ثقافة وأدب

نظرات في ثورةُ الحرية

إسماعيل الحمد

شاعر وأديب سوري
عرض مقالات الكاتب

ماثورةٌ ضاقَ المَدَى بِحرابِها

وَرَعَى بِمِرجَلِها لَظَى أغرابِها

إلَّا الّتي زَرَعُوا بِها طَاغوتَها

لِيكونَ ذاكَ الزَّرعُ شَرَّ عِقابِها

لم تعلُ فيها للكرامةِ رايةٌ

إلا ودَكَّ الكَونُ شُمَّ حِرابِها

بَسطَت عَلَى شَطّ الحَياةِ رِداءَها

واسْتَقبَلَتْ زَهوًا رَبيعَ شَبابِها

وتجرَّعَتْ أنقاضَ عِزتِها التي

نُحِرَت مآثرُها على أعتابِها

حتّى بَدَت مِزَقًا لِسِفْرِ رِوايةٍ

عاشَتْ مُطرَّزةً على جِلبابِها

شربَت جِراحَ المُصطَلِينَ بنارِها

وَرَعَت مآذنُها أَنينَ قِبابِها

ذرفت على خَدِّ الحياةِ بِعَبرةٍ

دمعًا أذابَ النُّورَ في أهْدابِها

وهَياكِلُ الشَّرفِ الرَّفيعِ تَبرَّأَت

مِمَّن تَنكَّر في ذُرا أحسابِها

صَبَغوا العَمائِمَ بالنِّفاقِ لِطُغْمَةٍ

رَضَعُوا حَليبَ العُهْرِ مِنْ أصلابِها

فتَوَشّّحَ الطاغوتُ في أهْوائِهمُ

واستَحكَمَتْ أنيابُه بِحِجابِها

ربَّتهُمُ الأموالُ في ماخورِها

فتَهافَتوا حَبْوًا علَى أبْوابِها

فرَأَوا بِعَينِ البَغْي ثَورَةَ شَعبِهِم

وتَداوَلُوا الأوهامَ في أسبابِها

وتَقَمَّصوا حُلَلَ الفَضائلِ وانْبَروا

يُفتونَ في آهاتِها وعذابِها

قَلَبوا لها ظهرَ المِجَنِّ وبَرَّرُوا

ماخلّفَتهُ النارُ مِن شَبَّابِها

ياراكبًا ظهرَ المخاطِرِ باحثًا

عن واحةٍ تَغْنَى بماءِ سَرابِها

غادَرْتَ دارًا أرضَعتْكَ إباءَها

ونَمَتْ عظامُك في وَثيرِ إِهابِها

وشمَمْتَ في أسمالِها عِزَّ الأُلَى

لَبِسوا على شرفٍ أنيقَ ثيابِها

وهَجَرتَها أنْ عاثَ فيها كلُّ مَن

ولغت جحافلُه بطُهْرِ تُرابِها

ما أنْ أدَرْتَ الظَّهرَ عَنها غاديًا

إلا وآذنَ سادِرٌ بِخَرابِها

فَمَشَتْ عَلَيها الحادِثاتُ وأُنضِجَت

فيها النَّوائِبُ في أُتُونِ مُصابِها

وأرَدْتَ مَنجًى مِن ظلامِ وِهادِها

فولَجتَ من حِلَكِ الرَّدَى بِضبابِها

وشرِبْتَ من حُلْوِ المباهجِ مُرَّها

فوجدتَ أنّ المرَّ شهدُ رضابِها

لاتَفرَحَنَّ بما أصبتَ بغربةٍ

قد أنْسَنُوا فيها قَذَى أوصابِها

ولَئنْ ذرعتَ الأرضَ تنشدُ مأمنًا

فيها فَلسْتَ بآمنٍ مِن نابِها

فالأرضُ لاتُؤيكَ إلَّا حَسْبَما

تّجني شَقاءَكَ ثروةً لحِسابِها

ولئن قَذَفتَ من النوافذِ شرَّها

فلقد أطلَّ الشرُّ من أبوابِها

ولرُبَّ سائلةٍ : أما مِن عودةٍ ؟

لم تَحفلِ الدُّنيا بردِّ جوابها

إن صِرتَ يومًا آمنًا من نارِها

فاحفَظْ مَلاذَك مِنْ طَنينِ ذُبابِها

هَذي ديارُ الفاتِحينَ وَإِرثُهُم

صَلّى شُعاعُ الصُّبحَ في مِحرابِها

لابدَّ يومًا أنْ تَعودَ لِمَجدِها

مَهْما عَلَا فِيها هَريرُ كِلابِها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى