مقالات

كيف تتمكن طالبان من جعل نصرها نصراً للأمة؟

د. عثمان محمد بخاش

باحث في الفكر الإسلامي والقضايا المعاصرة
عرض مقالات الكاتب

ينقل الكاتب جورج كاستانييدا، في كتابه عن سيرة تشي غيفارا المعنون: حياة وموت تشي غيفارا، حوارا دار في نوفمبر 1958 أوج أيام الثورة الكوبية ضد نظام الدكتاتور باتيستا المدعوم من قبل أمريكا،أي قبل انتصار الثورة في أول 1959، بين تشي غيفارا و اولتوسكي، أحد كوادر الثوار في حينه، دار النقاش عن التحضير لمرحلة ما بعد انتصار الثورة ومعالم النظام الثوري الجديد، ومن ضمن مواضيع النقاش كان سياسة مصادرة أراضي الاقطاعيين و توزيعها على الفلاحين الكادحين، و رأى غيفارا اتباع سياسة المصادرة الفورية لأراضي الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين مباشرة، بينما كان رأي اولتوسكي  أن مصادرة الأراضي ستشعل الصدام مع أمريكا قائلا :”يجب علينا تغطية حقيقة نوايانا. لا تظنن لحظة واحدة أن أمريكا ستتفرج على ما نقوم به، علينا أن نكون أذكياء في سياستنا” فجاءه رد غيفارا الصاعق:” أنت إذن أحد هؤلاء الذين يرون أننا نستطيع صنع الثورة من وراء ظهر أمريكا(أي خفية). ما هذا الهراء الذي تتفوه به. يجب علينا إعلان الصراع حتى الموت ضد الإمبريالية من بداية الثورة. الثورة الحقيقية لا يمكن تغطيتها(أو إخفاؤها)”(128)…هذا “الصراع حتى الموت” صاحَبَ غيفارا حتى موته في أدغال بوليفيا في أكتوبر 1967 كما هو معروف، وكان عبّر في خطابه أمام الأمم المتحدة في ديسمبر 1964 عن حتمية الصراع ضد قوى الاستعمار الغربي بشكل جلي، وكان مما قاله:” علينا، نحن الماركسيون، أن نوضح أن مفهومنا للتعايش السلمي بين الدول لا يعني بحال التعايش بين الشعوب المضطهدة وبين جلاّديها المستعمرين….فالحضارة الغربية تخفي وراء دعايتها المزيفة عصابة من الضباع و الثعالب. هذا هو الوصف الوحيد الذي يليق بالوحوش المفترسة التي ترفع شعارات المساعدات الإنسانية لتفترس الشعوب المغلوبة على أمرها؛ هذه هي حقيقة الامبريالية الغربية، وعلى كل الرجال الأحرار في العالم ان يستعدوا للانتقام للجرائم التي ارتكبت في الكونغو”  (272 ).  

أتوقع أن نقاشا كهذا جرى مرارا بين دوائر حركة الإخوان المسلمين ، في مصر وخارجها، قبل التوصل إلى قرار مجلس الشورى الشهير بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية في مصر  بفارق صوتين، ثم جرت الأمور في مصر على النحو المعروف لجهة تخبط حركة الإخوان في إدارة شؤون الدولة وصولا إلى الانقلاب الذي دعمته واشنطن ضد حكم الاخوان وما تبعه من محن وويلات، ليس فقط على صعيد التضحيات الجسام التي عانت منها حركة الاخوان، بل أيضا على انتشار موجة من الإحباط في صفوف العاملين للإسلام الذين لم يستوعبوا أبعاد وحيثيات الإخفاق المأساوي الذريع الذي لم تنته تداعياته بعد في ظل استشراس حكم ربيب البنتاغون السيسي المعين وزيراص للدفاع في حكومة الدكتور محمد مرسي رحمه الله.

إذن، وعلى خلفية الانتصار المدوي لحركة طالبان في أفغانستان والخروج المذل المهين لأمريكا في تكرار ل”لحظة سايغون” حين حملت طائرة مروحية للجيش الأمريكي من على سطح السفارة الأمريكية رجالها الهاربين مكللين بأثواب الخزي والعار في كابول كما في سايغون 1975، يطرح السؤال اليوم على قادة طالبان: هل بالإمكان إعلان الثورة الإسلامية ضد معسكر الاستعمار الغربي بقيادة أمريكا (والذي تدعمه روسيا والصين بل والهند في حملته لمنع قيام الدولة الإسلامية)؟ أم أن هذه المواجهة ستؤدي حكماً وحتماً إلى إجهاض الكيان الوليد في أفغانستان الذي عانى مخاضاً عسيراً لعقدين من الزمن، قبل أن يولد وهو في حاجة ماسة إلى فترة زمنية لا بأس بها من رعاية وحضانة ريثما يشتد عوده؟

وما السبيل إلى التذاكي على عواصم الإستعمار ومحاولة خطب ودها ضمن حملة من التصريحات والمواقف الإعلامية الهادفة إلى كسب معركة الإعلام، ولو إلى حين بغية شراء بعض الوقت لتتمكن طالبان من تثبيت حكمها خاصة بالنظر إلى بقاء جيب من المقاومة ضدها بقيادة أحمد مسعود في بنجشير في ظاهرة قد تكرر مسار أبيه أحمد شاه مسعود! وما موقف الإسلاميين، في طالبان وغيرها، من “التعايش” مع ضباع الاستعمار العالمي التي تتخفى وراء شعارات “المجتمع الدولي” المطالب بالحريات وحقوق الإنسان المزعومة، وخاصة حقوق المرأة التي لم تُهدر،بزعم مجرمي الاستعمار وتابعيهم من الناعقين من بني جلدتنا، إلا في ظل حكم الإسلام.

وكان وزير الخارجية الفرنسي لودريان عدّد، في تغريدة له، شروطاً خمسة على طالبان تحقيقها إذا أرادت كسب الإعتراف الدولي بها: يجب عليهم”أن يسمحوا بوصول المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الأفغانية، ويجب عليهم أيضا أن يحترموا الحقوق، ولا سيما حقوق المرأة. إنهم يصرحون بذلك ولكن يجب أن يفعلوه”. أما الشرط الخامس والأخير حسب لودريان فهو “أن يشكلوا حكومة انتقالية”. وأوضح أن “هذه هي الشروط للحصول على اعتراف دولي. بعدها سنرى، لكن في الوقت الحالي، يجب عليهم أن يقوموا بهذه الإجراءات، فهي لم تتحقق حتى الآن”. فهذه “بداية” تطويع طالبان لإرادة ضباع الاستعمار التي وصفها غيفارا في خطابه في الامم المتحدة قبل قرابة ستين عاما!

النظرة الباردة إلى حسابات موازين القوى و حسابات الخسارة والربح ترينا التالي:

  1. الانسحاب الأمريكي من أفغانستان كان يفترض به أن يتم بحلول أول أيار 2021 وفق اتفاقية الدوحة المعقودة في 29 شباط 2020 بين أمريكا و”الامارة الإسلامية لأفغانستان غير المعترف بها كدولة من قبل أمريكا والمعروفة باسم طالبان” (وهذه العبارة أدرجت في كل نقطة ورد فيها اسم الطرف المفاوض على الاتفاقية). أركان هذه الاتفاقية تقوم على التزام طلبان بتقديم ضمانات ضد أي تهديد على أمن أمريكا وحلفائها(بمن فيهم تركيا)، وتتعهد طالبان بمنع أي من عناصرها من التعاون مع أي طرف قد يشكل خطرا على أمن وسلامة أمريكا وحلفائها، وعلى التزام طالبان بالتوصل إلى اتفاق وقف اطلاق النار دائم مع الطرف الأفغاني (أي حكومة أشرف غني)؛ كذلك تلتزم طالبان بأن تلتزم الحكومة المستقبلية في أفغانستان بعلاقة إيجابية مع أمريكا ، مع ترابط هذه البنود مع بعضها بحيث يعتبر الإخلال بأحدها إخلالا بالكل.
  2. بنود هذه الاتفاقية تجعل “سيادة” طالبان منقوصة، وتعطي أمريكا حق الفيتو على أي تصرف قد تقوم به طالبان بمجرد توصيف أمريكا له بأنه يشكل تهديداً لأمنها وسلامتها وحلفائها. ونحن نعلم علم اليقين ضبابية التوصيف الأمريكي للإرهاب و الخطر المزعوم الذي يشكله هذا الطرف أو ذاك من أفراد و جماعات و منظمات، ويشمل هذا حق منح “اللجوء”  أو فيزة الدخول للأشخاص والأفراد…فأمريكا هي التي تقرر من يسمح له بذلك أو تصنيفه مناصراً للإرهاب وعرضة بالتالي للغضب الأمريكي. اتفاقية الدوحة تقيد إمارة طالبان بقيودها وشروطها التي تجعل  من العسير على طالبان الحصول على “الرضى الدولي” إلا بعد الالتزام بما جاء فيها.
  3. أفغانستان بلد محاصر جغرافيا: فليس لأفغانستان منفذ بحري تتواصل عبره حركة التجارة مع الملاحة العالمية، وهو بلد محاصر من قبل أنظمة “غير صديقة” تتوجس من حكم طالبان ذات الصبغة المتشددة، بنظرهم وهي التي هدمت تمثال باميان و تتبع المدرسة الديوبندية الحنفية المتشددة ،سوءاً.
  4. فتكون باكستان، التي تضم مناطقها الحدودية مع أفغانستان شريحة كبيرة من الباشتون المتضامنين مع إخوانهم عبر الحدود، هي بمثابة شريان الحياة لحكم طالبان؛ وليس هذا بالأمر الجديد فباكستان قامت بدعم تنظيم طالبان منذ أول أيام نشأته،ونصر طالبان لم يكن ممكناً لولا تأمين باكستان “العمق الاستراتيجي” والدعم اللوجستي في تمكين طالبان من الاستمرار في حربها الضروس ضد قوات الاحتلال الأمريكية و حلفائها، بمن فيهم تركيا، في معسكرالناتو الاستعماري. ودور باكستان هنا شبيه بدور الصين والاتحاد السوفياتي في انتصار ثوار الفيتكونغ على العدوان الأمريكي في فيتنام: فبالإضافة إلى صلابة العزيمة على القتال مهما تكبدت من تضحيات فالعمق الاستراتيجي هو الذي مدّ طالبان بما تحتاجه للثبات في خوض الصراع عبر عقدين من الزمن ضد أقوى حلف عسكري على الأرض.
  5. وعلى ذكر باكستان ذهب بعض الناصحين إلى دعوة طالبان للاستعانة بكل من باكستان وتركيا وماليزيا لاستمداد أسباب العون في دعم حكمها في أفغانستان، ضمن رؤية أوسع لتحالف إسلامي يمكّن الكيان الوليد من الوقوف على رجليه، والقيام بتأمين الحاجيات الأساسية للشعب.
  6. أما عن تركيا فقد صرح سهيل شاهين، المتحدث باسم حركة “طالبان”، في مقابلة مع قناة تلفزيون”CGTN”  الصينية ، بأن طالبان تنظر إلى الصين وتركيا على أنهما “الشريكان الرئيسيان في إعادة إعمار أفغانستان بعد الحرب وبناء إمارة إسلامية”. وأفرد المتحدث باسم طالبان مساحة خاصة لتركيا، حيث قال: “تحتاج إمارة أفغانستان الإسلامية إلى الصداقة والدعم والتعاون مع تركيا أكثر من أي دولة أخرى. تتمتع أفغانستان بموارد طبيعية غنية. لكن ليس لدينا إمكانية لاستخراجها. دمرت بنيتنا التحتية بالكامل بسبب الاحتلال وسرقة الحكام. نريد التعاون مع تركيا في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والاقتصاد والبناء والطاقة، وكذلك في معالجة المعادن”. (وكالة الأناضول 20-8-2021)
  7. مع العلم بأن شاهين سبق له أن طالب في تصريح له لرويترز في 10-6-2021 بسحب تركيا لقواتها العاملة ضمن قوات الناتو في افغانستان  قائلا:” تركيا كانت جزءا من قوات حلف شمال الأطلسي في الأعوام العشرين الماضية ولذلك فإنه ينبغي لها الانسحاب من أفغانستان”. و شاركت تركيا بأكبرقوة عسكرية  أجنبية قوامها 500 جندي كانوا يدربون قوات الأمن للنظام البائد.(رويترز 11-6-2021).
  8. في تصريح أدلى به الرئيس أردوغان عقب أدائه صلاة عيد الأضحى المبارك في مسجد هالة سلطان بعاصمة جمهورية شمال قبرص التركية لفكوشا.”الشعب الأفغاني ناضل طويلا ضد القوى الإمبريالية، وتركيا وقفت دائما إلى جانب نضال الأفغان” ( وكالة الاناضول) .فلا نفهم كيف وقفت تركيا بقواتها إلى جانب قوات حلف الناتو في قمع طالبان ثم يقول الرئيس التركي إن تركيا وقفت إلى جانب نضال الأفغان!!
  9. كما أرسلت”طالبان” رسائل تطمين عدة إلى دول الجوار بل والغرب عامة بأنها تسعى لمنع حرب أهلية في أفغانستان وتريد علاقات ودية مع كل الدول، تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل واحترام السيادة الوطنية وعدم فرض إملاءات خارجية، كما صرحت بأنها ستحرص على عدم جعل أفغانستان مأوى أو ممراً للمنظمات المتطرفة كتنظيم القاعدة وداعش.
  10. فما هو طموح حركة طالبان؟ هل تطمح إلى “تصدير” النموذج الإسلامي ليكون قدوة للشعوب المسلمة ودعم كفاحها في التخلص من كرزايتها؟؟ أم أنها تنبذ فكرة تصدير الثورة، وتحصر اهتماماتها برعاية الشؤون الداخلية للشعب الأفغاني وفق اجتهادها وفهمها للأحكام الشرعية؟
  11. من الواضح إلى الان حرص قادة طالبان على النأي عن التصريحات المستفزة للمعسكر الاستعماري، بل يعملون على خطب وده بشتى المواقف والتصريحات الإيجابية، ومن ذلك اتباع سياسة “اذهبوا فأنتم الطلقاء” وصولا إلى تشكيل حكومة شاملة كما صرح المتحدث باسم طالبان  ذبيح الله في 17 أغسطس 2021 ،إن الحركة لا تريد أن يكون لها أي أعداء داخليين أو خارجيين، مضيفا أنها تعتزم تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان.
  12. وما هي معالم نظام الحكم الجديد الذي تريد طالبان إقامته في أفغانستان؟ في مقابلة مع قناة الغد صرح د محمد نعيم بأن الظروف(انتقال السلطة) حدثت بشكل مفاجيء باغتت طالبان التي لم تكن عندها، بحسب محمد نعيم، فرصة لتحضير الصيغة المنشودة للنظام القادم، وأن طبيعة الحكومة القادمة سيتم بحثها في المستقبل.وهذا ، وغيره من التصريحات، يكشف عن أن حركة طالبان، التي خاضت صراعاً استمر عقدين من الزمن، لم تحضّر نفسها للحظة “ما بعد سقوط النظام”، وهذا ما انعكس في التصرف الارتجالي بعد سقوط كابول وفرار أشرف غني.
  13. ومع ذلك يبدو واضحا أن مفهوم طالبان للحكم ولطبيعة الدولة ينحصر ضمن إطار “إمارة أفغانستان الإسلامية” وأن مفهوم “تصدير الثورة” غير وارد لديهم. ولم يسبق لي أن اطلعت في مواقف طالبان ما يشير إلى ذلك من قريب أو بعيد، غير التمسك بمفهوم الإمارة المحصورة في أفغانستان.وهكذا نجد أن مفهوم “عالمية الإسلام” شبه مغيب في فكر حركة طالبان ،ليس فقط اليوم، بل منذ نشأتها من أول يوم. مع أن القرآن الكريم يوضح منذ الأيام الأولى لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم عالمية الإسلام (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ) (وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ )   القلم 52،   [يوسف: 104]، [ص: 87]، [القلم: 52]، [التكوير: 27].

ومن الآيات التي صَرَّحت بعالمية القرآن العظيم: قوله تعالى ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].  وقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107] وهذه كلها آيات مكية أي نزلت في مرحلة الاستضعاف.

  1. إذن ففكرة “حصر” النظام الإسلامي ضمن حدود “قطرية” وفق خريطة وضعها المستعمر الغربي تناقض الإسلام جملةً وتفصيلاً. أما التذرع بأن موازين القوى اليوم لا يسمح بالتحدي الصارخ للمنظومة الاستعمارية، فهذا يعيدنا إلى ما قاله غيفارا بأن من يظن بإمكان إطلاق ثورة تهدم كيان الباطل “خفية” عن عواصم الاستعمار فهذا إما واهم أو جاهل لا يفقه في واقع السياسة شيئا. هذا من جانب ومن جانب آخر، وعلى فرض أن موازين القوى لا يسمح بإعلان هذه الثورة الشاملة، فلم لا يتم وضع تصور شامل، يشبه خارطة طريق، لإعداد أسباب القوة الكفيلة  بمواجهة معسكر الاستعمار العالمي؟؟ و أول خطوة في هذا الصدد هو توحيد أفغانستان مع باكستان ضمن هذه الرؤية الواحدة، و العمل الحثيث على توسيع دائرة الوحدة الإسلامية الجامعة لتشمل الكيانات الأخرى وضمن منظومة الدولة الإسلامية الواحدة وليس وفق النظرة القطرية التي تناسب واضعي الخريطة الاستعمارية من حدود وهمية هي مجرد خطوط خطت على الرمال، لا يقرها الإسلام من قريب أو بعيد؟
  2. نقول هذا الكلام (14) مع إدراكنا أن طالبان المكبلة باتفاقية الدوحة لا تملك قرارها، ولا تملك القدرة على التمرد على “المنظومة الاستعمارية” المسماة بالمجتمع الدولي. بل وإني لأتساءل، في ضوء اتفاقية الدوحة، ما إذا كان قادة طالبان يفكرون بذلك، وأخشى أنه غير وارد في حساباتهم!
  3. أما دعوة البعض، وهم صادقون في نصحهم، لطالبان أن يستعينوا بباكستان وتركيا وماليزيا فهذه الدعوة تقفز فوق حقيقة أن هذه النظم هي نظم علمانية لا تهتم شروى نقير لإقامة حكم الدين وإعلاء كلمة الله، وقد سبق القول كيف خدمت تركيا في قوات حلف الناتو في احتلال افغانستان، وقد نقلت رويترز (21-8-2021) نبأ  اتصال هاتفي بين الرئيسين اردوغان وبوتين ناقشا فيه تنسيق السياسة بشأن أفغانستان وطبيعة الحكومة القادمة التي يجب، بحسب اردوغان، أن تكون شاملة. وغني عن الذكر نكبات التنسيق الروسي التركي على أهلنا في سوريا؛ أما باكستان فما قامت به من فتح حدودها  البرية والبحرية والجوية أمام القوات الأمريكية المجرمة فغني عن الذكر، ونظام ماليزيا لا علاقة له بحكم الشريعة لا من قريب ولا من بعيد…فهذه الدعوة تصح متى اقترنت بأن تكون على أساس الوحدة الإسلامية وفقط وفق أحكام الشريعة وليس وفق أحكام المنظومة الاستعمارية.

أختم بالقول إن ما قدمته هنا هو من واجب النصيحة التي أمرنا بها الحق سبحانه (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) و رسوله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة)، وقد يكون بعضه أو جله موضع نقاش أو تأييد أو اعتراض ولا حرج في هذا كله، طالما يصب في سبيل النصح الخالص لله ولرسوله وللمسلمين، فإن أصبت فبفضل من الله سبحانه وإن أخطأت فحسبي أني اجتهدت والله الهادي إلى سواء السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى