مقالات

إسرائيل، إيران من اللاعب إلى المتفرج!

معاذ عبدالرحمن الدرويش

كاتب و مدون سوري
عرض مقالات الكاتب

في عالم كرة القدم الجميع يحلم أن يكون لاعبا” مؤثرا”، يشارك في الأحداث و يسجل الأهداف و يثير عواطف جمهوره، أمام الكاميرات و تحت الأضواء، و ألا يكون مجرد مشجع مغمور وسط آلاف المتفرجين، و لا ينوبه سوى نوبات العاطفة ما بين الحزن و الفرح و الغضب و الرضا.
أما في عالم السياسة يكون الوضع أكثر إثارة و أكثر خطورة، فإذا لم تكن لاعبا” مؤثرا في ساحة الميدان ستتحول إلى كرة تتقاذفها أقدام الآخرين، فالأمر هنا يتعدى اللعبة للتسلية، إلى مستقبل شعوب و مصير أمم.
لكن ما توصل له علم السياسة في السنوات الأخيرة، أنك من العبقرية و الدهاء أن تجلس متفرجا بعيدا” عن ساحات الميادين.

لسنوات قريبة كانت إسرائيل هي العدو اللدود لدى شعوب المنطقة، و كانت تشكل هاجسا” عدائيا” لدى معظم لا بل كل شعوب المنطقة.
و لسنوات قريبة كانت إسرائيل تخوض معاركها و حروبها بجنودها – بعيدا” عن تقييم مصداقية و جدية تلك الحروب.
و بين ليلة و ضحاها نجد إسرائيل كيف إنسحبت و بكل هدوء لتقف متفرجة، فيما ينزل اللاعب الإيراني البديل لساحة الملعب و المعركة.
و بين يوم و ليلة تتغير بوصلة العداء العربي من تل أبيب إلى قم و طهران.
و يستلم العدو الإيراني الراية، و يكون عند حسن ظن من سلمه تلك الراية و ترك له ساحات الميادين ، فيتمادى في عدائه و يبدع في بث سمومه، حتى بدى العدو الإسرائيلي عصفور سلام.

لكن العدو الإيراني ليس بهذا الحجم من الغباء لكي يستمر إلى ما لا نهاية في خوض المعركة بالنيابة عن إسرائيل.
و هي تدرك جيدا” كم كانت المعركة خاسرة عندما خاضت الحرب بجنودها و بشكل مباشر مع العراق في الثمانينات أيام صدام حسين،
و بدأت تسير على خطا المشغل الإسرائيلي.
فباشرت بتجنيد أبناء المنطقة العربية و أول ما بدأت بالعراق- بعد أن دخلته مع الإحتلال الأمريكي- و من ثم تبعته في لبنان و سوريا و اليمن.
و نجحت في غسيل أدمغة “الشيعة” الغير إيرانيين و نجحت بزجهم بكل سعادة في ساحات الموت، من أجل الإنتصار للحسين و الثأر لزينب و العزة للخميني و خامنئي و ….
ففي العراق من يخوض المعركة هم أبناء العراق الشيعة، و في لبنان من يخوض المعركة هم اللبنانيين الشيعة، و في اليمن الحوثيين الشيعة، و في سوريا جلبت كل هؤلاء مع الأفغان الشيعة بالإضافة إلى شبيحة الأسد و غيرهم و خاضوا المعركة بالنيابة عنها.
لا شك يوجد بعض الجنود و بعض الإستشاريين الإيرانيين ، لكن نسبتهم تكاد لا تذكر أمام غالبية تلك الميليشيات و التي هي بالأساس من أبناء البلد الأم مع الأسف.
الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، و إذا إستمرت الأمور تسير بهذا السياق فحتى الميليشيات الإيرانية ذات يوم ستقف متفرجة، و ستكون المعركة القادمة ضمن الدائرة الأضيق ، معركة داخلية بين العرب و السنة ببعضهم البعض.
و مع الأسف الإنقسامات في المجتمعات العربية
العرقية و الدينية و السياسية تسير على قدم و ساق، و في معظم البلاد العربية، ما بين إخوان و غير إخوان، ما بين يسار و يمين، و غيرها ،
و التجييش لهذه الإنقسامات يسير بطريقة مرعبة .
فهل سنصحو قبل فوات الآوان؟.
أم أن على قلوب أقفالها؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى