مقالات

احترموا جمهوركم أو تزولوا!

د. أسامة الملوحي

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

أحد المعارضين السوريين التقيته بعد زيارته لإسرائيل بشهور ،ووجد في وجهي كلامًا أريد أن أقوله حول زيارته، وحول قراره بزيارة اسرائيل.
توقع مني أن أتحدث من وجهة نظر إسلامية ، فأذكر له ما ورد في القرٱن من عداوتهم للمسلمين ،وأن أذكر له اغتصابهم للأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وأن أذكره بأفعال الصهاينة تجاه أهلنا في فلسطين، حيث اغتصبوا الأرض والمقدسات والحقوق.
توقع مني أن أهتف فأقول:

القدس لنا ،والأقصى مسرى نبينا ،وأي علاقة مع الذي اغتصب القدس ودنّس الأقصى لا تصح ولا تستقيم ولا تجوز.
توقع مني أن الفت انتباهه إلى مجازر دير ياسين وعشرات المجازر في فلسطين؛ ومجزرة صبرا وشاتيلا ومجزرة قانا في لبنان، وبحق مصر مجزرة بحر البقر، ومجزرة الاسرى المصريين!


وربما توقع مني من زاوية وطنية أن أذكره بشراء واحتلال اسرائيل للجولان بعد أن باعها حافظ أسد، واستولى على السلطة في سورية مقابل البيع اللئيم الموثق!
كل ذلك وأكثر ربما توقعه مني زائر إسرائيل أن أقوله، وأن اسهب فيه، وقال أعرف ما ستقوله في رفضك لزيارتي لإسرائيل…
ولكنني فاجأته بسؤال بعيد عما توقع؛ قلت له :

هل أخذت رأي أحد غيرك في هذا الأمر؟!
هل أخذت رأي من حولك؟
بل الأهم من ذلك هل أخذت رأي من تظن نفسك أنك تمثلهم من الثوّار؟
هل استمعت إلى ثوار منطقتك ومدينتك؟ وقد قلت مرارًا إنك اشتغلت معهم ،وتفتخر بهم ،وقلت إنك حرضتهم و،حرّكتهم وتواصلت معهم باستمرار في الداخل مباشرة ومن الخارج عبر الوسائل كافة؛
هل سألتهم عن رأيهم بقرارك قبل ان تزور إسرائيل؟
هل يشكل رأيهم شيئًا مهمًا في نظرك؟
هل تحترم رأيهم أصلاً، ولرأيهم حيزٌ في اتخاذ قراراتك وتنفيذها؟
ربما تعتقد أن وعيهم وثقافتهم ومستواهم في المعرفة والوعي لا يصل ،ولن يصل إلى مستواك وقدراتك وما فهمته من اطلاعات خاصة هي لك ،ولا تشرك فيها أحدًا ولا حتى جمهورك!

طبعًا هذا المعارض السوري علماني معلن لعلمانيته بشدة ،ويدعو دائمًا إلى فصل الدين عن الدولة ،وفصل الدين عن المجتمع ،وفصل الدين حتى عن الثقافة وعن الأخلاق!
طبعًا هذا الرجل السوري المعارض خسر جمهوره -إن صحت النسبة – وخسر الثوار في منطقته وخسر رصيده في كل المناطق السورية الثائرة؛ بل خسر أغلب من أعجب به يومًا في الداخل والخارج، وانزوى في بيته يخاطب الناس بتسجيلات كل حين ووراءه حطب كرامي مخلوف!

هذا عن العلماني المغالي في علمانيته نقسو عليه ولا نبالي؛ ولكن ماقولنا في الإسلامي “سعد الدين العثماني “الذي نحبه وفرحنا لفوزه مرتين واستبشرنا الخير العميم لاستلامه السلطة في بلاده ،ووقفنا مرارا نستدل أمام العلمانيبن به ،وبفوزه ،وبما نرجوه من خير في حكمه وتوليه السلطة .سعد الدين العثماني لم يذهب إلى اسرائيل بل استدعى اسرائيل إلى بلاده ،وسجل في تاريخ المغرب أن الذي شرعن العلاقات والتطبيع مع إسرائيل هو رمز إسلامي ينتمي للتيار الحركي الإسلامي…


وكذلك لن نقول للعثماني أي أمر من منظورإسلامي وعروبي…
سنقول له كما قلنا للعلماني المتطرف.
هل استفتيت جمهورك في مسألة الاعتراف باسرائيل والتطبيع مع إسرائيل؟
لن نقول للعثماني : هل استمعت إلى الرأي الاسلامي الحركي العالمي الذي تنتمي إليه؟

بل سنقول:
هل أخذت برأي جمهورك الإسلامي المغربي؟
بل هل أخذت برأي الشعب المغربي؟
هل كان الرأي المغربي الجمعي العام في نظرك مهما وملزمًا؟
أم قلت في نفسك : الجمهور لن يفهم المعادلات الدولية، والضرورات المرحلية وممرات السياسة الاحترافية؟
قد ينبري كثيرون متحزبون للعثماني فيدافعون ،ويدفعون، ولكنهم لن يستطيعوا أن ينكروا أن عدم احترام العثماني لجمهوره هو أهم سبب أدى إلى خسارته للانتخابات وفي الحقيقة خسارته لجمهوره.
وأن ينهار مؤشر شعبية العثماني إلى العشر ليس بالأمر البسيط ولا بالعابر.


إنها دعوة لكل رموز التيار الإسلامي الحركي العاملين ،ألاّ بغفلوا عن الرأي الجمعي لجمهورهم؛
ليحترموا رأي جمهورهم أو يزولوا !

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. حزب العدالة والتنمية وجمود فقه محاربة الفساد
    وهل التطبيع أسقطهم؟
    النزاهة والاستقامة المالية قد تميزت به معظم الأحزاب الاسلامية فهما الميدان والمعترك اللذان سوف يغيران حال اقتصاد البلاد ويعطيهما ثقة الناخبين لكن ما ما تصورت يوما أن محاربة الفساد والامتناع عن الرشى أن يؤدي إلى تعطل حركة العمران !! النزاهة ورفض قبول الرشى في ارتفاع بعض الأدوار أمر يحمد عليه لكن شريطة ألا يؤدي ذلك إلى تعطل حركة العمران وتعطل مصالح العباد –كما حصل مع حزب العدالة والتنمية التي كانت من أسباب تراجع شعبيتهم الكبيرة. إن فقه تأطير مقاصد التشريع النظري قد بلغ ذروته في العالم الاسلامي لكن للاسف الشديد ما زال غائبا بشدة عن الاجتهاد في النوزال الجديدة كان على حزب العدالة والتنمية ألا تقف عاجزة في أبسط المسائل بل كان عليها الاجتهاد الفوري وتفقه قول سيدنا عمربن عبدالعزيز -الذى حارب فساد أسلافه الأمويين- تحدث للناس أقضية بمقدار ما احدثوا من فجور-كان عليها على سبيل المثال أن تلزم المخالف بغرامة كبيرة ولا تقف اصدار التراخيص –ولا تعلق المعاملات والتراخيض ليشاد بنزاهتها!! فإن شر الامورتعليقها!! وشاع بين الشاتمين وخاصة بعض الاسلاميين منهم إن الذي أسقط حزب العدالة هو تطبيعهم مع اسرائيل!لا أظن إن التطبيع مع إسرائيل سببا في سقوطهم لأن التطبيع موجودا عمليا في المغرب-ويغتفر لهم ذلك- لأن المغرب له حالة استثناية عن بقية الدول العربية لأن اليهود يمثلون جالية كبيرة في المغرب مع محافظتهم على حقوق الفلسطيين ولا أدل من ذلك موقف المشرف للحكومة المغربية من صفقة القرن .فالأحزاب السياسية الأخرى مع إعلامهما ودهاليزهما-وهم عن مكائدهما- غافلون وكالعادة الأحزاب الإسلامية عندهم الأطباء والمهندسون كعدد النجوم لكن قلما تجد لهم إعلاميا محترفا أو قناة تقتحم الجماهير أو محاميا مخضرما ودوما هم عن الاستقالة إذا احسوا بمكر الأحزاب عنها غافلون !! كأن الاستقالة مع ضائلة تجربتهم السياسية وخبرتهم العملية ونقص كوادرهم السياسية والاعلامية عند الأحزاب الاسلامية كبيرة من كبائر أو موبقة من الموبقات لا يجوز لأحزاب الإسلامية التفكير فيها –فضلا- عن تقديمها!!
    أ.د.عمار بن عبدالله ناصح علوان
    مدر المركز الكندي للبحوث التطبيقية واستشراف المستقبل
    فانكفور كندا-9-9-2021

    ا

  2. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

    الأخ الدكتور أسامة :

    مازال بعض ما يسمى بالسياسة والمثقفين العرب عامة والسوريين خاصة يعيشون على هامش الحياة السياسية الحقة ، ويذهبون بأنفسهم إلى حتفهم ، من خلال السلوكات الانتهازية والتسلقية، فموطن قوة الإنسان هي عقيدته وماينبثق عنها من أفكار وحلول لشئوون الحياة ومنها السياسية بينما البعض يراها بالتفلت من المبادىء التي كما يبدو أنهم ضاقوا ذرعا فيها ، فلجؤوا إلى التدين المظهري فقط دون المبدأ الشامل وتجلى ذلك بالتذلل والانبطاح للعدو ضاربين بعرض الحائط المبادئ والحاضنة والمنطق ومستهينين بعقولنا وديننا فأذلهم الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى