مقالات

مشروع الشَّام الجديد: تحالُف اقتصادي أم تحقُّق لنبوءة كتابيَّة؟

د. عبد الرحمن المصري

في سبتمبر من عام 2020م، أُطلق مشروع للتَّعاون الاقتصادي بين 3 من أكبر دولة منطقة الشَّرق الأوسط، هي العراق ومصر والأردن، يحمل اسم مشروع الشَّام الجديد، يقوم على تبادُل المنافع والخبرات والتَّكامل الاقتصادي والمهني. وقد كان لمصطفى الكاظمي، رئيس الوزراء العراقي (7 مايو 2020م-إلى الآن)، السَّبق في اعتماد المشروع وتدشينه، بعد زيارة له إلى الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في أغسطس 2020م، اطَّلع خلالها على فكرة المشروع، الَّذي هو في الأصل دراسة أجراها البنك الدُّولي في مارس 2014م. فقد خرجت سيبيل كولاكسز، وهي موظَّفة في البنك الدُّولي بفكرة مشروع الشَّام الجديد قبل أكثر من 6 سنوات من تدشينه، وقامت فكرته على إحداث تنمية اقتصاديَّة في منطقة الشَّرق الأوسط بأكمله، بما يشمل تركيا وسائر دول الشَّام، أي الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين، ومصر. غير أنَّ مشروع الكاظمي لم يستجب إليه إلى الآن سوى زعيمي مصر والأردن، ليُعقد أوَّل مؤتمر قمَّة يجمع الرَّئيس المصري، عبد الفتَّاح السّيسي، والعاهل الأردني، عبد الله الثَّاني بن الحسين، مع رئيس الوزراء العراقي في العاصمة الأردنيَّة، عمَّان، في سبتمبر 2020م، ويُتبع بمؤتمر ثانٍ في العاصمة العراقيَّة، بغداد، في 27 يونيو 2021م.

يقوم المشروع على إمداد العراق الأردن بالنَّفط بأسعار تفضيليَّة، عبر خطّ النَّفط العراقي-الأردني، وإمداد مصر بالنَّفط على الأساس ذاته عبر ميناء العقبة الأردني، في مقابل حصول العراق على الطَّاقة الكهربائيَّة والأيدي العاملة المصريَّة. وكان مصطفى الكاظمي هو أوَّل مَن استخدم مصطلح الشَّام الجديد للإشارة إلى التَّحالف الاقتصادي مع مصر، الَّذي انضمَّت إليه الأردن لاحقًا، وقد صرَّح الكاظمي حينها بأنَّ التَّحالف الاقتصادي سيكون على النَّسق الأوروبي، مشيرًا إلى أنَّه سيشمل عدَّة مجالات استثماريَّة واقتصاديَّة. ومع ما يبشّر به ذلك التَّحالف من وفرة اقتصاديَّة وتعاوُن مثمر في مجال الطَّاقة، ليس من المستبعد انضمام كلّ من سوريا ولبنان، لا سيّما في ظلّ ما تعانيه الدَّولتان من أزمات اقتصاديَّة موجعة. وقد أشار د. زيد النوايسة، المحلل الاقتصادي الأردني، في حديث له مع موقع الحل. نت، بأنَّ موقع سوريا الاستراتيجي، بين الأردن والعراق، يؤهّلها لأن تكون إضافة إيجابيَّة إلى ذلك التَّحالف، خاصَّةً بعد عودتها إلى جامعة الدُّول العربيَّة في المستقبل القريب. ومن الملفت أنَّ بعض المحللين رأوا أنَّ في إطلاق مشروع الشَّام الجديد مواجهة للتَّوغُّل الإيراني في المنطقة ومحاولة للحدّ من النُّفوذ الصَّفوي.

وفي مواجهة ما أثير عن أسباب التَّحالف بين الشَّام والعراق ومصر، فهناك سبب آخر قد لا يقل أهميَّة، وهو أنَّ لذلك التَّحالف ذكْر في إحدى نبوءات الكتاب المقدَّس، عن الفترة الممهّدة لظهور مخلّص بني إسرائيل. فقد ورد في العهد القديم “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ، فَيَجِيءُ الأَشُّورِيُّونَ إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ، وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الأَشُّورِيِّينَ” (اشعياء 19: 23)، في إشارة إلى فترة اشتداد الأزمة في مصر من جرَّاء جفاف النّيل وتنازُع المصريين على الموارد المتاحة. وفي قول النُّبوءة “تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ” ما يشابه إنشاء خط للسّكك الحديديَّة بين مصر والعراق والأردن بهدف تسهيل نقْل البضائع، بينما تشير النُّبوءة إلى أنَّ تلك “السّكَّة” تكون لتسهيل قدوم أتباع المسيح إلى مصر، الَّتي يقصدها المسيح قبل أيّ من بلدان المنطقة وتكون حينها مركزًا لعبادته وتقديسه. والسُّؤال الَّذي يطرح نفسه: أليس في تدشين مشروع الشَّام الجديد، تزامنًا مع ما تفجُّر أزمة سدّ النَّهضة الَّذي يهدّد مصر بالجفاف، ما يتطابق مع نبوءة العهد القديم؟ وهل حلُّ أزمة منطقة الشَّرق الأوسط بذلك يكمن في اتّباع المسيح لمواجهة أزمة نقص الغذاء والمياه؟ أليس في ذلك ما يتطابق مع ما ورد في السُّنَّة النَّبويَّة عن فترة ما قبل قدوم الدَّجَّال، الَّذي سيأتي معه “جَبَلَ خُبْزٍ، ونَهَرَ مَاءٍ”، كما يرد في صحيح البخاري (7122)، عن المغيرة بن شعبة، عن النَّبيّ (ﷺ)؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى