مقالات

مراجعات الإخوان ” النهضة أنموذجا “

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

وفقا للقاعدة الإدارية في مواجهة الأزمات ” الظروف الاستثنائية بحاجة إلى مواقف وقرارات استثنائية — التغيير والتطوير يحتاج أفكار مغايرة ومتطورة ” وليس المزيد من السكون والجمود بحجة عدم مناسبة الأجواء والظروف .

في خطوة لا تبدو بطيئة ولا متأخرة أعلنت حركة النهضة مسؤولياتها عما آلت إليه الأوضاع في البلاد ، إلى جانب الأطراف الذين حكمت معهم ، وذلك بحسب حجمها في المشاركة في الحكم وإدارة البلاد ، جاء ذلك في بيان صدر عن الحركة ، عقب اجتماع للمكتب التنفيذي ، كما أكدت أنها “تتفهم غضب الشارع ، ومستعدة للتقييم الجدي والموضوعي ، وإجراء مراجعات عميقة خلال مؤتمرها القادم ، بما يحقق التجديد في الرؤية والبرامج ، وفتح الآفاق أمام الشباب لتطوير الحركة”.

وهي تصريحات تتوافق مع قرار الحركة بإعفاء كافة أعضاء المكتب التنفيذي ، و تشكيل مكتب جديد بهدف التعامل مع مقتضيات المرحلة التي تمر بها البلاد فضلا عن المقترحات والطلبات المرفوعة من قواعد الحركة فيما يخص البرامج والسياسات ومنصات القيادة .

المراقب للمشهد يشعر وكأن الإجراءات الاستثنائية التي قام به الرئيس قيس سعيد يقابلها إجراءات استثنائية داخل الكيانات السياسية التونسية وفي المقدمة حركة النهضة وهي خطوة إيجابية تحسب للحركة التي مازالت تعلن الاستعداد الفوري للمزيد من التنازلات من أجل الحفاظ على المسار الديمقراطي أهم افرازات الثورة التونسية .

النهضة كعادتها لم تركن لما يركن إليه غالب الحركات الإسلامية بغلبة الدفاع والتبرير على المراجعات وإعادة النظر في المواقف والإجراءات والحرص على التأجيل بحجة عدم مناسبة الأجواء وهو سمت مميز لفكر جماعة الإخوان بتصدير الظروف الأمنية والسياسية وتأجيل التعاطي الجذري معها أو التجاوب مع طلبات ومقترحات القواعد والقيادات الوسيطة وبمرور الوقت لا تحل الأزمات ولا تتم المراجعات بل تزداد الاشتباكات ويزداد جسد الجماعة ثقلا وترهلا حتى يصل المنطقة الحرجة وهي استحالة التطوير والنظر والتغيير وهو ما تعانيه جماعة الإخوان المصرية اليوم خاصة منصات القيادة المشتبكة والمتصارعة .

لم تعلن الحركة مالذي تقصده بالتفصيل وسيعلن ذلك في المؤتمر العام القادم مع نهاية العام الحالي ولا أدرى هل سيتم تقديم الموعد تجاوبا مع الظرف الاستثنائي أم سيتم في موعده ، لكن في جميع الأحوال من المنتظر أن تنتقل حركة النهضة لدورة حياة تالية للدورة الأولى التي أعلنت فيها التحول من حركة شمولية إلى حركة سياسية فقط إعمالا بمبدأ التخصص الوظيفي وفقا للاعتبارات الخاصة والعامة التي أعلنت وقتها ،

إعلان المراجعات بهذا الشكل والمضمون المطروح في بيان الحركة خطوة تحسب للنهضة في منصات القيادة وعلى مستوى القواعد ، نعم وبلا شك هناك تنوع في الرؤى والآراء بين التيارات المكونة للحركة والموجودة في كل الحركات الفاعلة ، ويبقى التطوير والتغيير سمت الحركات الحية للحفاظ على حياتها بعيدا عن أجواء الشيخوخة والاحتضار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى