مقالات

أستاذ القانون الدستوري ينقلب على الدستور؟!

د. محمود سليمان

أكاديمي سوري، دكتوراة في القانون الدستوري.
عرض مقالات الكاتب

لماذا عد ما قام به الرئيس التونسي قيس سعيد انقلابًا؟ السؤال الذي أرق كل متابع للحالة التونسية ..

رغم أن قيس سعيد أستاذًا متمرسًا في القانون الدستوري ، إلا أنه بدا تلميذًا فاشلا قي اختبار الدستور الذي أقسم على حمايته !

بعيدًا عن ترتيب الانقلاب والتدخلات الدولية والإقليمية- ولاسيما فرنسا الإمارات ، مصر – وكذلك التجاذبات المحلية وشيطنة النهضة أو مابات يعرف بإنهاء حركات الإسلام السياسي ، بعيدًا عن كل هذا نحاول أن نجيب عن السؤال الذي بدأنا به مقالنا ، هل ما فعله قيس سعيد انقلابًا أم استخدم حقه الدستوري ؟!

قد نفهم جنوح بعض الجنرالات العسكريين للسلطة والاستبداد ، أما أن يكون أستاذ القانون الدستوري هو الذي ينقلب على الدستور ويجمع السلطات الثلاث بيده من خلال تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع أعضائه ويحل محل الحكومة ،ومحل النائب العام فهذا ما لم نسمع به من قبل وهو الجنون والاستبداد والانقلاب!
المادة ثمانون من الدستور التونسي التي يحاول قيس سعيد الاستناد عليها واضحة جلية بعدم جواز استخدام هذه المادة إلا اذا كان هناك خطر يعطل سير مؤسسات الدولة ،أما بفعلته الشنيعة هي التعطيل الحقيقي لمؤسسات الدولة وبالذات المنتخبة من الشعب بشكل ديمقراطي، وبكل الاحوال لايجوز تعطيل عمل البرلمان حتى بحالة الظروف الاستثنائية ،كما لايحق للرئيس توجيه اللوم للحكومة التي حازت على ثقة البرلمان المنتخب بارادة حرة للشعب التونسي .
المادة الخاصة بحالة الظروف الاستثنائية ليس فريدة بالدستور التونسي وانما اغلب دساتير الدول تنص عليها ،وتوضح شروط استخدامها،في الدول الدكتاتورية والاستبدادية تستخدم تحت مسمى حالة الطوارئ او الأحكام العرفية كما هو الحال في سورية ومصر وهناك دول تسميها بالظروف الاستثائية كما هو الحال للمادة السادسة عشرة من الدستور الفرنسي حيث يتم استخدامها عند الكوارث الطبيعية وتهديد حقيقي لسير عمل مؤسسات الدولة وبكل الاحوال تستخدم بوقت محدد ولأسباب واضحة وليس لتعطيل مؤسسات الدولة الشرعية المنتخبة .
يبدو أن قيس سعيد استخدم مصطلح تجميد البرلمان، وليس حله الذي لاوجود له بالدستور التونسي أو دساتير الدول ،لأن لديه سلطة حل البرلمان الذي يتطلب استخدامه توضيح الأسباب والدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة بتوقيت محدد قد تأتي نتائجها مخالفة لرغبة الرئيس وتعيد نفس كتل وأعضاء البرلمان المنحل، ولذلك لجأ لتجميد وتعطيل البرلمان كي يحقق الهدف من الانقلاب وهو تصفية وإبعاد منافسيه السياسيين والذين لايتفقون مع سياساته .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى