معلمون سوريون في تركيا مواطنون في كل مكان!

لا تزال قضية المعلمين السوريين، في تركيا، قضية سورية بامتياز..
إذ لا تختلف معاناتهم عن معاناة إخوتهم السوريين العالقين بين قوادة سياسيّة فاسدة، تدّعي تمثيلهم، وبين مؤسسات دوليّة تلعب معهم لعبة (لغميضة).
المساواة نزعة إنسانية أصيلةٌ تسحب المواطن السوري، المعلم هنا، من لا وعيه، للمقارنة بينه وبين المواطن التركي،المعلم هنا ايضا، وتجعل المواطن السوري يعيش واقعاً مؤلماً من التناقضات!.
الفارق الأوّل بين المواطنين التركي والآخر السوري هو ان المواطن التركي لديه صوت انتخابي مؤثر في رغبة الأحزاب للوصول إلى السلطة، فيما لايمتلك المواطن السوري هذا الصوت.
بجملة اخرى: إن المواطن التركي يحوز على تمثيل سياسي، اما المواطن السوري فيعاني من اليتم السياسي.
في مستوى أكثر عمقاً، يتزعّم الحالة السياسية التركيّة حزب حاكم يدمج بين التاريخ السياسي القومي التركي وبين التاريخ الديني الإسلامي.. ويستثمر هذا الحزب في النمو الثقافي الطبيعي للمواطن التركي، بحيث يبعث النمو الثقافي على تجديد هويّة غير منقطعة ولا متخاصمة مع تاريخها.. فالوطن هو هو أرض الملّة القومية (الأجداد) ووهو هو أرض الملّة الدينيّة الخلافة أو (السلطنة العثمانيّة)..
في الطرف السوري الموازي للحلم التركي العثماني، تتزعم الحالة السوريّة المعارضة تياران سياسيّان متناطحان، احدهما علماني يساري الهوى، يرى ان (البارحة) تخلف، وأن (غدا) تقدّم ولا يعيش (اليوم) إلا في الشعارات…!.
يقابله تيارات سياسيّة دينيّة مبنيّة على مقولة ان الوطنيّة كفر، وان الأمة (الأسلاميّة) حق، وان مصالح الأمة أولا… فيعيش المواطن السوري واقعاً متناقضاً كنتيجة مؤلمة في كونه مواطناً لوطن كافر، ومؤمناً بأمّة ليست اكثر من فكرة موجودة في الذهن !.
حين يطرح مواطنٌ سوري واقعه ملموساً مضمّخاً بالألم الحي المباشر.. تتولّى يد (#يسارإسلامويّة)ممتدّة من ضمير مظلم جلدَ المواطن السوري الكافر بـ(سوط) الذهن.. الذهن فحسب!.
البارحة لدى المثالي الإسلاموي وغدًا لدى اليسار العلمانوي يقفان وهماً جميلاً كبيراً ومُقدّساً في مواجهة الإحساس بالألم الواقع الحي المباشر… ثم يفعل العجز في المواطن السوري فعل المخدّر الذي لن يحلّ المشكلة إلا توهماً!.
الواقع السوري المؤلم راضخ بين مثالية يساريّة علمانيّة تحدّثك عن حقوق المثليّة الجنسيّة، وبين مثاليّة يمينيّة دينيّة تحدّثك عن الخلافة العظيمة… بينما أنت تموتُ قصفاً أوجوعاً أو غرقاً..!
اليتم السياسي كفيل بجعل المواطن السوري معلّقاً في الهواء، غير مؤثر في أية قضيّة من قضاياه، غير قادر على حل مشكلاته كبيرة وصغيرة.
إن قضيّة المعلمين السوريين في تركيا هي مفردة من كتاب المأساة السوريّة المتكرّرة طوال السطر، وفي كل الصفحة وعلى مدار الكتاب..!
إنني مواطن سوري، ينتمي إلى بلد مؤسس لهيئة الأمم المتحدة، وإنّ اطراف الصراع كلها، نظاماً ومعارضة لا تمثلني، وإنني أطالب الهيئات الدولية بالبحث عن وسيلة لإعادة تمثيلي في مؤسساتها، لأتمكن من متابعة قضيّة وجودي على سطح الكرة الأرضية، أو أن تؤمّن تلك المؤسسات الدولية وسيلة مناسبة لنقلي إلى كوكب آخر… !