُوَ أول خَليفَة قربهم. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
    وَكَانَ عِنْده نوبخت المنجم، وَعلي بن عِيسَى الأسطرلابي. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
    وَهُوَ أول خَليفَة ترجمت لَهُ الْكتب السريانية والأعجمية؛ ككتاب كليلة ودمنة، وَكتاب أرسطاطاليس فِي الْمنطق، وإقليدس، وَكتب اليونان؛ فَنظر النَّاس فِيهَا وتعلقوا بهَا؛ فَلَمَّا رأى ذَلِك مُحَمَّد بن إِسْحَاق جمع الْمَغَازِي وَالسير. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
    خلعه وسمله:
    كَانَ سَبَب خلع القاهر سوء سيرته وسفكه الدِّمَاء. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191)
    ففي سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة (322هـ) خلع القاهر في جمادي الأولى، وذلك أن ابن مقلة كان مستتراً والقاهر يتطلبه وكان يراسل قوّاد الساجيّة والحجرية ويخوّفهم من شر القاهر ويذكر لهم غدره ونكثه مرة بعد اخرى كقتل مؤنس وبليق وابنه بعد الأيمان لهم إلى غير ذلك. وكان ابن مقلة يجتمع بسيما زعيم الساجية تارة في زيّ أعمى وتارة في زيّ مكدّ وتارة في زيّ امرأة ويغريه بالقاهر. ثم ان ابن مقلة أعطى منجماً كان لسيما مائتي دينار، وكان يذكر أن طالعه يقتضي أن ينكبه القاهر. وأعطى أيضا شيئاً لمعبّر كان لسيما يعبّر له المنامات وكان يحذره من القاهر. فازداد نفوراً. فاتفق مع أصحابه ومع الحجرية على خلع القاهر. وبلغ ذلك الوزير فأرسل الحاجب سلاماً وعيسى الطبيب ليعلماه بذلك فوجداه نائماً قد شرب أكثر ليلته فلم يقدرا على إعلامه بذلك. فزحف الحجرية والساجيّة إلى الدار. ولما سمع القاهر الأصوات والغلبة استيقظ وهو مخمور وطلب باباً يهرب منه، فقيل له: إن الأبواب جميعها مشحونة بالرجال. فهرب إلى سطح حمام. (تاريخ مختصر الدول 1/ 161)
    وفي يوم السبت ثانى جمادي الأولى اجتمع أبو محمد، الحسن بن أبى الهيجاء بن حمدان، وهو الّذي تلقّب أخيراً بناصر الدولة، وهو أخو سيف الدولة الأكبر، وواطأ جماعة من الغلمان وأحاطوا بالدار، ووكلوا بالأبواب، وطلبوا القاهر وَكَانَ نَائِماً سكراناً إِلَى أَن طلعت الشَّمْس – فنبهوه فَلم ينتبه لشدَّة سكره. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190) وهرب الْوَزير فِي زِيّ إمرأة، وَكَذَا سَلامَة الْحَاجِب؛ فَدَخَلُوا بِالسُّيُوفِ على القاهر؛ فأفاق من سكره وهرب ففتّشوا عليه وإذا به علَى سطح حمام وَبِيَدِهِ سيف مسلول (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161)
    فقال له بعضهم: انزل، فقال: ما أنزل ففوّق سهماً وقال له: إن لم تنزل رميتك، ولم يكن له مفرّ فنزل فمسكوه وقبضوا عَلَيْهِ يوم الأربعاء سادس جُمَادَي الْآخِرَة من سنة إثنتين وَعشْرين وثلثمائة (322هـ). (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190، العبر في خبر من غبر 2/ 13، طبقات الحنابلة 2/ 44) وقيل يوم السبت ثالث جمادى الأولى (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245)
    وقالوا له: اخلع نفسك. وتبادر قوم إلى الدار التي كان فيها الأمير أبو العباس محمد بن المقتدر محبوسا فأخرجوه منها وأجلسوه على سرير أبيه ولقبوه الراضي بالله وأدخلوا إليه الْقَاهِرَ ليخلع نَفسه؛ فَأبى؛ ثمَّ أرسل الراضي إِلَيْهِ بسيما وظريفا؛ فدخلا على القاهر وأكحلاه بمسمار محمي فِي النَّار؛ وسملوا عينيه حتى سالتا على خدّيه فَعمى. (العبر في خبر من غبر 2/ 13، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 190، طبقات الحنابلة 2/ 44)
    ثم بايعوا ابن أخيه أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد الراضي بالله بن المقتدر جعفر. بالخلافة فِي هَذَا الْيَوْم. (العبر في خبر من غبر 2/ 13، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 191، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245، تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 2/ 652)
    وهو أوّل خليفة سملت عيناه؛ وسملوه خوفاً من شرّه. (النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245، (تاريخ مولد العلماء ووفياتهم 2/ 652)
    فكانت خلافته إلى حين سمل سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ. أو ثمانية أيّام (البداية والنهاية ط إحياء التراث 11/ 253، تاريخ مختصر الدول 1/ 161، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة 3/ 245) وقيل كانت خلافته سنة ونصفاً. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص161) وقيل سنة و7 أشهر(شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)
    وفاته:
    دام مسجوناً؛ وعاش خاملاً إلى أن مات فِي جُمَادَى الأولى سنة ثمان وثلثين وثلاثمائة. (تاريخ مختصر الدول 1/ 161، مورد اللطافة 1/ 191)
    فَخَافَ مِنْهُ وزيره أبو علي بن مقلة فاستتر منه فشرع فِي الْعَمَلِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَتْرَاكِ، فَخَلَعُوهُ وَسَمَلُوا عَيْنَيْهِ وَأُودِعَ دَارَ الْخِلَافَةِ بُرهةً مِنَ الدَّهر، ثُمَّ أُخْرِجَ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ إِلَى دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ، وَقَدْ نَالَتْهُ فَاقَةٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، وَسَأَلَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 11/ 253، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)
    وكان بعد الكحل والعمى، يحبس تارة ويترك أخرى، فوقف يوما بجامع المنصور بين الصفوف، وعليه مبطنة بيضاء، وقال: تصدقوا عليّ فأنا من عرفتم، فقام أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي، فأعطاه خمسمائة درهم، ثم منع لذلك من الخروج (شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)
    ثُمَّ كَانَتْ وَفَاتُهُ فِي عامِ تسع وَثَلَاثِينَ (339هـ) ، وَلَهُ ثِنْتَانِ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ أَبِيهِ الْمُعْتَضِدِ. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 11/ 253، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 4/ 208)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى