حقوق وحريات

الإنتربول ودوره في تسليم المجرمين!

المحامي عبد الناصر حوشان

عرض مقالات الكاتب


• مفهوم تسليم المجرمين:

  • الاسترداد: هو أن تقوم دولة بتسليم شخص موجود على إقليمها إلى دولة أخرى بناء على طلبها لتحاكمه عن جريمة يعاقب عليها قانونها، أو لتنفيذ حكمٍ صادرٍ عليه من محاكمها.
  • المعاهدات الخاصة بتسليم المجرمين: هي وثيقة مكتوبة بين دولتين أو اكثر وفقا لقواعد القانون الدولي العام، تلتزم بمقتضاها الدول المتعاقدة بأحكام وقواعد التسليم طبقا لما هو وارد في بنود هذه المعاهدات، ولا تمتد أحكامها والتزاماتها خارج هذه الدول، ويشترط فيها:
  • أن تكون معاهدات التسليم مكتوبة بوثيقة، وتخضع لصياغتها وشكلها للقواعد العامة المتعارف عليها في القانون الدولي العام.
  • أن التسليم يكون بين دولتين أو أكثر.
  • معاهدات التسليم هي ملزمة لأطرافها فقط كونها من الاعتبارات المتخذة من الصفة التقاعدية للمعاهدات.
  • الالتزام بين الدول الأطراف لا يكون إلا بما ورد بها من نصوص دون غيرها من نصوص المعاهدات الأخرى مالم تنص المعاهدات ضمن بنودها علي غير ذلك.
    أحكام استرداد المجرمين في القانون السوري:
  • نظّمت نصوص المواد من ” 30 إلى 36 ” من قانون العقوبات السوري لعام 1949 ونصت مواده على شروط الاسترداد وآثاره.
  • وفي عام 1955 صدر القانون رقم” 53 ” الخاص بأصول تسليم المجرمين العاديين وإنشاء لجنة استرداد المـجرمين العاديين. ونصت المادة الأولى من القانون رقم” 53 منه على أنه ” عند عدم وجود معاهدات دولية لها قوة القانون في سورية فإن أحكام تسليم المجرمين العاديين والملاحقين قضائياً بجرائم عادية وأصولية وآثاره تخضع لأحكام هذا القانــون وإلـى المـواد من” 30 وحتى 36 ” من قانون العقوبات، وتطبق هذه الأحـكام أيضاً على جميع الحالات التــي لـم تنظمها المعاهدات الدولية”.
    • طرق الاسترداد:
  • اتبع المشرّع السوري نظاماً مختلطاً ” قضائي ، إداري” ، حيث تتقدم الدولة طالبة الاسترداد بطلبها إلى السلطات السورية بالطريق الدبلوماسي ” وزارة الخارجية” ثم تحيل وزارة الخارجية هذا الطلب مع ملف الاسترداد إلى وزارة العدل التي تحيل الطلب إلى لجنة تسليم المجرمين ، التي تتألف من معاون وزير العدل رئيساً وقاضيين يتم تعيينهما بمرسوم ، وتتمتع هذه اللجنة بجميع صلاحيات قضاة التحقيق مثل استجواب الشخص المطلوب وإيقافه والإفراج عنه وتقوم هذه اللجنة بدراسة الطلب من ناحيتين.
  • من الناحية الشكلية: أي من حيث توفر الشروط القانونية للتسليم، أي التأكد من أن المجرم ليس سورياً أو أنه ليس مجرماً سياسياً.
  • من الناحية الموضوعية: أي التأكد من صحة الجرم المنسوب إليه، والتحقيق في ذلك بالاعتماد على الوثائق والأدلة المقدمة إليها.
  • فإذا وجدت اللجنة أن الشروط الشكلية والموضوعية متوفرة وتحققت من التهمة المنسوبة للمطلوب تسليمه، فعليها أن تقرر تسليمه، ولكن هذا القرار غير ملزم للحكومة السورية التي يبقى لها سلطة تقديرية في تسليم المجرم من عدمه. وعلى النقيض إذا وجدت اللجنة أن الأدلة غير كافية وقررت عدم التسليم فهذا القرار مـلزم للحكومة ويمتنع عليها التسليم في هذه الحالة.
    • تعدد طلبات الاسترداد: ويكون ذلك في حال تقدمت أكثر من دولة إلى الحكومة السورية بطلب تسليمها الجاني الموجـود في سورية، وهذه المسألة لم ينظمها القانون السوري. ولكن تم تنظيمها في اتفاقية الريــــاض العربية التي صادقت عليها سورية عام” 1983″ وبذلك يكون التسليم بين الدول العربية المتـعاقدة وفقاً للأولوية التالية:
  • تكون الأولوية للدولة المتعاقدة التي أضرت الجريمة بمصالحها ” الاختصاص الذاتي”، ثم للـدولة المتعاقدة التي ارتكبت الجريمة على إقليمها ” الاختصاص الإقليمي”، ثم للدولة المتعاقدة التي ينتمي إليها الشخص المطلوب تسليمه بجنسيته عند ارتكاب الجريمة ” الاختصاص الشخصي”. أما في حال اتحدت الظروف فعندئذٍ يفضل الطرف الأسبق في طلب الاسترداد، أما إذا كانت طلبات الاسترداد عن جرائم متعددة قد وردت بتاريخ واحد فالترجيح بينها على حسب ظروف الجريمة وخطورتها والمكان الذي ارتكبت فيه. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية قد أعطت الحق للدولة العربية المطلوب منها الاسترداد في أن تفصل في الطلبات المقدمة إليها بملء حريتها، وبحسب ما تراه مناسباً، وأن تتخذ القرار النهائــي باختيار الدولة التي يسلم إليها الجاني.
    • طلب التسليم: يجب أن يشتمل ملف طلب التسليم اصل المستندات المذكورة أدناه أو صور عنها مصدقة من المرجع القضائي المختص وهي:
  • بيان يتضمن تفصيلاً وافياً عن هوية الشخص المطلوب تسليمه بما فيه جنسيته وأوصافه مع صورته الشمسية إن أمكن.
  • القرار القضائي الوجاهي أو الغيابي المتضمن الحكم بإدانة الشخص المطلوب إذا كان هذا الشخص محكوماً.
  • قرار إحالة الشخص المطلوب على القضاء أو مذكرة التوقيف أو أية مذكرة أخرى صادرة عن السلطة القضائية المختصة إذا لم يكن الشخص المطلوب قد حكم.
  • ادعاء النيابة العامة أو دعوى المدعي الشخصي أو شكوى المشتكي.
  • الإفادات والأدلة التي تثبت إدانة الشخص المطلوب.
  • بيان مفصل عن نوع الجرم وظروفه وتاريخ ومحل وقوعه.
  • النصوص القانونية المطبقة على الجرم.
    • شروط التسليم: يجب أن يتوافر في الاسترداد مجموعة من الشروط كي يكون الاسترداد مقبولاً، وهذه الشروط على نوعين، منها ما يتعلق بالجريمة المطلوب الاسترداد من أجلها، ومنها ما يتعلق بالأشخاص المطلوب استردادهم.
    • الشروط المتعلقة بالجريمة:
  • ازدواج التجريم: تشترط معظم التشريعات والاتفاقيات الدولية أن يكون الفعل المطلوب استرداد المجرم من أجله مجرّماً في كلا الدولتين طالبة الاسترداد والمطلوب منها الاسترداد. واستثنى القانون السوري الحالة المنصوص عنها في المادة ” 33 ” من قانون العقوبات فقبل الاسترداد ” إذا كانت ظروف الفعل المؤلفة للجرم لا يمكن توافرها في سورية بسبب وضعها الجغرافي “.
  • أن يكون الجرم المطلوب من أجله الاسترداد على قدر من الأهمية: يشترط القانون السوري في الجرم المنسوب للشـخص المطلوب تسليمه أن يكون على قدر معين من الأهمية، فلا يقبل القانون تسـليم مجرم إلى دولة طلبت تسليمه لأنه ارتكب مخالفة سير على أرضها. وقد حدد القانون المعيار الذي يقبل التسليم من أجله بأن يكون مجموع عقوبات الجرائم التي سوف يحكم بها هذا الشخص لا تقل عن سـنة حبس، وفي حال صدر بحقه حكم قبل التسليم فيجب ألا يكون هذا الحكم أقل من شهري حبس عن مجمل جرائمه. وقد جاءت الاتفاقية الأوربية لتسليم المجرمين بالنص على هذا الحكم نفسه.
  • ألا تكون الدعوى العامة أو العقوبة قد سـقطت: وتسـقط الدعوى العامة أو العقوبة بأحد أسباب السقوط، بالتقادم أو بالعفو العام أو الخاص. ولا فرق بين أن يكون سقوط الدعوى قد تم وفقاً للقانون السوري أو قانون الدولة طالبة الاسترداد، أو قانون الدولة التي اُقترفت الجريمة على أرضها.
  • ألا يكون قد قضي في الجريمة موضوع الاسترداد قضاء مبرماً في سورية: والحكم المبرم هو الحكم البات واكتسب قوة القضية المقضية واستنفد كل طرق الطـــعن المتاحة.
  • ألا تكون الجريمة مما يحظر التسليم فيها: ويحظر التسليم في الجرائم الآتية:
    الجريمة العسكرية: وهذا الشرط لم ينص عليه قانون العقوبات السوري وإنما جاءت عليه اتفاقيـة الرياض للتعاون القضائي بين جامعة الدول العربية رقم ” 14 ” تاريخ ” 10/10/” 1983. كما أن هذا الشـرط من الأعراف الدوليـة. ويشترط في الجرم العسكري أن يكون الفاعل عسكرياً محضاً، كجرائم الفرار من الجيش وعدم إطاعة الأوامر العسكرية. ويدخل ضمن هذا النطاق الجرائم العادية التي يرتكبها العسكريون.
  • الجريمة السياسية: وهذا الشرط تقر به معظم الدول في وقتنا الحالي، وقد جاء النص عليه في الاتفاقية الأوربية لتسليم المجرمين. وقد نصت على هذا الشرط الفقرة الأولى من المادة” 34 ” عقوبات سوري وجاءت اتفاقية الرياض التي وقعت عليها سورية السالفة الذكر لتـأكيده. ولكن اتفاقية الرياض قد استثنت من الجرائم السياسية ما يلي:
  • التعدي على ملوك الأطراف المتعاقدة ورؤسائها أو زوجاتهم أو أصولهم أو فروعــهم.
  • التعدي على أولياء العهد أو نواب الرؤساء لدى الأطراف المتعاقدة.
  • القتل العمد والسرقة المصحوبة بالإكراه ضد الأفراد أو السلطات أو وسـائل النقـل والمواصلات.
  • الجرائم التي تخالف عقوبتها النظام الاجتماعي: كعقوبة القطع والجلد والكي بالنار.
    • الشروط المتعلقة بالأشخاص: منع القانون السوري تسليم الأشخاص التالية:
  • الرعايا السوريون: وهؤلاء لا يمكن تسليمهم مطلقاً مهما كان الجرم الذي ارتكبوه وعلـى أي أرض كانت. وقد جاء النص على ذلك في قانون العقوبات السوري المادة” 32″ وأكدته جميع الاتفاقيات القضائية التي أبرمتها سورية، شرط أن تتولى سورية محاكمتهم، بموجب إضبارة قضائية تنظمها السلطات القضائيـة في الدولة التي ارتكب السوري جريمته فيها.
  • الأجانب الذين تخضع محاكمتهم لصلاحية القضاء السوري: فإذا ارتكب أجنبي جرمـاً داخلاً ضمن صلاحية القانون السوري سواء كان ذلك استناداً للصلاحية الشخصية أم الذاتية أم الإقليمية وقبضت السلطات السورية عليه فيمتنع تسليمه إلى دولة أخرى من أجل محاكمته على هذا الجرم. وإنما يجب أن تتم محاكمته في سورية حصراً.
  • رجال السلك الدبلوماسي والقنصلي: وهؤلاء يرفض تسـليمهم لغير الدولة التي ينتمـون لها بجنسيتهم.
  • الأرقاء والعبيد: وهو عرف دولي يحظر تسليم هؤلاء الأشخاص إلى أي دولة أخرى ومهما كانت الجريمة التي ارتكبوها.

وحيث أن مهمّة الإنتربول الدولي ” توفير الخبرات والخدمات للدول الأعضاء من خلال قاعدة البيانات الشرطية التي تحتوي على معلومات عن الجرائم والمجرمين ” كالأسماء وبصمات الأصابع وجوازات السفر المسروقة”، ودعم التحقيقات عن طريق تحليل الأدلة الجنائية، والمساعدة في تحديد مكان الفارّين من العدالة في جميع أنحاء العالم. والمشاركة في الجهود الوطنية في مكافحة الجرائم الأكثر أهمية اليوم وهي ” الإرهاب، والجريمة السيبرية، والجريمة المنظمة”، و إسناد التحقيقات والعمليات الميدانية والتدريب والتشبيك.
مما يعني أن دور ” مكاتب الإنتربول الوطنية ” في عملية تسليم المجرمين تنحصر في مساعدة الجهات القضائية الوطنية أو لجان التسليم في عملية التحقيق وتوفير الأمن والمعلومات، وفي تنفيذ المذكرات القضائية، وتنفيذ قرارات الأحكام أو قرارات التسليم، أي أن دوره تنفيذ محض يخضع للرقابة القضائية في البلاد.
وحيث أن اتفاقيات تسليم المجرمين تقوم على مبدأ المعاملة بالمثل فإن شروط تسليم ” السوريين ” في الدول الأخرى تخضع لنفس إجراءات وشروط وأحكام التسليم الواردة في القانون الوطني السوري.
وهذا يعني أن آثار إعادة تفعيل مكتب الإنتربول الوطني في دمشق تنحصر فقط في التضييق على السوريين في بعض الأمور الإجرائية من خلال توزيع النشرات الشرطية وقوائم المطلوبين وخاصة فيما يتعلق بجرائم جوازات السفر أو الإرهاب أو الهجمات السيبرانية. أما المطلوبين سياسياً أو لمحاكمات عسكرية فهذه الإجراءات تخضع لاتفاقيات تسليم المجرين الثنائية المعقودة بين سورية والدول الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى