منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة 73

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الجزء الثالث: الدولة العباسية
18- المقتدر بالله جعفر بن طلحة الْمُوفق بن جعفر المتوكل
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَخِيه المكتفي سنة 295هـ
و كان عمره 14 سنة وقيل 13 سنة وشهراً واحداً
خلع في ربيع الأول سنة 296هـ بابن عمه عبد الله بن المعتز ليوم واحد
خلع المرة الثانية سنة (317هـ) بابن أخيه القاهر بالله محمد ليومين
قتل يَوْم الْأَرْبَعَاء 27 شَوَّال سنة 320هـ
وعمره 38 سنة، وقيل: 38 سنة، وشهراً واحداً، و5 أيام.
كَانَت خلَافَتة أَولاً وَثَانِياً وثالثاً 25 سنة إِلَّا بضعَة عشر يَوْمًا.
وقيل: 24 سنة وأشهراً. ولي بعده
اسمه ونسبه:
أَبُو الْفضل، جَعْفَر بن ولي الْعَهْد الْمُوفق طَلْحَة بن المتَوَكل جَعْفَر بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون. العباسي، الْهَاشِمِي، أَمِير الْمُؤمنِينَ. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص153، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 178)
وَأمه أم ولد روميّة اسمها: شغب. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص153، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 178)
صفاته وسماته الشخصية:
كَانَ النِّسَاء قد غلبن عَلَيْهِ. وَكَانَ سخياً، مبذراً، يصرف فِي كل سنة لِلْحَجِّ أَكثر من ثلثمِائة ألف دِينَار. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
وَكَانَ فِي دَاره أحد عشر ألف غُلَام خصيان – غير الصقالبة وَالروم والسود . (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
وَقَالَ الصولي: كَانَ المقتدر يفرق يَوْم عَرَفَة من الْإِبِل وَالْبَقر أَرْبَعِينَ ألف رَأس، وَمن الْغنم خمسين ألفا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
وَيُقَال: إِنَّه أتلف من المَال ثَمَانِينَ ألف ألف دِينَار، حَتَّى أتلف نَفسه بِيَدِهِ من سوء تَدْبيره . (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
واشتغل المقتدر باللعب مَعَ الندماء والمغنين، وعاشر النِّسَاء، وَغلب أَمر الْحرم والخدم على الدولة، وأتلف الخزائن. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183) وَمَعَ هَذَا كَانَ عِنْده بَقِيَّة، وعسكر هائل. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183)
قيل: إِنَّه لما بعث ملك الرّوم رسله إِلَيْهِ عبَّأ لَهُم المقتدر العساكر، وصفت الدَّار بالأسلحة وأنواع الزِّينَة. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183)
وَكَانَت جملَة الْعَسْكَر المصفوف حِينَئِذٍ مائَة ألف وَسِتِّينَ ألفا. ووقفت الغلمان الحجرية بالزينة والمناطق الذَّهَب، ووقف الخدم الخصيان كَذَلِك، ووقفت الْحجاب – وَكَانُوا سَبْعمِائة حَاجِب. وألقيت المراكب فِي دجلة بالنفط والدبادب، ولعبوا فِي الْبَحْر. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
وزينت دَار الْخلَافَة بالستور والبسط؛ فَكَانَت جملَة الستور الْمُعَلقَة ثَمَانِيَة وَثَلَاثُونَ ألف ستر، مِنْهَا ديباج مَذْهَب إثني عشر ألف ستر وَخَمْسمِائة. وَجُمْلَة الْبسط إثنين وَعشْرين ألف بِسَاط. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
وَكَانَ بدار الْخلَافَة يَوْم ذَاك مائَة سبع مَعَ مائَة سَبَّاع. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
وَكَانَ فِي جملَة الزِّينَة شَجَرَة من ذهب وَفِضة، تشْتَمل على ثَمَانِيَة عشر غصناً، وأوراقها أَيْضا من ذهب وَفِضة، وَأَغْصَانهَا تتمايل بحركات مَوْضُوعَة، وعَلى الأغصان طيور من ذهب وَفِضة، تنفخ فِيهَا الرّيح؛ فيصفر كل طير بلغَة، وَأَشْيَاء غير ذَلِك. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
قلت: هَذَا بعد أَن ضعف أَمر الْخلَافَة؛ فَمَا بالك بأيام الرشيد وَمن قبله إِلَى من بعده إِلَى أَيَّام المعتضد. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
بيعته وخلافته:
ولي الخلافة ثلاث مرات على ما سنذكره:
خلافته الأولى:
بُويِعَ بالخلافة بعد موت أَخِيه المكتفي يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ (295هـ)، وكان عمره يوم بويع له أَربع عشرَة سنة. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص153، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 178) وقيل ثلاث عشرة سنة وشهراً واحداً، (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص160) وقيل: ثلاث عشرة سنة. واختلفوا في بلوغه. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص153)
واستخلف المقتدر بعد أَخُيه المكتفي، بتفويضه فِي مَرضه، بعد أَن سَأَلَ عَنهُ المكتفي وَصَحَّ عِنْده أَنه احْتَلَمَ؛ فبويع المقتدر. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 177)
وقد استشار الوزير العباس بن الحسن أصحابه لما ثقل المكتفي في مرضه فيمن يصلح للخلافة. فقالوا له: اتّق الله ولا تولّ من قد لقي الناس ولقوه وعاملهم وعاملوه، فقال الوزير: صدقتم ونصحتم، فبمن تشيرون. قالوا: أصلح الموجودين جعفر بن المعتضد. قال: ويحكم هو صبيّ. قال ابن الفرات: إلا أنه ابن المعتضد ولا نأتي برجل كامل يباشر الأمور بنفسه غير محتاج إلينا، فركن الوزير الى قولهم. فلما مات المكتفي، نصب جعفراً للخلافة وأخذ له البيعة ولقبه المقتدر بالله. فلما بويع المقتدر استصغره الوزير وكان عمره إذ ذاك ثلث عشرة سنة. وكثر كلام الناس فيه فعزم على خلعه. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
وَلما اسْتخْلف المقتدر فِي هَذِه الْمرة الأولى لم يتم أمره؛ لصِغَر سنة وتغلب عَلَيْهِ الْجند. وَاتفقَ جمَاعَة من الْأَعْيَان على خلعه من الْخلَافَة وتولية عبد الله بن المعتز، وكلموا ابْن المعتز فِي ذَلِك ؛ فأجابهم بِشَرْط أَن لَا يكون فِيهَا دم؛ فَإِنَّهُ كَانَ عَالماً، فَاضلاً؛ ديناً، أديباً، شَاعِرًا، فَأَجَابُوهُ لذَلِك وَكَانَ رَأْسهمْ مُحَمَّد بن دَاوُد بن الْجراح، وَأَبُو الْمثنى أَحْمد بن يَعْقُوب القَاضِي، وَالْحُسَيْن بن حمدَان، وَاتَّفَقُوا على قتل المقتدر ووزيره الْعَبَّاس وفاتك. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 178)
خلعه وتولية عبد الله بن المعتز
فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين (296هـ) اجتمع القوّاد والقضاة مع الوزير على خلع المقتدر بالله والبيعة لابن المعتزّ. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179)
فركب الْحُسَيْن بن حمدَان والقواد، وقتل ابْن حمدَان الْوَزير؛ فَأنْكر عَلَيْهِ فاتك؛ فعطف على فاتك فَقتله. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص154)
ثمَّ شدّ على المقتدر – وَكَانَ يلْعَب بالصوالجة – فَسمع الضجة؛ فَدخل وأغلقت الْأَبْوَاب؛ فَعَاد ابْن حمدَان وَنزل وأحضر عبد الله بن المعتز والقواد والقضاة والأعيان وَبَايَعَهُ، وخُلِعَ المقتدر من الْخلَافَة وَهُوَ مُقيم بِالْحَرِيمِ دَاخل دَار الْخلَافَة. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179)
فَكَانَت خلَافَة المقتدر إِلَى يَوْم خلع بإبن المعتز دون السّنة. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179)
خلافته الثانية:
أُعِيد إِلَى الْخلَافَة فِي صَبِيحَة الْغَد ثَانِي يَوْم خُلِعَ بِعَبْد الله بن المعتز؛ فَكَانَ خلعه من الْخلَافَة بِابْن المعتز يَوْمًا وَاحِدًا، وَلم ينْتَقل من دَار الْخلَافَة، بل امْتنع بهَا عِنْد خلعه ومبايعة عبد الله بن المعتز، ثمَّ أصبح بمن مَعَه وَقَاتل أعوان ابْن المعتز وَهَزَمَهُمْ، وأعيد للخلافة وَلم يُغير لقبه. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183)
وَاسْتمرّ فِي الْخلَافَة، وظفر بأعدائه وَاحِدًا بعد وَاحِد، وظفر بِابْن المعتز وَقَتله. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183)
واستوزر أَبَا الْحُسَيْن بن عَليّ بن مُحَمَّد بن الْفُرَات؛ فَسَار ابْن الْفُرَات فِي النَّاس أحسن سيرة، وكشف الْمَظَالِم، وفوض إِلَيْهِ المقتدر جَمِيع الْأُمُور؛ لصِغَر سنه. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 183)
خلعه للمرة الثانية:
وفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة (317هـ) خُلِع المقتدر بالله من الخلافة وبويع أخوه القاهر بالله محمد بن المعتضد فبقي يومين ثم أعيد المقتدر. (الكامل في التاريخ 6/ 736، تاريخ مختصر الدول 1/ 157)، وقيل: أُعِيد ثَالِثاً إِلَى الْخلَافَة بعد ثَلَاثَة أَيَّام. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184)
خلافته للمرة الثالثة:
وَلما أُعِيد إِلَى الْخلَافَة للمرة الثالثة كتب بذلك إِلَى سَائِر الْبِلَاد، وَتمّ أمره، ثمَّ بذل الْأَمْوَال فِي الْجند حَتَّى أنفذ الخزائن وَبَاعَ ضيَاعًا وَغَيرهَا حَتَّى تمم عطاءهم. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 187)
أعماله وأهم الأحداث في خلافته:
وخلع المقتدر على أبى الحسن عليّ بن محمد بن موسى بن الفرات وقلّده الوزارة يوم الاثنين الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة خمس وتسعين ومائتين (295هـ). (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)

  • وفي يوم الأربعاء رابع ذي الحجة قبض المقتدر باللَّه على ابن الفرات وعلى جميع أسبابه وقلّد الوزارة أبا عليّ محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وخلع عليه وقلّده سيفاً وانصرف. وولى ابنه عبد الله بن محمد خلافة أبيه في الوزارة. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
  • وفي سنة (296هـ) سقط ببغداد ثلج كثير من بكرة الى العصر فصار على الأرض اربع أصابع وكان معه برد شديد وجمد الماء والخلّ والبيض وهلك النخل وكثير من الشجر. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
  • وفي سنة إحدى وثلاث مائة (301هـ) عاد عليّ بن عيسى بن الجرّاح من مكة، شرّفها الله تعالى، وقبض المقتدر على الخاقانيّ وابنه وولى عليّ بن عيسى الوزارة . (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
  • وفي سنة ثلث وثلاثمائة (303هـ) خرج الحسين بن حمدان بالجزيرة عن طاعة المقتدر فجهّز الوزير رائق الكبير في جيش وسيّره إليه فالتقيا واقتتلا قتالاً شديداً فانهزم رائق وغنم الحسين سواده. فسمع ذلك مؤنس الخادم وجدّ بالسير نحو الحسين فرحل الحسين نحو ارمينية مع ثقله وأولاده وتفرق عسكره عنه فأدركه جيش مؤنس وأسروه ومعه ابنه عبد الوهّاب. وعاد مؤنس إلى بغداد على الموصل ومعه الحسين، فأركب على جمل هو وابنه وعليهما البرانس واللبود الطوال وقمصان من شعر أحمر وحبسا. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
  • وفي سنة (303هـ) أيضاً خرج مليح الارمني إلى مرعش فعاث في بلدها وأسر جماعة ممن حولها وعاد. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
  • وفي سنة أربع وثلاث مائة (304هـ) قبض المقتدر على عليّ بن عيسى في ذي الحجة وأعاد ابن الفرات إلى الوزارة وهي وزارته الثانية. ويقال إنه حين خلع عليه بالغداة زاد في آخر النهار في ثمن الشمع والكاغد والثلج. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
  • وفي سنة خمس وثلاثمائة (305هـ) وصل رسولان من ملك الروم إلى المقتدر يطلبان المهادنة والفداء، فأُكرِما إكراماً تاماً كثيراً، ودخلا على الوزير وهو في أكمل هيئة وأديا الرسالة اليه. ثم انهما دخلا على المقتدر وقد جلس لهما واصطفّت الأجناد بالسلاح والزينة التامة وأدّيا الرسالة. فأجابهما المقتدر إلى ما طلب ملك الروم من الفداء وسيّر مؤنسا الخادم ليحضر الفداء وأنفذ معه مائة ألف وعشرين ألف ديناراً لفداء أسارى المسلمين. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156)
  • وفي سنة (305هـ) أيضاً أطلق أبو الهيجاء بن حمدان وأخوته وأهل بيته من الحبس. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156)
  • وفي سنة ست وثلاث مائة (306هـ) قبض على ابن الفرات واستدعى حامد بن العباس من واسط، وكان والياً عليها، فقلّده الوزارة ،وأضيف إليه عليّ بن عيسى (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
  • وفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة (311هـ) قبض على حامد بن العباس وأعيد ابن الفرات إلى الوزارة وهي وزارته الثالثة ونفى حامد بن العباس إلى واسط فدسّ عليه ابن الفرات من قتله بالسم . (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
  • وفي سنة اثنتي عشرة وثلاث مائة (312هـ) قبض على ابن الفرات في ربيع الأول وولى مكانه أبو القاسم عبد الله بن أبى عليّ الخاقانيّ وهرب المحسن بن الفرات واختبأ عند امرأة فظفروا به وحملوه إلى دار السلطان وقطعوا رأسه ووضعوه بين يدي أبيه ثم حزّوا رأس أبيه وحملوا الرأسين إلى المقتدر . (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
  • وفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة (315هـ) استشعر مؤنس الخادم خوفاً من المقتدر فامتنع من دخول دار المقتدر. فاجتمع إليه جميع الأجناد وقالوا له: لا تخف نحن نقاتل بين يديك إلى أن ينبت لك لحية. فوجّه إليه المقتدر رقعة بخطه يحلف له على بطلان ما قد بلغه. فقصد دار المقتدر في جمع من القوّاد ودخل إليه وقبّل يده. وحلف له المقتدر على صفاء نيته له. (تاريخ مختصر الدول 1/ 157)
  • وفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة (317هـ) مات محمد بن جابر بن سنان أبو عبد الله الحرّاني المعروف بالبتّاني أحد المشهورين برصد الكواكب ولا يعلم أحد من الإسلام بلغ مبلغه في تصحيح إرصاد الكواكب، وامتحان حركاتها. وكان أصله من حرّان صابئاً. (تاريخ مختصر الدول 1/ 158)
  • وفي سنة عشرين وثلاثمائة (320هـ) توفي محمد بن زكريا الرازيّ وكان في ابتداء امره يضرب بالعود ثم ترك ذلك وأقبل على تعلم الفلسفة فنال منها كثيراً، وألّف كتباً كثيرة أكثرها في صناعة الطبّ، وسائرها في المعارف الطبيعيّة، ودبّر بيمارستان الريّ ثم بيمارستان بغداد زمانا. وكان في بصره رطوبة لكثرة أكله الباقلّى ثم عمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه، وجاءه كحال ليقدحهما فسأله عن العين كم طبقة هي. فقال: لا اعلم. فقال له: لا يقدح عينيّ من لا يعلم ذلك، فقيل له: لو قدحت لكنت أبصرت. قال: لا، قد أبصرت في الدنيا حتى مللت. (تاريخ مختصر الدول 1/ 158)
    وقيل ان أبا بكر محمد بن زكريا الرازي أوحد دهره وفريد عصره جمع المعرفة بعلوم القدماء لا سيما الطبّ وكان شيخا كبير الرأس مسفّطا. ولم يكن يفارق النسخ إما يسودّ أو يبيّض. وألّف في الكيمياء اثني عشر كتاباً وذكر أنها أقرب إلى الممكن منها إلى الممتنع. وكان كريما متفضلا بارّا بالناس حسن الرأفة بالفقراء والأعلّاء حتى كان يجري عليهم الجرايات الواسعة ويمرّضهم. (تاريخ مختصر الدول 1/ 158)
    مقتله:
    وفي سنة عشرين وثلاثمائة (320هـ) ضرب مؤنس الخادم مضاربه بباب الشماسيّة وبقي أياما ينتظر أن يترضّاه المقتدر فلم يلتفت فوجّه خادمه بشرى برسالة إلى المقتدر. فسأله الوزير الحسين عن الرسالة. فقال: لا أذكرها إلّا للمقتدر كما أمرني صاحبي. فشتمه الوزير وشتم صاحبه وأمر بضربه وصادره بثلاثمائة ألف دينار. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص159، تاريخ مختصر الدول 1/ 157)
    فلما بلغ مؤنساً ما جرى على خادمه انتظر أن يطيب المقتدر قلبه، فلما لم يَرَ للصلح وجهاً توجه نحو الموصل ومعه جميع القواد، وكتب الخليفة إلى بنى حمدان يؤلّبهم على مؤنس، فاجتمع بنو حمدان على محاربته. ولما قرب مؤنس من الموصل كان في ثمانمائة فارس واجتمع بنو حمدان في ثلاثين ألفاً فالتقوا واقتتلوا فانهزم بنو حمدان واستولى مؤنس على أموالهم وديارهم فخرج إليه كثير من العساكر من بغداد والشام ومصر لإحسانه إليهم (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص159، تاريخ مختصر الدول 1/ 157)
    ثم إن مؤنس قصد مصر وجمع خلائق من البربر وسار بهم مع جند الشام وديار بكر الذين تبعوه بعد هرب بنى حمدان. وحين قرب من بغداد أشار على المقتدر أصحابه بحضور الحرب فان القوم متى رأوه عادوا جميعهم إليه، فخرج وهو كاره، يوم الأربعاء لثلاث خلون من شوال وبين يديه الفقهاء والقراء وحوله كل عالم وزاهد ببغداد، ومعهم المصاحف منشورة والناس يدعون له، فلما انتهى إلى باب الشماسية وقف هناك وعبّأ الجيش أحسن تعبئة (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص159، تاريخ مختصر الدول 1/ 157)
    ووقف المقتدر على تلّ عال بعيد عن المعركة. فأرسل قوّاده يسألونه التقدّم. فلما تقدّم من موضعه انهزم أصحابه قبل وصوله إليهم. فأراد الرجوع فلحقه قوم من المغاربة وشهروا عليه سيوفهم. فقال: ويحكم أنا الخليفة. قالوا: قد عرفناك. وضربه واحد بسيفه على عاتقه فسقط إلى الأرض وذبحه بعضهم، ورفعوا رأسه على خشبة وهم يكبّرون ويلعنونه، وأخذوا جميع ما عليه حتى سراويله وتركوه مكشوف العورة وبقيت جثّته مرميّة على الأرض إلى أن مرّ به رجل من الأكرة فرأى عورته مكشوفة فغطّاه بحشيش ثم حفر له في موضعه ودفن وعفا قبره، فلا يعرف له قبر. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص159، تاريخ مختصر الدول 1/ 157، (مورد اللطافة في منولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
    وحمل رأسه وعمامته إلى مؤنس، فلما رأى رأسه وعمامته لطم على وجهه وبكى، وأنفذ إلى دار الخليفة مَن منعها من النهب. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص159، تاريخ مختصر الدول 1/ 157، مورد اللطافة 1/ 189)
    وكان مقتله يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشْرين شَوَّال سنة عشْرين وثلثمائة (320هـ) (مورد اللطافة في منولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
    وَكَانَت خلَافَة المقتدر أَولاً وَثَانِياً وثالثاً خمْساً وَعشْرين سنة إِلَّا بضعَة عشر يَوْمًا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189) وقيل: كانت خلافتة خمساً وعشرين سنة، (تاريخ مختصر الدول 1/ 158) وقيل: أربعاً وعشرين سنة وأشهراً. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص160)
    وعمره يوم قتل ثماني وثلاثين سنة. (تاريخ مختصر الدول 1/ 158) وقيل: ثمان وثلاثين، وشهراً، وخمسة أيام. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص160)
    ولم يل الخلافة من اسمه جعفر إلا هو وجده المتوكل وقتلا جميعاً. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص160)
    وأعيد بعده إِلَى الْخلَافَة القاهر ثَانِيًا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 189)
    خلافة عبد الله بن المعتز يوماً واحداً:
    اجتمع القوّاد والقضاة مع الوزير على خلع المقتدر بالله والبيعة لابن المعتزّ. وذلك ظهر يَوْم السبت الْعشْرين من شهر ربيع الأول سنة سِتّ وَتِسْعين (296هـ) (تاريخ مختصر الدول 1/ 155، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179)
    فقصدوا بأسرهم دار عبد الله بن المعتز وبايعوه، وحضرت صلاة المغرب ولا يشك أحد في تمام الأمر له، وسمّى نفسه المنتصف باللَّه، وقيل لقب المرتضي بالله، واستوزر محمد بن داود ابن الجراح. وكان قد تخلّف في دار السلطان مع المقتدر سوسن الحاجب، وصافى الحرمي، ومؤنس الخازن، ومؤنس الخادم المعتضدي، وعدّة من الغلمان. وأما سائر الجند من العرب والترك وغيرهم وسائر الكتّاب والقضاة فكلهم أصبحوا ومضوا إلى دار الخليفة المنتصف باللَّه أبى العباس عبد الله بن المعتز . (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص154)
    ووجّه المنتصف إلى المقتدر يأمره بالانتقال إلى الدار التي كان مقيماً فيها لينتقل هو إلى دار الخلافة، (تاريخ مختصر الدول 1/ 155، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص154، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 179) وكان ابن المعتز دبّر في الليل وقسّم الجند قسمين: قسم يقصدون الدار من جانب الماء وقسم يقصدون الدار من جانب البر إن امتنع المقتدر والجماعة الذين في الدار عن تسليمها. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص154)
    فأجابه المقتدر بالسمع والطاعة، وسأل الإمهال إلى الليل. وفي بكرة يوم الأحد وجّه الوزير إلى صاحب خزانة الكسوة يأمره بتنفيذ البردة والقضيب والخاتم فجاء الرسول يقول: إن مولانا المقتدر قد لبسها. فلما بلغ ذلك إلى ابن المعتز التفت إلى من حوله من الكتّاب والقضاة والأجناد وقال: قد آن للحق أن يتضح وللباطل أن يفتضح. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص155)
    ثم أمر ابن المعتز الحسين بن حمدان أن يقدّم قوماً يركبون من جهة الماء في السفن ليشغلوهم ويركبوا هم من البر، ويتقدّم الحسين بن حمدان قبل ابن المعتز، فخرج الحسين وأمر قوماً من الجند قصد الدار من ناحية الماء فتكاسلوا تهاوناً بمن بالدار، ورأى الحسين ما لا يعدّ من العامة حول الدار بالأسلحة يعاونون من بها، وقد قويت قلوبهم بهم وخرجوا يناوشون أصحاب الحسين بن حمدان فحاربهم ساعة فأصاب ابن حمدان حجر مقلاع شجّ وجهه، وسهم في جنبه فكرّ راجعاً إلى داره ليشدّ جراحته وكان هو مقدم الجيش فلما رآه العسكر كذلك كرّوا راجعين وانهزموا. وقصد داره وشدّ جراحته ودخل إليه إنسان من عسكره فأعلمه أنه لم يبق من العسكر أحدٌ حول الدار وأنَّ الغلبة للعامة وأنَّ المقتدر قد ركب، فقام الحسين بن حمدان وركب وحده، وأخذ طريق سامراء عائدا إلى ولايته وهي الموصل (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص155)
    ولم يكن بقي مع المقتدر من القوّاد غير مؤنس الخادم ومؤنس الخازن، ولما رأى ابن المعتزّ ذلك ركب ومعه وزيره محمد بن داود وغلام له، وساروا نحو الصحراء ظناً منهم أنَّ مَن بايعه من الجند يتبعونه. فلما لم يلحقهم أحد رجعوا، واختفوا ووقعت الفتنة والنهب والقتل ببغداد، وثار العيّارون والسفل ينهبون الدور وخرج المقتدر بالعسكر وقبض على جماعة وقتلهم، وكتب إلى أبي الهيجاء بن حمدان يأمره بطلب أخيه الحسين فانهزم الحسين وأرسل أخاه ابراهيم يطلب له الامان فأجيب إلى ذلك ودخل بغداد، وخلع عليه وعقد له على قمّ وقاشان فسار إليها. (تاريخ مختصر الدول 1/ 155)
    ثم إن العامة تكاثروا ورموا من كان قد بقي من العسكر بالأجر وصاحوا: المقتدر باللَّه يا منصور. وسمع ابن المعتز الضجة فقال: ما الخبر؟ دخل ابن حمدان؟ ثم قال: قدّموا الفرس لأركب فقيل له: إنّ ابن حمدان قد هرب على وجهه، والجند قد تبدّدوا فقال: العامة معنا أو علينا؟ فقالوا له: بل علينا، ثم اقتربوا من داره ورموها بالمقاليع، فأراد أن يأخذ لنفسه من جانب الماء وإذا بنحو خمس مائة قطعة من السفن تُقْبِل إلى داره من نحو دار السلطان وفيها الدبادب والبوقات والغلمان بالعدّة والأسلحة وجماعة من النفّاطين بالزراقات والمقدّم عليهم غريب خال المقتدر. فحين رآهم نحب قلبه وأيقن بالهلاك وجعل من بقي من الناس عنده في الدار يتسللون واحداً واحداً ويخلطون أنفسهم بالعامة، وبعضهم رمى بنفسه إلى الماء فسبح ونجا. وجاء القوم وأخذوا عبد الله بن المعتز إلى دار السلطان على أقبح حال. وهو حافى، وكان سوسن الخادم واقفاً على باب الماء فصفعه صفعة وقع على وجهه فلعنه كل من حضر وأدخل الدار ولفّ في كساء وشدّ طرفاه حتى اختنق وحمل إلى داره ودفن بها. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص156)
    وكان ابن المعتزآدب بنى العباس وأشعرهم وأعرفهم بالفقه والأحاديث والقرآن، إلا أن حرفة الأدب أدركته. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص156)
    خلافة القاهر باللَّه محمد بن المعتضد باللَّه ليومين:
    وفي سنة سبع عشرة وثلاث (317هـ) مائة شغب الجند على المقتدر باللَّه وكان رئيسهم نازوك وكبسوا الدار عليه وذلك لاستيلاء أمه على الدولة فهربت أمه وأولاده وهرب هو ودخل دار مؤنس المظفر خادم المعتضد وكان شيخ الدولة ومقدمها فدخلوا وراءه وألزموه الخلع، فخلع نفسه وقصدوا دار الأمير أبى منصور محمد بن المعتضد باللَّه فحملوه إلى دار السلطان فى الثلث الأخير من ليلة السبت للنصف من المحرّم وسلّم عليه بالخلافة وبايعه مونس والقوّاد ولقّب القاهر بالله. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص158، تجارب الأمم وتعاقب الهمم 5/ 269)
    وبعد ذلك بيومين طالب الجند بأرزاقهم وقصدوا الدار وشتموا نازوك فأغلظ عليهم في القول فقتلوه ودخلوا وأخرجوا القاهر من الدار، وردّوه إلى داره ومضوا كلهم رجّالة إلى دار مؤنس وأخذوا المقتدر على رءوسهم وحملوه إلى دار السلطان وجدّدوا له البيعة. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص158)
    فيقال: ما رئي ولا عهد أن خليفة خلع مرتين وعاد إلى الخلافة إلا المقتدر باللَّه. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص158)
    الحـــلاج:
    وفي سنة تسع وثلاثمائة (309هـ) قتل الحلاج: الْحُسَيْن بن مَنْصُور على الزندقة. وكان ابتداء حاله أنه كان يظهر الزهد ويظهر الكرامات، (تاريخ مختصر الدول 1/ 156، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 184) وقيل أنه حرّك يوماً يده فانتثر على قومٍ دراهم، فقال بعض من تفهّم أمره ممن حضر: أرى دراهم معروفة، ولكني أؤمن بك وخلق معي إن أعطيتني درهماً عليه اسمك واسم أبيك. فقال: وكيف وهذا لا يصنع. فقال له: من أحضر ما ليس بحاضر صنع ما ليس بمصنوع، وكان قدم من خراسان إلى العراق وسار إلى مكة فأقام بها سنة في الحجر لا يستظلّ تحت سقف شتاءً ولا صيفاً، ورئي في جبل أبي قبيس على صخرة حافياً مكشوف الرأس، والعرق يجري منه إلى الأرض. وعاد الحلاج إلى بغداد فافتتن به خلق كثير، واعتقدوا فيه الحلول والربوبيّة. ثم نقل عنه إلى الوزير حامد أنه أحيا جماعة من الموتى. فلما سأله الوزير عن ذلك أنكره وقال: أعوذ بالله أن ادّعي النبوة أو الربوبية وإنما أنا رجل أعبد الله. فلم يتمكن الوزير من قتله حتى رأى له كتابا فيه: إن الإنسان إذا أراد الحجّ ولم يمكنه، أفرد من داره بيتاً طاهراً فإذا حضرت أيام الحجّ طاف حوله، وفعل ما يفعل الحجاج بمكة، ثم يطعم ثلاثين يتيما ويكسوهم، ويعطي كلّ واحد منهم سبعة دراهم. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156)
    فأحضر الوزير القضاة ووجوه الفقهاء واستفتاهم. بعد ما ظهرت منه أمور اقتضت إباحة دمه فأفتى قاضي القضاة أبو عمر، وجماعة الفقهاء وكتبوا بإباحة دمه، فسلمه الوزير إلى صاحب الشرطة، فضربه ألف سوط فما تأوّه لها، ثم صلب وقطع يده ثم رجله ثم رجله الأخرى ثم يده، ثم قتل وأحرق وألقي رماده في دجلة ونصب الرأس ببغداد. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
    واختلف في بلدة الحلاج ومنشإه فقيل من خراسان وقيل من نيسابور وقيل من مرو وقيل من الطالقان وقيل من الريّ. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156)
    وامتحنه ابو الحسين عليّ ابن عيسى وناظره فوجده صفراً من العلوم فقال له: تعلّمك طهورك وفروضك أجدى عليك من رسائل لا تدري ما تقول فيها. لم تكتب إلى الناس بقولك: تبارك ذو النور الشعشعاني الذي يلمع بعد شعشعته. ما أحوجك الى الأدب. وقال أبو الحسن بن الجندي أنه رأى الحلاج وشاهد من شعابيذه أشياء منها تصويره بين يديه بستانا فيه زروع وماء. (تاريخ مختصر الدول 1/ 157)
    وكان رجلا محتالاً مشعبذاً يتعاطى مذاهب الصوفيّة ويدّعي أن الألهية قد حلّت فيه، وانه هو هو. وقيل له وهو مصلوب: قل لا إله الّا الله. فقال: ان بيتاً أنت ساكنه غير محتاج الى السرج. (تاريخ مختصر الدول 1/ 156)
    وكان جماعة من أهل بغداد يحتفظون ببوله في القوارير وبنجاسته في البراني. وكان من جملة هؤلاء القوم نصر القشوري الحاجب وعدّة من خواص الدار. وظهرت له فضائح لا يحسن ذكرها . (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص157)
    أبو طَاهِر القرمطي:
    وفِي سنة سبع عشرَة وثلثمائة (317هـ) سير المقتدر ركب الْحَاج مَعَ مَنْصُور الديلمي؛ فوصلوا إِلَى مَكَّة سَالِمين، فوافاهم فِي يَوْم التَّرويَة عَدو الله أَبُو طَاهِر القرمطي؛ فَقتل الحجيج فِي الْمَسْجِد الْحَرَام قتلاً ذريعاً فِي أَزِقَّة مَكَّة، وَفِي دَاخل الْبَيْت الحرام. وَقتل ابْن محَارب أَمِير مَكَّة، وعرى الْبَيْت، وَقلع بَابه، وقلع قبة بئر زمزم، واقتلع الْحجر الْأسود وَأَخذه، وأصعد رجلاً من أصحابه ليقلع الميزاب، فتردى الرجل على رأسه ومات، فقَالَ القرمطي: لا يصعد إليه أحد ودعوه، فترك الميزاب ولم يقلع، وأخذ أموال الناس، وَطرح الْقَتْلَى فِي بِئْر زَمْزَم. ودفن باقيهم في مصارعهم فى المسجد الحرام من غير أن يصلى عليهم، بطل الحجّ في هذا العام، ثمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَاد هجر وَمَعَهُ الْحجر الْأسود.(المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 13/ 281، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 187، نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك ص110)
    وَكَانَ القرمطي دخل مَكَّة بأناس قَلَائِل – نَحْو السبعمائة نفس – فَلم يطق أحد رده؛ خذلانا من الله. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 187)
    وَصَارَ القرمطي يَقُول بِمَكَّة عِنْد قَتله أَهلهَا: أَنا بِاللَّه وَبِاللَّهِ أَنا … يخلق الْخلق وأفنيهم أَنا. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 187)

وَكَانَ الَّذِي قُتِلَ بِمَكَّة فِي هَذِه الكائنة أَزِيد من ثَلَاثِينَ ألف إِنْسَان، وَسبي من النِّسَاء وَالصبيان مثل ذَلِك. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188)
وَكَانَت مُدَّة إِقَامَته بِمَكَّة سِتَّة أَيَّام. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188)
قَالَ رجل: كنت أطوف بالبيت فإذا بقرمطي سكران وقد دخل المسجد بفرسه، فصفر له حتى بال في الطواف، وجرد سيفه ليضرب به من لحق، وكنت قريبا منه، فعدوت، فلحق رجلا كَانَ إلى جنبي فضربه فقتله، ثم وقف وصاح: يا حمير أليس قلتم في هذا البيت من دخله كَانَ آمنا، فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم. قَالَ: فخشيت من الرد عليه أن يقتلني، ثم طلبت الشهادة، فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربي بالسيف، ثم قلت: اسمع، قَالَ: قل: قلت: إن الله عز وجل لم يرد أن من دخله كَانَ آمنا إنما أراد من دخله فأمنوه، وتوقعت أن يقتلني فلوى رأس فرسه وخرج من المسجد وما كلمني. (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 13/ 282)
وَبَقِي الْحجر الأسود عِنْد القرامطة نَحْو عشْرين سنة وقيل اثنين وعشرين سنة إلاّ شهراً. (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 13/ 281، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188) ويل
وبقي الحجر عندهم ، ثم ردّه على يد محمد بن سنبر، في أيام المطيع لله لخمسٍ خلون من ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثلاثماية (339هـ).
وكان قد بذل بجكم التركي في ردّه، على ما ذكر، خمسين ألف دينار، فما فعلوا. وقالوا: أخذناه بأمر وما نردّه إلاّ بأمر. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188) (نزهة المالك والمملوك في مختصر سيرة من ولي مصر من الملوك ص110)
وَلما أَخَذته القرامطة وسارت بِهِ إِلَى هجر هلك تَحْتَهُ أَرْبَعُونَ جملا.
فَلَمَّا أُعِيد بعد سِنِين إِلَى مَكَّة حمل على قعُود هزيل فسمن الْقعُود. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188)
وَبعد عودة القرمطي إِلَى هجر رَمَاه الله فِي جسده، وَطَالَ عَذَابه، وتقطعت أوصاله، وتناثر الدُّود من لَحْمه، إِلَى أَن مَاتَ. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188)
قلت: وَأمر القرامطة يطول الشَّرْح فِي ذكرهم – لعنهم الله تَعَالَى. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 188)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى