مقالات

هل ستصبح “درعا البلد” “سربرنيتشا” سوريا؟

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

ما يجري الآن في درعا البلد يشبه إلى حد كبير ما حدث لمدينة “سربرنيتشا” البوسنية في العام 1995، حين قامت القوات الصربية بأكبر مذبحة وإبادة جماعية للمدنيين المسلمين من سكان المدينة، الذين التجأوا لمقرات الأمم المتحدة التي كانت هي “الضامن” الأممي لحياتهم، بقرار من مجلس الأمن الدولي، وبحماية قوة دولية معظمها من القوات “الهولندية”، التي كانت خير معين للمجرمين “الصرب” على ارتكاب المجزرة! حيث كانت تقوم بتسليم كل من يفر من المذبحة من المدنيين للقوات الصربية المجرمة لتقوم بذبحه أمام ناظريها، كما أنها حوّلت مقراتها ووضعتها تحت تصرف المجرمين ليقوموا باغتصاب النساء البوسنيات وأمام ناظريها أيضاً!
المذبحة في “سربرنيتشا” تمت بعد أن تعهدت القوات الدولية للمقاومين البوسنيين أن تضمن لهم حياتهم ،وحياة أسرهم وأطفالهم، وبعد أن امتثل البوسنيين لهذا التعهد وسلموا أسلحتهم -وكانت أسلحة خفيفة للدفاع عن النفس- إذ بها تتنصل من تعهدها وتطلق يد القتلة الصرب ليقوموا وخلال ساعات معدودة بقتل ما يزيد عن 8000 بوسني ممن تتراوح أعمارهم ما بين ال17 عشر. وال70 عاماً،في مذبحة تُعد أكبر مذبحة ترتكب بحق المدنيين العزل في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية — مذبحة مدينة حماة في العام 1982 التي ارتكبها جيش المجرم”حافظ الأسد”هي الأكبر لكن العالم تجاهلها ولم يعطها ذلك الإهتمام في ذلك الوقت لأسباب يطول الحديث عنها–!

الآن ونحن نتابع ما يحدث في “درعا البلد”، نجد أن ما يحدث لأهلها من حصار وتجويع والتجهيز لاجتياحها من قبل قوات جيش النظام المجرم ، وبمساندة من الضامن”الروسي”، الذي أثبتت الوقائع- وبما لا يحتاج إلى الأدلة-أنه شريك مباشر في قتل أبناء الشعب السوري، ولا يقل إجراماً ووحشية عن جيش النظام وميليشيات الحرس الثوري الإيراني، فهذا الثلاثي-جيش بشار البهرزي وجيش بوتين الروسي والحرس الثوري الإيراني-هم قتلة مجرمين ولا عهد لهم ولا ذمة.

لا أدري كيف لقوى الثورة والمعارضة السورية أن تثق بالمجرم الروسي وتأمن له وتسلّم أسلحتها له، وتتخذ منه ضامناً لحياة المدنيين ! وهو الذي لا زالت قواته الغاشمة تفتك بالسوريين، وتجعل منهم ومن مدنهم حقل تجارب لأسلحتها، وتتباهى أمام العالم أجمع بأنها جربت في سوريا ما يقرب من 200 سلاح متطور، أثبتت فعاليته التدميرية وقدرته على قتل العدد الأكبر من البشر وبأشكال وبطرق عدة!

لا سامح الله من جرّ ثوار سوريا إلى مستنقع التفاوض مع النظام، وبرعاية روسية، فإمّا أن المفاوض كان ساذجاً إلي درجة البله السياسي، ووقع في الفخ، وإمّا أنه كان متخاذلاً لم يقدّر تبعات ما أقدم عليه.

اللم سلّم شعب سوريا ،أو بالأحرى، ما تبقى من شعب سوريا مما يخطط له القتلة والمجرمون… والمتخاذلون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى