مقالات

عقدة النقص والتماهي في الآخر!

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب


قال: لا أدري لماذا تعترض على موضات الثياب وقصات الشعر المتجددة والتي يقوم بها بعض شبابنا، رغم أنك مفكر غير تقليدي، وتعرف أن الموضة تعبير عن روح العصر وذات امتدادات عالمية، ثم إنها لا تفد إلا من بلدان شديدة التقدم الحضاري، فما الضير في أن يلبس شبابنا ونساؤنا ما تنتجه بيوت الأزياء في باريس؟ وأين المشكلة إن قام شبابنا بقص شعرهم كما يفعل نجوم الفن وأبطال هوليود في أمريكا؟
فقلت: المشكلة لا تكمن في الجانب القبيح فقط والذي يدوس على الفطرة السوية ويُفسد الذوق العام، إذ قد تكون بعض الثياب والقَصّات جميلة في ذاتها، ولكن الآفة تكمن في المشاعر التي تسكن جوانح الإنسان وتدفعه نحو الإعجاب بكل ما يصدر عن الآخر من مخرجات ثقافية والذهاب نحو تقليده بزهو إلى حد التماهي مع ثقافته!
ومعنى هذا الكلام أن طريقة اللبس وقصة الشعر من مظاهر ما يعتمل في عقل الشخص وقلبه من أفكار ومشاعر؛ ذلك أن التصرفات وليدة التصورات إيجابية كانت أو سلبية، وفي حالة التقليد الشكلي هذه من الواضح أنها تنتج عن عقدة نقص وشعور بالهوان أمام ذلك الآخر، وقد يعاني المقلد من معضلة استعباد ثقافة أصحاب الموضات لقلبه وروحه، وإلا فما الفرق بين الحاكم الذي يفنى في ثقافة الغرب ويتفانى في تقليد سياسته واقتصاده، وبين الشاب الذي ينصاع للموضة تحت ضغط عقدة النقص الناتجة عن الانبهار بحضارة الغرب، ولو في العقل الباطن بالنسبة لبعض الشباب المتدين والذي يقف عاجزا عن الاستقلال بنفسه والاعتزاز بذاته أمام جموع من المقلدين في مجتمعه لما يعتمل في الغرب، وصولا إلى حد الفناء فيه؟!
وكما قال الأديب العربي النصراني العملاق جبران خليل جبران بحق: “إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لا تستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى