مقالات

حقيقة المجتمع الدولي و أضاليله!

مرهف الزعبي

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب

    بداية أتوجه بمقالتي هذه إلى المؤمنين بالواقعية السياسية، وبالمجتمع الدولي ومؤسساته. بأن يقوموا بمراجعة بسيطة لخارطة العالم؛وبخاصة في الدول والأقاليم التي شهدت حروبًا، ونزاعات أهلية، وانقلابات عسكرية، وثورات شعبية ضد النظم التي تحكمها منذ عقود. وكيف تعامل المجتمع الدولي مع الأحداث بانزياحٍ تام لصالح الأنظمة الوضعية، وخاصةً العربية، وحمايتها من السقوط، والانهيار. ناهيك عن فرض التبعية، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول. وهذا ما يصرح به المسؤولون الأميركيون، وغيرهم ما بين الفينة، والأخرى.

      كما يجب على كل من درس السياسة؛ أو كان متابعاً لها؛ أن يعي بأنّ هناك تضادًا كبيرًا ما بين نصوص القانون الدولي، وتطبيق قواعده، وأنظمته. فنظرية التنظيم الدولي التي توافقت عليها الدول ذات الوزن الثقيل تؤول إلى التخفيف من مظاهر الفوضى الدولية، ومكافحتها، وزيادة الاعتبار للمسؤولية الدولية التي تهدف إلى إحلال الأمن و السلم الدوليين في العالم ؛بالإضافة إلى تنمية العلاقات السلمية بين الدول، وبناء علاقات على أسس تبادل المصالح المشتركة لهذه الأخيرة. فكل دولة مهما صغرت أو كبرت لها الحق في اختيار نظام الحكم فيها، وإنشاء دساتيرها بما تراه مناسبًا ، وترتيب بيتها الداخلي من دون أي تدخل خارجي في شأنها.

     ما نشهده ونراه الآن من أحداثٍ عصفت في العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وفي الألفية الثالثة؛ هو عكس ما تمَّ التوافق والتوقيع عليه من قبل الدول العظمى. فلقد تكشفت عورات المجتمع الدولي وفي مقدمته المنظمة الأممية التي لم تتسم بالحيادية، والنزاهة في عملها منذ نشأتها، ولم تساعد شعباً منتفضًا وثائرًا مطالبًا بحقوقه، ولم تدعم له قضية، أو تعترف بحراكه، أو تقدم المجرمين، والساعين إلى زعزعة الأمن والاستقرار الدوليين إلى محاكم العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية. بل كان جلَّ اهتماماتها هي خلق حالة التبعية، وفرض الإملاءات، وزيادة الهيمنة، والحفاظ على النظم الفاسدة.

      فالفوضى الخلاقة، وميليشات القتل والإرهاب العابر للحدود تقوده، وتشرف عليه مجموعة الدول صاحبة القرار في العالم. وخير مثال على ذلك تغذية، وحماية ميليشات القتل، والإرهاب في جميع الدول التي شهدت حروب أهلية، ونزاعات داخلية، أو ثورات ضد أنظمة حكم فاشية توتاليتارية، ومنها الثورة السورية. حيث سمحت المنظومة الدولية لميليشات القتل، والإجرام، والاغتصاب الإيرانية، والعراقية، واللبنانية، والأفغانية بالدخول إلى سورية وقتل الشعب السوري الأعزل الذي لم يحمل السلاح. وتمَّ تهجيره، وتوطين الدخلاء الذين أتى بهم الإرهابي بشار الأسد إلى سورية على مرأى ومسمع العالم؛ و بدلاً من أن تقوم المنظمة الأممية، ومحكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية بمعاقبة هذه الميليشات، ومجرميهم؛ أصبحوا يتغاضون عن جرائمهم، ويمهدون لهم العوائق التي تدعم تحرك إرهابهم، وإجرامهم في سورية، ويسقطون عنهم تهم الإرهاب، ويسقطونهم عن اللوائح السوداء. ليبقى الثائرون يجابهون صفة الإرهاب، والتخلف، والتمرد على قرارات الحكومات التي يعتبرونها شرعية بنظرهم.

     إن المجتمع الدولي مارس أعهر، وأقذر مهاماته. وما تغنى به من الحفاظ على الأمن و السلم الدوليين، لم يكن سوى لتضليل، وخداع الشعوب البسيطة. كما شارك في دعم الإرهاب، والتستر على الجرائم التي مورست بحق الشعوب التي انتفضت بوجه أنظمة حكمها الشمولية، وفي مقدمتهم الثورة السورية. فتناست المنظمة الأممية في سورية تصدير الديمقراطية، و احترام حرية الإنسان، وحقوقه، وحق تقرير مصيره التي ثار بها أكثر من خمسة عشر مليون سوري لإسقاط حكم آل الأسد. كما شاركت بأفرادها الطبيعين، والاعتباريين بقتل الشعب السوري، وتغيير خارطته الديمغرافية عبر أذرعها الإجرامية روسيا، وإيران، والميليشات التي أتت إلى سورية. 

     و إذا سلمنا جدلاً بأنَّ الدول تسعى لتحقيق مصالحها؛ فمن حق الثورة السورية العظمى، و ثوارها، أن يسعوا لتحقيق مصالحهم فوق أي مصلحة إقليمية، أو دولية، أو جهوية، ومن حقها أن تمارس جميع الوسائل السياسية، والعسكرية، والقضائية في المحاكم الدولية بحق المجرمين، وكذلك الإعلامية لفضح جرائم الحكم الأسدي البغيض لتحقيق أهداف الثورة المتمثل بإسقاط حكم آل الأسد، و تحرير سورية، و بناء سورية الثورة، و الحرية، و الكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى