مقالات

انتخابات العراق المبكرة القشة التي قصمت ظهر إيران 1

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

       كان لتغول الميليشيات الإيرانية السليمانية الخامنائية في العراق، والتهام العراق وابتلاعه من قبل إيران سياسيا واقتصاديا وعسكريا ودينيا ونفطيا وجغرافيا وبشريا، دون بسملة، ولا هضم، وبلا رحمة أو شفقة، ولا إبقاء لأي أثر ولا حصة لشيعة العراق العرب، ومسخه ونسخه وإلغاء وجوده؛ أثر بارز في تغير المزاج الشيعي العراقي، وانقلابه على إيران، ومن ثم قيامه بثورته العارمة ضدها، وانتصاره الساحق عليها في الانتخابات المبكرة التي جاءت وبالا عليهم، بعد أن ظنوا أنها ستكون لصالحهم، فكانت وبالا عليهم، وشكلت بداية النهاية للوجود الإيراني الفارسي المجوسي في العراق، وعودة العراق العربي إلى الوجود، بعد أن غاب في بطن الحوت الإيراني المجوسي الفارسي سنين طويلة..

       ففي الوقت الذي كان شيعة العراق يرون في إيران المنقذ والمخلص لهم من الحكم البعثي الصدامي الدموي، والحلم الكبير في عصر شيعي حسيني عراقي زاهر مشرق، والمرجعية والحصن الحصين لهم.. ما لبث أن تحول هذا الحلم، وهذا الربيع الشيعي الذي بدأ بالتدخل العسكري، الأمريكي العربي الخليجي بحجة تحرير الكويت، وانتهى بتدمير العراق واحتلاله، وإسقاط نظام الحكم العربي السني في بغداد، واستلام الشيعة مقاليد الحكم بالعراق.. ما لبث هذا الحلم وهذا الحكم، وهذا الربيع أن تحول إلى شتاء قارص، وصيف حار ساخن، وانتهى به المطاف لقمة سائغة، وفريسة سهلة للحقد المجوسي الفارسي الإيراني المقيت، يمزقه، ويمتص خيراته، ويسفك دم أبنائه، ويعبث به كيف يشاء..

       ظن الشيعة العراقيون أنهم وصلوا إلى ما يريدون، وحققوا حلمهم الذي كان يراودهم منذ زمن بعيد، كان فيه السنة يحكمون العراق خلال قرون طويلة، وأن من حقهم – كشيعة – حكم العراق؛ كونهم صاروا الطائفة الأكبر كما يظنون، مدفوعين بالزخ الإعلامي المزور للحقائق، المعادي للعراق العربي، والوهم الذي كان يعمي عيونهم عن العداء الإيراني التاريخي للعرب؛ لا يفرقون بين شيعي وسني، ومسلم وغير مسلم..

       كانوا يظنون بإيران خيرا، وأنها حامية المذهب الشيعي، وحاضنة الشيعة، وملجأهم الأخير في العالم كله، وأمهم الحنون الرؤوم التي تحتضنهم وتحن عليهم في حال تعرضوا لأذى، أو جار نظام حكم عليهم..

      وهكذا كان تعاملهم مع إيران أيام حكم صدام، ومرحلة الصراع العراقي الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية التي دامت ثمان سنوات؛ حيث كانوا يتعاطفون مع إيران، وقسم منهم وقف محاربا مع إيران ضد بلدهم العراق في تلك الحرب، وعندما سقط العراق العربي السني محتلا من قبل أمريكا، ونصبتهم أمريكا حكاما له، حملوا العراق كله وسلموه لإيران، وكانوا حصان طروادة الذي دخل الإيرانيون به إلى قلب العراق، والجسر الذي عبر منه الحقد الإيراني الفارسي  الشعوبي المجوسي إلى العراق، ومن خلال العراق إلى أمة العرب كلها، وإلى ما طالته أيدي إيران في العالم..    

       بدأ الحقد الفارسي المجوسي يظهر على السطح شيئا فشيئا حتى غطى خارطة العراق كله ببساط من الدم العراقي المسفوح شيعة وسنة، لا فرق بين أحد منهم، وانتهى إلى استهداف رموز الشيعة العراقيين العرب المعارضين للتدخل الإيراني السافر الذي ابتلع العراق كله بسنته وشيعته، ونفطه ومائه، وتاريخه وحاضره ومستقبله، مفكرين وصحفيين وأصحاب رأي وموقف معارض أو مخالف أو متململ من هذا التغول الإيرني المقيت. 

     هنا بدأت ردة الفعل الشيعية العربية العراقية في بدايتها صغيرة ضعيفة تمشي على استحياء، ثم ما لبثت أن انطلقت وتفجرت بثورة عارمة شملت العراق كله، ثم تمركزت في الناصرية وبغداد، واستمرت عاما أو اقتربت من العام، وكادت أن تطيح بالعملية السياسية التي كان يقودها أزلام إيران في العراق برمتها، لولا التدخل الصهيوني الماسوني اليهودي الدولي في قصة كورونا، والشلل التام الذي سيطر على مفاصل الحياة في العالم كله؛ الذي فرض على الناس جميعا التزام منازلهم من جهة، وكذلك المخرج السياسي الذي اتفق عليه ساسة العراق جميعا بإجراء انتخابات مبكرة في العراق، تحسم النزاع والصراع الذي ظاهره سياسي، وباطنه صراع وجود، وأرادوا إنهاء  الخلاف، وامتصاص الثورة والنقمة، بطريقة قانونية دستورية سليمة سلسة من جهة أخرى، مغلفة باللعب على عامل الزمن، واغتيال قادة الحراك الثوري، والتخلص منهم؛ فتنتهي القضية، ويعودون أقوى مما كانوا، ويجهزون على ما تبقى من العراق العربي..

     كان أزلام إيران يظنون أنهم بهذه الطريقة سيضربون عصفورين بحجر واحد؛ سينهون التمرد الجماهيري الشعبي الشيعي العربي العراقي وثورتهم العارمة ضدهم؛ بطريقة دستورية من جهة، ومن جهة أخرى سيمكنون لأنفسهم في الحكم الفاسد المفسد، ولنهجهم الدموي العنفي الإقصائي، ولعمليتهم السياسية الإيرانية الصهيونية التي رتبها لهم الصهاينة اليهود، والصهاينة العرب، والصهاينة الفرس، في السيطرة على العراق وحكمه والتحكم به إلى قيام الساعة، وإسكات كل صوت حر فيه، وإنهاء كل ما يمت للعراق العربي بصله، وإلحاقه بإيران كضيعة من ضياعها كما صرح بذلك السستاني بعد الاحتلال الأمريكي الإيراني له، عندما رفض الجنسية العراقية التي قدمها له مجلس محافظة النجف، قائلا لهم: أنا لا أحتاجها لأنني أعيش في الأرض الفارسية التي كانت محتلة من العرب، وعادت اليوم أرضا فارسية.   

     لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنهم، والملاح الحكيم والعبادي والعامري سقطوا غرقى في أول موجة عاتية من موجات المد الشعبي الشيعي الجماهيري العراقي الثائر، على الرغم من المقاطعة الواسعة لهذه الانتخابات لاسيما من قبل العرب السنة، فجرفتهم إلى شواطئ إيران، وأبعدتهم عن العراق، وخلصت الشعب العراقي منهم إلى الأبد، وما ينتظرهم من مصير أسود أراه قريبا، إذا أحسن الصدريون والعرب السنة والأكراد استغلال الفرصة، واستثمار نتائج الانتخابات بطريقة ذكية صحيحة.

يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى