هونغ كونغ، وقبضة الصين الحديدية!

ياي تشين (Yi Chen)خبير في شؤون منطقة هونغ كونغ
المقدمة
شددت الحكومة الصينية قبضتها في السنوات الأخيرة على هونغ كونغ، مما شتت من الآمال على إبقائها المركز المالي العالمي المهيمن في المنطقة.
قُبيل تسليم بريطانيا منطقة هونغ كونغ للحكومة الصينية عام 1997، تعهدت الصين أمام المجتمع الدولي على إبقاء هونغ كونغ الاحتفاظ باستقلال سياسي كبير ولفترة خمسين عاماً لا أقل. أي أن تبقى هونغ كونغ ذاتية الحكم حتى عام 2047، ومن ثم يحق للصين أن تضمها كأي مدينة من مدن الصين، وذلك في إطار يعرف بـ “دولة واحدة ذات نظامين”.
التدخل الناعم
تعمدت الصين التدخل في الشؤون الأكثر حساسية للصين، ألا وهي حقوق الإنسان والحريات وإسكات المعارضين، وخاصة بعد توافد مئات من معارضي الرأي الصينين إلى هونغ كونغ مما دق ناقوس الخطر في الداخل الصيني.
إضافةً بدأت المعارضة في هونغ كونغ في تنظيم حشودها وبناء معارضة قوية مستغلة الاستفادة من الإعلام العالمي والدعم الدولي وحرية الصحافة والتعبير وحشد المؤيدين للديمقراطية.
السبل التي تتبعها الصين في تقويض الحريات في هونغ كونغ
تبنت بكين تقويض حريات هونغ كونغ منذ التسليم على مرار السنين، أثارت المحاولات المتعددة لفرض المزيد من السيطرة على هونغ كونغ وقمع الاحتجاجات الجماهرية، والتي ساهمت بدفع الحكومة الصينية على المزيد من الإجراءات الصارمة.

يكتب مايكل ديفيس في كتابه ” Making Hong Kong China” أو “جعل هونغ كونغ صينية” إذ يذكر أنه في الخمسة عشر عاماً التي أعقبت التسليم، كانت هناك سلسة من المبادرات الرسمية الهادفة إلى تعزيز سيطرة بكين بطرق من شأنها تقويض كل من الحكم الذاتي وسيادة القانون. وعلى سبيل المثال، اقترحت حكومة هونغ كونغ (المسيطر عليها من الصين) عام 2003 تشريعات للأمن القومي من شأنها أن تحظر الخيانة والانفصال والتحريض على الفتنة والتخريب ضد الحكومة الصينية. في عام 2012، حاولت تعديل مناهج مدارس هونغ كونغ لتعزيز هوية الصين الوطنية، والتي اعتبرها العديد من المواطنين دعاية صينية. وفي عام 2014، اقترحت بكين تعديلاً لقانون الاقتراع العام، الذي يسمح لمواطني هونغ كونغ بالتصويت للرئيس التنفيذي لمنطقتهم ولكن فقط من قائمة قصيرة من المرشحين توافق عليها بكين. نظم الغاضبون في هونغ كونغ مظاهرات ومسيرات حاشدة، عرفت باسم “حركة المظلات” (كون معظم من شارك في المظاهرات حملوا مظلات صفراء تضامناً مع حركة طلابية). وطالب المتظاهرون بديمقراطية واستقلالية أكثر جدية. وللإنصاف، لابد أن نذكر أن كافة الاحتجاجات والمظاهرات كانت مدعومة من قبل العديد من القنصليات والجمعيات والكنائس الأجنبية وخاصة الأمريكية منها والبريطانية.
في السنوات التي أعقبت احتجاجات 2014، كثفت بكين وحكومة هونغ كونغ جهودهما لكبح المعارضة، تضمنت محاكمة قادة الاحتجاج، وطرد العديد من المشرعين الجدد من المجلس التشريعي (البرلمان)، وتكثيف الرقابة على وسائل الإعلام، وصدور قوانين تعسفية لكبح أي تجمع ينادي بحرية الرأي.
أثرت هذه القوانين على هروب المستثمرين وأعداد هائلة من المواطنين للهجرة إلى دول غربية، كما أثرت على إغلاق العديد من الصحف ووكالات الأنباء الحرة خلال العامين الماضيين.

ومؤخراً، بدأت الصين فرض رقابة شديدة على الشركات الكبرى التي تنوي الادراج في سوق هونغ كونغ للأسهم، على الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الرقابة ستطبق على القوائم والشركات في هونغ كونغ كونها مدينة صينية شبه مستقلة، والذي يوصف بالكارثة الاقتصادية وإزاحة هونغ كونغ من قائمة مراكز العالم المالية.