بحوث ودراسات

معرة النعمان بين احتلالين ومحررين

الدكتور عمر الحسون الهاشمي

باحث تاريخي سياسي
عرض مقالات الكاتب

معرة النعمان مدينة كبيرة ومهمة تمتاز بتجارتها وغناء أهلها وقد اسماها العرب معرة النعمان نسبة للصحابي الجليل النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه

تقع على طريق حلب دمشق بيت المقدس وكانت تتربع على أطراف جبل الزاوية وتقع في الطريق الواصل بين انطاكية وحماة فهي من الجنوب من انطاكية .

تمثل اليوم معرة النعمان كما كانت في الماضي لمحيطها الذي يمتد من غرب حلب إلى جسر الشغور ومن حارم جنوب انطاكية إلى كفر طاب ( خان شيخون ) أي مقاطعة ادلب الحالية ؟.

يقول أبو العلاء المعري واصفا مدينته : –

سرى برق المعرة بعد وهنٍ                فباتَ برامةٍ يصف الكَلَالا

كما يقول

متى سألت بغداد عني وأهلَها        فإني عن أهل العواصم سآّل

إذا جنّ ليلي جنّ لبّي وزائد          خفوق فؤادي كلما خفق الآلُ

وماءُ بلادي كان أنجعَ مشرباً      ولو أن ماءَ الكرخِ صهباءُ جريالُ

فيا وطني إن فاتني بك سابق       من الدهر فلينعم لساكنك البال

كان لسقوط معرة النعمان بيد الميليشيات الروسية أثر كبير في نفوس أهالي منطقة حلب التاريخية على جانبي الحدود السورية التركية فقد سقطت بنفس الطريقة التي استخدمها ألكسيوس البيزنطي وهيمونيد الفرنجي لاحتلال المعرة بعد أنطاكية لكنها جاءت هذه المرة بشكل عكسي حيث ابتدأ الصليبي بوتين و حلفاؤه الروافض الهجوم على معرة النعمان من الجنوب والغرب ( شرق المتوسط ) و من محاور الغاب حيث الوجود النصراني و النصيري الباطني ومن الشرق من جنوب غرب حلب حيث جاء الإيرانيون وميليشياتهم متسلحين بعقيدتهم المعادية للإسلام السني الذي تمثله تركيا اليوم والعرب السنة في العراق وسوريا ؟.

بعد أن ستطاع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالصعود بتركيا إلى مصافي الدول الكبرى والعودة بتركيا إلى مكانتها الحقيقية بعد أن حاول الغرب جاهدا إبعادها بشتى الوسائل وهي الوريث الوحيد لأحدى أكبر الإمبراطورية في التاريخ الاسلامي .

وقع الرئيس التركي أردوغان في نفس الظروف التي وقع فيها السلاطين السلاجقة الأتراك قبل صعود نجم المغفور له بإذن الله عماد الدين زنكي رحمه الله والذي ظهر في ظروف كان الغرب الكاثوليكي والشرق البيزنطي قد أطبق يديه على بلاد الشام مستخمدا نفس الأسلوب اللذي يتبعه ما يسمى المجتمع الدولي اليوم مع العالم الإسلامي ؟.

حاول الأوربيون والأمريكان والصفويون الجدد إعاقة هذا التقدم والنهوض بعدد من الوسائل من الداخل والخارج إعاقة هذا التطور والنهوض كما فعلوا في باكستان والعراق وتركيا سابقا واسقطوا نظام الشهيد ضياء الحق عندما نهض بباكستان وجعلها قوة عظمى وبالرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال و رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان رحمه الله اللذان أرادا النهوض بتركيا و الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله اللذي انتصر على إيران الحليف التاريخي للصليبيين واليهود ؟.

فوجدوا في سوريا والعراق اللذي سلموه لإيران ضالتهم لتحويلها إلى ساحة مؤامرات ضد تركيا اللتي لطالما حذر منها المغفور له بإذن الله تعالى نجم الدين أربكان رحمه الله  ؟.

كان لمدينة معرة النعمان أو مدينة العواصم أهمية في التاريخ الإسلامي والتي إعتبرها السلاجقة الأتراك في ذلك الزمن مكانتها لا تقل عن أي مدينة مسلمة كان لها ثقل في عالمهم الإسلامي ففيها مرقد أمير المؤمنين الخليفة الأموي العادل الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، ولقد حاولوا تحريرها عدة مرات بعد أن أوغل الصليبيين فيها قتلا لشعبها وتدميرا لبنيانها وأصبحت بينهم وبين الصليبيين سباق على السيطرة عليها فتارة يحررونها وتارة يخسرونها وكان يقف معهم نصارى العرب والأرمن والحشاشون و النصيريين .

لا تختلف الأحداث الحاصلة في معرة النعمان محافظة  ( إدلب ) اليوم ؟ ، عما كانت عليه سابقا في تلك الفترة فالحلف الذي إجتمع في بلاد الشام ضد العرب السنة هو ذلك الحلف الذي إجتمع قبل ألف عام وفي نفس المنطقة وعلى نفس الأرض ونفس المدينة فمعرة النعمان سكنها العرب من تنوخ وقضاعة وغيرهم قبل الإسلام بقرون وبعد أن فتحها المسلمون على يد أبو عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه في العام السابع عشر  للهجرة في زمن أمير المؤمنين الفاروق عمر رضي الله عنه كانت ولا زالت هي ومحيطها موطنا للعرب المسلمون ( العرب السنة ) ؟.

لقد كونت روسيا حلفًا صليبيًا باطنيًا صفويًا فهي التي لا تخفي ادعاءها بأنها وريثة الإمبراطورية البيزنطينية في وقت قتلت فيه من أحفاد البيزنطينيين الآف الأوكران والجورجيين فاحتلت مدنهم وشردت أهلهم ، و حليفتها إيران التي دمجت الديانة المجوسية مع الديانة السيخية في المذهب الشيعي والعقيدة الخزرية والإغريقية ، تلك العقائد اللتي تكن العداء التاريخي للإسلام والمسلمين  بالإضافة إلى الأرمن المقيمين في حلب واللاذقية وغيرهم من النصيريين و النصارى المتطرفين من بلاد الشام وأروبا ( الفرنسيين ) الذين يقودهم بشار الأسد ذو الأصول الأرمنية الكاكائية ويحكم باسم المذهب النصيري الذين هم أحد الفرق الباطنية التي كانت حليفة البيزنطيين والصليبين .

ففي عام 463 هجري / 1071ميلادي انتصر المسلمون بقيادة السلطان ألب الدين أرسلان على البيزنطينيين في معركة ملاذ غرد التي أفقدت البيزنطيين معظم نفوذهم في آسيا الصغرى ما جعل الإمبراطور ألكسيوس كوفئت ( 473هجري / 1081 م ) بعد وصوله للعرش خليفة للإمبراطور قسطنطين الإستنجاد بالغرب الكاثوليكي الذي سرعان ما لبى ندائه البابا الكاثوليكي أوربان الثاني الذي كان حديث الوصول لكرسي البابوية فدعا قساوسة أوروبا للاجتماع في مدينة كليرمونت الفرنسية نصرة للبيزنطينيين 488 هجرية /١٠٩٥م .

وبعد أن ألقى أوربان خطابا شهيرا بنصارى أروبا مذكرا بعلاقتهم بالأرثوذكس كنصارى داعيا لإنضمامهم إلى تحالف ديني صليبي محرضا على من أسماهم الأتراك المسلمين مدعيا قتلهم للبشر وإرهابهم لمسيحي الشرق ، إنضم عشرات آلاف الجنود والمتطوعين لنصرة صليب المشرق ، متشوقين لدخول بيت المقدس والإنتقام من المسلمين و خاصة السلاجقة الترك ، حيث وجد الصليبيين تلك الحادثة ذريعة للهجوم على العالم الاسلامي بداية بالشام ، فاتجهوا من القسطنطينية الى نيقيا فقونيا إلى أن وصلوا إلى أنطاكية فحاصروها لأشهر طويلة واحتلوها في العاشر من رجب 482  هجريا / الثالث من حزيران ١٠٩٨ م بمساعدة من الأرمن الموجودين داخل المدينة ، شجعهم بعد ذلك على السيطرة على المزيد من من مدن الشام بما فيها مدينة معرة النعمان التي استطاع القائد الصليبي المنجلي من السيطرة عليها بعد معارك شرسة مع أهلها اللذين استنجدوا بمحيطهم من المملك الإسلامية  دون جدوى استغرقت عشرين يوما  491هجري /١٠٩٨ م بعد أن سيطر على مدينة البارة خط الدفاع الأول  .

في سياق هذا المقال لابد لنا من التطرق إلى بيزنطي العصر الروس :-

لا بد من المرور، على الخلفية الفكرية السياسية للرئيس « الإمبراطور »  المزعوم الروسي فلاديمير بوتين كما يحب أن يناديه أنصاره و التي يستخدمها لخداع الجاهلين بحقيقته ، فبعد تدخله  في سوريا ، تغيرت الأمور وزادت المبالغة في تلك الأسطورة الكرتونية الوهمية ، اقتحم بوتين سوريا بموافقة أمريكية وموافقة إسرائيلية لإنقاذ النظامين السوري والإيراني من الهزائم التي تعرضوا لها على يد الشعب السوري ، داخل بهواجس القياصرة الروس منذ فلاديمير الرهيب وبطرس الكبير ونيكولا الأول ؟، هواجس يعرف قرّاء التاريخ عنها الحماسة المسيحية الشرقية ، التي قوامها الكنيسة الأرثوذكسية ، والقومية السلافية .
والتي فيها حلم السيطرة على هذا المشرق ، من القسطنطينية حتى القدس ،  ويمثل هذا الحلم لهذه « الروح » الروسية القيصرية المسيحية حالة خاصة ، ومشكلة معقدة ، ولم تكن حرب القرم الشهيرة مع العثمانيين (1269 هجري/ 1853 م ) بجانب منها ، إلا بسبب الغضب الروسي من عدم منح العثمانيين لهم امتيازات خاصة في المقدسات المسيحية بفلسطين.
إن الهاجس الديني والقومي ليس كل شيء ، لكنه قابع بخلجات النفوس وخلفيات الفعل الروسي اليوم بسوريا ، فكثير من السياسيين الروس ومنهم بوتين يعشقون حلم القياصرة ، في إعادة القسطنطينبة وطرد المسلمين منها ؟.

أثناء الحروب الروسية – العثمانية ، كانت أطماع قياصرة دولة « المسقوف » ، كما كان يسميها العرب ، واضحة في تأكيد دور القيادة المسيحية ، واستئناف الحروب الصليبية لتحرير الأرض المقدسة ، بعدما تخلت أوروبا الكاثوليكية ، بقيادة العاصمة الغربية للمسيحية  فاتيكان روما ، عن هذا الواجب ، فكان لا بد من تحرير العاصمة الشرقية للمسيحية  القسطنطينية ، وصولا لمهد السيد المسيح عليه السلام .
لذلك تحالفت فرنسا وبريطانيا مع العثمانيين لصد الخطر الروسي ، وكانت معاهدة إستانبول ( 1272   هجري / 1856  م ) مع العثمانيين لهذا الهدف.
فما يفعله بوتين في سوريا بحق العرب السنة حصرا ، و في خدعه التي يقوم بها لافروف من جنيف «1» لـ«3»، إلى أستانة وسوتشي ، لا يختلف عما قام به الإتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية ، فبعد خروج الروس منتصرين في هذه الحرب العالمية  كقوة عالمية هائلة ، ذات نفوذ واسع النطاق في شرق ووسط أوروبا ، سرعان ما استعادت موسكو ستالين أطماع روسيا السابقة في الجنوب والمياه الدافئة وما هو أبعد من ذلك الحنين إلى العاصمة البيزنطيية التي حلم بها أسلافه القياصرة  ؟ .

أخذت عيون ستالين تتجه نحو تركيا محدثًا نوعًا من المطالبات الروسية المفاجئة في 1365هجري / 1946م باستعادة مدينتين تركيتين في الشمال الشرقي ، على أساس أن المدينتين تعودان لجورجيا وأن تركيا استولت عليهما في نهاية الحرب العالمية الأولى بغير حق ، وبمراجعة معاهدة مونترو (1354 هجري / 1936م ) ، التي تنظِّم الملاحة عبر المضايق ؛ بحيث يُسمح لروسيا بالإحتفاظ بوجود عسكري في مضيق الدردنيل ، ما دفع أنقرة للتخلي عن سياسة الحياد و الإنضواء في المعسكر الغربي ،  و في العام التالي 1947  م ، أصبحت تركيا إحدى الدول المستفيدة من مشروع مارشال ، و استلمت مساعدات عسكرية أميركية ، في1369 هجري/ 1950 م  شاركت تركيا في الحرب الكورية إلى جانب الولايات المتحدة ، و في  1952م  أصبحت عضوًا في حلف الناتو . بذلك  احتلت تركيا موقعًا بالغ الأهمية في استراتيجية الناتو ، بينما وفَّر الحلف الغطاء الإستراتيجي لتركيا في خضم عواصف الحرب الباردة العاتية .

في السادس من شهر صفر 1400هجري الموافق  25 ديسمبر  1979م وبعد إزدياد شعورها بنشوة الانتصار على الألمان في الحرب العالمية الثانية و فشلها في إيجاد الحجج على تركيا قررت روسيا التوجه جنوبًا فسرعان ما حشدت جنودها و دخلت إلى أفغانستان بحجة مناصرة حليفها الرئيس نور محمد تراقي ، الذي أطاح به حفظ الله أمين ، سرعان ما تحول هذا الدخول لأطماع روسية في أفغانستان بعد ما قتلت المخابرات الروسية حفظ الله أمين .

 سابقا احتلت روسيا في الفترة ما بين  ( 1156هجري /1743م ) و(1249 هجري /1833م ) منحدرات آسيا الوسطى المطلة على الصين و منغوليا و المناطق المجاورة للبحر الأسود وتركيا وإيران وبحر قزوين ،  وفي الفترة ما بين (1215 هجري/ 1880م ) و (1318 هجري /1900 م ) احتلت مناطق طشقند وسمرقند وبخاري والصحراء المجاورة لهما ، ثم جاء احتلالها لأفغانستان عام1400 هجري  1979م.

وكان أهم أهداف الغزو

– استغلال الموارد الطبيعية في أفغانستان .

– الوصول للمياه الدافئة .

والأهم من ذلك  قتل المزيد من المسلمين ؟.

فأدرك الباكستانيون أن أطماع الروس لن تقف عند حدودهم الشمالية حتى تدخلوا بكامل ثقلهم فقطعوا الطريق على الأطماع الروسية  فدعموا المجاهدين الأفغان بجميع أنواع الأسلحة فاستغرق القتال ثمان سنوات اضطر الاتحاد السوفييتي للإنسحاب يجر اذيال الهزيمة فتفكك على إثرها هذه الهزيمة الإتحاد وتقلصت إمبراطوريته إلى حدود روسيا الحالية .

في عام ٢٠١٣ وبعد انطلاق الربيع العربي وخصوصا في سوريا التي كان انتصار ثورتها من الممكن أن يهدد مصالح الغرب وخصوصا في فلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني المصنوع غربيا كنقطة فصل وسيطرة على مداخل القارات الثلاث .

سمح الأوربيين والأمريكان أحفاد الفرنجة لحلفائهم التاريخيين ضد الإسلام الإيرانيين الصفويين الباطنيين والحاليين أن يتدخلوا نصرة للكاكائي الأصل بشار الأسد الذي يحكم سوريا بنظام باطني بعد أن تقهقر جيشه أمام الجيش الحر بقيادة الجنرال رياض الأسعد الذي استطاع تحرير أكثر من ثمانين بالمائة من مساحة سوريا المتقوقعة داخل الحدود التي رسمتها سايكس بيكو .

دخلت روسيا على خط الحرب السورية نصرة للصفويين مستخدمة جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل ولم تتمكن من التقدم رغم كل الدمار و القتل فلجأت كعادتها التاريخية للهدن والإتفاقيات والتي لطالما تعودت منذ قرون على المماطلة في تنفيذها وما كانت إتفاقات أستانة وسوتشي إلا لتحقيق مصالح الروس والإيرانيين و حفظ ماء وجههم بعد أن مرغ  مقاتلوا الجيش السوري الحر أنوفهم في التراب واستمرت الخروقات الروسية الإيرانية إلى أن احتل الروس بالإستعانة ببعض أجهزة المخابرات العربية والغربية التي صنعت بعض الفصائل وأطفت عليها صبغة إسلامية لطرد الجيش الحر من الساحة وبعد سيطرتها على الأرض تمكن الروس من احتلال معظم الأراضي التي حررها الجيش السوري الحر ، وصولًا إلى معرة النعمان ؟.

لم يخفي فلادير بوتين حلمه البيزنطي بالعودة إلى المياه الدافئة جامعًا مع حلمه وعود سايكس بيكو التي سرعان ما أثبت الأيام أن ما يقوم به بوتين لا يخرج عما اتفق عليه البابا الكاثوليكي أوربان الثاني مع ألكسيوس ؟.

في عام1438 هجري / ٢٠١٦م دفعت هواجس الحقد الصليبي البابوي بابا الفاتيكان فرانسيس و البطريرك الروسي الأرثوذكسي كيريل إلى إستعادة الوحدة المسيحية التي أسس لها أوربان الثاني و ألكسيوس ، بحجة إنقاذ مسيحي الشرق من أي انتصار للعرب السنة في سوريا ، فأطفوا على هذه الحرب صبغة دينية صليبية مباركين تدخل روسيا في سوريا بحجة دعم الحكومة الشرعية التي تحمي الأقليات الدينية على حد كذبهم .

لم يتأخر بطريرك روسيا فسرعان ما ذهب إلى سوريا مع وفود من الكنيسة الأرثوذكسية في زيارة لوحدات الجيش الروسي معينا قساوسة لدعمهم معنويا ودينيا مباركا قتلهم للعرب السنة من أهل الشام ومؤكدا على لحمة الصف المسيحي الصفوي الباطني الذين يقاتلون عدوًا واحدًا الا وهو المسلمين السنة .

لقد خرج القساوسة الروس على وسائل الإعلام مع قساوسة سوريين  في أكثر من موضع على جبهات القتال يقدمون الصليب أمام الجنود الروس والميليشيات الصفوية الباطنية في حلب وادلب وريف دمشق كما شوهد القساوسة وهم يرشون المياه الكنسية على الطائرات الحربية الروسية التي تقصف المدنيين المسلمين قبل إقلاعها ، كما إعترفت فرنسا بمشاركة منظمة مسيحية متطرفة وهي منظمة ” انقذوا مسيحيي الشرق ” الفرنسية ،  وهي مؤسسة شريكة لوزارة الدفاع الفرنسية كما ذكرت صحيفة ميديا بارت الفرنسية في تقرير سابقا لها  إلى أن هذه المنظمة شاركت الى جانب الروس والنظام والمسليشات الإيرانية في القتال ضد الشعب المسلم في سوريا  ؟ .
كل هذا الغزو وهذه الحملة الصليبية تجري بتواطؤ من الإتحاد الأروبي وأمريكا اللذان ينظران إلى تدخل بوتين في سوريا على أنه خدمة لمصالحهم ، كما يفتح الطريق للقضاء على الخطر الإسلامي الناهض .

بعد أن تم هزيمة إيران وميليشياتها و الميليشيات الروسية الإجرامية بالأرض على يد أبطال  الجيش الحر ، أصبح الروس يستخدمون سياسة الأرض المحروقة فيقصفون المدن والبلدات والقرى والبادية وكل المناطق التي يوجد فيها عرب سنة فقط للضغط على الجيش الحر ؟.

لقد تم قتل وتشريد مئات آلاف المسلمين السنة من ديارهم وسويت مدن بكاملها بالأرض وأزيلت قرى وبلدات من الخريطة مستخدمين جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل دون أي مراعاة للإنسان والحيوان والنبات ، ومستغلين تواطئ الفصائل المحسوبة على ثورة العرب السنة التي تم صناعتها غربيا للتوقيع على هدن ومفاوضات لا قيمة لها ، فكعادتهم الروس أول من  يغدر وأول من يطعن بالإتفاقيات كيف لا وهم احفاد الصقالبة البيزنطينيين الشهيرين بالغدر ؟.،

كانت هذه الهدنة كسابقاتها من الهدن التي وقعها البيزنطينيين والروس مع المسلميين طيلة عشرة قرون أسلوب لخروجهم من أي مأزق حربي يقعون به في مواجهة المسلمين ،

الأمر نفسه ينطبق على المأزق الذي واجهوه على الأرض بعد تكبدهم خسائر فادحة أمام مقاتلي ومجاهدي أرض الشام العزل ، فما إن سيطروا على حلب عبر خديعة أستانة وخدعة سوتشي المحتلة أصلا ، إلا و خرجوا بسابقة تعود عليها أجدادهم البيزنطينيين في احتلال المدن والبلاد كما فعلوا بالدولة العثمانية ، ألا وهي الطرق البرية والمياه الدافئة ، التي استخدموها تاريخيا في احتلال البلدان الإسلامية ؟ ، فسيطروا على البلدات والقرى الواقعة على طريق حلب دمشق بعد أن دمروها على ساكنيها .

لقد ساهم الروس باسقاط الدولة العثمانية عبر الهدن والإتفاقيات التي سرعان ما نقضوها وغدروا بها ؟!.

ولا زالت أحلام القياصرة تحدثهم باستعادة القسطنطينية فوجدوا في سوريا بديلا عن الهجوم من شمال المتوسط وشرق الأناضول كما فعل أجدادهم ، فاستغلوا الأرض المفتوحة التي منحها لهم النصيريون والباطنيون .

صب  الروس جام غضبهم على منطقة معرة النعمان وكفر طاب ( خان شيخون ) بدافع الحقد الصليبي فمن يقطنها أحفاد المسلمين المنتصرين على البيزنطينيين ومن يضمنها ويحميها أحفاد السلاجقة الاتراك الذين حرروها من البيزنطينيين ! .

قامت روسيا بشن ألف غارة على موقع حنتوتين و هو من ضواحي معرة النعمان حيث كانت تاريخيا جزء من  أرض المعركة التي هزم بها البيزنطينيين وهي تجمع سكني صغير ؟

كان الطريق الدولي حجة ووهم فقد استخدم الصليبيين هذا الطريق حجة للسيطرة على معرة النعمان من قبل بحجة تامين طريق الحج المسيحي من أنطاكية الى بيت المقدس من غارات المسلمين كما ادعوا آنذاك ،

لقد كان ظهور عماد الدين زنكي وابنه نور الدين رحمهما الله على مسرح الأحداث في ذلك الزمن تحولًا جديدًا في الصراع الاسلامي الصليبي فكان لا بد من إعادة ترتيب الأوضاع في المشرق الاسلامي وجمع شتات المسلمين كما يحاول الرئيس التركي اليوم فما كانت خططه في التقرب من العرب والباكستانيين والماليزيين إلا خطة أدركها أسلافه السلاجقة قبل ألف عام حينما اتبع عماد الدين زنكي استراتيجية سياسية عسكرية متكاملة ، افضت إلى الحد من التوسع الصليبي في البلاد الإسلامية .

حاول أمراء الشام من عرب وترك في ذلك الزمن عبر المفاوضات والركون إلى شروط البيزنطينيين مقابل الحفاظ على أنفسهم وممالكهم من احتلال الصليبيين ومصالحهم لكن كل الإتفاقيات التي كانت دائما في صالح البيزنطيين باءت بالفشل ، فسرعان ما نقضها وانقلب عليها الزعماء الصليبيين وتوغلوا أكثر في البلاد الإسلامية وأوغلوا قتلا وتدمير وتشريدًا بالمسلمين ومدنهم وقراهم بسبب الأداء الضعيف لأمراء المسلمين الذين كانوا يحاولون جني المكاسب .

أدرك عماد الدين زنكي وابنه نور الدين زنكي رحمهم الله قبل ألف أن العهود والإتفاقيات والهدن والمواثيق  التي عقدها أسلافهم السلاجقة في حلب مع البيزنطيين ما هي الإ مضيعة للوقت وخسارة للأرض فالطرف الثاني محتل صليبي وحاقد لا عهد له لم ولن يلتزم بها ، فاستغلا هذه الاتفاقيات لترتيب البيت الداخلي و تقوية الجبهة الداخلية لدى المسلمين ، والاستعداد الكامل لمواجهة الصليبيين من جهة  ، وفتحو الباب لحرب العصابات و العديد من الهجمات العسكرية على معاقل الصليبيين من جهة أخرى ؟ ، فانتزعوا منهم عدة مدن و مواقع ، حيث كانوا يعقدون أثناء الهجمات جولات من المفاوضات مع البيزتطينيين نتج عنها هدنة 522هجري / 1128 م مع عدد من الإتفاقيات المناصفة على أعمال حارم وطبرية ، سرعان ما أدار عماد الدين زنكي جولات تفاوضية أخرى نتج عنها سيطرة الزنكيين على الرها وتحريرها عام 539 هجري /١١٤٤م .

وأعادوا الكرة عدة مرات فكانوا تارة يفاوضون ويعقدون الاتفاقيات من جهة و تارة يشنون حروب عصابات ومعارك من جهة أخرى إلى أن تمكنوا من تحرير معظم بلاد الشام ومصر .

تمكن عماد الدين زنكي من تحرير كل القلاع والحصون المرتبطة بمعرة النعمان ولقد ذكر ابن العديم الحلبي ان الزنكي استرد معركة النعمان في شهر رجب ٥٢٩هجرية /١١٣٥ ميلادي فنزل قبلها الأتارب فحررها في أول رجب من ذلك العام ثم حرر زودنا وتل أغدي فدخل معرة النعمان فاتحا ومحررا ورد لأهلها كل ما نهبه منهم الصليبيين ،.

فهل سيتكرر هذا اليوم و يعاد التاريخ مرة أخرى فيعيد الجيش التركي وأبناء المنطقة تحرير معرة النعمان بعد أن عاث فيها فاطميي وبيزنطيي العصر فسادًا وتدميرا وقتلا وتشريدًا ، و هل يدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن نظيره الروسي بوتين ونظيره الإيراني يعتبران أنفسهما خلفاء البيزنطينيين والحشاشيين والقرامطة والصفويين وما بوتين إلا نسخة عن ألكسيوس وبلدوين وهيمونيد وأن الإتفاقات التي تم عقدها في سوتشي و أستانة ما هي إلا مضيعة للوقت الهدف منها النيل من المسلمين و أن الهجوم على المدنيين العزل جاء بدعم صهيوني صليبي غربي ، و أن بوتين الذي يعتبر نفسه قيصرًا ليس إلا ممثلا للبطرياريكية الأرثوذكسية التي يمثلها كما هو في القانون الروسي وأن بوتين كما خامئني يحلم كل منهما بالعودة إلى مكانة القياصرة الروس والبيزنطيين. والكياسرة او شاه المجوس الفارسيين ؟.

بالتأكيد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعلم أن أجداده السلاجقة قبل ألف عام ظهروا في زمن كانت فيه الدولة العباسية والعالم الإسلامي يعانون من ضعف وتفكك وهوان ويعيشون في نفس الظروف التي نعيشها اليوم ، مما مكن البيزنطينيين والفرنجة من احتلال العديد من المدن والبلاد الإسلامية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى