سياسة

الخارطة السياسية الحزبية في كندا على ضوء انتخابات 20 سيبتمبر 2021

فهد السالم صقر

محلل سياسي وباحث في العلاقات الدولية
عرض مقالات الكاتب

يذهب الناخبون الكنديون إلى صناديق الإقتراع في العشرين من شهر سيبتمبر / أيلول الجاري لإنتخاب حكومة جديدة للسنوات الأربع المقبلة ؛ دعا لها رئيس الوزراء جاستن ترودو الذي تزعم حكومة أقلية منذ أكتوبر 2019 ،على أمل الفوز بحكومة أغلبية  للاستمرار في سياساته الليبرالية التي إبتدأها في 2015  دون المعوقات في البرلمان والتعطيل من أحزاب المعارضة. 

يطمح رئيس الوزراء بالإستفادة من حالة الرضا العام عن حكومته وعلى شخصه ، وطريقة معالجته لأزمة جائحة كورونا ونجاحه في التخفيف بشكل كبيرمن تداعياتها المالية على الأفراد والعائلات والشركات ؛حيث خصصت حكومته ميزانيات ضخمة وسخية للغاية لمساعدة المتضررين والتقليل من آثارها السلبية عليهم؛ الأمرالذي تحملت من أجله الحكومة عجوزات ضخمة في الميزانية في سبيل المحافظة على صحة ورخاء المواطنين، بالتزامن مع إتخاذ الإجراءات الإحترازية الصارمة والمسؤولة للتعامل معها، حيث سجلت كندا النسبة الأقل في الوفيات وفي الإصابات بالنسبة لعدد السكان بالمقارنة مع معظم الديمقراطيات الغربية.

 أضف إلى ذلك، كفاءة الحكومة وسعيها الدؤوب الناجح لتأمين ملايين الجرعات من المطعوم في وقت قياسي، في ظل بيئة دولية شديدة التنافسية على تأمين المطاعيم ، وأخيرًا، وليس آخرًا ، نجاح الحكومة في حملة التطعيم الشامل التي قادها رئيس الوزراء، وأركان حكومته المعنيين ما أسفرعن نسبة تطعيم بين السكان تُعتَبرالأعلى بين كل شركائها الغربيين، بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية  حيث بلغت نسبة التطعيم  73% من السكان الذين تلقوا على الأقل جرعة واحدة من المطعوم حتى تاريخ 27-08-2021. ) ومنذ شهر أغسطس 2021 أعلنت الحكومة بأن هناك ما يكفي من المطاعيم لتطعيم كل من يرغب في كندا ولكل الأعمار والفئات المصرح بها. 

يُعتبر الحزب الليبرالي الكندي ( Liberal Party of Canada) بحق من أنجح الأحزاب في الديمقراطيات الغربية ، فهو الحزب الأطول بقاءا في الحُكم منذ الحرب العالمية الثانية، فقد حكم البلاد لما يزيد عن الستين عامًا خلال الخمسة وثمانين عامًا الأخيرة منذ 1935 ، وحافظ على تماسكه ووحدته منذ تأسيسه دون أي انشقاقات أو تمرد داخلي ُيذكر، بعكس منافسه اللدود حزب المحافظين الذي تعرض لعدة إنشقاقات وانقسامات داخلية خطيرة عَصفَت به على مدى تاريخه وساهمت إلى حد كبير في إضعافه وتشتيته،  بعض تلك الانشقاقات كانت مميتة.  

 تاريخيًا، يعود الفضل للحزب الليبرالي الكندي في تبني سياسات كان لها تأثيرات جوهرية بعيدة المدى في تعزيز وترسيخ الهوية الوطنية الكندية المميزة ؛ مثل قانون ثنائية اللغة والتعددية العرقية،  وقانون العَلَم الوطني الذي أقر عام 1965 بدلاً من عَلم بريطانيا، وقوانين الهجرة في نهاية الستينات من القرن العشرين التي لا تميز على اللون أو العرق ( Color-blind immigration)، وتوطين الدستورالكندي، الذي يُعتبر رئيس الوزراء الراحل بيير ترودو (Pierre E. Trudeau 1919-2000) ، والد رئيس الوزراء الحالي، بحق الأب الروحي له، حيت تم فك آخر مظهر من مظاهر التبعية لبريطانيا قانونيا، فاصبحت المحكمة  العليا الكندية هي أعلى سلطة في البلاد. بالإضافة الى إقرار قانون مجانية التأمين الصحي الشامل الذي يعتبرمفخرة الديمقراطية الكندية. 

الغريب بسُخرية ، أن كل هذه السياسات الهامة والمصيرية كانت تُواجَه بمعارضة شرسة من اليمين المحافظ المُمَثّل بحزب المحافظين بنسختيه الأصلية والمُعدَلة ، سواءا كان قانون تعددية اللغة أو التأمين الصحي المجاني، أو قانون العَلَم الوطني حيث يؤيد المحافظون إبقاء وتعزيز الأواصر والروابط القوية مع بريطانيا (الوطن الأم) وهيمنة العرق الأبيض الأنجلوساكسوني على الدولة العميقة.  علما بأن كل هذه السياسات المصيرية بعيدة الأثرأصبحت الآن أمرا واقعا ومن المُسلّمات لكافة الأحزاب على الساحة السياسية ، وجزءًا لا يتجزأ من الشخصية الوطنية الكندية والكبرياء الوطني. 

يتنافس في هذه الإنتخابات 6 أحزاب هم؛ حزب الأحرار الحاكم Liberal Party (وسط)، حزب المحافظين The Conservative Party ( يمين)، الحزب الديمقراطي الجديد The New Democratic Party  ( يسار) حزب الخضرThe Greens ( يسار) حزب تجمع كوبيك Bloc Quebecois  ( انفصالي-قومي فرنسي) حزب الشعب الكندي  People’s Party of Canada( أقصى اليمين، منشق عن المحافظين). تخوض هذه الأحزاب الانتخابات وفق النظام الإنتخابي المبني على “أكثرية ” الأصوات وليس “الأغلبية” (Plurality vs. Majority) في نظام الدوائر الانتخابية، حيث تُقسَّم البلاد جغرافيا وفقا لعدد السكان الى 338 دائرة إنتخابية  ،هي عدد أعضاء البرلمان، وهو نفس النظام الإنتخابي المتعدد الأحزاب المُتبّع في إنجلترا.  وحسب هذا النظام،  فإن الحزب الفائز -نادرًا – ما يفوز بنسبة أكثر من 40% من مجموع التصويت الشعبي (Popular vote) ليُشكّل الحُكومة.  

ونظرًا لطبيعة هذا النظام الإنتخابي (First past the post) ، فإنّ طريقة توزيع أصوات المؤيدين والأنصار لكل حزب على جميع الجغرافيا الكندية مهم جدا ، وهو الذي يحسم نتيجة الإنتخابات ، وليس حجم التصويت الشعبي في حد ذاته،  ولا تركيز الأصوات في إقليم معين.   فقد يخسر الحزب مجموع التصويت الشعبي في كل أنحاء البلاد ويربح الإنتخابات  بسبب التوزيع الجيد ” المتوازن”  لأصوات مؤيديه في كل الأقاليم،  والعكس صحيح ؛ بمعنى أن تركز أصوات المؤيدين لحزبٍ ما في إقليم واحد يَضُر بالحزب ولا يفيده ، كما هو الحال في مقاطعة ألبرتا ( Alberta) في الغرب بالنسبة لحزب المحافظين. فعلى سبيل المثال، عدد مقاعد البرلمان المُخصّصة لألبرتا هي 34 مقعد فقط، و في ظل نظام إنتخابي تعددي لا يحتاج الفائز لأكثر من 35% -40% من أصوات الناخبين في دائرته للفوز، حيث تتوزع الِنسَب الباقية عادة على ثلاث أو أربع مرشحين آخرين. ولكنّ الذي يحدث مع مرشحي حزب المحافظين في ألبرتا أنهم يفوزون بنسب عالية جدا تتراوح ما بين 65%-75% ( Over kill ) مما يعني أن هذه الأصوات الزائدة ذهبت هباءا منثورا؛ مع أنها تُحسب لهم في النهاية في مجموع التصويت الشعبي ، إلا أنها لا تُتَرجَم ألى مقاعد زائدة في البرلمان ، وهذا هو المهم. في حين أن الحزب يكون في أمس الحاجة لهذه الأصوات في أقاليم أخرى كمقاطعتي أونتاريو وكوبيك حيث يتركز ثلثي السكان ، وتكون المنافسة عادة شديدة جدا في معظم الدوائر، حيث يتقررالفوزأحيانا بفارق مئات أو عشرات الأصوات أوبنسب أكثرية ضئيلة لا تزيد عن 5%.   

إن العقبة الرئيسية التي تواجة حزب اليمين المحافظ في هذه الإنتخابات ليس فقط التوزيع الجغرافي السيئ لناخبيه وتركزهم بكثرة في الغرب الكندي، بل أيضا إنقسامه على أسس فكرية وأيديولوجية.  رغم ما يحاول من إظهاره من وحدة قد تبدو بارزة أثناء الإنتخابات ، ولكنها تُخفي تيارات تحتيه خفية وقوية لا تلبث أن تخرج الى السطح في أول فرصة سانحة بعد خسارة أي انتخابات. فقد أصبح اليمين المحافظ في كندا منذ إنتخابات 1993 عبارة عن تنين ذي رأسين، أوتيارسياسي ذو قطبين. القطب الأول، وهو المحافظون التقدميون ويتزعمه السيد بريان مولروني ( Brian Mulroney ، رئيس وزراء كندا من 1984-1993 والقطب الثاني،وهو الجناح الإصلاحي، نسبة إلى حزب الإصلاح Reform Party الذي يتزعمه ستيفن هاربر Stephen Harper رئيس وزراء كندا من 2006-2015 . الإثنان ليسوا على وئام ، وبينهما ما صنع الحداد. 

 فالأول يمثل الجناح البراجماتي من يمين الوسط، والثاني يمثل المحافظين الجدد الكنديين واليمين المتشدد، الأقرب في فكره ومقاربته السياسية الى الحزب الجمهوري الأمريكي بنسخته الترامبية. المشكلة الآن أن الجناح المُتشَدّد هو الذي يسيطر على الحزب منذ 2003، وبالتالي يجد كثيرمن زعماء الجناح البراجماتي التقليديين ، أمثال رئيس الوزراء الأسبق جو كلارك ، وأول رئيسة وزراء إمرأة كيم كامبل ، ونائب رئيس الوزراء الأسبق وحاكم كوبيك السابق  جان شاريه أنفسهم مع القيادة الحالية خارج منطقتهم المريحة ( Outside of their comfort zone ) ويجد الناخبون التقليديون  للتيار المحافظ أنفسهم أقل حماسا للتصويت لحزب المحافظين، خاصة في شرق ووسط كندا حيت الكثافة السكانية. وبالتالي، يقوم بعضهم بالإدلاء بأصواتهم لأحزاب أخرى بديلة كالأحرارأو للقوميين الفرنسيين – في حالة كوبيك- أوببساطة الإمتناع والإستنكاف عن التصويت. 

في انتخابات 2019 كتبَت مقالا مطولا عن أزمة اليمين الكندي التي بدأت بإنتخابات 1993 الكارثية. نشرته هنا في هذا الموقع على ثلاث حلقات ( راجع مقالات أخرى للكاتب). لا يمكن فهم حقيقة وجذور هذه الأزمة دون مراجعة سريعة لنتيجة تلك الانتخابات التي شكلت زلزالا قويًا في الخارطة الحزبية على الساحة الكندية، وما تلها في انتخابات 1997 و2000 لا زالت تداعياتها تسيطرعلى المشهد السياسي إلى الآن. الخلاصة أن حزب المحافظين الحالي برئاسة السيد إرين أوتوول Erin O’Tool لا يمثل كل التيار اليميني في كندا ، ولا يمثل كل المحافظين، مهما حاول التظاهر بعكس ذلك، بل هو فعليا يمثل جزءًا صغيرًا منهم . على عكس ما كان يتمتع به حزب المحافظين التقدميين The Progressive Conservatives تحت قيادة رئيس الوزراء الأسبق بريان مولروني فيما قبل العام 1993 من قاعدة عريضة وممتدة وموحدة على طول البلاد وعرضها، حيث كان يضم تحالفًا كبيرًا من اليمين ويمين الوسط ومن القوميين الفرنسيين في كوبيك الذين وحدتهم المصلحة والبراجماتية السياسية مع المحافظين من الغرب الكندي في مواجهة حزب الأحرار؛ في تلك الإنتخابات ، أي عام 1993، شكل صعود حزب الإصلاح المغمور The Reform Party الى الساحة السياسية  الكندية لأول مرة في تاريخه عملية إزاحة لحزب المحافظين التقدميين ( الحاكم آنذاك) عن المسرح السياسي الفيدرالي، وإهانة لم يقبلها التقدميون بسهولة، ولا زالت تداعياتها تتردد في الجسم السياسي الكندي إلى يومنا هذا.  

إن بعض استطلاعات الرأي الآن التي تشير إلى تقارب الحزبين الرئيسين، أي حزب المحافظين المعارض بقيادة السيد إرين أوتول وحزب الأحرار الحاكم بقيادة جاستن ترودو في نسب الدعم بين الناخبين مُضَللّه وخادعة في أحسن الأحوال،  وذلك لعدة أسباب ؛ أولا ، أن العينة العشوائية المكونة عادة من 1200 ناخب مُحتَمل التي يشيرون اليها ، لا تعكس التوزيع الصحيح للناخبين كما هو مفروض على أرض الواقع؛  فمثلا هل تم أخذ ثلثي المشاركين في العينة من مقاطعتي كوبيك وأونتاريو حيث يعيش ثلثي الناخبين ؟ أم أنهم أخُذوا بالتساوي من جميع الأقاليم بغض النظرعن عدد السكان؟ هل نسبة الدعم للأحزاب المختلفة على المستوى الوطني ككل ، تعكس نفس نسبة الدعم للأحزاب في مقاطعة أونتاريو وحدها، حيث يتركز ثلث عدد المقاعد، أم أنها تختلف جوهريا؟ في أغلب الأحيان إستطلاعات الرأي في مقاطعة أونتاريو لا تعكس صورة الإستطلاعات على مستوى البلاد، والشئ ذاته ينطبق – وإن بصورة أشد حدة في مقاطعة كوبيك الفرنسية.  ففي أونتاريو- بِحكم التجربة – تُربَح أو تُخسر معركة الإنتخابات. وتلعب كوبيك ، ثاني أكبر المقاطعات من حيث السكان دورًا مهما جدًا في تحديد نتيجة الفائز. لا يتمتع الجناح الإصلاحي للمحافظين بأي دعم ذي قيمة بين الناخبين الفرنسيين في كوبيك .هاذان متغيران جوهريان لا تأخذ بهما استطلاعات الرأي بعين الإعتبار، وتمر عليهما مرور الكرام ، وذلك خدمة لأهداف سياسية  معروفة. 

أيضًا، هل إستطلاعات الرأي أخذت في عين الاعتبار مثلا،  نفس توزيع نسبة سكان في التجمعات الحضرية الكبرى كتورنتو ومونتريال وأتاوة وفانكوفروهاليفاكس وسانت جونز وسيدني حيث تتركز الأصوات، وحيث ينزع سكان المدن للتصويت لأحزاب الوسط واليسار أكثر من أحزاب اليمين بنسبة 2-1 تقريبا، بينما يحدث العكس في الأرياف والقرى. هناك الكثيروالكثير من المتغيرات والمعطيات التي تجعل من تلك الإستطلاعات مجرد أدوات فارغة للتلاعب بالرأي العام ، وتوجيهه حسب أهواء الجهات الإعلامية التي تبنتها. يبدو أن معظم وسائل الإعلام في هذه الانتخابات  تدعم اليمين لأسباب تتعلق بملكية هذه الوسائل ومموليها وأصحابها. 

منذ انقسام اليمين الكندي المحافظ في بداية التسعينات من القرن الماضي، عندما انشق القوميون الفرنسيون بقيادة لوسيان بوشار ( Lucien Bouchard)  وخرجوا من عباءة حزب المحافظين التقدميين بقيادة بريان مولروني ، ثم جاءت بعدها انتخابات 1993 اللاحقة ( الزلزال) وصعود حزب الإصلاح ،  ثم إنشقاق اليميني المحافظ السيد ماكسيم بيرنيير( Maxim Bernier) عن حزب المحافظين عام 2018  ليشكل حزب الشعب الكندي، بالإضافة للتيارالتقدمي المحافظ القوي على مستوى المقاطعات، أصبح اليمين الكندي مُشتّت الولاءات بين 4 أحزاب وتكتلات سياسية مختلفة على الأقل. وبالتالي تفكك ” التحالف الأزرق الكبير ” ( Grand Blue Coalition)  الذي صاغه بدهاء رئيس الوزراء الأسبق المحافظ بريان مولروني ، وتمكن خلاله من الفوز بحكومتي أغلبية متتابعتين في إنتخابات  1984 و 1988. 

إذا وضعنا انتخابات 2011 جانبًا ، وهي الإنتخابات الوحيدة الذي فاز بها الإصلاحي المحافظ  ستيفن هاربر بحكومة أغلبية واضحة، وإن كان باستخدام الأساليب السياسية القذرة وإغتيال الشخصية لخصمه مايكل إيجناتشيف ( Michael Ignatieff)  بطريقة مبتذلة ومرفوضة وغير عادلة، وغير مسبوقة في السياسة الكندية؛ فإن فوز حزب المحافظين بشكله الحالي ، وضمن الظروف والمعطيات السائدة في 2021 بحكومة أغلبية، يُعتبر أمرًا مستبعدًا من الناحية العملية؛ وغير ممكن على ضوء توزيع الدعم الانتخابي جغرافيًا الذي  يميل بقوة لصالح الأحرار، إلا إذا حدثت معجزة.  علمًا، بأنّ فوز المحافظين في حكومة أقلية لن يُسمن ولن يغنيهم من جوع، ( يعني هو وقلته واحد)، في ظل برلمان يُسيطر عليه اليسار، ويملك فيه توازن القوة،  لن يدعم اليسار حكومة محافظين يمينية إلا بأثمان باهظة جدا لن يُقبل بها؛ بينما يستطيع “ترودو” أن يحكم بأقلية برلمانية بمنتهى الأريحية بدعم من أحزاب اليساروالخضر والمستقلين في البرلمان، الأقرب إلى فكره السياسي.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى