حقوق وحريات

أهل درعا يستنجدون بملك الأردن!

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى    عدوا له ما من صداقته بد

 ثوار درعا الأبطال، وشعب درعا الحر العربي الأصيل، يستنجدون بملك الأردن لنجدتهم وفتح الحدود، وهم يعلمون علم اليقين أنه حارس أمين للكيان الصهيوني وشريك للنظام المجرم في كل ما اقترف.

لقد ذاقوا الويلات، وعانوا ما عانوا من هذا الجار السوء الذي لم يدخر جهدا، ولم يترك وسيلة لإيذاء الشعب السوري الثائر إلا واتبعها؛ لإجهاض ثورتهم، ونصرة البهرزي القاتل المجرم، وإبادة شعبنا العربي السوري الثائر، وآخرها منذ أيام عندما زار واشنطن لإقناعها بإعادة إنتاج النظام، وعودته إلى الجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن، وصرح وزير خارجيته بأن الوقت قد حان لتطبيع العلاقات مع نظام بشار المجرم، وفتح الحدود أمام البضائع والسلع التي تمر باتجاه الخليج العربي عبر الأردن، وجاءت المعارك الأخيرة لتغلقه بعد أن عمل الأردن احتفالا بذلك، واستقبل وزير داخلية بشار بحفاوة وحرارة، وكانت أولى بركاته دفعة المخدرات التي اكتشفت وصودرت  من قبل السلطات الأردنية، فكانت فأل سوء على الملك وبشار والروس والأمريكان حيث انتهت المعارك الأخيرة  التي أشعلها النظام بتحريض أردني واضح، ودعم إيراني، وتنسيق على أعلى المستويات مع الروس والصهاينة العرب (محور الشر) واليهود والأمريكان، وانتهت بهزيمة قوات النظام والميليشيات المقاتلة معه هزيمة منكرة، وصمود ثوار درعا صمودا أسطوريا، وكبدوا قوات العدو وجنوده وميليشيات إيران وحزب الشيطان خسائر فادحه، وفي كل ذلك كان ملك الأردن يغلق الحدود، ويشدد الحصار، ويمنع على الثوار أي متنفس، ويشارك بخنقهم ومنعهم من أي وسيلة للمساعد.

    يذكر أن الهجوم الواسع الذي شنه النظام والروس والميليشيات وإسرائيل بموافقة أمريكية منذ سنوات وانتهى بالمصالحات المعروفة التي كان بطلها المحاميد وصهره أحمد العودة، جرت بترتيب ومباركة أردنية، وبإغراء للقادة الميدانيين الذي تملكوا الشقق والعمارات والسيارات الفارهة في عمان، وأغدق عليهم الأموال الإماراتية لشرائهم وإفسادهم وتركهم الحرب والقتال والثورة ضد بشار، والاستسلام له، وكان له ما أراد.

       هذا الملك الذي يدعي أنه عربي، ومن أسرة يدعي أنها هاشمية، وأن أخلاقه أخلاق النشامى، وفي حقيقته وسلوكه لا يعبر عما يدعي، فهؤلاء نعرف شمائلهم غير ذلك، والشعب الأردني شعب عربي أصيل، وتاريخه مشرف، وهم نشامى بحق، ولكن هذا المنصّب صهيونيا عليهم لا يمثلهم، ولا يتمثل أخلاقهم، ولا يمت إليهم بصلة.

        أخرجهم في رمضان من سنوات بمظاهرات ومسيرات تقودها النقابات ومنظمات المجتمع المدني التي نسق معها سرا؛ تطالب في ظاهرها بتحسين الأوضاع المعيشية، وفي باطنها كانت لعبة مفبركة مع النظام المجرم والصهاينة ومحور الشر الخليجي لتهيئة الجمهور الأردني وتقبله قتل إخوانهم الدرعاويين على الحدود، ومنعهم من دخول الأردن حيث صرحت الوزيرة الأردنية الشقراء أن الأردن لا يتحمل لاجئين جدد، وعندما حاول بعض الفارين عبور الحدود قتلهم جنوده بدم بارد، وبأوامر منه، وسقط يومها سبعة شهداء برصاص النشامى، ومات العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ من البرد والجود، واضطر الثوار للتسليم والتهجير.

     تبرعت قطر يومها للأردن بمليار دولار، وعشرة آلاف وظيفة، وكانت وقتها محاصرة من دول محور الشر الخليجي، وهي تظن أنه معها في حصارها ويعمل على رفعه عنها، وهو في حقيقته حذاء القدم اليسرى للسعودية رأس محور الشر، وشغلت الإمارات فردة القدم اليمنى، وأما البحرين فهي الذنب، وما يخرج من تحته.

      ما أريد قوله وتذكير أهلنا في درعا خاصة به، وسورية عامة، أن هذا المُليك المملوك لعب دورا خبيثا جدا في محاربة ثورتنا، وعمل كل ما بوسعه لإجهاضها، وشارك البهرزي بقتلنا، وكان مبعوثا للسعودية إلى واشنطن برفقة نتنياهو إلى أوباما لتغيير موقفه لصالح بشار المجرم بعد أن صرحت كلنتون في الأسبوع الثاني للثورة أن أوباما سيطلب من بشار التنحي لصالح الشعب الثائر، ولكن بعد لقائها به، تغير التصريح كليا، و صدر على لسان كلنتون وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك: الرئيس أوباما يطلب من بشار الأسد عدم استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين..

هذا المملوك الصغير هو أول من أقام علاقة الشراكة مع الروس في جنيف، ومهد لدخوله سورية، وأغراه على ذلك، وهو الذي أقام غرفة الموك في أرضه عمان لتكون غرفة عمليات تشترك بها كل مخابرات المنطقة لإدارة الأزمة والتنسيق فيما بينهم، وبين النظام المجرم ممثلا بالروس الذين دخلوا بكل ثقلهم المعركة، لإنقاذ بشار ونظامه الذي أوشك على السقوط، ولقد عمل جاهدا على شراء ذمم القادة الميدانيين، وتحييدهم ومهادنتهم ومن ثم استسلامهم وخيانتهم، وتخليهم عن واجبهم المقدس، ومخابراته هي التي ساهمت في صنع داعش والنصرة بالتنسيق مع كل مخابرات المنطقة، ومازالت تنسق مع الجولاني، وتقود مع بعض الأجهزة الأخرى جبهته المزعومة، لتكون الخنجر المسموم في خاصرة الثورة والثوار، والمبرر الذي يتخذه الأعداء للقصف والتدمير والقتل الممنهج ضد أهلنا في الشمال المحرر.

      هذه لمحة موجزة للذكرى فقط، وما خفي أعظم.. وأقول أخيرا: ليعلم هذه المليك وأسياده ومشغلوه أن ثورتنا منتصرة مهما عملوا، وأن بشار زائل لا محالة بإذن الله، وأن ساعة الحساب قادمة، وأننا سنحسن جزاء من أعاننا، وعقاب من شارك بقتلنا، ولن نغفر لمن أعان المجرم ولو بشق كلمة..

والمستجير بعمرو حين كربته    كالمستجير من الرمضاء بالنار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى