مقالات

لابد أن تمطر في موسكو!

د. أسامة الملوحي

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب


عندما قالوا الشمس ستشرق من موسكو تخبطوا ولكنهم أصابوا في أمر وحيد وهو أن الحل في سورية اليوم لابد أن يمر عبر موسكو خاصة بعد أيلول 2015… ليس بتمني شروق الشمس من هناك وانما برجاء هطول الأمطار الغزيرة التي تؤدي الى سيول سياسية داخلية جارفة.
لم يكن عام 2015 هو تاريخ بدء تدخل روسيا في سورية…كانت روسيا تدعم نظام بشار الأسد من بداية الثورة السورية….تدعمه بالأسلحة والذخيرة والمعلومات وتغطيه دوليا في مجلس الأمن والمحافل الدولية ولكن قرارها بمسك كل الخيوط بنفسها كان في ايلول 2015. تدخل روسي تم بعد صفقة تتكشف ضخامتها وعدد المشاركين فيها كل حين:ايران التي ارسلت سليماني على عجل،دول خليجية لم تقصد يوما أن يصل بشار للسقوط،دول عربية كان الانقلابيون فيها بالكاد يكملون اجتثاثهم للثورات في بلادهم،الأمريكان الذين رضوا بالدور الروسي بعد ان فشلوا بايجاد بديل جيد لهم….وٱخرون تابعون شاركوا.
وأفصحت موسكو أن بشار كاد أن يسقط لو لم تتدخل بشكل واسع….وتحدثت الأرض السورية قبل لافروف : 80بالمئة من المناطق السورية لم يكن تحت سيطرة بشار رغم وجود عشرات الميليشيات والمجموعات المسلحة المقاتلة مع النظام.

ولأن روسيا دخلت وتدخلت في سورية عسكريا ولم تدخل مع القوة العسكرية المبيدة الشاملة أي طرح سياسي حقيقي وتمكنت من لم الجميع تحت قيادتها ونفوذها فلابد من النظر إلى روسيا اساسا .
و إذا أردنا معرفة المٱل في سورية فعلينا أن ننظر أيضا لروسيا وأن ننظر لتاريخ لها غير بعيد.
عسكريا كانت هناك تجربتان عسكريتان مديدتان رئيسيتان لروسيا في تاريخها القريب.
تجربة أفغانستان التي استمرت عشر سنوات وخرجت منها روسيا السوفييتية خاسرة حاسرة.
وتجربة الشيشان التي استمرت لاثني عشر سنة على دفعتين واستطاعت روسيا ان تسيطر في النهاية على الشيشان وأن تدخلها مباشرة في الاتحاد الروسي بشكل مباشر رغم وجود بقايا مقاومة في الجبال النائية.
وفي سورية المشهد العسكري الروسي الأقرب حتى الأن هو نموذج الشيشان …..حيث مسحت روسيا بقوتها الجوية والفضائية مدنا بأكملها واستخدمت القصف الجوي الغبي الواسع بدون أسلحة ذكية دقيقة مكلفة واستمرت بحلها الوحيد :قصف جوي يحرق الارض وتقدم للميليشيات فوق ارض محروقة خالية.
وماتزال كذلك تقصف وعلى الارض الميليشيات تقضم ما تبقى من أرض وتحرص إلى حد ما على ترك مناطق الأمن القومي التركي في سورية للنهاية لتضغط ربما فيما بعد لتفاهمات تركية مع نظام بشار الأسد.
وفي المشابهة مع الشيشان نجد مجموعة قادروف السورية… ومن المفترض أن يكون بشار الأسد هو قادروف سورية ولكن اي متابع سيجد ان مجموعة قادروف السورية تحوي وتحتوي مع الموالين للنظام معظم المعارضين الرسميين المعلنين.
مجموعة قادروف السورية هي مجموعة أكثر وأشد تناقضا من مجموعة قادروف في الشيشان..
معظم المعارضين السوريين المعترف بهم من دول…يسارعون لموسكو و بعضهم يحج لموسكو.
يسارعون فورا إذا دعتهم روسيا الى حديقتها الخلفية في الأستانات او الى السووتشيات ليحضروا مؤتمرات الإملاءات وتثبيت الأمر الواقع.
وأخطر ما فعلوه هو أنهم شرعنوا الوجود الروسي في سورية واعترفوا بشرعية النظام بٱن واحد لأن موسكو تقول دائما أنها هناك في سورية بطلب من السلطة السورية الشرعية.
المعارضون السوريون يشرعنون الوجود الروسي الذي أتى إلى سورية طامعا مستخفا ويقطعون الطريق أمام المسار الٱخر .
مسار يشابه النموذج الأفغاني الذي يعتبر الروس محتلين ويبلغهم بقوة وباستمرار أنهم محتلون ويبلغ الجمهور الروسي بكل الطرق بأن جنود بوتين قد ارتكبوا جرائم كثيرة وخطيرة ضد الإنسانية في سورية.
مسار ليس أمامه تجاه المحتلين الروس إلا حرب المقاومة والتحرير.
ولعل الأيام والظروف قد اختلفت في موسكو ….ولعل قيمة الإنسان الروسي قد تغيرت… فسقوط جنود محتلين روس يقاتلون على الأرض السورية بلا أي مبرر أو مسوغ قد يدفع الجمهور الروسي إلى إمطار بوتين بأمطار شعبية وسياسية تؤدي إلى سيول داخلية تجبر بوتين على الإنسحاب من سورية.
وأنصار هذا المسار يقولون: لا تستعجلوا الحكم على جدواه قبل أن تكون هناك حرب تحرير فعلية ربما عليها أن تسقط عشرات أو بضع مئات.
د.أسامة الملوحي

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. لن تقوم أي حركة شعبية في روسيا ضد بوتين. لأن النظام الروسي مخابراتي أمني و قومي و يعتبرون و ينظرون للتدخل الروسي في سوريا مسألة جيوسياسية و استراتيجية و مرتبطة بالتوسع و النفوذ الروسي العالمي و في مياه الشرق الأوسط الدافئة . أيضا مستحيل أن تقوم حرب تحرير فعلية كما ذكرت في المقال لأن كل ما يجري و يحصل و يتم في سوريا يسير ضمن إيقاع دولي مضبوط و بإرادة المجتمع الدولي و قواه النافذة و على رأسها: لندن. واشنطن. تل أبيب.

  2. روسيا دولة شمولية الحكم شيفونية لاأعتقد إن قتل من جنودها الآلاف
    وإن تحرك الشارع الروسي ضد نظام بوتين سيحدث تغيراً بالموقف
    وكما شاهدنا الإنتخابات البرلمانية قبل يومين كيف تم التلاعب بالنتائج
    والتزوير تم رصده بالصوت والصورة وكيف تم منع التصويت الإلكتروني
    وقدغيب المعارض الروسي إليكسي نافالني الذي دعى أنصاره لعدم الإستسلام
    معتبراً الإستحقاق سرق بالتزوير .
    الحل الوحيد لتحرير سوريا وحدة الصف ( وهوبعيد اليوم أقولها بكل صراحة لأسباب
    معروفة ) والمقاومة نحتاج لصحوة للتغلب على أنانيتنا حينها ستكون يدالله مع الجماعة
    وتتحطم كل الهياكل المتصدعة بحول الله وينتصرالحق ويهزم الباطل إن الباطل كان زهوقا .

  3. روسيا الحالية أقل وزناً مما يتصور الكثيرون و قلة وزنها ناجمة عن تخلفها الاقتصادي و الصناعي الغير عسكري بالمقارنة مع مجموعة السبع الكبار (أمريكا ، اليابان ، ألمانيا ، بريطانيا ، فرنسا ، إيطاليا ، و كندا) و أيضاً لضعف تأثيرها في الساحة الدولية من حيث وجود عملاء لها يتحكمون بدول . لا تهاب روسيا سوى من ثلاثة دول (أمريكا ، الصين ، إسرائيل) .
    بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، ما كان لروسيا الاتحادية أن تتقدم لوراثة الاتحاد لولا أمريكا الي أعطنها العضوية الدائمة في مجلس الأمن و اشترطت عليها الوفاء بإلتزامات الاتحاد و من ضمن ذلك “الوفاق الدولي” الذي بموجبه تتدخل روسيا في المناطق التي تهيمن عليها أمريكا بطلب من أمريكا يحدد المهمة الموكولة لروسيا و مدة التدخل .
    لو كانت روسيا تملك أمرها لكان تدخلها في العراق أنفع لها من التدخل في سوريا لأن ثروات العراق أكبر مما في سوريا .
    في واقع الحال ، كان تدخل روسيا في سوريا بناءً على طلب من أوباما و وزير خارجيته كيري ، و حين تحجج بوتين بأن الرصيد الاحتياطي في بلاده كان حوالي مليار دولار حينئذ طمأناه بأن تكاليف التدخل سيدفعها سفهاء الأعراب كاملة . ما ابتدأ تدخل الجيش الروسي في سوريا خريف 2015 إلا بعد استلام أول شيك يقال أنه كان 6 مليار دولار في سبتمبر من تلك السنة . تعلم روسيا أن تدخلها الهمجي الوحشي يمكن استغلاله لرسم صورة سوداء بشعة لها حول العالم . لكن الإعلام الدولي – الذي يسيطر عليه من تعرفون – تجاهل إجرامها و إجرام عصابة مليشيا بشار و عصابات مليشيات الفرس و عصابات مليشيات “الأرمن- نصيريي تركيا” التي يطلقون عليها كردية من باب الخداع .
    من أجل تحليل سياسي صائب ، ينبغي معرفة الرأس المدبر الذي يتظاهر كذباً بسياسة النأي بالنفس ، أما معرفة الأدوات فقط فهي لا تفيد لأن الأدوات لا تتحرك إلا بإيعاز من العدو الحاقد الذي يتستر وراء الكواليس .
    لو كانت روسيا تريد مزاحمة أمريكا و انتزاع مناطق نفوذ منها في الشرق الأوسط لأذاقتها أمريكا الويلات في عدة ملفات . حتى صعلوك بحجم بشار لم يستمع لكلام الروس في درعا ، لأن الترتيب في درعا – و على الأخص إزالة مخيمها – هو في إطار تنفيذ صفقة القرن الأمريكية و حتى تزويد لبنان بالغاز عن طريق محافظة درعا هو ترتيب أمريكي لأن روسيا ممنوع عليها أن تتدخل في لبنان كما هو ممنوع عليها أن تتدخل في العراق و في الجزيرة العربية كلها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى