مقالات

لعنة الأسد

باسل المحمد

مدير الأخبار – رسالة بوست
عرض مقالات الكاتب


يبدو أن اللقاء برأس النظام السوري أو حتى مجرد الاتصال به بات يشكِّل لعنة وشؤماً على كل من يحاول التقرب من هذا الإنسان، فالمتتبع لمصير كل من التقى أو زار أو استقبل بشار الأسد، يجد أن مصيره كان القتل أو الاستقالة أو الرمي في السجون أو حتى قيام المظاهرات ضده، وسنكتفي بذكر بعض المواقف والنهايات المأساوية التي حلت بأصحابها بعد لقائهم الأسد. فمن عدالة القدر أن هذا اللعنة تصيب الداعمين والحلفاء لهذا النظام قبل أعدائه، وعلى رأس هذه الدول تأتي روسيا التي أعلن الكرملين فيها أن الرئيس فلاديمير بوتين قرر عزل نفسه في الحجر الصحي بعد لقائه ببشار الأسد الذي زار موسكو مؤخراً، في زيارة سرية لم يعلن عنها إلا بعد عودة بشار إلى سوريا.
وعند ذكرنا لروسيا بوصفها أكبر الدول الداعمة لنظام الأسد، لابد أن نذكر إيران التي حلَّت عليها هذه اللعنة أيضاً عندما قدَّم وزير خارجيتها محمد جواد ظريف استقالته بعد الزيارة الوحيدة التي قام بها بشار لإيران بعد الثورة، إذ صرَّح وقتها ظريف أن سبب استقالته يعود إلى عدم إبلاغه بزيارة رئيس النظام السوري إلى طهران. ولابد أن نذكر الشخصية الإيرانية الأهم والأكثر دعماً للنظام، وهو قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قُتل بغارة أمريكية، أثناء عودته من مطار دمشق إلى مطار بغداد. ولم يسلم التيار اللبناني الداعم للنظام السوري من هذه اللعنة أيضاً، فبعد إعلان وزير خارجية لبنان وقتها جبران باسيل، المعروف بتأييده لبشار وكرهه للاجئين السوريين، نيته زيارة سوريا، اجتاحت لبنان موجة احتجاجات شعبية واسعة تطالب بإسقاط كل الطبقة السياسية الفاسدة، وعلى رأسهم ميشيل عون ووزير خارجيته باسيل، وقد كان باسيل وتياره أفضل حظاً من الرئيس السوداني عمر حسن البشير، الذي كان أول رئيس عربي يكسر عزلة الأسد، عندما جاء بزيارة رسمية إلى سوريا عام 2018، وهي الزيارة التي طبّل وهلَّل لها النظام السوري، ولكن فرحة النظام لم تكتمل، إذ انطلفت ثورة شعبية ضده بعد عودته من سوريا، انتهت بإسقاطه وإيداعه في السجن.
وإذا كانت لعنة الأسد قد أدت إلى عزل البشير وسجنه، فإن وقع هذه اللعنة كان أشد وأقسى على (غينادي غاغوليا) رئيس وزراء “جمهورية أبخازيا”، الجمهورية التي لاتعترف بها سوى روسيا وبعض الجمهوريات التابعة لها إضافة إلى نظام الأسد، فقد لاقى غاغوليا حتفه بحادث سير بعد يومين من زيارته لنظام الأسد، وتوقيعه لما سُمي ب”معاهدات صداقة بين الطرفين”.
ولم تقتصر هذه اللعنة على السياسيين، بل طالت بعض الفنانين الذين غنوا لبشار الأسد، ومنهم الفنان المصري سعد الصغير الذي غنى لبشار في حفلة رأس السنة في دمشق، إذ لم يمض كثيراً من الوقت حتى أعلن هذا الفنان عن خسارته لكل ثروته، بعد تعرض ثلاثة منازل كان يملكها للسرقة بمافيها من أموال ومجوهرات.
ولايتسع المجال هنا لذكر كل الدول أو الأشخاص الذين حلَّت عليهم هذه اللعنة، ولكن الوقائع والأحداث تثبت يوماً بعد يوم أن التخلص من هذا الكائن هو راحة ونجاة لحلفائه قبل أن يكون هدفاُ للشعب السوري الذي قدَّم الغالي والنفيس في سبيل تحقيقه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مع أن المقال يتحدث عن لعنة بشار – التي تكرر حلولها بكل من تواصل معه – إلا أن من يحرَفون الكلم من بعد مواضعه ربما يخلطون و يعترضون . أرى من واجبي أن أقطع الطريق على علماء السلاطين و أشباه العلماء الذين تبرزهم شاشات التلفاز . قد يروي أحدهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس المُؤمِنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ” ليستند إلى عدم جواز لعن بشار أو بوتين مثلاً . لمثل هذا يقال أن المؤمن عليه الامتناع عن لعن نفسه و لعن أبناء دينه و لعن من لم يؤذي المسلمين من الكفار و لعن الدهر و لعن حتى الدواب. لكن لعن الكافرين الذين آذوا المسلمين فقد أقرَته المذاهب الأربعة (الأحناف و الشافعية و المالكية و الحنابلة) و لا يوجد أي خلاف على ذلك . الخلاف هو هل اللعن واجب أو مباح ، لكن من يتتبع السنة النبوية الشريفة يلاحظ أن نبينا الكريم لعن أقواماً كافرين و لعن أشخاصاً بأسمائهم حيث أن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما سمعه يقول في الصلاة قانتاً ” اللَّهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا” كما أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يلعن الكافرين الظالمين في صلاته بصوت جهوري .
    دعاء اللعن يعني الطلب من الله أن يطرد أقواماً أو أشخاصاً من رحمته و أن يبعدهم عن أفضاله مثل المغفرة و التوبة . نحن حين نلعن هذين الشخصين (بشار و بوتين) و ندعو عليهما فهذا جهد قليل من جانبنا لأنهما طغوا في البلاد فأكثروا فيها قتل العباد و تدمير البلاد و الفساد و الإفساد . لعنهما الله راجين منه عز و جل أن ينتقم ممن يدعمهما و يناصرهما بالأقوال و بالأعمال و بالأموال . آمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى