منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة 69

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

الجزء الثالث: الدولة العباسية
14- المهتدي بالله محمد بن هارون الواثق بن المعتصم
ولد سنة بعد210هـ فِي خلَافَة جده
بُويِعَ بعد أن خلع ابْن عَمه المعتز بِاللَّه نفسه فِي 29 رجب سنة 255هـ.
وَله بضع وَثَلَاثُونَ سنة.
خلع 15رجب 256هـ، وقتل 18رحب سنة 256هـ
وعمره 38 سنة، وكانت ولايته 11 شهراً
وتخلف بعده ابْن عَمه الْمُعْتَمد أَحْمد بْن المتَوَكل على الله جَعْفَر بن المعتصم
اسمه ونسبه:
الْمُهْتَدي بِاللَّه مُحَمَّد بْن الواثق هَارُون بن المعتصم مُحَمَّد بن الرشيد هَارُون بن الْمهْدي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور. الْهَاشِمِي، العباسي، أَمِير الْمُؤمنِينَ، الْخَلِيفَة الصَّالح، الدّيّن، أَبُو إِسْحَاق، وَقيل: أَبُو عبد الله. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 167، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
أمه أم ولد، رُومِية تسمى: قرب. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 167، الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
مولده:
كان مولده بالقاطول. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص136) وولد فِي خلَافَة جده سنة بضع عشرَة وَمِائَتَيْنِ. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 167)
سماته وأوصافه:
كَانَ الْمُهْتَدي أسمراً، رَقِيقاً، مليح الْوَجْه. (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198) وَكَانَ قصيراً عريض المنكبين واسع الجبهة طويل اللحية. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص136)
وَكَانَ دَيِّناً، صَالحاً، ورعاً، متعبداً، عادلاً، قَوِياً فِي أَمر الله، بطلاً شجاعاً ، لكنه لم يجد ناصراً وَلَا معيناً على الْخَيْر، وَلَو وَجَدَ ناصراً لَكَانَ أَحْيَا سنة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فَإِنَّهُ سَار كثيراً فِي خِلَافَته على سيرته. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 168) وكان زاهداً ورعاً صوّاماً قوّاماً، لم تعرف له زلّة. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
وكان سهل الحجاب كريم الطبع يخاطب أصحاب الحوائج بنفسه ويجلس للمظالم بنفسه. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
قَالَ الْخَطِيب: لم يزل صَائِما مُنْذُ ولي الْخلَافَة، إِلَى أَن قتل. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 168)
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس هَاشم بن الْقَاسِم: كنت بِحَضْرَة الْمُهْتَدي عَشِيَّة رَمَضَان؛ فَوَثَبت لأنصرف فَقَالَ: اجْلِسْ. ثمَّ أحضر بعد الصَّلَاة طبقًا وَفِيه أرغفة من الْخبز وَبَعض ملح وخل وزيت، فَقَالَ: كُل؛ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد أَسْبغ الله نعمه عَلَيْك، قَالَ: صدقت، وَلَكِنِّي فَكرت فِي أَنه كَانَ فِي بني أُميَّة عمر بن عبد الْعَزِيز؛ فغرت على بني هَاشم؛ فَأخذت نَفسِي على مَا رَأَيْت.
قلت: كَانَ قَصده أَن يقتفي سيرة عمر بن عبد الْعَزِيز، وَكَانَ يَقُول وَيفْعل؛ فَلم يجد معينا على ذَلِك. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 168)
وَقَالَ ابْن عَرَفَة النَّحْوِيّ: حَدثنِي بعض الهاشميين أَنه وجد للمهتدي سفطاً فِيهِ جُبَّة صوف وَكسَاءً كَانَ يلْبسهُ فِي اللَّيْل وَيُصلي فِيهِ. وَكَانَ قد أطرح الملاهي، وَحرم الْغناء، وحسم أَصْحَاب السُّلْطَان عَن الظُّلم. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 168)
وَكَانَ شَدِيد الإشراف على أَمر الدَّوَاوِين، يجلس بِنَفسِهِ، وتجلس الْكُتَّاب بَين يَدَيْهِ؛ فيعملون الْحساب؛(مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 169)
وكان يلبس القميص الصوف الخشن تحت ثيابه على جلده. وكان يقول: لو لم يكن الزهد في الدنيا والإيثار لما عند الله من طبعي لتكلّفته وتصنّعته فإن منصبي يقتضيه فإنّي خليفة الله في أرضه والقائم مقام رسوله النائب عنه في أمته، وإني لأستحي أن يكون لبني مروان عمر بن عبد العزيز، وليس لبني العباس مثله، وهم آل الرسول- صلّى الله عليه وسلم- وبه ألزم وإليه أقرب. وكان الناس يروون عن سفيان الثوري أنه كان يقول: «الخلفاء الراشدون خمسة، ويعدّ فيهم عمر بن عبد العزيز» (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133) ثم أجمع الناس في أيام المهتدي من فقيه ومقرئ وزاهد وصاحب حديث: أن السادس هو المهتدي باللَّه. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
بيعته وولايته:
ووصل من بغداد إلى سامراء فوافاها يوم الأربعاء تاسع وعشرين رجب سنة خمس وخمسين ومائتين (255هـ) وأرادوا أن يبايعوه لم يقبل بيعَة أحد، وقال: لا أفعل حَتَّى أسمع بأذني خلع المعتز نفسه، فأُتِيَ بالمعتز بِاللَّه ؛ فَلَمَّا رَآهُ الْمُهْتَدي هَذَا قَامَ لَهُ وَسلم عَلَيْهِ بالخلافة، وَجلسَ بَين يَدَيْهِ، فقالوا له: ارتفع، قال: لا ارتفع إلّا أن يرفعني الله بخلافته، وجئ بالشهود؛ فَشَهِدُوا على المعتز أَنه عَاجز عَن الْخلَافَة؛ فاعترف بذلك ثم قال له: يا أمير المؤمنين خلعت أمر البرّية عن عنقك طوعاً ورغبةً، وكل من كانت لك في عنقه بيعة فهو بريء منها، فقال من الخوف: نعم! فقال: خار الله لنا ولك يا أبا عبد الله، وَمد يَده وَبَايع الْمُهْتَدي بِاللَّه هَذَا؛ فارتفع حِينَئِذٍ الْمُهْتَدي إِلَى صدر الْمجْلس، وبايعه الخاصة والعامة. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133، تاريخ مختصر الدول 1/ 147، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 167)
فبُويِعَ بالخلافة بعد ابْن عَمه المعتز بِاللَّه فِي الْيَوْم التَّاسِع وَالْعِشْرين من شهر رَجَب سنة خمس وَخمسين(255هـ) ، وَله بضع وَثَلَاثُونَ سنة. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 167، تاريخ مختصر الدول 1/ 147)
أعماله وأهم الأحداث في أيامه:

  • قَامَ بِالْأَمر بعدالمعتز خير العباسيين أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْمُهْتَدي بن الواثق الْمَذْكُور فَكَانَ خير خلفاء بني الْعَبَّاس سيرة حَتَّى أَن كثيراً من الْعلمَاء يعدونه خَليفَة لحسن سيرته وَجَمِيل طَرِيقَته (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
  • وَكَانَ كثير الِاقْتِدَاء بسيرة عمر بن عبد الْعَزِيز وَيَقُول لأَهله وخواصه دَعونِي يَا بني الْعَبَّاس أكون فِيكُم كعمر بن عبد الْعَزِيز فِي بني أُميَّة،(السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
  • وَلم يسكن بَغْدَاد بل مَدِينَة سر من رأى وَأخرج عَنْهَا المغنين والمغنيات وَقَالَ لَا يجاورني فِيهَا من تحققت فِيهِ مَعْصِيّة لله، ثمَّ بَاعَ مَا فِي خَزَائِن الْمُلُوك من آلَات اللَّهْو والطرب وَكَانَ لَا يَأْخُذ من بَيت المَال إِلَّا مَا لَا بُد لَهُ مِنْهُ ولولدين لَهُ (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
  • واتفق أنه سمع يوما، وهو بأعلى القصر يشرف على الناس وهم لا يرونه، رجلا يقول لرجل: نصبت ميزاب سطحك في ملكي؟ بيني وبينك أمير المؤمنين، فسجد وبكى ورفع رأسه وقال: الحمد للَّه الّذي أرانى الدنيا هكذا، هذا والله قد طيّب عليّ الموت. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
  • وحكى أن رجلا من الرملة تظلّم إلى المهتدي من عاملها، فأمر بإنصافه وكتب له كتاباً إليه، فأخذه المهتدي ووقّع فيه أسطراً بخطه، وختمه بيده وسلّمه إلى الرجل وهو يدعو له. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
  • وللبحترى فيه قصيدة بديعة يصف فيها زهده وسيرته ولبسه للصوف وأوّلها: (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص133)
    إذا عرضت أحداج ليلى فنادها … سقتك غوادى المزن صوب عهادها
    أما لبثة تقضى لبانة عاشق … بها أو يروّى هائم باتئادها
    فأعجبه بيتين منها، وقال: إلا أننى علمت أنك قصدت بهما المعتز، وما كنت أحب أن تنشدهما على الملأ، فأنسب وأنت إلى سماع غيبة أهلي، وإلى قلة المحافظة، وسوء العهد، وليس لي مال أصلك به، ولا أرى لك في بيت مال المسلمين حقّاً ولكنى أفعل معك فعلاً آخر، وأمر بإحضار أهله وأقاربه وقال لهم: أبو عبادة خطيب بيتنا وشاعر دولتنا، وليس في يدي شيء سوى الأموال التي في بيت مال المسلمين، وهي وديعة في يدي، والله يسألنى عنها يوم القيامة، ويحاسبني عليها، فأجيزوا أبا عبادة عني، فجمعوا له بينهم في الحال مائة ألف درهم. فقال المهتدي: يا أبا عبادة والله ما ملكت عُشْرَها قط، ولا أملكه إن شاء الله. (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص136)
  • وظهر فِي أَيَّامه صَاحب الزنج وَكَانَ من فساق الْخَوَارِج، يَدعِي أَنه علوي وَلم يُوجد لذَلِك صِحَة بل ثَبت أَنه عجمي من صناع الرّيّ ذكر ذَلِك صَاحب زهر الْآدَاب (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
  • وكان بايكباك التركي في أيامه قد خرب الدنيا ونهب العالم وقتل الرعية، وشكى ذلك إليه فأمره دفعات بالكفّ عن ذلك فلم يقبل فأمر بقتله (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص136)
  • وفي آخر دولة المعتمد تحرّك بسواد الكوفة قوم يعرفون بالقرامطة وكان ابتداء أمرهم أن رجلاً فقيراً قدم من ناحية خوزستان إلى سواد الكوفة وكان يظهر الزهد والتقشف، ويسفّ الخوص، ويأكل من كسبه، فأقام على ذلك مدة، وكان إذا قعد إليه رجل ذاكره أمر الدين، وزهده في الدنيا، واعلمه انه يدعو الى إمام من أهل بيت النبيّ عليه السلام.
    فلم يزل على ذلك حتى استجاب له جمع كثير، واتخذ منهم اثني عشر نقيباً على عدد الحواريين، وأمرهم أن يدعوا الناس إلى مذهبهم، فبلغ خبره عامل تلك الناحية فأخذه وحبسه، وحلف أن يقتله وأغلق باب البيت عليه وجعل المفتاح تحت وسادته واشتغل بالشرب. فسمعت جارية له بيمينه فرقّت للرجل، فلما نام العامل أخذت المفتاح وفتحت الباب وأخرجته، ثم أعادت المفتاح إلى مكانه. فلما أصبح العامل فتح الباب ليقتله فلم يره، وشاع ذلك في الناس وافتتن به أهل تلك الناحية، وقالوا: رُفِعَ؛ ثم ظهر في ناحية أخرى ولقي جماعة من أصحابه وغيرهم وقال لهم: لا يمكن أن ينالني أحد بسوء. فعظم في أعينهم.
    ثم خاف على نفسه فخرج إلى ناحية الشام، ولم يوقف له على خبر وسمّي باسم رجل كان ينزل عنده وهو كرمتية، ثم خفّف فقيل قرمطة. وكان فيما حكي عن القرامطة من مذهبهم أنهم جاءوا بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم. يقول الفرج بن عثمان وهو من قرية يقال لها نصرانة أن المسيح تصوّر له في جسم إنسان وقال له: إنك الداعية وإنك الحجة وإنك الناقة وإنك الدابة وإنك يحيى بن زكريا وإنك روح القدس وعرّفه أن الصلاة أربع ركعات؛ ركعتان قبل طلوع الشمس وركعتان قبل غروبها، والصوم يومان في السنة وهما المهرجان والنيروز، وان النبيذ حرام والخمر حلال ولا يؤكل كل ذي ناب ولا كل ذي مخلب. (تاريخ مختصر الدول 1/ 150)
    خلعه ومقتله:
    وَأُسر وخُلِعَ، ثمَّ قُتِلَ شَهِيداً فِي شهر رَجَب سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ (256هـ) فلم تطل مدَّته بل قتل بالشهر الْحَادِي عشر من خِلَافَته (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198) وَقيل كَانَت خِلَافَته سنة إِلَّا خَمْسَة عشرَة يَوْمًا.
    وتخلف بعده ابْن عَمه الْمُعْتَمد أَحْمد (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
    وكان محبوساً بالجوسق فبايعه الأتراك وغيرهم ولقّب المعتمد على الله. (تاريخ مختصر الدول 1/ 148)
    ثم ان المهتدي مات ثاني يوم بيعة المعتمد. (تاريخ مختصر الدول 1/ 148)
    وقتل أبو عبد الله محمد بن هارون الواثق، وهو المهتدي، لست خلون من رجب سنة ست وخمسين ومائتين (256هـ).
    وقيل: خلع المهتدي في منتصف رجب وتوفي لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه سنة ست وخمسين ومائتين (256هـ) (تاريخ مختصر الدول 1/ 147)
    وكانت خلافته أحد عشر شهراً وعمره ثمانياً وثلاثين سنة. (تاريخ مختصر الدول 1/ 147)
    ما ذكر في سبب خلعه وقتله:
    اجتمع الظلمَة والأتراك، وَاتَّفَقُوا على خلعه وركبوا عَلَيْهِ وحاربوه، وَلم تطل مدَّته بل قتل بالشهر الْحَادِي عشر من خِلَافَته وَذَلِكَ فِي رَجَب سنة سِتّ وَخمسين ومئتين (256) (السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)
    وكان السبب في ذلك أنه جرى على لسانه أن قال: أريد قلع هؤلاء الأتراك وتطهير الدنيا منهم. فاجتمع الأتراك كلهم وخرجوا عليه وقصدوه بسامراء فخرج إليهم إلى الميدان في نحو من عشرة آلاف فارس كلهم ترك وبعضهم عرب وبعضهم مولّدون وبعضهم مغاربة وكانوا هم في نحو من سبعين ألفاً فحاربهم أَشد محاربة بأناس قَليلَة وَكَانَ بطلاً شجاعاً؛ ، وفر عَنهُ أَصْحَابه بعد أُمُور وَقعت بَينهم؛ فكسروه لأن الأتراك الذين كانوا في عسكره غدروا به، وانضموا إليهم ، وانهزم ودخل وفي حلقه مصحف معلّق والبردة على كتفيه إلى بيت رجل من أهل سامراء يعرف بابن جميل فدخلوا خلفه وقالوا: اخلع نفسك (الإنباء في تاريخ الخلفاء ص136، السلوك في طبقات العلماء والملوك 1/ 198)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى