مقالات

قيس سعيد يطبق استراتيجية عبد الناصر!

د. أسامة الملوحي

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

قيس سعيد أخذ أصواتًا كثيرة من الإسلاميين في تونس ،وقاده هذا الدعم في الجولة الانتخابية الثانية إلى فوز ساحق بالرئاسة عام 2019. فقد أعلن مجلس شورى حركة “النهضة” التونسية، رسميًا، مساندته لمرشح الرئاسة المستقل، قيس سعيد، في الجولة الثانية من السباق الرئاسي.

وسارع قيس بعد فوزه إلى مغازلة الإسلاميين في عدة خطابات وتصريحات ،افتتحها كأي إسلامي ضليع، فافتتح بذكر الله بلسانه مطولا وأكدّ على الثوابت العربية الإسلامية ومنها قضية فلسطين وقضية الحريات في الوطن العربي؛ وحاول أن يقلد الخطابة الإسلامية الصارخة، وذكر ٱياتٍ كثيرة وأحاديثًا شريفة عديدة.

وخدع الإسلاميون بخطابه وإشاراته التي كانت على ما يظهر الآن أنها كانت مرتبة مبرمجة؛ كما خدع الرئيس مرسي بالسيسي وهو يسمع منه مرارًا مكالمات محمومة يوصي فيها السيسي ابنه بالصلاة!

عبد الناصر بايع الإخوان في الخمسينيات، وأخذ كل الدعم منهم ،واستعجل فاعتقلهم في عام 1954وعندما انتفض أنصارهم وتظاهروا واعتصموا، أفرج عنهم مؤقتًا وأعدّ لهم مسرحية محاولة اغتيال في حادثة المنشية الشهيرة بالاسكندرية ،وراح يصيح كلكم عبد الناصر، دمي فداء لشعب مصر واستقرار مصر، ثم ضرب الإخوان وأدخلهم السجون ،وغيبهم عن المجتمع المصري تمامًا خمسة عشر عامًا.

  ويبدو أن قيس سعيد ،وبخاصة بعد زيارته لفرنسا وخضوعه لمراسم التعميد هناك ، قد انتقل إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة الانقلاب ،وقد نفذه فعلًا بعد افتعال الفوضى وتضخيمها لخلق الجو المناسب للانقلاب.

وتمضي خطوات قيس إلى المرحلة الثالثة والأخيرة ؛وهي مرحلة الاعتقالات الشاملة ،ويبدو أنها المرحلة النهائية الضرورية المخطط لها ؛مرحلة استئصال التيار الإسلامي الحركي إلى السجون وهو مآل يتكرر ويتكرر عبر عشرات السنين.

ولابدّ لمرحلة الاعتقالات الواسعة الشاملة من حدث مهم، ولابد من محاولة اغتيال فاشلة يرتب لها من هم وراء قيس سعيد ،وهو يعلن عن ذلك اليوم وأنه في خطر من الجماعات ذات الخلفية الإسلامية الذين لا يطبقون قول الله في ذاكرته (قل الحق ولو كان على نفسك) وسيصيح قيس سعيد قريبًا بعد تمثيلية الاغتيال (سيصيح كلكم قيس سعيد ودمي فداء للشعب التونسي وسأضرب بيد من حديد من يهدد أمن تونس واستقرار تونس).

وستكون الاعتقالات مبرمجة مدروسة عنيفة ،وياحبذا عندهم لو قاوم البعض  أو هرب!

وسنسمع بتنظيمات متطرفة جديدة تتدرب حاليًا في ورشات المخابرات بإشراف فرنسي ،وسيكون حظ التونسيين عظيمًا إذا اكتفى الفرنسيون باعتقالات شاملة بدون عشرية سوداء تونسية !!

حاول قادة حركة النهضة أن يتخلصوا من هذا المصير، ففعلوا كل شيء ليثبتوا أنهم منفتحون غير متعصبين فوافق الغنوشي حتى على بيع الخمر وتداوله ؛ورقص مورو أمام الكامرات؛ وقالوا لسنا مؤهلين وليس عندنا كفاءات كالذين حكموا من قبل ،وكأن الذين حكموا من قبلهم ليسوا أئمة في الفساد والنهب وعليهم ثار الشعب التونسي!

تذكروا الخطوات التي فعلها عبد الناصر، وتذكروا كيف فعل قيس في فرنسا ،وكيف تقرب من قادة الثورات المضادة ؟ واسألوا الله أن يقضي أمرًا ينقذ الشعب التونسي العظيم من القادم المظلم.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. المسرحيتان اللتان حصلتا في مصر “أيام ظهور عبد الناصر الأولى ثم انقلابه على من بايعهم و أيام ظهور السيسي الأولى ثم انقلابه على من دعموه بالوصول إلى وزارة الدفاع” و استنتاج تشابه مسرحية انقلاب تونس الحالي بالاثنتين أمر فيه ربط جيد للأحداث . لكنني أرى أن المخرج “الغربي” للمسرحيات الثلاثة واحد و لا يمكن أن يكون فرنسياً لأن هذا البلد في حالة إدبار مستمر منذ أن ذهب ديغول و في عام 2021 خسرت فرنسا عدة بلدان في أفريقيا لصالح أمريكا بل و أسلمت لها قيادة عملية “براخان” .
    كقاعدة عامة ” جميع الثورات المضادة لثورات لربيع العربي قادها الاستعمار الفرعوني الغربي الأقوى و استعمل لذلك أدواته “مخابرات إقليمية ، دويلات ، بترودولارات من سفهاء الأعراب” . في حالة مسرحية مصر2013 تواترت أنباء عن 80 مليار دولار لجيوب الضباط ، و تحدثت الأنباء الأولية عن 9 مليارات دولار لمسرحية تونس ثم جرى التعديل إلى 5 مليارات فقط أي أنها أرخص !
    كان الكشف الذي مصدره موقع “ميدل إيست آي” حاسماً في من وقف وراء الانقلاب في تونس و بالتالي كان علينا أن نعود للوراء قليلاً للوصول إلى الصواب في التحليل .
    سنة 1956، حصل فيها ما يسمى “استقلال تونس” ، و كانت بريطانيا و فرنسا حينها على وفاق ضد أمريكا السائرة في نزع “ممتلكات” الاستعمار القديم – أي البلدين – و في تلك السنة اتفقتا على العدوان الثلاثي على مصر و تصدت لهما أمريكا في عهد أيزنهاور .
    استلم الحبيب بورقيبة الرئاسة حينها و بينما كانت علاقته بفرنسا جيدة إلا أن علاقته ببريطانيا كانت جيدة جداً إلى درجة أن ضابط المخابرات البريطاني (سيسيل هوراني) عمل مستشاراً له طيلة حكمه من خلال مكتب له في قصر قرطاج .
    مع مرور الوقت و تقدم بورقيبة في السن ، احتاج إلى رجال أمن أشرس في التعامل مع الناس . بعد أن أخذ دورتين عسكريتين في أمريكا ، عاد “بن علي” ليستلم منصباً في الأمن تدرج منه إلى مناصب أعلى مكَنته من عزل بورقيبة و الحلول مكانه. حكم “بن علي” تونس بقبضة أمنية حديدية بأسلوب عملاء أمريكا و هذا أخاف أتباع أوروبا و على الأخص عملاء فرنسا داخل تونس.
    منح الربيع العربي الفرصة لشعب تونس ليخرج مؤقتاً من حكم الطغيان و انتعشت قوى مخلصة قليلة و قوى مرتبطة بأوروبا “خاصة فرنسا” و غيرها و أظهرت نفسها من خلال أحزاب ما بعد “الثورة” و التي بلغ عددها للأسف 122 حزباً !! (راجع الويكيبديا للتأكد من هذه المعلومة) .
    قبل الانقلاب بقليل طلبت أمريكا إنشاء قاعدة عسكرية لها في تونس فلم تتلقى موافقة فورية و في لحظات الانقلاب أعلمت أمريكا ضباط تونس الكبار أن “أفريكوم” تقوم بالإشراف المباشر على تونس و تأمين حدودها من جهتي الشرق و الغرب بنسبة لا تقل عن 98% .
    بدون مبالغة ، كل تصرف يصدر من قيس متوقع لأي سياسي كبير في السن رأى أن سياسات الاستعمار الفرعوني صارت خالية من الإبداع و فيها الكثير من التكرار الممل و هذا فيه الخير لأمتنا في المستقبل بعون الله حيث لا بدَ أن يجعلنا الله نميَز بين الخبيث و الطيب قبل التغيير الصحيح .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى