مقالات

هل ثورات الربيع العربي ثورات حرية أم ثورات معيشية؟ – تونس نموذجًا

أ.د. عمار بن عبد الله ناصح علوان

مدير المركز الكندي للبحوث التطبيقية واستشراف المستقبل
عرض مقالات الكاتب

ربما فهم بعض الإسلاميين أن الشعوب العربية متعطشة إلى الحرية وربما فهموا-أيضاً- متعطشون إليهم -أيضًا -يا سادتي أن معظم هذه الثورات كانت اقتصادية- وأول شرارة كانت في تونس عندما إحرق نفسه ليس لانه اضطهد في سجنه  بل أنه اضطهد في رزقه-وإنني على يقيني راسخ لولا أن الانقلاب الذي قام به العسكر ضد أردغان لو أنه قام قبل إصلاحات أردغان الإدراية في البلديات؛ لكانت رقبته معلقة الآن في محاكم العسكر- واعلموا أن شعوبكم مازالت – الحرية والشورى والديمقراطية- شعارات براقة تحلم بها ،فواقعهم المعيش بعيد كل البعد عنها مازال الأب هو المسيطر الذي أمره لا يقبل النقض ،والشيخ ما زال معصومًا..

إن شعوبكم ما زالت ترى بعضها كفرية الديمقراطية ! وتذهل أن الشورى هي سورة  في القرآن الكريم، وأساس من أسس الحكم الرشيد ؛شعوبكم ما زالت في السنة الأولى في الديمقراطية والشورى وقد ظن الغريرترامب أن إنجازاته الاقتصادية  مع بلطجة من أنصاره تؤهله لأبدية الحاكم أمام  شعوب عاشت الديمقراطية ما ينيف عن قرنين..ولا تلوموا سوى أنفسكم حين أصدرتم  فتاوى بعيدة عن فقه الواقع  بتحريم الانخراط في الجيش، وأن الجيش عبارة عن محطة فسق، وضياع الدين فصار الجيش مرتعًا لكل من لا يرجو لله وللشعب وقارًا..

وإن وجدت نبتة مغايرة ظاهرها حسنة بارك الإسلاميون أفعاله في أعدائه كأنه مرسل من عندالله فينقلب عليهم بعد ما استفاد من مباركتهم -تماما-كما حدث في السودان..فاكفاكم إبعاد أولادكم عن انخراط في الجيش وكفاكم طبًا وهندسة ،فقد طببتم في انقلابات عسكرية وتعثر عليكم هندسة إخراج أمة بخطط متوالية تخدم كل مرحلة بعدها ولا تنقلب عليها..

ياسادة  إن عقلية  عسكر في الفساد الاقتصادي ليست بجديد ،فقد رسخ في عقول الأمة  بعد الانقلاب الأموي في الحكم حيث تحول الحكم من شورى الخلفاء الراشدين إلى ورائة وأن من ملك العباد ملك كل شي الأرواح والأموال ،وحين قام الخليفة الراشد عمربن عبدالعزيز برد  الأموال من السلطة المتنفذة دسّوا له السم  ولم يهملوه طويلا ً.

وملك الأموال للعسكر يعبر عنها العسكر بطريقة  غير مباشرة  في إقامة المستشفيات الخمسة  النجوم  اما  مستشفيات العامة فلا تليق  بها أن تكون  مستشفيات للبيطرة  ..!

كان على النهضة حين محاربتها لحكومة العسكر، أن تعلن ثورة ثانية لمحاربة فسادهم ،ولا تسطيب الإطالة في مدة الحكم ، فإن عجزت عن ذلك فلتسقل ،وللأسف مصطلح الاستقالة عند الإسلاميين يبدو كما أنه عمل كفري  يبتعدون عنه بالكلية ،مع أنه مطلب شرعي ، وإلا كانوا للمجرمين والفاسدين شريكا..وأخيرًا يعجبني في النهضة الاعتراف بأخطائها ،وعدم  نسبة أخطائهم إلى أعدائهم فقط ،وليكن في بال الإسلاميين أن إطعام الجائع قبل قطع يد السارق ،وهذا هو من مقاصد الشريعة الكلية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى