مقالات

الانتخابات التشريعية في قطر

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

       تفاجئنا قطر مرة أخرى كما عودتنا على المفاجآت السارة، والقيادة القَطرية الحكيمة الشجاعة ممثلة بأميرها الشاب الأمير تميم بن حمد، بقرارها الجريء الشجاع بإجراء انتخابات تشريعية للمرة الأولى في تاريخ الإمارة، فنعمت المفاجأة، ونعم القرار..

       فعلى الرغم من ظروف المنطقة المضطربة التي تمر بها وتتهددها، وأجواءها الملبدة بغيوم التيارات المتعاكسة، وتجاذباتها السياسية والعسكرية والأمنية، وتداخل المشاريع والخنادق، وعدم استقرارها، يأتي هذا القرار الشجاع من لدن القيادة القطرية الشجاعة الجريئة، ليعبر عن مدى ثقتها بنفسها أولا، وثقتها بشعبها ثانيا، وتجاوزها كل الظروف الصعبة والمنغصات والمعوقات التي تحول دون ذلك

       فمن المعلوم للجميع، والمتفق عليه عالميا أن إجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية أو أي نوع من أنواع الانتخابات في العالم، لا تجري عادة إلا بظروف مواتية تماما وهادئة ومستقرة، تسمح بإجرائها بأمان وطمأنينة، ضمانة لنجاحها، وحرصا على نتائجها، وتنفيذا للمهمة التي جرت من أجلها، وقد تؤجل مرة أو مرتين، وقد تلغى نهائيا لحين توفر الوقت المناسب لإجرائها.

      لكن أن يتخذ القرار بهذه الشجاعة والثقة، وإجراء هذه الانتخابات  للمرة الأولى، والإصرار على القيام بها على الرغم من المخاطر والمخاوف التي تتهدد المنطقة والدسائس والفتن والمؤامرات التي تحاك ضد قطر العزيزة من أناس تفرغوا لمحاربة هذه الشمعة المضيئة في هذا البحر المتلاطم من الظلام الدامس الذي يكتنف المنطقة ويلفها من كل جانب، فهذا شيء عظيم عجيب مهم مثير للاهتمام والانتباه والمباركة والدعم.

     وعلى الرغم من تراجع الديمقراطيات في المنطقة، وتوحش القيادات وتفردها وتنمرها على شعوبها، وانقلابها عليها في قرارات تصب لمصلحة الحاكم على حساب الشعب، تتخذ القيادة في قطر هذا القرار الشجاع؛ لتجعل منه عونا لها على التصدي للمؤامرات والدسائس التي تحاك ضد هذه الإمارة الجميلة بشعبها وأميرها وكل ما فيها، ولتجعل من هذه الانتخابات الرد المناسب على كل من يريد بقطر سوءا، وتجعل منه إضافة جميلة، وعرسا ديمقراطيا بهيجا، وكرنفالا احتفاليا مهيبا، وعيدا وطنيا شعبيا جماهيريا كبيرا،  يتجدد ويجدد شباب الإمارة، ويزيدها قوة ومنعة ووحدة وصلابة وقدرة على المواجهة والتحدي وتجاوز المحن التي مر خطرها وذهب إلى غير رجعة ولن يعود، وخرجت الإمارة منتصرة ظافرة بشعبها الوفي، وأميرها الشامخ، وقيادتها الحكيمة..

      لتعاود قطر مسيرة البناء الظافرة، وتستمر في تقدمها بجميع المجالات، ومنها هذه التجربة الديمقراطية الوليدة، وإشراك الشعب بتحمل مسؤولياته، بعد أن أظهر تماسكا ووحدة وطنية، وشجاعة وثباتا، وتعاونا وانسجاما وقدرة على الثبات والوقوف صفا واحدا في وجه من أراد به شرا، وكان من حقه أن ينال ثمرة موقفه هذا، وأن ينظّم عمله السياسي، وتلاحمه الجماهيري، وتعبيره عن رأيه، ومشاركته في صنع القرار، بهذا المجلس التشريعي الذي سيكون المنبر الوطني الكبير، والخيمة الوطنية الجامعة، والمكان الذي تجتمع فيه القلوب والأيادي والمواقف، وتتخذ في القرارات المصيرية التي من حق الشعب أن يكون شريكا فاعلا فيها.

     إنها خطوة شجاعة جريئة، وقرار حكيم، وصفعة مدوية على وجه أولئك المتربصين بقطر، الذين ما انفكوا يحيكون لها الدسائس والفتن والمؤامرات، ويسعون ليل نهار للنيل منها، والإساءة إليها، والطعن في مواقفها وقراراتها وخطواتها الجريئة، ومحاولة إثارة القلاقل والبلبلة والدعايات الرخيصة مدفوعة الثمن من خلال الجيش الإلكتروني الذي يدفعون له الملايين، لبث الكذب والتزوير والتلفيق والإشاعات المغرضة التي باءت وتبوء بالفشل كلها..

      حفظ الله الإمارة الجميلة الكبيرة بأميرها ورجالها وأفعالها وقراراتها الصائبة، وإلى أمام والله يرعاكم وأنتم تثبتون أركان الديمقراطية في هذا البلد الناهض الجميل الذي كان ومازال وسيظل – إن شاء الله – منارة تهدي كل ضال إلى طريق الصواب والعدل والخير والمحبة، وتفرح الصديق، وتغيض العدو، وترد كيده في نحوره، وتفاجئنا بما يسرنا ويبهجنا ويفرحنا ويزيدنا أمانا واطمئنانا على مستقبل هذا البلد الجميل، وأهله الكرام الطيبين..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى