مقالات

محاولة تقيم موضوعي لتطورات الأحداث في أفغانستان!

د. ياسين الحمد

أكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

في أمريكا اقتحموا الكونغرس ، طالبان اقتحمت القصر ،وكان أول الواصلين قائد طالباني في مقدمة القوات الملا هبة الله.

في استعراض .لأهم العوامل التي ساعدت طالبان في تحقيق انتصاراتها السريعة التي صدمت العالم. ‏نجد مجموعة عوامل :

١- الحاضنة الشعبية التي لم تتخل عن طالبان يوما وحتى أثناء الوجود الأمريكي.

‏٢- وكذلك حفاظ طالبان على اتصالاتها الخلفية مع كل أطياف الشعب الأفغاني والقوى الفاعلة وحكام الأقاليم والولايات،

٣- إضافة إلى ضم الحركة قيادات من الطاجيك والأوزبك، وعفوها عن كل من يستسلم، وإعلان عفو عام، وعفو عن كافة الموظفين في الدولة.

٤-وكذلك هروب الجيش الأفغاني وتسليمه لكافة الثكنات والمطارات والتجمعات وكافة العتداد العسكري . ‏

٥- وجود قيادة مركزية واعية سياسيا وعسكريا تقود معاركها السياسية والعسكرية والمباحثات، بكفاءة عالية .

●- ‏أهم الأخطاء التي تنتهجها بعض القوى والتيارات والتي تنطلق من خلفية فكرية أو ايديلوجية، علمانية أو شيوعية أو يسارية أو قومية أو حتى بعض التيارات الإسلامية.

  • تقيم طالبان اليوم على أساس تجربة التسعينيات وظروفها، خطأ منهجي كبير، الظروف مختلفة، وطلبان تطورت كثيرًا بكل المستويات الفكرية والفقيه، والسياسية وفهم للعلاقات الدولية، وهناك اختلاف فكر حركة طالبان في الوقت الراهن عما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي، فلم تعد تلك الحركة الجامدة، إذ رأيناها تضم قيادات من أعراق أخرى غير العرق البشتوني، ورأينا ذلك في مفاوضاتها مع الجانب الصيني والروسي والطاجيكي والأوزباكستاني والإيراني، ورأينا الحركة تقدم تطمينات لدول الجوار والمجتمع الدولي بأن أفغانستان لن تكون منطلقا لشن هجمات على العالم، وأن الحركة هي حركة مقاومة وطنية، وفق تعبيره،
  • – ‏ الربط بين طالبان والقاعدة اليوم، وتنظيم الدولة وغير ها من التنظيمات والتيارات الإسلامية المتطرفة ربط غير صحيح، والقصد ذر الرماد بالعيون، وتشويش على انتصارات الشعب الافغاني ، فهي تختلف كليا عن هذه التنظيمات.
  • – ‏من الخطأ التشكيك بالنصر السريع وغير المتوقع لقوات طالبان، واستخدام نظرية المؤامرة في تقيم ما يجري على أنه اتفاق ورغبة أمريكية لكي تكون حركة طالبان أداة لخدمات سياسات أمريكا والغرب، اعتقد أيضا هذا موقف غير موفق، الشعب الأفغاني منذ أربعة عقود يقاتل من أجل حرية واستقلال أفغانستان، وهزم الاتحاد السوفيتي، وحاليا هزم أمريكا والحلف الأطلسي. (وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الانسحاب من أفغانستان بأنه أكبر كارثة لحلف الأطلسي الناتو منذ تأسيسه في العام 1949).
  • – أمريكا جهزت جيشًا أفغانيًا قوامه 300 ألف مقاتل، وصرفت عليه 86.3 مليار دولار، تدريبا وتسليحا وسلحته بأحدث الأسلحة، سلمت معظم الولايات الأفغانية بشكل سلمي ودون قتال، وكانت قوات الجيش تسلم أو تنسحب أو تهرب. وهذا أثار جدلاً كبيرًا بين كافة أجهزة المخابرات الدولية، وتبين أنها فشلت فشلا ذريعا بتقديراتها، وبدأت تضع اللوم على الجيش الأفغاني.
  • – فشل ‏ إمكانية نشوب حرب أهلية وفق المعطيات الحالية خاصة وأن هناك بوادر ومؤشرات تدل على أن النظام في كابول سلم السلطة رسميا، وكافة القوى مستعدة للانخراط في بناء الدولة ، إضافة إلى أن الدول المحيطة في أفغانستان تبذل قصارى جهدها لتفادي نشوب حرب أهلية تجر الشعب الأفغاني إلى موجات نزوح جديدة. وأعتقد أن أفغانستان تجاوزت هذه المرحلة، عكس تماما، كما كان مخطط له. حركة طالباني انتصرت نصرا مبينا على أمريكا وحلف الأطلسي، وانتصرت بعدم قيام حرب أهلية، وتقود عملية انتقال السلطة بوعي عميق واقتدار، وعبر مجموعة الخطوات والتصريحات المتتالية للعالم ودول الجوار، وللشعب الأفغاني، اخوتي ولد طفل جديد بصحة جديدة، اتركوا الطفل يحبو ويقف ويمشي، بعدها قيموا وحللوا، وانتقدوا كما تشاءوا، بالله عليكم خففوا سمومكم في جسد الأمم والشعوب.- طالبان استفادت كثيرًا اليوم تختلف عن طالبان ١٩٩٤. تطورت فقهيا وسياسيا وفهمًا للعلاقات الدولية، وكان شرطهم على أمريكا أنهم سيقيمون إمارة إسلامية سلمية تتفق مع العصر ومتطلباته، وتعيش بسلام مع جيرانها، لن تكون مكان لأي متطرف . تقود معركة استلام الدولة بذكاء وشجاعة، لان معركتها اليوم بناء الدولة، وكان أحد شروط حركة طالبان على أمريكا هو قيام إمارة إسلامية، وفق حاجات شعبها، طبعا حصلت على اعتراف من أمريكا بهذا النقطة.- ‏ ما حدث في أفغانستان خلال الأيام الأخيرة، يتأثر به العالم أجمع بما يجرى، فالعالم اليوم هو قرية واحدة، وما يحصل في دولة يؤثر على غيرها، ويختلف التأثير من دولة ، و أفغانستان منفذ العالم إلى آسيا الوسطى وسوقها الكبير، وسكانها 40 مليون، وستلعب أفغانستان دورا محوريا في هذا مما سيؤثر بدوره على العالم ككل، فضلا عن تأثيره على الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى