تحقيقات

المشاجرات تحصد أرواح السوريين أيضا!

فيصل عكلة

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب


حوادث القتل تزايدت مؤخرا في فترة النزوح وذلك أثناء وقوع المشاجرات الجماعية و خاصة في المخيمات المكتظة بالسلاح الى جانب اكتظاظها بالسكان بطبيعة الحال ، حيث ذهب ضحيتها عددا من القتلى إضافة الى عدد أكبر من المصابين في بلدات الشمال و مخيماتها ..


توجهنا الى الباحث الاجتماعي محمود الجمعة وكان السؤال عن الأسباب التي تقف خلف ذلك فأجاب :
(لعل ضيق الخلق و العجلة تكون من أبرز الأسباب لإرتفاع المشاجرات خلال الفترة الأخيرة و خاصة في ساعات المساء مع تزايد حركة الناس التي تهدأ عادة في وقت الظهيرة و اشتداد الحر ..
و أوضح الجمعة أنَ اضطرابات النوم و اختلاف توقيته في الوضع الجديد و الطارئ و تغير عادات و أوقات تناول الطعام من أهم أسباب العصبية التي قد تتسبب في حدوث المشاجرة اضافة إلى الإصابة بالصداع ).
قد تكون أسباب نشوب المشاجرات بسيطة و تافهة مثل الاحتكاك بالدراجات النارية او التزاحم على دور الشراء بالسوق و لكنها تؤدي الى نتائج وخيمة ما بين قتيل و مصاب و من يجلس خلف القضبان و بذلك يقضى على مستقبل كل المشاركين في الشجارو تشرد عوائلهم ..
بعد أن انقضت احدى تلك المشاجرات و التي اسفرت عن مقتل شاب و إصابة آخرين ذهبنا الى أهل القتيل نرقب المشهد عن قرب و هم يستعدون لاستقبال جثمان ابنهم الذي فقدوه في لحظة طيش مجنونة ..
أعداد كبيرة من الشباب المدججين بالسلاح ينتشرون حول المنزل و سمة الغضب واضحة على الوجوه , والد القتيل جالس على الأرض و عيناه تتنقل بين وجوه المعزين و كأنه لم يستوعب ما حدث و أصوات نحيب النسوة تنبعث من داخل المنزل ..
خوف و ترقب أيضا من أهل القاتل و هم يعبرون عن دهشتهم من السرعة التي حدثت فيها الجريمة و يدعون الله أن تكون العواقب سليمة و قد أودعوا قبل قليل عددا من أبنائهم المشاركين في الشجار في السجن ..!!
القانون السوري كيف ينظر الى مثل هذه الجرائم و كيف يصنفها و ما هي العقوبات التي يفرضها على أطراف الشجار ؟


سألنا المحامي أسامة السبع من منظمة محامون من أجل العدالة فقال :
توصيف القتل في المشاجرات ينطبق عليه القتل قصدا و قد حدد القانون عقوبة هذا الفعل بالمادة533 من قانون العقوبات بالسجن مع الأشغال الشاقة من 15 الى 20 سنة إن لم يكون المقتول قاصرا أو أن يقتل أكثر من شخصين او تسهيل لجرم آخر أو لتحقيق منفعة مادية عندها يتشدد الحكم الى الأشغال الشاقة المؤبدة حسب المادة 534 من قانون العقوبات السوري ..
و قال المحامي السبع:
أنه في حالة كان الجاني مفتعلا للمشاجرة و مخطط لها مسبقا و ضمن فترة زمنية لقتل الشخص عندها ترتفع العقوبة الى درجة الإعدام شنقا حتى الموت ..
اما حالة جهالة القاتل فيحكم على كل المشتركين بالشجار مدة سبع سنوات مع الشغل والنفاذ..
الحاج حمدو (65 عاما ) من لجنة اصلاح ذات البين في احدى بلدات الريف الادلبي و الذي يعمل مع أعضاء اللجنة على تخفيف الاحتقان بين الشباب و خاصة في اليوم الأول من حدوث الجريمة شرح لنا الطرق التي يسلكها مع اللجنة :
نعمل في بداية الأمر على التذكير بحرمة دم الانسان و التسليم الى الله و الجزاء الكبير الذي أعده الله للصابرين كما نذكرهم الابتعاد عن الاستماع الى الشائعات التي تكثر في مثل هذه الظروف و تجنب أخذ أقوال شياطين الانس على محمل الجد ..
عوائق عملنا تتركز على التدخلات من أطراف بعيدة عن أهل القتيل و التي تعمل على تزكية الخلاف و تدعو الى الثأر و أن الدم لا يغسله إلا الدم و من هذه التعابير الشيطانية كما يعيق عملنا الفلت الأمني الكبير إضافة الى انتشار السلاح ..!!
كيف ينظر الدين الإسلامي الى مثل هذه الجرائم التي كثرت و بماذا توعد من يشارك في مثل هدة المشاجرات التي تودي بحياة البعض ..
الشيخ حمزة العمرامام و خطيب احد مساجد الريف الادلبي قال :
التشريع الإسلامي وضع للقاتل عن سبق إصرار و ترصد عقابا هو القتل و ذلك بغية حفظ الحياة و منع القتل , فالحدود وضعت لتعطي للحياة سعة في مقوماتها
و قتل العمد يستوجب القصاص و القصاص حق للولي و له أن يعفو أو أن يأخذ الديَة و القصاص يختلف عن الحد فالقصاص حق الولي و الحد حق الله و للولي أن ينازل في القصاص أما الحدود فلا يقدر أن يتنازل عليها لأانها ليست حقا لأحد بل حق لله ..


الرائد حسين الحسيان من الشرطة المجتمعية و عندما سألناه عن أسباب ارتفاع حوادث القتل في المشاجرات الجماعية و أين دور الشرطة المجتمعية في الحد منها قال :
لعل انتشار السلاح بشكل كثيف و قلة الوعي بهذه الظاهرة بالتحديد و التي ينظر البعض الى أن حمل السلاح هو من متممات الرجولة , و حدوث المشاجرات أمر طبيعي في المجتمع و لكن تطور الأمر الى استخدام السلاح مباشرة و هو الامر الذي يؤدي الى تردد الحضور عن الفصل بين المتقاتلين خوفا على حياتهم من رصاصة طائشة لان الامر لا يقتصر على استخدام العصا أو الحجر كما كان سابقا بل بالرصاص القاتل .
و أضاف الحسيان :
ان الشرطة المجتمعية تحاول قدر المستطاع عبر حملات توعية قامت بها للحد من انتشار ظاهرة السلاح و عند نشوب المشاجرات تتدخل الشرطة الى جانب الوجهاء لحل مثل هذه النزاعات و عدم تفاقم النتائج الحاصة منها, كما تتعاون الشرطة مع المجالس المحلية و الهيئات المدنية في المجتمع إضافة الى علماء الدين في الحد من هذه الظاهرة ..
كما طالب الرائد الحسيان المواطنين بتحكيم العقل في مثل هذه الحالات و عدم حمل السلاح و ان تكون مظلوما خير ان تكون ظالم و الابتعاد عن استخدام السلاح علما ان الشرطة المجتمعية هي غير مسلحة و تعمل على حل المشاكل بالطرق السلمية ..
و يستمر صوت الرصاص محلقا في سماء ريف ادلب و تستمر أرواح المدنيين بالصعود نحو السماء بانتظار اليوم الذي يجمع فيه السلاح ممن لا يحتاجون إليهوو الذي يبدو أنه ما زال بعيدا ..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى