مقالات

أسد على الشعب ونعامة على العدو (سد النهضة)

نعيم مصطفى

مدير التحرير

تسنّى لي أن أتابع بعض كلمات الجلسة التي انعقدت في مجلس الأمن بخصوص سد النهضة، ولم أفاجأ بكلمة وزير خارجية أم الدنيا كيف يستجدي ويتذلل مجلس الأمن ليقف بجانب مصر ويساندها في محنتها وإن حاول في بعض كلماته وعباراته أن يظهر قوة حكومته واستعدادها لكافة السيناريوهات إلا أن التمعن في كلماته تظهر الرعب والخوف من إثيوبيا(مصر تحاول ضبط النفس… إثيوبيا قامت بازدراء القانون الدولي… إثيوبيا تعرض الأمن والسلم الدوليين للخطر… بناء على حسن النية… بناء السد تهديد وجودي لمصر….)، وكيف كان رد مجلس الأمن بطرده وطرد مصر إلى ساحة الاتحاد الإفريقي لحل النزاع هناك، أما كلمة الوزير ممثل إثيوبيا، فكان يضرب بها تحت الحزام وبكل تحد وصلف، وفخار، وكان يزبد ويرغي، أمام الوزير المصري ، وفي أثناء هذه الجلسة تراءى لي شريط ذكريات البطولات التي خاضها السيسي وجيشه، أمام شعبه الأعزل المسكين الضعيف، فكم قتل من الأبرياء في مجزرتي رابعة والنهضة؟ وكم أعدم من الشباب والرجال والشيوخ بتهم لا أساس لها من الصحة؟ وكم فرط بحقوق المصريين من تيران وصنافير وغيرها؟
كم احمرت وجنتاه، وأريق ماء وجهه أمام الزعماء من الملك عبدالله الذي خرج إلى طيارته وقبّل رأسه صاغراً، إلى ملاحقته لأوباما حتى يسلم عليه، إلى تقزمه أمام ترامب وأمام ماكرون و…والقائمة تطول، ولكن مع الأسف عند اختبار السيسي وبطانته الفاسدة أمام الأمور الجسام، وهي اغتصاب ماء النيل من قبل دولة لا وزن لها ولا قيمة في المحافل الدولية، أثبت بما لا يدع شك أنه(السيسي) ليس من نسيج المجتمع المصري، بل هو فيروس خطير يجب استئصاله، وقد زرع على رأس مصر كما كاد أن يزرع كوهين على رأس سوريا في يوم من الأيام، ومن أجل أن يفتك بخيرة شباب الشعب المصري ونخبوييه اتخذ ذريعة وفزاعة الإرهاب وراح يتغنى بها ليل نهار ومن ورائه هامان وقارون … يربتون على كتفه.
قضية سد النهضة ومياه النيل قضية مصيرية للشعب المصري والتهاون فيها هو تفريط بأهم وأعز ما يملك الشعب المصري واسم مصر منذ الماضي السحيق مرتبط بالنيل، وفي المثل الشعبي من شرب ماء النيل لا بد من أن يعود إلى مصر؛ لأنه ماء فرات زلال ولذة للشاربين، وإذا تهاونت وفرطت القيادة بهذه الورقة ماذا يبقى من قسم السيسي حول تعهده بالحفاظ على مصر؟!
إن هذه المسألة تشغل الآن مئة مليون مصري، وهم يراقبون ويترقبون المشهد عن كثب، ولحظة بلحظة، وينتظرون ردة فعل الحكومة المصرية إزاء تلك التحديات الكبرى.
إثر انتهاء جلسة الأمن التي عُقدت كما أشرنا حول سد النهضة توالت ردود الأفعال بين المسؤولين ذوي الصلة، هاجم مفتي إثيوبيا مصر وقال: إن بلاده عادلة منذ الملك النجاشي، فرد عليه مستشار السيسي للشؤون الدينية، أسامة الأزهري قائلاً: مضى زمن النجاشي الذي لا يُظلم عنده أحد، وجاء زمن تظلم فيه إثيوبيا مئة مليون أحد في مصر، وأربعين مليون أحد في السودان.
ياله من رد مثير للشفقة، إن تصريحات المسؤولين المصريين تشعرنا أننا أمام دولة مهيضة الجناح لا حول لها ولاقوة.
ولكن رب ضارة نافع كما يقال، فالجبروت والبطش والإذلال الذي يمارسه السيسي على شعبه، أصبح يحتاج إلى منعشات بل هو في طريق التبخر، والشعب المصري أدرك أنه أمام نمر من كرتون، وأن هذا التحدي الأثيوبي قد يكون الإرهاصات الأولى لزوال حكم هذا الطاغية، فالتاريخ علمنا أن الطغاة إذا حمي الوطيس يفرون كالجرذان، ولنا أمثلة قريبة على ذلك، فزين العابدين الذي حكم الشعب التونسي السنين الطوال بالحديد والنار، فرّ مذعوراً أمام صرخات الجماهير، ومعمر القذافي بعد نحو أربعة عقود من ظلمه وإجرامه، لاذ بالصرف الصحي لا يلوي على أحد، ولكن يبدو أن الطغاة ضيقو الأفق في تفكيرهم، وذاكرتهم كطائر الحبارى الذي ينسى مكان بيضته التي باضها.
أسد عليّ وفي الحروب نعامة
فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلاّ برزت إلى غزالة في الوغى
أم كان قلبك في جناحي طائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى