مقالات

موقف الحرّ في فهم سياسة الكرّ!

حسام نجار

كاتب صحفي ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

بحثت مطولاً عن عنوان يليق بهذا المقال فلم أجد سواه أكثر تعبيراً عن محتواه.

في خضم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المواطن السوري في كنف العصابة الأسدية تزداد الأعباء المادية والحياتية بالعموم ، ويصبح العيش الكريم حلم هذا المواطن، فمن كانت نفسه عفيفة شريفة كريمة تصعب وتزداد عليه أكثر و أكثر أما أصحاب النفوس الضعيفة والذمم الواسعة فيجدون متسعاً لهم، بل هي فرصة قد لا تتكرر للحصول على منافع ومكاسب غير شرعية .

وكلما بقيت هذه العصابة ممسكة برقاب الناس كلما ازداد بؤسهم وشقاؤهم، فقد قامت هذه الثورة للبحث عن الأفضل والأحسن و الأنقى و الأطهر.

في كل فترة يطالعنا النظام ممثلاً برأسه العفن بنماذج هي للسخرية والتندر مثال، وللوقاحة عنوان، فهو يعتبر أنّ حقوق الناس مكرمات من يده المباركة، وعيشهم الكريم فضلاً من عطائه المستديم.

لكن لو نظر الناس ملياً وجلياً لما وصلوا لهذا، بل قاموا بمليون ثورة ولو كان الدم عنواناً لها، فارتضوا المهانة وضيق العيش، ومكرمات السيد الرئيس.

من أيامٍ قليلةٍ كانت مكرمة السيد الرئيس لهم بزيادة الرواتب بنسبة تصل إلى 50% الفرحة عمت أرجاء الوطن والجميع رقص و ابتهج والنساء زغردن ، والكل يلهج بالدعاء للكريم المعطاء، رأس الوطن وفخره.

مكرمة طارت معها الألباب و العقول، فسُلَمُ الرواتب فيه شيء عجيب وكلما دققت به تزداد الغرابة والعجب ، بل قد تضرب نفسك بالقبقاب لو كنت تحمل دكتوراه أو ماجستير ( فكأنك يا بو زيد ما غزيت )، أما إن كنت بلا شهادة أو تحمل الشهادة الإعدادية فقط فأنت ( أبو زيد خالك ).

سنواتٌ طوالٌ من التعب والكد والسهر ثمنها أربعة عشرة ألف ليرة فقط، نعم سيدي فقط، لماذا هذا الاستغراب ؟؟

الفرق في سلم الرواتب بين حملة الدكتوراه والشخص العادي هذا المبلغ، لا تقل لي أن هناك مميزات أخرى يحصل عليها أصحاب الشهادات!!! أتكلم هنا عن الأساس وليس باقي الفوائد و المزايا.

هل هناك منطق في كل هذا ؟ أم أن هناك تكسير و تحطيم مقصود و ممنهج !! أليست الأمة تقوم على مثقفيها ومعلميها ؟ أليس العِلمُ هدفاً للأمة ورافعتها بين الأمم ؟

بالطبع هذا لا يُقصد منه التنكر للباقين من أهل الوطن والمنتجين وصغار الكسبة، بل محاولة لفهم عقلية هذه العصابة ونظرتها الثاقبة لشعبها وكفتي الميزان بين عناصرها.

بالعودة للتأمل والبحث عن مدخلات ومخرجات هذا الأمر، يتساءل الواحد منا الضباط أين موقعهم في هذا السلم ؟ وكيف يتم احتساب سلمهم الخاص وعلى أي أساس يتم ؟

مكرمات هذا الرئيس لا تعد ولا تحصى، هدم البنيان وسحق الإنسان ،هل يبنى الوطن بثمانٍ وعشرين دولار أم يهدم بألاف الدولارات، صاروخ أو برميل من براميله أعلى سعراً من كد وتعب مئات النخبويين ،بل ربما أغلى ثمناً من الوطن ذاته.

سلمٌ يعبرُ عن بنية حقيقية في تفكير هذا النظام، ويقول لهم ابقوا كما أنتم عمالاً كادحين، فلا فرق بينكم وبين الأخرين ، بل بقاؤكم هكذا خيرٌ لكم وأكثر فائدة من تحصيلكم الشهادات العلمية العليا.

فهل نحن مقبلون على تصحر في التعليم، و ابتعاد على متابعة الدراسة في ظل وجود عصابة مافيوية تحكم بالحديد والنار؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى